واشار زارعي، في مقال أورده، الى كلمة قائد الثورة يوم الاربعاء الماضي التي تطرق في جزء منها الى التطورات الجارية في هذين البلدين، عادّا هذه الكلمة بأنها أدت على العديد من ردود الافعال على صعيدي البلدين كان البعض منها يعبر عن الاستياء بل والغضب احياناً.
ونورد ماجاء في المقال: إنه خلافا لما ردده معارضو الجمهورية الاسلامية الايرانية فإن هذه الكلمة لم تشتمل على أي تدخل في الشؤون الداخلية للبنان والعراق ولم تكن لصالح أحد او ضرر آخرين بل عبّرت عن الامن، الهاجس الضروري، الذي يكتسب الاهمية لجميع القوى السياسية وغيرها سواءً في العراق أو لبنان.
الاهتمام بالامن يصب لصالح الجميع
إن الاهتمام بموضوع الامن والآليات القانونية من قبل الجميع لاتلحق الاضرار بالمحتجين الذين خرجوا الى الشوارع بشعارات مطلبية في الامور المعيشية.
والمؤكد أن دفع الاجواء باتجاه ايجاد نزعة أمنية وعدم الاهتمام بالتحديات الامنية يوجه التهديدات صوب منظمي هذه التحشدات بالدرجة الاولى كما لوحظ ذلك خلال الايام الاخيرة حيث لقي عدد من مواطني هذين البلدين لاسيما في العراق مصرعهم جراء صدامات بين المتظاهرين وشرائح اخرى من الناس.
إن الامن ليس موضوعا يحوز على رضا البعض فيما يرفضه الآخرون فضلا عن إن تعليق نظام سياسي قبل البحث عن البدائل لايصب في مصلحة أحد.
وكما ورد في كلمة قائد الثورة، من المؤكد أنه يقف على مسافة واحدة من جميع الشرائح في لبنان والعراق سواءً منظمي الاحتجاجات أو الذين هم خارج هذا الاطار حيث اكد دعمه لأمن الشعب وسيادته على بلده كما هو الحال في موافقه السابقة التي تبلور الدفاع عن الاستقلال ووحدة الاراضي وسلامة شعوب العراق وسوريا ولبنان وفلسطين واليمن وافغانستان اثناء اعتداءات اميركا والكيان الصهيوني والنظام السعودي والمجموعات التكفيرية على شعوب المنطقة وبلدانها.
إن توجيهات قائد الثورة وتحذيراته وتنبيهاته نجحت، خلال هذه المرحلة، تقليص مستويات الخسائر في أرواح الشعوب وأمواليها والحكومات اثناء وقوع الكوارث ومؤامرات الاعداء وفي المقابل رفعت من مستويات تكاليف الاعداء بشدة وارغامهم على الاقرار بهزائمهم.
موضوع الامن الذي تطرق اليه قائد الثورة في كلمته يجسد صبّ الاهتمام على المخاطر التي تحيط بكل من العراق ولبنان وهو مالايدلل على مواجهة هذين البلدين لخطر أمني داهم بل يؤكد المخاطر التي يواجهها الشعبان فيهما حيث ينبغي التركيز على القيام بفعل ما من أجل الحد منها.
لم يكن بعيدا ذلك اليوم الذي وجّه قائد الثورة تحذيراته الى بعض الحكومات الصديقة في المنطقة حيال تأجيج الوضع الامني عبر قنوات ما وهو ماوقع بالفعل بسبب عدم اكتراث الطرف المعني بجوانبه وهو جعل شعبا وحكوما تنهمك في مشكلته وتعيقه عن التقدم وتثقل عليه بتكاليفه الباهضة.
المخاطر الكامنة وراء تأجيج النزاعات العشائرية
إن إلقاء نظرة فاحصة على التطورات الجارية في العراق ولبنان خلال الأيام الأخيرة تُظهر أن التهديدات الأمنية خطيرة لدرجة يصعب احتواؤها بعد انتشارها. ومن الأمثلة على ذلك الأحداث التي وقعت في كربلاء والتي أدت إلى جرح العديد من الأشخاص بتدخلات خفية وماقامت به بعض الجماعات المنحرفة. وكمثال آخر الأحداث التي شهدتها مدينتي البصرة والعمارة بجنوب العراق حيث امتدت الأيدي الإجرامية إلى عدد من القوات العائدة من الجهاد وتحقيق الانتصار على تنظيم داعش الارهابي، ولم يكتف المتمردون والأيادي الأجنبية بالقتل بل ارتكبوا جرائم حرق الاحياء! وهذا ما يدلل على أن الغرض ليس فقط قتل الناس ، بل تأجيج الاشتباكات القبلية والعشائرية والأسرية، وفي حال انتشار مثل هذا الحوادث ، فإن سيادة الشعب وكيانه سيواجه عاصفة الفتن لاسمح الله.
الحد من استنساخ السياسات الاستعمارية
تركيز قائد الثورة على الحفاظ على الحكومات والبنى القانونية في لبنان وسوريا يصب في هذا السياق ايضا. فمن لا يعرف مدى تقارب رئيس الوزراء العراقي من إيران وبعد رئيس وزراء لبنان عنها، لكن التركيز على متابعة المطالب الاقتصادية مع الحفاظ على الحكومات لا يعني فرض حزب أو جماعة أو حتى فرض تيار ديني ما. إن تجارب الاعوام السبعة والثمانية الماضية في الدول العربية في شمال إفريقيا وغرب آسيا وفقدان الانجازات جراء انهيار الحكومات والانحراف عن مطالب والتمهيد لإعادة صياغة السياسات الاستعمارية الاجنبية واستمرار انعدام الأمن وقتل الناس كما يشاهد في ليبيا ومصر، يدلل على أن الاهتمام والحفاظ على البنى القانونية لايشكل تحيزًا لفرد أو حزب ما، بل هو انحياز للمطالب الشعبية لأنه لاوسيلة لتلبية هذه المطالب إذا وقع الفراغ القانوني.