۴۹۶مشاهدات
قبل يوم واحد فقط من توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وكيان الاحتلال الإسرائيلي، قرر وزير الخارجية المصري محمد إبراهيم كامل تقديم استقالته، رافضا الاتفاقية ومحذرا السادات من خطورة القرار، لكن السادات لم يستمع إليه وطالبه بتأجيل إعلان استقالته حتى العودة إلى مصر كي لا يحرجه، خاصة أن كامل كان ثالث وزير خارجية يترك منصبه في غضون عامين.
رمز الخبر: ۵۱۰۷۶
تأريخ النشر: 26 April 2021

شبكة تابناک الإخبارية : واليوم الأحد تحتفل مصر بالذكرى الـ39 لتحرير سيناء من الاحتلال الإسرائيلي، وهي الرحلة التي اكتملت إلى حد كبير في 25 أبريل/نيسان 1982، وفقا لمعاهدة السلام الموقعة في 1979 بعد عام من اتفاق كامب ديفيد الذي رعاه الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر بمشاركة السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك مناحيم بيغن.

وفي مثل هذا اليوم من عام 1982 احتفلت مصر بانسحاب آخر جندي إسرائيلي من سيناء، وصارت محررة بالكامل فيما عدا طابا التي كانت محل خلاف بين الجانبين المصري والإسرائيلي، ولم تعد إلى مصر إلا بعد التحكيم الدولي في 15 مارس/أذار 1989.

وكانت جهود الرئيس المصري الأسبق أنور السادات للتوصل إلى اتفاق سلام مع الكيان الإسرائيلي سببا في استقالة 3 من وزراء الخارجية في عهده، وهم إسماعيل فهمي، ومحمد رياض، ومحمد إبراهيم كامل.

كان أول من استقال من وزراء خارجية السادات اعتراضا على قراره الذهاب إلى الكيان الإسرائيلي، وقرر الوزير الذي شغل منصبه منذ أكتوبر/تشرين الأول 1973 الاستقالة قبل يومين من زيارة السادات التاريخية للقدس في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 1977.

وفي كتابه "التفاوض من أجل السلام في الشرق الأوسط" يحكي فهمي أن أحد الأسباب الرئيسة خلف رحلة السادات هو رغبته في إزالة الحاجز النفسي المانع للاتصالات بين العرب و"إسرائيل".

ووفقا لرواية إسماعيل فهمي، فقد طلب منه السادات ألا تذكر الصحف المصرية ما قاله أمام مجلس الشعب المصري من أنه على استعداد للذهاب إلى الكنيست الإسرائيلي، وقال له عقب انتهائه من الخطاب إنها كانت زلة لسان.

وطلب فهمي من رؤساء تحرير الصحف تجاهل ما قاله السادات عن زيارة القدس، لكن السادات فوجئ برد فعل وكالات الأنباء العالمية التي نشرت ما قاله، فطلب من رؤساء التحرير تجاهل تعليمات وزير خارجيته.

وفسر فهمي استقالته بأن زيارة السادات للقدس ستضر بالأمن القومي المصري، وستضر بعلاقة مصر مع الدول العربية الأخرى، وستدمر قيادتها للعالم العربي.

وبعد إعلان استقالة فهمي، أذاع التلفزيون الرسمي خبر تعيين محمد رياض -وزير الدولة للشؤون الخارجية- مكانه، لكن رياض نفسه لم يبق في منصبه الجديد سوى ساعات معدودة.

فقد كان السادات متعجلا في تعيين وزير خارجية يرافقه في رحلته إلى القدس، فلم يجد خيرا من محمد رياض، فاستدعاه حسني مبارك نائب الرئيس، لكن رياض المتوافق في الرؤى مع فهمي قال لمبارك "عندي بعض التساؤلات عن موضوع الزيارة، وهو ما عدّه مبارك رفضا لتولي منصب وزير الخارجية".

وفي 25 ديسمبر/كانون الأول 1977 عين السادات محمد إبراهيم كامل وزيرًا للخارجية، بعد نحو شهر من شغور المنصب، وبعد 10 أشهر فقط قرر كامل الاستقالة قبل يوم واحد من توقيع اتفاقية كامب ديفيد في نوفمبر/تشرين الثاني 1978.

وفي كتابه "السلام الضائع في كامب ديفيد" يحكي كامل عن كواليس المفاوضات مع إسرائيل في كامب ديفيد، شارحا أن المشكلة لم تكن في موقف إسرائيل المتشدد ولا في خضوع الولايات المتحدة لإسرائيل، إنما كانت المشكلة الأساسية في الرئيس السادات نفسه الذي استسلم للرئيس الأميركي جيمي كارتر الذي خضع بدوره لرئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن، على حد وصفه.

ويقول كامل "إن أي اتفاقية ستبرم في نهاية الأمر على هذا الأساس ستكون كارثة على مصر وعلى الشعب الفلسطيني وعلى الأمة العربية جمعاء، وقد حرت تمامًا في تفسير مزاجه وسلوكه وتصرفاته غير المفهومة وانتهى تفكيري إلى أنه إما أن يكون في حالة انهيار تام سلبه إرادته، أو أن تكون التكنولوجيا الأميركية قد نجحت في السيطرة عليه وتوجيهه مغناطيسيًا"، وينتهي كامل بوصف الاتفاقية بـ"مذبحة التنازلات" لأن "ما قبل به السادات بعيد جدًا عن السلام العادل".

ويحكي كامل في كتابه أن السادات كان غاضبا منه، ونقل عنه قوله "وماذا أفعل إذا كان وزير خارجيتي يظن أنني أهبل"، قبل أن يطرده من مقر إقامته في كامب ديفيد.

ووصف كامل السادات بأنه كان "ساذجا جاهلا"، ويرى أن السادات قد أبدى تنازلات هائلة تحت ضغوط الرئيس الأميركي في حين لم يقدم بيغن أي استجابة لمطالب الوفد المصري، وقال إن جهود الرئيس الأميركي لعقد الاتفاقية بسبب سعيه إلى الفوز بالانتخابات الرئاسية الأميركية التالية.

وقد سوّغ الكاتب وجهة نظره إزاء موقف السادات مجملا هذا في أسباب متعددة على غرار أن الاتفاقية لم تضمن الانسحاب الكامل من قطاع غزة والضفة الغربية، ولم تكفل حق شعب فلسطين في تقرير مصيره.

واستمر الوزير السابق في فتح النار على الاتفاقية مؤكدًا أنه كان لها أبعد الأثر في علاقات مصر مع بقية الدول العربية التي كانت حليفة لمصر، والتي عقدت مؤتمرًا عربيًا مشتركًا، رفضت فيه الاتفاقية ووصفتها بـ"المتسرعة وغير المدروسة"، فبدأت حقبة من المقاطعة لمصر، كما نقل مقرّ جامعة الدول العربية من مصر إلى تونس.

رایکم