۵۲۷مشاهدات
فهمي هويدي
رمز الخبر: ۲۴۴۰۹
تأريخ النشر: 20 December 2014
شبكة تابناك الاخبارية: هل صحيح أن عواصم عربية أبلغت واشنطن باستعدادها للتطبيع مع إسرائيل لمواجهة حماس وداعش؟

السؤال من وحي العنوان الذي أبرزته صحيفة «الشروق» أمس (الثلاثاء 9/12) بعرض الصفة الأولى.

والمعلومة وردت على لسان وزير الخارجية الأمريكى جون كيري في أثناء حديثه عن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية. أمام منتدى تابع لمعهد بروكينجز في واشنطن.

أما سؤالى فهو استنكارى وليس استفهاميا، لسبب بسيط هو أنني لم أعد استبعد ما قاله الوزير الأمريكى،

ليس فقط لأنه زف المعلومة إلى سامعيه الأمريكيين ودعا إلى ضرورة الإفادة من ذلك التطور الإيجابى (في رأيه)

ولكن أيضا لأن لدينا من القرائن والمقدمات التي تتابعت خلال العام الأخير ما يؤيد كلامه.

إذ لم يعد سرا أن أجواء ما بعد الربيع العربي دفعت أغلب الدول العربية إلى التركيز على أوضاعها الداخلية،

الأمر الذي أدى إلى تراجع الاهتمام بالشأن القومى عامة والفلسطيني بوجه أخص.

وبسبب الارتباط التاريخى بين حركة حماس وبين جماعة الإخوان فإن الاشتباك مع الإخوان وإعلان الحرب عليهم استصحب اشتباكا تلقائيا مع حركة حماس،

ولأن حماس لها معركتها مع إسرائيل ضمن غيرها من فصائل المقاومة الأخرى، فإن العواصم العربية التي خاصمت الإخوان وجدت نفسها تقف في المربع المخاصم لحماس، الذي تحتل إسرائيل صدارته.

وهو ما استثمرته الدولة العبرية خلال عدوانها على غزة في الصيف الماضى حين أعلنت أنها لا تواجه حماس وحدها، وإنما تخوض المعركة ضدها ضمن تحالف عربى لم تعلن أطرافه.

وفي الوقت الذي التقت فيه إرادات بعض الأطراف الإسرائيلية والفلسطينية والعربية على هدف الخلاص من حماس رغم اختلاف الدوافع والأهداف، ظهرت في الأفق منظمة داعش وتحولت إلى خطر أفزع كثيرين، وأسهم في تكريس الانصراف عن القضية الفلسطينية بقدر ما أسهم في مد الجسور غير المعلنة بين إسرائيل وبين بعض العواصم العربية.

وهو ما أشارت إليه بعض الصحف العبرية التي تحدثت عن أن إسرائيل تشارك بالمعلومات بالحرب الدائرة ضد داعش.

خيم العمى الاستراتيجي على الرؤية العربية للمشهد، إذ بدلا من أن توضع إسرائيل على رأس جبهات الحرب التي يخوضها العرب ضد الإرهاب، فقد جرى استثناؤها وقبل اصطفافها في الجانب العربي المنخرط في تلك الحرب.

وكان ذلك أمرا مستغربا دالا على الاستسلام للغيبوبة وفقدان الذاكرة. لأن ما تفعله داعش مع المخالفين فيما عرف بدولة الخلافة هو ذاته الذي فعلته العصابات مع عرب فلسطين في أربعينيات القرن الماضى،

وهو ما تمارسه الحكومة الإسرائيلية حتى الآن بحق الفلسطينيين، ولكن بصورة أكثر تطورا وخبثا،

وحتى إذا كان الأسلوب قد تطور إلا أن هدف الاقتلاع ــ الذي هو أعلى مراتب الإرهاب ــ لم يتغير في السياسة الإسرائيلية منذ أربعينيات القرن الماضى حتى الآن.

أيا كان الأمر، فإن موقف الأنظمة العربية من القضية الفلسطينية يضعها في مواجهة احتمالات «نكبة ثانية»، تتمثل في تخلى الدول العربية عنها وإسقاطها من جدول أعمال العمل العربي.

والمتتبع لمسار القضية خصوصا في السنوات الأخيرة لا يستبعد تلك النهاية الكارثية. فجيلنا يذكر أن قضية فلسطين كانت يوما ما الشاغل الأول وقضية العرب المركزية. ولكنها صارت في وقت لاحق إحدى مشكلات الشرق الأوسط.

وحدث الاختراق الأكبر حين أقدم الرئيس الأسبق أنور السادات على الصلح معها في عام 1979.

وكانت تلك بداية الفتنة الكبرى، إذ دخل الأردن على الخط بتوقيع اتفاقية «وادى عربة» سنة 1994، وتعددت الاختراقات الإسرائيلية غير المعلنة لعدد آخر من العواصم العربية.

حتى فوجئنا بأن الرئيس المصرى الأسبق تحول إلى «كنز استراتيجى» لإسرائيل.

واستمر التدهور حتى سقط مصطلح القضية المركزية من قاموس السياسة العربية.

بل فوجئنا مرة أخرى بإشارة في البيان الذي صدر عن زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل لموسكو في شهر نوفمبر من العام الحالى (2014) تحدثت عن أن محادثاته تناولت أمورا عدة كان من بينها «الصراع الفلسطيني الإسرائيلى»، وهو مصطلح أخرج العرب لأول مرة من الصراع.

وأثار انتباهي أن بعض الصحف المصرية استخدمت نفس الصيغة في تقاريرها الإخبارية (صحيفتا المصري اليوم واليوم السابع تحديدا).

ولا أعرف ما إذا كان ذلك تم على سبيل السهو أو العمد، لكن النشر حدث ومر بلا تعليق.

إن إرهاصات النكبة الثانية تلوح في الأفق. لكن ضحاياها هذه المرة لن يكونوا مقصورين على «القضية المركزية» أو الشعب الفلسطيني، لأن الزلزال سوف يضرب العالم العربي من أقصاه إلى أقصاه، حيث تحل اللعنة بالجميع.

وستدفع الأمة ثمن تخليها عن قضيتها المركزية.

النهاية
رایکم
آخرالاخبار