۱۴۹مشاهدات
عمد المرشح الرئاسي عن الحزب الجمهوري دونالد ترامب، في خطابه أمام مؤتمر اللوبي الصهيوني «إيباك» أمس الأول، إلى العزف على الوتر المفضل لدى يهود أميركا بإعلان ولائه لإسرائيل.
رمز الخبر: ۳۱۴۴۸
تأريخ النشر: 23 March 2016
شبكة تابناك الاخبارية : لم يكتف بإعلان الولاء، وهو أمر شبه معتاد لدى كل المرشحين للرئاسة الأميركية، خصوصاً عندما تلقى الكلمات أمام تجمع يهودي، وإنما فتح باب المزايدة على مسألة من يخدم إسرائيل أكثر. وبلغ ترامب حدوده القصوى عندما تبنى كل المواقف اليمينية الإسرائيلية المتشددة، وارتدى قناع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو.

ولا يمكن فهم كلام ترامب من دون الأخذ بالحسبان واقع تجنب الحكومة الإسرائيلية للظهور بمظهر من يتقبل مواقفه، أو من يقترب منه. وقد كانت الخشــية الإسرائيلية كبيرة، خصوصاً في أعقــاب تجربتــين فاشلتين لرئيس الحكومة الإسرائيلية تدخل فيهــما في المعركة الانتخابية لمصلحة مرشح جمهوري ضد الرئيس باراك أوباما. ولكن الأمر مع ترامب يتجاوز ذلك، بسبب الاعتقاد أنه يمثل كل ما يناقض القيم التي تؤمن بها غالبية اليهود في أميركا، والتي تخشى من تنامي النزعات العنصرية.

ومن غير المستبعد أن ردود الفعل الإيجابية لدى أعضاء «إيباك» وجمهورها في أميركا، ستقود لاحقاً إلى مزيد من تقبل إسرائيل العلني لترامب. ففي النهاية يبدو أن تجنب الحكومة اليمينية في إسرائيل الاقتراب من ترامب لا يعبر عن قناعة، بقدر ما يرمز إلى مخاوف، خصوصاً أن نجاح ترامب في أوساط الجمهوريين لا يضمن له الفوز بالاقتراع العام.

في كل حال، رأى معلقون إسرائيليون أن ترامب انتحل شخصية نتنياهو، وألقى خطاباً كاريزمياً تبنى فيه مواقف الحكومة الإسرائيلية. فقد أوضح أن الاتفاق النووي مع إيران هو «اتفاق كارثي ينبغي تفكيكه». وأعلن تفهمه لغياب المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، معلناً رفضه فرض أي حل على إسرائيل. وقرر مجاراة إسرائيل بتبديد أحد أشد مخاوفها، وهو أن يفرض مجلس الأمن الدولي قراراً على إسرائيل، متعهداً باستخدام حق النقض (الفيتو). وسار على خطى أسلافه ممن تعهدوا في الماضي بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس المحتلة، التي وصفها بأنها «العاصمة الأبدية لإسرائيل»، وهو الوصف المحبب لدى اليمين الإسرائيلي.

وفي العموم، كان خطاب ترامب مناصراً جداً لإسرائيل، لدرجة أنه نال تصفيقاً حاداً من الحضور أربك المتحدثين الآخرين. فخصمه السيناتور تيد كروز، الذي صعد لإلقاء الكلمة بعده لم يجد نفسه على قدر المنافســة مع تــرامب في الإعراب عن تأييده لإســرائيل. والإضــافة الوحيدة التي قدمها كروز في هذا المجال كانــت اســتعداده للذهاب بنفسه إلى «مقر الأمم المتحدة في نيويورك لأستخدم الفيتو بنفسي» ضد أي قرار مناهــض لإسرائيل.

وكتب حيمي شاليف، في «هآرتس»، أن ترامب وصل مساء الاثنين إلى قاعة مؤتمر «إيباك» بدور «مشبوه» وخرج منه بأكاليل غار المنتصر. فهو كان يعلم أن الناخب اليهودي شكاك، ولذلك عمد خلال نصف ساعة من الكلام إلى تحويله إلى جوقة مشجعين حماسية. «فقد دخل الحلبة كديماغوجي عنصري، وخرج منها كسياسي جدي محتمل. ذات يوم، ربما يمكن القول، إن ترامب أسس في مؤتمر إيباك رئاسته الأميركية».

