بازدید 2765

إدلب السورية: فرصة واشنطن لإعادة تصوّر مكافحة الإرهاب

کد خبر: ۱۰۳۴۵۴۷
تاریخ انتشار: ۲۷ بهمن ۱۳۹۹ - ۱۰:۲۵ 15 February 2021

إدلب السورية: فرصة واشنطن لإعادة تصوّر مكافحة الإرهاب

إذا كانت إدارة بايدن تتطلع إلى تصحيح سياسة واشنطن الخارجية المفرطة في العسكرة، فإن إحدى الفرص لإعادة رسم استراتيجية الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب تكمن في إدلب، وهي المنطقة التي وصفها المسؤولون الأمريكيون ذات مرة بأنها "أكبر ملاذ آمن للقاعدة منذ 11 أيلول/سبتمبر".

إن الأخطار في إدلب معروفة جيداً. في عام 2019، شن النظام السوري، بدعم من الطيران الروسي، هجمات دفعت قوات المعارضة المسلحة للتقهقر. إن وقف إطلاق النار الروسي-التركي مستمر منذ عشرة أشهر. إذا انهار هذا الوقف، قد يبرز الصراع السوري، المحصور إلى حد كبير الآن في مواجهة مضطربة، كمركز لعدم الاستقرار الدولي.

لقد أدى توسع الدور العسكري التركي في إدلب خلال العام الماضي إلى شراء الوقت. فقد انفصلت هيئة تحرير الشام، عن الشبكات الجهادية العابرة للحدود وتسعى الآن للدخول إلى مجال المشاركة السياسية في مستقبل سورية. يجب أن يفتح هذا التطور الفرص لتجنب تجدد العنف.

إن استمرار تصنيف هيئة تحرير الشام كمنظمة "إرهابية" يمثل عقبة رئيسية، كما أن له تأثيرًا رادعًا على الدعم الغربي لتوفير الخدمات الأساسية في إدلب، مما يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية. يقوض غياب التواصل وقف إطلاق النار ويمنع القوى الخارجية من الضغط على هيئة تحرير الشام لاتخاذ المزيد من الخطوات البناءة.

ثمة حاجة ملحة لأفكار إبداعية حول كيفية الحفاظ على الهدوء الهش، بما في ذلك من خلال معالجة مسألة وضع هيئة تحرير الشام مباشرة. لكن من الصعب تخيّل انبثاق مثل هذه الأفكار من الأطراف الموجودة في شمال غرب سورية.

ينبغي أن تعمل إدارة بايدن مع حلفاءها الأوروبيين وتركيا للضغط على هيئة تحرير الشام لاتخاذ المزيد من الإجراءات التي تعالج الهواجس المحلية والدولية الرئيسية، للتخلص من تصنيفها كمنظمة إرهابية.

من خلال القيام بذلك، يمكن للولايات المتحدة أن تقلل من خطر اندلاع أعمال عنف في شمال غرب سورية، وتستطيع واشنطن من خلال التعاون مع أنقرة في هذه القضية، تحسين العلاقات المتوترة مع حليف رئيسي في حلف الناتو. ويمكن أيضا أن تضع نهجاً جديداً لمكافحة الإرهاب يعطي وزناً للأدوات الدبلوماسية يساوي الوزن الذي تعطيه للأدوات العسكرية.

مبررات الانخراط الأمريكي

لقد تجنب المسؤولون الأمريكيون حتى الآن إلى حد كبير مواجهة التحديات السياسية التي تمثلها إدلب. بينما تستمر المساعدات الإنسانية الأمريكية، يسود شعور في الدوائر السياسية في واشنطن بأنه ليس هناك الكثير مما يمكن للولايات المتحدة، أو ينبغي لها، أن تفعله لمواجهة خطر تجدد التصعيد العسكري. هذا الاستنتاج، يؤدي إلى ثلاث افتراضات: أن استيلاء النظام عسكرياً على إدلب قد يكون مرغوباً به من منظور مكافحة الإرهاب؛ وأن مثل هذه الاستيلاء أمر لا مفر منه؛ أو كبديل عما سبق، أن انخراط تركيا الآن في إدلب كافٍ لردع هجمات النظام ومعالجة معضلة هيئة تحرير الشام، دون مساعدة الولايات المتحدة.

الافتراض الأول هو الأسهل دحضاً. فببساطة، إذا حدث هجوم كبير للنظام، سيؤدي إلى تفاقم تحديات مكافحة الإرهاب بشكل حاد. طالما أن هيئة تحرير الشام قادرة على حكم إدلب - وهو أولويتها القصوى المعلنة - فسيكون لديها سبب كاف لقمع العناصر التي تعارض وقف إطلاق النار أو تهدد الاستقرار المحلي.

