وكالة تبناك الإخبارية_ شنّ كيان الاحتلال الإسرائيلي عقب العملية التي نفذتها المقاومة في الأراضي المحتلة قبالة عيتا الشعب، عدوانًا عسكريًا شرسًا انتهى بتلقيها "الهزيمة الأكبر في تاريخها" وفق مسؤوليها، وانتصار المقاومة بعد 33 يوما من التصدي للعدوان.
ففي صبيحة يوم الأربعاء 12 تموز/ يوليو 2016، نفذت المقاومة الاسلامية عند الساعة 9:05 عملية "الوعد الصادق"، وفجرت عبوة ناسفة لدى مرور قوة عسكرية إسرائيلية مؤلفة من ثمانية جنود في "خلة وردة" في خراج بلدة عيتا الشعب، وبعد اشتباكات عنيفة تمكن المقاومون من قتل ثلاثة وأسر جنديين تم نقلهما إلى جهة آمنة.
استغرق الإحتلال الإسرائيلي ساعة ونصف الساعة لاستيعاب الضربة المفاجئة، فيما بدأت قواته بقصف بلدات رامية ورميش ويارون والسلطانية في محاولة فاشلة لقطع الطريق على انسحاب المقاومين.
ومع بدء العدوان الإسرائيلي على لبنان، كان الكيان يستحضر سيناريوهات الدمار والخراب، فأغارت طائراته الحربية على جسور الجنوب وقطع خطوط الهاتف الثابت التي تصل العاصمة بالقرى الجنوبية.
بدورها، ردت المقاومة باستهداف مرابض المدفعية الاسرائيلية في الجولان السوري المحتل وقصفت بالهاون والكاتيوشا مواقع الاحتلال في السماقة، رويسة العلم، رمتا، الضهيرة، ووداي العسل معلنة إصابة ثلاث دبابات إسرائيلية.
كان التخبط سيد الموقف في الحكومة الاسرائيلية التي عقدت اجتماعا طارئا لتعطي الضوء الأخضر لإحدى أكثر الحروب همجية وقساوة، مستنفرة قواها العسكرية برا وبحرا وجوا على طول الحدود، فبدأ العدوان على لبنان تحت عنوان "الجزاء المناسب" في محاولة لابعاد المقاومة عن الحدود، وبمساندة إقليمية ودولية.
في لبنان، وتحديدًا في الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، خرج الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في مؤتمر صحافي، أعلن فيه أن الجنديين الإسرائيليين الأسيرين لن يعودا إلى الديار المغتصبة إلا بالتفاوض غير المباشر والتبادل.
وظهر السيد نصرالله واثقًا من النصر، مؤكدًا للصحفيين حق لبنان ومقاومته باستعادة الأسرى بكافة الوسائل المشروعة، فضلاً عن الحق بالرد على أي عدوان إسرائيلي والتصدي له، قائلا إن المقاومة حاضرة وجاهزة ومتوعدا العدو بالمفاجئات.
وبالتزامن مع اشتعال الجبهات في الجنوب اللبناني، استقبل الجنوبيون نبأ عملية "الوعد الصادق" بالاحتفالات والزغاريد، وخرجوا إلى الطرقات لتوزيع الحلوى وتبادل التهاني. وفيما كانت الرؤوس الحامية في تل أبيب تتوعد لبنان بالنار والدمار، وثّقت الكاميرات ثقة الجنوبيين بمقاومتهم واطمئنانهم للنصر الأكيد.
واستطاعت المقاومة خلال هذه الحرب رسم معادلات عديدة واستراتيجية مع الاحتلال تنوعت من البر الى البحر وصولاً إلى القوة الصاروخية التي طالت العمق الاسرائيلي وبشكل كمي ونوعي متوازن طوال فترة الحرب، وقد اظهرت المقاومة بقراراتها المدروسة والمحسوبة النفس الطويل والجهوزية العالية، بما أرهق الاحتلال وفضح ضعف خياراته في حسم الامور في الميدان ناهيك عن التخبط الكبير في القرارات السياسية والعسكرية التي اتخذتها الحكومة الاسرائيلية ومعها قيادة جيش الاحتلال.
وقد أثبتت وقائع الحرب ان الاحتلال لم يتمكن من فرض شروطه التي حددها عند إعلانه عن اطلاق العدوان ضد لبنان والتي لخصها برد الجنديين ونزع سلاح المقاومة، بالرغم من ان "اسرائيل" استعانت بدول كبرى لممارسة الضغط على لبنان والمقاومة من دون ان تنجح في مساعيها، وبعد انتهاء الحرب دخلت تل أبيب بمفاوضات غير مباشرة عبر وسيط ألماني عمل على نقل الرسائل الى فريق التفاوض الذي شكلته المقاومة والذي رفض إعطاء أي معلومة عن مصير الجنديين واستطاع تحقيق كافة المطالب التي فرضتها المقاومة وتحرير الاسرى اللبنانيين وعلى رأسهم الاسير الشهيد سمير القنطار الذي سبق ان رفضت "اسرائيل" مرارا وتكرارا الإفراج عنه ضمن صفقات التبادل السابقة.
كما أظهرت التجربة ان قدرات المقاومة ازدادت وارتفعت جهوزيتها وباتت رقمًا صعبًا على المستوى الاقليمي تشارك في رسم معادلات لضمان أمن واستقرار المنطقة ككل، وقد برز ذلك بشكل لافت خلال المواجهة المفتوحة ضد الارهاب التكفيري في لبنان وسوريا والعراق، وقد ساهمت قوات المقاومة في التأسيس وإنجاز النصر على الارهاب في اكثر من جبهة، لا سيما تحرير سلسلة جبال لبنان الشرقية المحاذية لسوريا من احتلال الجماعات الإرهابية وبالتحديد "داعش وجبهة النصرة".
كل ذلك يصب في خدمة الهدف الأساسي والمتمثل بالمواجهة بين المقاومة في لبنان وفلسطين مع كيان الاحتلال الاسرائيلي الذي بات اليوم يخضع اكثر من أي وقت مضى لتهديد المقاومة في العمق الاسرائيلي، حيث تؤكد المعلومات المتنوعة ان قدرة المقاومة تطال كل نقطة في كيان الاحتلال سواء في البر او حتى في البحر بما فيها المواقع الحساسة كالمفاعلات النووية وغيرها، وبصواريخ دقيقة.