۲۸۷مشاهدات
رمز الخبر: ۴۶۶۷۲
تأريخ النشر: 16 August 2020

لطالما انتظرت الولايات المتحدة ان يتم اسقاط مشاريع القرارات التي قدمتها لمجلس الامن الدولي فقط عبر استخدام حق النقض الفيتو وتحديدا من قبل روسيا والصين، كونها كانت تضمن تصويت الاعضاء الاخرين بفعل الترهيب والترغيب. وهذه كانت فعلا الطريقة الوحيدة التي سقطت فيها قرارات واشنطن والطريقة الوحيدة التي اسقطت فيها واشنطن قرارات كثيرة في المجلس، لكن سقوط مشروع قرار واشنطن لتمديد الحظر على الاسلحة لايران بالتصويت العادي وليس الفيتو فهذا يعني ان الكثير من سياسات الولايات المتحدة تحتاج للمراجعة.

كلف وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو خزينة بلاده اموالا ونفقات ورحلات لحشد تاييد دولي لمساعي بلاده من اجل تمديد الحظر على الاسلحة لايران، لكن الملفت والمضحك في نفس الوقت كان مسألة ان الدول التي سارعت لتاييد واشنطن لا وزن لها اقليميا ولا دوليا. وحتى تلك التي سعت لاصدار تاييد جماعي اتضح فيما بعد ان تاييدها وهمي (كانت بمثابة الفضيحة حين اعلنت قطر انها لا توافق على بيان دول مجلس التعاون الداعي لتمديد الحظر وكشفت ان هكذا بيانات تتخذ في اجتماعات وزراء خارجية المجلس وليس في اروقة تابعة لسياسات بعض دوله).

ذهب بومبيو شمالا وجنوبا شرقا وغربا، وكان شبه متاكد من ان حلفاء بلاده الاوروبيين سيصوتون لصالح قرار تمديد الحظر. لكن في النهاية كان التصويت في مجلس الامن بمثابة الصفعة التي استفاق الاميركي على اثرها من وهم انه ما زال المتحكم الوحيد بالسياسات على مستوى العالم.

لم يرغب الاوروبيون باغضاب ادارة ترامب كثيرا فامتنعوا عن التصويت، غير ان مجرد الامتناع عن التصويت يشكل بذاته رسالة قوية لواشنطن وهي ان الاوروبيين وتحديدا الفرنسي والبريطاني لن يتحملا تبعات التماهي المطلق مع سياسات ترامب، خاصة فيما يتعلق بالاتفاق النووي، فالاوروبي يدرك (وان لم يعترف علنا) بان الولايات المتحدة هي التي انسحبت من الاتفاق وهي التي اعادت فرض اجراءات حظر احادية ضد طهران وعرضت الاتفاق لخطر الانهيار في ظل الاجراءات المشروعة والقانونية التي اتخذتها ايران لتخفيض التزاماتها به. وعليه فان التصويت لصالح مشروع القرار الاميركي سيعني وضع الامور امام سيناريو وحيد وهو انهيار الاتفاق كليا والعودة الى ما قبل اكتوبر 2015.

وعلى ضوء كل هذا، كان من الطبيعي لجوء ادارة ترامب الى التهديد والوعيد بفرض اجراءات حظر احادية ضد ايران، لكن كل ذلك لا يعني ان اليد الطولى ما زالت بيد واشنطن. وبالتالي هناك مراجعات واسعة وكثيرةعلى الادارة الاميركية القيام بها لاعادة تقييم سياساتها التي جعلت حلفاءها قبل خصومها يبتعدون عنها

اولا

لم يعد بامكان الولايات المتحدة تحديد مسار الاتفاق النووي او اي اتفاق جديد تقول انها تريده بدون اللاعبين الدوليين الذين باتوا مقتنعين ان سياسات ترامب هي التي عقدت الامور وتشكل خطرا على الامن والاستقرار في العالم والمنطقة

ثانيا

يبدو ان العلاقة بين الولايات المتحدة وحلفائها الاوروبيين ستشهد تغيرا واضحا وقد لا يكون مستغربا اعلان واشنطن اجراءات عقابية من نوع ما على حلفائها للضغط عليهم في هذا السياق وهي قامت بذلك فعلا في السابق لدفعهم للانسحاب من الاتفاق النووي الذي اصبح يشكل الامتحان الاخير لمصداقية اوروبا بالنسبة للملفات الدولية وابرزها الاتفاق النووي.

ثالثا

رغم التحريض والترويج ضد ايران وتشويه سمعتها حتى بعد التوقيع على الاتفاق النووي، اظهرت طهران انها اكثر طرف التزم بالاتفاق واكثر من رغب بتخفيف التوتر والعمل وفق الاتفاقات الدولية. وبالتالي نجحت في فرض نفسها لاعبا معتبرا وله مصداقيته على الساحة الاقليمية والدولية بحيث ان اللاعبين الاخرين لاسيما في الاتفاق النووي هم من كانوا بحاجة لاثبات نواياهم وليس الايرانيين.

رابعا

بات من الطبيعي ان السقوط الاميركي في مجلس الامن (الملعب الخاص بواشنطن) سيؤثر على اي تحرك اميركي جديد في سياق الاتفاق النووي (سواء الاتفاق الجديد الذي يريده ترامب او استعادة الاعتبار للاتفاق الحالي في حال فوز الديمقراطيين في الانتخابات الاميركية)، بحيث ان واشنطن استنفدت كل الطرق لتمرير سياساتها وشروطها على الحليف والخصم، ان كان الترغيب بالامتيازات او الترهيب بالعقوبات.. ولم يبق امامها الا فرض عقوبات على مجلس الامن نفسه.

رایکم
آخرالاخبار