إذا تقدمت قوات النظام في عمق المحافظة، فإن الهجوم سيدفع في نهاية المطاف المعارضة المسلحة في إدلب إلى التحول من الدفاع عن الأرض إلى تكتيكات حرب العصابات. بدلاً من إنهاء الحرب، من المرجح أن يفسح مثل هذا التقدم الذي يحققه النظام المجال لمرحلة جديدة من التمرد الناشئ في مناطق غير خاضعة للسيطرة، والتي كانت أولى المناطق التي أفلتت من قبضة النظام في عام 2012.

أما بالنسبة للافتراضين الثاني والثالث، فإن الوضع ليس ميؤوساً منه. فمزيد من الهجمات وسيطرة النظام ليست حتمية، حيث أتاح دور تركيا في إدلب إمكانية الهدوء المستمر في شمال غرب سورية. تتعامل أنقرة مع تهديد تحقيق المزيد من تقدم النظام باعتباره هاجساً رئيسياً لأمنها القومي، مدركة أن ذلك قد يدفع مئات الآلاف من السوريين عبر حدودها. وهكذا، أطلقت تركيا تدخلاً مضاداً أوقف هجوم النظام في أوائل عام 2020، ونجح في إقناع روسيا بالتفاوض على وقف إطلاق النار.

تدرك أنقرة أن هيئة تحرير الشام راسخة جداً بحيث لا يمكن هزيمتها عسكرياً دون التسبب بخسائر إنسانية كبيرة وتعجيل خروج موجة كارثية من اللاجئين، هذا يدفع المسؤولين الأتراك إلى تفضيل حل سياسي لمشكلة هيئة تحرير الشام، لكنهم قلقون من أن الانخراط الأحادي لتحقيق هذه الغاية قد يعرضهم للاتهامات بتبييض سمعة التنظيم ودعم الجهاديين.

ومما يثير القلق أن الحوار الروسي-التركي بشأن مستقبل إدلب وصل إلى طريق مسدود، والمحادثات السورية التي تيسرها الأمم المتحدة تحتضر.

إن الوضع قابل للإنقاذ لكنه هش. وإذا كانت إدارة بايدن على استعداد لتقوية مشاركتها الدبلوماسية في إدلب، فقد يكون دورها ضرورياً لتجنب تصعيد غير ضروري للعنف المزعزع للاستقرار.

أمتعة القاعدة التي تحملها هيئة تحرير الشام

في سورية، وفي العواصم الأجنبية، يرتكز التخوف من هيئة تحرير الشام على هواجس حقيقية. فهيئة تحرير الشام هي أحدث نسخة من فصيل كان يُعرف أصلاً بجبهة النصرة، والذي شارك مؤسسه السوري (زعيم هيئة تحرير الشام الآن) أبو محمد الجولاني في التمرد العراقي بعد عام 2003 كعضو في تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، وفي عام 2011 نسق مع قيادة التنظيم لإنشاء فرع له في سورية.

أصبحت جبهة النصرة مخيفة للعديد من السوريين بسبب تكتيكاتها العدوانية في وقت مبكر من الصراع. استمرت جبهة النصرة في استخدام التفجيرات الانتحارية ضد أهداف عسكرية، الأمر الذي وفر لها ميزة تكتيكية على الفصائل غير الجهادية، لكنه ساهم أيضاً في ظهور التصورات المحلية والدولية بأن المعارضة المسلحة تتحول إلى مشروع إسلامي متشدد. كما تورط أعضاء جبهة النصرة في بعض من أبشع الأعمال التي ارتكبتها قوات المعارضة المسلحة، بما في ذلك الإعدام واحتجاز الرهائن.

هيئة تحرير الشام اليوم

من خلال سلسلة من التحولات الداخلية وفرض النظام والأمن، نأت هيئة تحرير الشام بنفسها عن الحركة السلفية الجهادية في الوقت الذي قلصت فيه مساحة العمل في شمال غرب سورية للجهاديين العابرين للحدود. وأعادت بشكل مطرد تشكيل الجماعة باعتبارها جهة فاعلة سورية محلية قادرة على حكم إدلب. إن هذا التطور لا يمحو الماضي. كما أنه لا يعالج مخاوف العديد من السوريين الذين يواصلون التنديد بحكم التنظيم الاستبدادي وسلوكه القمعي.

يبدو اعتراض قيادة هيئة تحرير الشام على استخدام سورية كنقطة انطلاق للعمليات الدولية محورياً في سلسلة انفصال التنظيم عن الجهاديين العابرين للحدود. قال الجولاني أن رفضه للهجمات الدولية ظهر كخط صدع رئيسي بينه وبين الدائرة المتطرفة المحيطة بزعيم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق أبو بكر البغدادي.