وأشار شاليف إلى أن «ترامب وصل للمؤتمر كمرشح موضع خلاف ومنبوذ بفعل كراهية المجتمع الراقي له، بل إنه عندما بدأ خطابه خرج بعض الحضور من القاعة اعتراضاً. لكن في نهاية الخطاب كان دونالد ترامب مختلفا، نقيا وطاهرا كالثلج، مع شهادة حلال من إحدى أقوى منظمات الضغط في أميركا. لقد اجتاز امتحاناً وصف مسبقاً بأنه مهم وصعب، ونجح أكثر مما كان مقدرا ومن دون جهد كبير».

وبحسب شاليف، فإن فوز ترامب في الانتخابات سيعتبر شهادة تقدير لاكتشافهم له، في حين أن فشله سينظر إليه بوصفه الدِرك الأسفل الأخلاقي الذي سقطت فيه الطائفة اليهودية، التي تنازل فيها أفرادها عن ضميرهم مقابل حفنة تصريحات دعم ارتجالية لإسرائيل. وكتب أنه في كل الأحوال سيرى كثيرون في اليسار اليهودي الأميركي أنهم محقون في رأيهم بأن «إيباك» تحولت إلى مجرد فرع لـ «الليكود» والجمهوريين، لكنهم لم يكونوا يتصورون أنها وصلت إلى هذا الحد.

في كل حال، فإن المعلق في «معاريف» شلومو شامير كتب من أميركا أن خطاب ترامب أمام «إيباك» عديم القيمة لإسرائيل ولليهود وللسباق الرئاسي. واعتبر أن مجرد التعليق على الخطاب هو ثناء على رجل يوصف في الصحافة الرائدة في أميركا بأنه «»ديماغوجي»، «عنصري»، «كذاب»، «ظالم الفقراء»، «رجل أعمال فاشل وخاسر». ولاحظ أن الحاخامات الإصلاحيين قبل غيرهم خرجوا ضد ترامب على قاعدة أنه في تصريحاته يظهر «عدم احترام تام للقيم الأميركية الأساس». ونقل عن أبراهام فوكسمان، الذي ترأس لعشرات السنين «الرابطة ضد التشهير»، قوله: «سياسياً، يتحدث بشكل فظ وغير ثقافي، يدوس على القيم، يهين الناس ويمس بهم. ليس جيداً، لا لأميركا، لا للطائفة ولا لإسرائيل».

وفي نظر شامير، فإن «خطاب ترامب في مؤتمر ايباك سيذكر كحالة شاذة أخرى، هاذية ومستنكرة في سلسلة طويلة من الهفوات المحرجة والحالات المخجلة التي ميزت السباق الحالي للرئاسة في المجال الجمهوري، فهو سباق تحول منذ زمن بعيد ليصبح مسرحية عبث في نظر الجمهور وكابوسا مزعجــا من ناحية كبار الجمهوريين».

تجدر الإشارة إلى أن ترامب تحدث في مؤتمر صحافي عقده قبل ساعة من خطابه أمام «إيباك»، مطالباً إسرائيل بإعادة المعونات التي منحتها لها أميركا على مر السنين بالضبط كما فعلت اليابان، كوريا الجنوبية، السعودية ودول غنية أخرى. وقال معلقون لو أن باراك أوباما أو هيلاري كلينتون أطلقا تصريحات كهذه لهاج اليمين وعربد ضدهما، ولكن الأمر مع ترامب مختلف، فإسرائيل قادرة على الصفح.

وكانت كلينتون قالت، أمام «إيباك»: «نعم، نحتاج إلى ثبات، وليس إلى رئيس يقول إنه حيادي الاثنين، ومؤيد لإسرائيل الثلاثاء، ولا نعرف ماذا أيضا الأربعاء، لان كل شيء قابل للتفاوض. امن إسرائيل ليس موضوع نقاش». وأضافت: «من اجل امن إسرائيل والعالم، نحن بحاجة لأميركا تلعب دور القيادي الدولي المحترم الملتزم بالدفاع عن النظام الدولي وتعزيزه».
رایکم