۱۰۰۸مشاهدات
ان ماذكره وولف في كتابه عن قبول امير عربي هنا ، او رئيس عربي هناك ، بصفقة ترامب في مقابل بقاءهم في عروشهم ، لن يقدم ولا يؤخر في واقع الرفض العربي ل”اسرائيل” وللدور الامريكي المنحاز ل”اسرائيل” ..
رمز الخبر: ۳۷۳۶۴
تأريخ النشر: 08 January 2018

شبکة تابناک الاخبارية: مازال كتاب الصحفي الأمريكي الشهير مايك وولف “نار وغضب” يهز امريكا لما احتواه من معلومات تكاد تكون موثقة ، عن ابعاد شخصية الرئيس الامريكي دونالد ترامب غير المتزنة ، والفوضى التي تعم البيت الابيض ، والاسرار الخاصة بما بات يعرف بصفقة القرن.

رغم ان كل المعلومات التي ذكرها الكتاب تستحق الوقوف امامها مليا ، فهي منقولة عن 200 شخصية مقربة من ترامب والبيت الابيض ، لانها تكشف عن امور مروعة منها ، كيف يتربع رجل مشكوك في قواه العقلية ، على ترسانة تضم الالاف من القنابل النووية ، ويتفاخر انه يملك حرية الضغط على الزر النووي متى شاء ، وكأنه يلعب بلعبة اطفال.

رغم كل المعلومات التي ضمها الكتاب والخاصة بعائلة الرئيس الامريكي ترامب وصهره جاريد كوشنر وابنته ايفانكا ، وكيف يتعاملون بسطحية ، وكأنهم اطفال ، مع اكثر الازمات العالمية تعقيدا ، الامر الذي اثار العديد من علامات الاستفهام حول مستقبل ترامب السياسي وخاصة بقاءه في البيت الابيض كرئيس امريكا ، الا اننا سنتوقف امام معلومات تخص منطقتنا ، منطقة الشرق الاوسط ، والتي مازالت تعاني بسبب السياسة الامريكية المنحازة بالكامل الى “اسرائيل”.

ينقل وولف ، الذي كان في إحدى الفترات من المقربين لإدارة دونالد ترامب وعلى صلة وثيقة بالأشخاص المحيطين بالرئيس الامريكي ، عن ستيفن كيفين بانون الذي تولى رئاسة المكتب الانتخابي لترامب خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية وشغل بعد ذلك منصب كبير مستشاري الرئيس للشؤون الاستراتيجية، وأدخله ترامب مجلس الأمن القومي في يناير 2017 ثم عزله من هناك في أبريل من نفس العام وغادر البيت الأبيض ، قوله ان ترامب يعمل على وضع خطة لحل القضية الفلسطينية ، تتالف من اجزاء منها نقل السفارة الامريكية الى القدس ، ومنح الضفة الغربية الى الأردن، وغزة الى مصر.

ما قاله وولف عن عدم اتزان ترامب عقليا ، انكشف دون الحاجة الى نقل شهادات 200 من الشهود ، فمجرد طرح قضية “صفقة القرن” القائمة على ثلاثة اجزاء ، الاول منح القدس ل”اسرائيل” ومنح الضفة الغربية الى الاردن ومنح غزة الى مصر ، يعكس العقلية الطفولية لترامب.

حتى لو لقيت “صفقة القرن” تجاوبا من بعض الانظمة العربية الرجعية والانظمة التي ارتبطت ب”اسرائيل” بمعاهدات “سلام” ، الا انها لا يمكن ان تشكل دافعا لترامب في التمادي بهذه الصفقة وطرحها على انها السبيل الوحيد لتصفية القضية الفلسطينية.

ان ماذكره وولف في كتابه عن قبول امير عربي هنا ، او رئيس عربي هناك ، بصفقة ترامب في مقابل بقاءهم في عروشهم ، لن يقدم ولا يؤخر في واقع الرفض العربي ل”اسرائيل” وللدور الامريكي المنحاز ل”اسرائيل” ، كما ان هؤلاء الزعماء العرب الذي اشار اليهم وولف ، لا يمثلون شيئا امام الارادة العربية الشعبية الرافضة لا لتصفية القضية الفلسطينية بهذه الطريقة المذلة فحسب ، بل رافضة حتى للتطبيع مع “اسرائيل” ، وان ما تقوم به الجيوش الالكترونية التابعة لبعض الانظمة العربية ، للترويج ل”اسرائيل” و”فضائل” التطبيع معها ، لا يمكن ان يؤثر على هذه الارادة ، او يؤثر على الراي العام العربي ، فهو مكشوف للمواطن العربي ، الذي بات يعرف هذه الجيوش التي تعمل كاذرع لمخابرات تلك الانظمة المنبطحة على وجهها امام ترامب.

رغم ان صفقة القرن لن ترى النور بحكم التجربة التاريخية ، وبفضل وجود محور المقاومة والارادة الشعبية العربية الرافضة للاحتلال الصهيوني ، الا ان ما كشفه كتاب “نار وغضب” عن كيفية تعامل امريكا مع قضايا الشعوب ، وخاصة القضية الفلسطينية ، يبين مدى استهتار امريكا بالشعوب ، واحتقارها لمن يقدمون انفسهم على انهم حلفاء لها في منطقتنا ، فقد تبين ان هؤلاء الحلفاء ليسوا سوى عملاء اذلاء لا يملكون من خيار الا الطاعة العمياء امام رجل معتوه ، من اجل البقاء اطول وقت على كرسي الحكم ، حتى على حساب كرامتهم وشرفهم.

لكن في المقابل ، الشعوب العربية ليست الحكام ، فهذه الشعوب هي التي ستُفشل صفقة القرن وتعيد السمسار ترامب وصهره الصهيوني كوشنر خاليا الوفاض ، فالقضية الفلسطينية تعيش في قلوب وعقول ووجدان مئات الملايين من العرب والمسلمين ، ولا يمكن لا لترامب الاخرق ولا لادارته العنصرية ، ان ينتزعوا فلسطين من صدور العرب والمسلمين ، وستبقى فلسطين وسيرحل ترامب ، وما الزلزال الذي احدثه كتاب “نار وغضب ” تحت البيت الابيض ، الا صوت ناقوس يعلن آن الاوان ليرحل ترامب.

*جمال كامل / شفقنا

رایکم