يتركز الخلاف الجوهري الآخر بين هيئة تحرير الشام والجهاديين العالميين على قرار هيئة تحرير الشام إعطاء قيمة أكبر للسيطرة على الأرض بدلاً من شن هجمات حرب عصابات على النظام وداعميه. على النقيض من ذلك، فإن زعيم القاعدة الظواهري، وبالإضافة إلى انتقاده بشدة لهيئة تحرير الشام لنأيها عن الجهاد العابر للحدود، فإنه حذر من أن التدخل التركي خطير ودعا إلى التحول إلى حرب عصابات واستنزاف لإضعاف النظام وداعميه.

ولم تنفصل هيئة تحرير الشام عن الجماعات الجهادية المتشددة فحسب، بل إنها تقاتلهم في إدلب؛ حيث تخوض الهيئة حرباً ضد تنظيم الدولة الإسلامية منذ عام 2014. بينما استخدمت هيئة تحرير الشام هيمنتها العسكرية والهدوء النسبي لقمع الجهاديين العابرين للحدود، فقد امتنعت عن فرض نسخة قاسية من الحكم الإسلامي. وحتى الآن على الأقل، فإن شكل الحكم الذي تطبقه هيئة تحرير الشام و"حكومة الإنقاذ" إسلامي، لكنه ليس مفرطاً في التشدد.

نحو مقاربة سياسية أمريكية جديدة

مع استقرار إدارة بايدن، ينبغي على الولايات المتحدة إعادة النظر في نهجها تجاه إدلب للتأكد من أنها تأخذ في الاعتبار عدة عوامل. وتشمل هذه العوامل ما هو على المحك للاستقرار الإقليمي إذا انهار وقف إطلاق النار؛ ودور معضلة هيئة تحرير الشام في تقويض وقف إطلاق النار؛ وعدم وجود مبادرة دولية وإرادة سياسية لمعالجة المشكلة؛ وجوهر ومحدودية تطور هيئة تحرير الشام حتى الآن.

يتعين على واشنطن أيضاً أن تأخذ بعين الاعتبار فراغاً داخلياً أوسع ساد على مدى عدة إدارات: إذ ليس للولايات المتحدة سياسة واضحة للتعامل مع الجماعات المصنفة "إرهابية".

إن عدم وجود مسارات مشروطة وواضحة للجماعات المصنفة للخروج من صندوقها "الإرهابي" قد يثنيها عن التحرك في اتجاه أكثر ملاءمة للمصالح الغربية والهواجس المحلية.

تستدعي هذه الديناميكيات سياسة أمريكية جريئة وأكثر مبادرة تختبر ما إذا كانت هيئة تحرير الشام مستعدة للبناء على الخطوات البناءة التي اتخذتها حتى الآن. وينبغي أن تبدأ إدارة بايدن العمل مع تركيا والحلفاء الأوروبيين على الخطوات الآتية:

1.تحديد معايير مشتركة فيما يتعلق بما يجب أن تفعله هيئة تحرير الشام


2.استخدام سياسة العصا والجزرة التي تهدف إلى تشجيع هيئة تحرير الشام ليس فقط على تلبية تلك المعايير، بل للقيام بذلك بشكل مستمر مع اتخاذ المزيد من الخطوات لمعالجة المخاوف المحلية والدولية بشأن حكمها الاستبدادي وسلوكها القمعي.


3.بمجرد أن تتوصل الولايات المتحدة وتركيا والشركاء الأوروبيون إلى توافق حول هذه الخطوات، يتعين على واشنطن فتح حوار مع موسكو في محاولة لتحديد تدابير إضافية يمكن أن تعالج المخاوف الروسية.إن هذه الخطوات لاختبار تطور هيئة تحرير الشام ليست بعصا سحرية. صحيح أنها يمكن أن تقلل من خطر المزيد من العنف في إدلب، لكنها لن تمنع بحد ذاتها هجوماً جديداً للنظام، وقد تفشل بشكل كبير في تغيير رغبة روسيا في إعادة سيطرة النظام على إدلب.

ومع ذلك فإن الفوائد المحتملة تفوق السلبيات؛ فمن خلال فتح الباب للمناقشات المباشرة والحوافز المشروطة، ستكتسب الولايات المتحدة وأوروبا ثقلاً ونفوذاً في منطقة من سوريا، لا تمتلك فيها أياً من ذاك في الوقت الحالي.

ومن شأن هذا النهج أن يساعد واشنطن أيضاً على تحديد واختبار أدوات جديدة لسياسة "الدبلوماسية أولاً" لمكافحةالإرهاب.

 

تور تابستان ۱۴۰۳
آموزشگاه آرایشگری مردانه
خرید چیلر
فریت بار
اشتراک گذاری
برچسب منتخب
# توماج صالحی # نمایشگاه کتاب # موسسه مصاف # صادق زیباکلام # سیل
وب گردی