شبکة تابناک الاخبارية: نشرت صحيفة " جيروزاليم بوست" الإسرائيلية تقريرا عن الانتخابات التركية التي خسر فيها حزب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (العدالة والتنمية) الأغلبية المطلقة في البرلمان التركي.. وتحت عنوان " أردوغان خسر فرصته ليصبح فلاديمير بوتين تركيا" أشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن مساعي أردوغان لإقناع البرلمان بتعديل الدستور، ومنحه صلاحيات مطلقة على غرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ذهبت أدراج الرياح.
ولفتت الصحيفة إلى أن الحكومة حثت الناخبين على عدم التصويت "للاضطرابات"، في إشارة ضمنية إلى أحزاب المعارضة وأبرزها حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد.
غير أن الناخبين تجاهلوا نداء حكومة أردوغان وكانت النتيجة إشادة أوساط الرأي العام بحزب الشعوب الذي فاز بنحو 13 % فقط من إجمالي أصوات الناخبين، واعتبرت الحزب الحاكم - الذي فاز بأغلبية مقاعد البرلمان - بمثابة خاسر في السباق اﻻنتخابي لتراجع قوته.
وجاء الوضع الحالي نتيجة للخطوة الجريئة من جانب حزب الشعوب الديمقراطي، الذي قاد زعيمه الكاريزمي صلاح الدين دميرطاش ما كان يشكّل قوة قومية كردية– متعاطفة صراحة مع الصراعات المسلحة في الماضي – إلى أن يصبح حزبا رئيسيا في تركيا.
وبموجب القانون الانتخابي التركي، يحتاج الحزب الحصول على نسبة لا تقل عن 10% من الأصوات لدخول البرلمان، ولذلك لم يتأهل الأكراد للبرلمان في الماضي عندما كانوا يخوضون الانتخابات كمستقلين، أما في هذه المرة، أقدم دميرطاش على المقامرة، وأصر على ضرورة خوض أعضاء الحزب الانتخابات تحت سقف واحد.
ولكي ينجح الحزب، جذب حزب الشعوب الديمقراطي ليس فقط أصوات الناخبين الأكراد، ولكن أيضا أصوات الأتراك المحبطين من حكم الرئيس أردوغان التابع لحزب العدالة والتنمية، فتأهل حوالي 80 نائبا كرديا إلى البرلمان الذي يضم 550 مقعدا، ما يعني أن الحزب الذي حكم تركيا لأكثر من عقد من الزمان فقد الأغلبية الكافية لتنفيذ طموحاته.
وبهذا، ذهب أمل أردوغان أدراج الرياح في إقناع البرلمان بتعديل الدستور، ومنحه صلاحيات مطلقة على غرار بوتين.
ورغبت الأسواق المالية في حصول حزب العدالة والتنمية الحاكم على الفوز المتواضع؛ لكبح جماح طموحات أردوغان المفرطة، وتراجع الحزب عن الأغلبية المطلقة، لكن بحصوله – في الوقت ذاته – على النسبة التي تمكنه من مواصلة العمل كالمعتاد، وسيتعين على الأسواق المالية الآن النهوض من جديد.
ورأت الصحيفة أن المشكلة الآن تكمن في أردوغان نفسه، إذ أنه بدأ سياسته الوطنية عبر مغازلة الوسط السياسي، لكنه حاول في السنوات الأخيرة انتزاع هذا الوسط السياسي بشكل أقرب إلى قوميته الدينية المتشددة.
وزعمت الصحيفة أن أسلوب أردوغان أدى إلى انقسام تركيا بشكل متعمد، حيث وصف معارضيه بأنهم خونة بل وأسوأ من ذلك، وخلال الحملة الانتخابية لحزبه، مال خطابه لأن يكون خطاب كراهية؛ بانتقاده حزب الشعوب الديمقراطي على ترشيحه أعضاء مثليي الجنس لخوض الانتخابات، واتهامه الحزب بتقديم مأوى لمسلمين مهرطقين وملحدين، أو كونه أداة في يد لوبي يهودي يدير صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
وزعمت الصحيفة الإسرائيلية أن الحملة الانتخابية التركية قد تكون حرة، لكنها بالتأكيد ليست عادلة، فمن خلال نظام المحاباة (حيث يمتلك العديد من رؤساء الوسائل الإعلامية عقودا ضخمة مع الحكومة)، تمكّن حزب العدالة والتنمية من التحكم في موجات البث التليفزيونية، وحتى هيئة الإذاعة والتليفزيون التركية الممولة من القطاع العام لم تغط سوى القليل جدا من الأحداث الخارجة عن إطار إنجازات الرئيس.
لذلك، أصبح حزب الشعوب الديمقراطي – الذي بدأ من الصفر – البطل الذي وجّه أول هزيمة كبرى لأردوغان، والغريب أن مكتب الرئيس التركي– المفترض أن يكون فوق أي شجار حزبي – استخدم مكانته المرموقة للدعوة لتكشيل حكومة ائتلافية، على حد قول الصحيفة.
وتوقعت الصحيفة أن يكون إجراء انتخابات مبكرة أمرا لا مفر منه، فلا تزال أحزاب المعارضة لديها قضية مشتركة؛ ألا وهي تفكيك بعض أسوأ جوانب حزب العدالة والتنمية، وخفض العتبة البرلمانية التي تتيح للأحزاب دخول البرلمان إلى أقل من 10%، ولن يكون تحقيق أي من هذا باﻷمر السهل، لكن بالنسبة للكثيرين، فإن الصعوبات التي سيواجهونها تستحق المجابهة حتى تبتعد تركيا حقا عن حافة الاستبداد.