يترقب العالم الانتخابات الرئاسية الأمريكية في الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، التي ستحدد ما إن كان بمقدور الديمقراطيين إزاحة الرئيس ترامب عن البيت الأبيض، وإيصال جو بايدن بدلا منه، أم لا.
ويسعى الحزب الديمقراطي إلى إعادة الثقة للأقليات في الولايات المتحدة، لكسب أصواتها في الانتخابات، بعد أربع سنوات مورست ضدها العنصرية بشكل لافت.
في الانتخابات الماضية 2016، وصلت نسبة مشاركة السود (الأمريكان الأفارقة) إلى نحو 12 بالمئة، فيما صوّت نحو 9.2 بالمئة من اللاتينيين (أصول إسبانية ومكسيكية ودول أخرى من أمريكا الشمالية).
حماس غير مسبوق
تجمع تقديرات وسائل الإعلام الأمريكية أن الأقليات، لا سيما السود، يدخلون الانتخابات هذه المرة بحماس غير مسبوق، لمحاولة تحقيق نصر معنوي بعض الشيء، بإزاحة ترامب عن البيت الأبيض، قبل أن يبدأوا بمطالبة الرئيس الجديد بتحسين أوضاعهم.
صحيفة "بوليتيكو"، تقول في تقرير لها إن تهافت الناخبين على طوابير الاقتراع المبكر في ولاية مثل "جورجيا"، يعطي رسالة بأن الأقليات متحمسة بشكل كبير للتغيير، إذ أدلى باليوم الأول من فتح الاقتراع 2.7 مليون بأصواتهم، وهي زيادة عن انتخابات 2016 بنسبة 110 بالمئة.
وولاية جورجيا كان سكانها من ذوي البشرة البيضاء عبر العقود الماضية، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تحولا ديمغرافيا ملحوظا لصالح السود.
الأمريكان الأفارقة
تأتي انتخابات 2020 في ظل ظروف استثنائية للأمريكان الأفارقة، الذين يصل تعدادهم إلى نحو 40 مليون نسمة (13 بالمئة من إجمالي السكان).
شكّلت حادثة مقتل جورج فلويد من قبل رجال الشرطة تحولا مفصليا في علاقة الأمريكان من أصول أفريقية مع الرئيس ترامب، ودفعت نسبة كبيرة منهم للانتقال من معسكر الحياد واللامبالاة إلى معسكر الديمقراطيين بقيادة جو بايدن.
في عهد ترامب، تزايدت تقارير تتحدث عن العنصرية ضد السود، وتهميشهم في الوظائف، وهو ما يجعل من إزاحة الرئيس الحالي هدفا استراتيجيا لهم.
شبكة "إيه بي سي" ذكرت أن ما نسبته 42 - 54 بالمئة من الأمريكيين يؤيدون الاحتجاجات الأخيرة ضد الشرطة، موضحة أن 8 من بين كل 10 مشاركين بهذه الاحتجاجات هم من مؤيدي بايدن.
ومن الأسباب التي زادت من حماسة السود للمشاركة مع بايدن، اختيار الأخيرة كاميلا هاريس (من أصول أفريقية) نائبة له، إضافة إلى الترويج الكبير من باراك أوباما للمرشح الديمقراطي الحالي.
في تقرير مثير للجدل، ذكرت صحيفة "نيويورك بوست" أن نسبة تأييد ترامب بين الشبان السود زادت عن 2016، وفقا لاستطلاعات الرأي.
وذكرت الصحيفة أن النسبة زادت خلال 4 سنوات من 10 بالمئة إلى 21 بالمئة، لأسباب منها سعي ترامب إلى حل مشاكل البطالة لدى السود، إضافة إلى استذكار استهداف مزعوم للسود من قبل بايدن، بحجة أنه أيد ما يعرف بـ"قانون الجريمة" في 1994.
اللاتينيون
يطلق عليهم "الهسبان"، وهم دول الكاريبي وأمريكا الشمالية، يتحدث جميعهم الإسبانية، واللافت أن عددهم داخل الولايات المتحدة يفوق السود بنحو 10 ملايين نسمة، إذ يشكلون ما نسبته 18 بالمئة من إجمالي سكان الولايات المتحدة.
في أيلول/ سبتمبر الماضي، اتهم الرئيس ترامب منافسه بايدن بـ"خيانة اللاتينيين"، زاعما أنه يعمل لصالحهم ومن أجل خدمتهم.
وقال ترامب مخاطبا اللاتينيين إن خطط بايدن لفتح أبواب الولايات المتحدة أمام المهاجرين من الخارج ستكون على حسابهم، وسيتم تقليص فرصهم بإيجاد وظائف.
وتقول تقارير إن اللاتينيين من أصول بورتوريكو والمكسيك يدعمون بايدن بشكل عام، رغم حملات التحريض الواسعة لهم من قبل ترامب، فيما يدعم الأخير اللاتينيين من أصول كوبية.
ويتركز الكثير من اللاتينيين في ولايات أريزونا، وتكساس، وفلوريدا، وجورجيا، ويدعم أكثر من نصفهم بايدن، لا سيما مع سياسات ترامب ضد المكسيك، وسعيه لبناء جدار لفصلها عن الولايات المتحدة.
الآسيويون
يبلغ تعداد الأمريكيين من أصول آسيوية نحو 18 مليون نسمة، وهو ما يؤهلهم للعب دور هام في الانتخابات الحالية.
الأمريكان الهنود، وهم الجالية الأكبر، والذين تضاعفت أعدادهم مقارنة بـ2016، يميل نحو 72 بالمئة منهم إلى التصويت لبايدن، مقابل 22 بالمئة لترامب، بحسب دراسة صادرة عن "مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي".
تقول الدراسة إنه وبرغم التقارب بين ترامب، ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، فإن الهنود لم يتأثروا بذلك كثيرا، وتبقى الغالبية منهم مع بايدن في الانتخابات.
وأوضحت "كارينغي" أن "الهنود لا يعتبرون العلاقات الأمريكية الهندية المحدد الرئيسي لاختيار تصويتهم في هذه الانتخابات؛ إذ يعد الاقتصاد والرعاية الصحية أهم قضيتين تؤثران على اختيار التصويت بالنسبة إليهم".
قسم آخر من الأمريكيين الآسيويين، وهم من أصول يابانية وصينية، ودول شرق آسيوية، أعلن الجمعة دعمه لبايدن، بعدما دعم ترامب في 2016.
وقالت مجموعة من الأمريكيين الآسيويين في بيان إنهم بحاجة إلى رئيس أكثر تعاطفا معهم، وأكثر نزاهة وعدالة.
واللافت أن البيان صادر عن مجموعة تدعى "اللجنة الوطنية للجمهوريين الآسيويين الأمريكيين"، إذ إنها وبرغم انتمائها للحزب الجمهوري إلا أنها فضلت التصويت لبايدن على حساب ترامب.
أرجع رئيس هذه اللجنة، ويدعى كليف لي، سبب المفاصلة بين الصينيين وترامب، إلى وصف الأخير لفيروس "كورونا" بـ"الفيروس الصيني"، دون مراعاة للآثار المترتبة على ذلك.
يقول لي في تصريح لموقع "مؤشر نيكاي آسيا"، إنه غادر الصين متوجها إلى الولايات المتحدة بعد حملة القمع في ميدان تيانانمين عام 1989 ، إلا أن ترامب الآن يذكره بمؤسس الصين الشعبية ماو تسي تونغ، مضيفا: "هذا منظور أمريكي صيني فريد، عندما يصبح حزب ما يملكه فرد، فإن هذا الحزب يسير في المسار الخطأ".