۲۰۵۵مشاهدات

استاذ سوري: قمة طهران جاءت كردّ جيوسياسي قوي على زيارة الرئيس الأميريكي

رمز الخبر: ۶۶۵۸۱
تأريخ النشر: 26 July 2022

أكد استاذ العلاقات الدولية في جامعة الفرات السورية الدكتور “خيام الزعبي” ان قمة طهران، التي جمعت بين إيران وروسيا وتركيا، كانت حدثًا إستثنائيًا، حيث إن اجتماع رؤساء هذه الدول الثلاث في إيران يمثل ردّاً جيوسياسياً قوياً، على زيارة الرئيس الأميريكي لشركائه الأساسيين في الشرق الأوسط.

وفي حوار خاص مع شفقنا العربي، استعرض استاذ العلاقات الدولية في جامعة الفرات السوريةالدكتور “خيام الزعبي” اجتماع الرؤساء فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان وابراهيم رئيسي في إيران وقال: ان هذا الاجتماع يأتي في إطار عرض الوحدة بينهم، ويمثّل ردّاً جيوسياسياً قوياً، على زيارة الرئيس الأميريكي لشركائه الأساسيين في الشرق الأوسط.

إن التحالف الإيراني الروسي التركي قد يكون ذا مغزى كبير فضلاً عن أن وجود تركيا العضو في الناتو له رمزية مهمة جدًا، لا سيما أنها لا زالت تقدم نفسها باعتبارها قوة لا تحركها الولايات المتحدة وحلف الشمال الأطلسي.

بالتالي أن ما يحدث الآن يعطي طهران “قيمة إضافية” وحصانة في وجه العقوبات الأميركية بعدما تم توقيع اتفاقيات اقتصادية وأمنية مع موسكو وأنقرة، وهو ما يضعف مفعول هذه العقوبات، وهو ما قد يدفع واشنطن أيضًا إلى العودة إلى إحياء الاتفاق النووي مع الجمهورية الإسلامية.

وهنا يمكن القول إنه على الدول التي تريد سوءاً لسورية، أن تعيد قطار سياستها الى سكته الأصلية، وأن تعيد نظرتها في الرهانات السياسية الخاطئة تجاه سورية قبل فوات الأوان وذلك ليس لمصلحتها بل لمصلحة الإقليم بأكمله، فسياسة التسلح للمجموعات التكفيرية والارهاب، لتحقيق أهداف سياسية هي سياسة عقيمة أثبتت التجربة فشلها، وقد جربتها بعض الدول من قبل، وإرتدت عليها ودفعت بسبب ذلك ثمنا باهظا من أمنها وإستقرارها.

ومضى يقول: بإختصار شديد تمر سورية اليوم بلحظة مفصلية وفاصلة من تاريخها وهي بحاجة بدلاً من العنف والسلاح إلى إصطفاف وطني من قبل كافة أبنائها لمواجهة التحديات الراهنة لأنه ليس هناك شخص قادر على حل مشكلة سورية غير السوريين أنفسهم وبمساعدة حلفاء دمشق من أجل ان تكون سورية دولة واحدة موحدة.

وتطرق الدكتور الزعبي خلال الحوار الى التهديدات التركية بالعملية العسكرية في الشمال السوري ولفت الى انه على وقع التهديدات التركية بالعملية العسكرية، أتت قمة طهران ضمن إطار “عملية أستانا للسلام” الرامية لإنهاء الأزمة السورية المتواصلة منذ العام 2011.

وقد لوّح إردوغان منذ حوالي شهرين بشنّ عملية عسكرية ضد مناطق تسيطر عليها قوات سوريا الديموقراطية التي يشكل المقاتلون الأكراد عمودها الفقري، تنطلق من الحدود التركية وتمتد الى منطقتي منبج وتل رفعت في ريف محافظة حلب في شمال سوريا.

وأعربت الدول الثلاث عن تصميمها “على مواصلة تعاونها القائم للقضاء على المجموعات الإرهابية”، ورفض “كل المحاولات لخلق وقائع جديدة على الأرض تحت ذريعة مكافحة الإرهاب، بما يشمل مبادرات الحكم الذاتي غير القانونية، والتصميم على الوقوف في وجه الأجندات الانفصالية الهادفة لتقويض سيادة ووحدة أراضي سوريا، إضافة الى تهديد الأمن القومي للدول المجاورة”.

بالتالي إن عملية عسكرية تركية “ستعود بالضرر على سوريا، وستعود بالضرر على تركيا، وستعود بالضرر على المنطقة بأكملها”، وسبق لموسكو وطهران أن حذرتا تركيا من شنّ هذه العملية في سوريا وحذّرتا من أن الخطوة التركية المحتملة ستصبّ في صالح “الإرهابيين”، ومن هنا يجب على “إيران وتركيا وسوريا وروسيا حل هذه المشكلة من خلال الحوار”.

وبالتالي يجب على إيران وروسيا وتركيا التنسيق “على الأقل من أجل عدم زيادة التوترات بينها.

في اطار ذلك ان “روسيا وإيران لن توافقا على مطالب تركيا”، ولن تكون سوريا “محط بازارات بين القوى”. من مجمل هذه التطورات يمكن الإستنتاج بأن هناك رؤية إستراتيجية موجودة في كل الأوساط الروسية والايرانية وعلى أعلى المستويات مفادها أن سورية القوية يمكن ان تسهم في عودة الإستقرار مرة أخرى الى منطقة الشرق الأوسط المضطربة، كما أن هناك رؤية إستراتيجية ثابتة وهي دعم سوريا في كل الأوقات بغض النظرعن الذي يوجد في السلطة.

في إطار ذلك هناك تغيير كبير حاصل الآن على المسرح الدولي بما فيه من تراجع ثقل وتأثير واشنطن وتقدم موسكو وطهران وعودتهما بكل زخم وقوة لمقارعة واشنطن، وبالتالي فإن الصراع الروسي-الايراني- الأمريكي على سوريا سوف يؤسس واقعاً جديداً يهيئ أرضية لحقائق ومعطيات جديدة على الأرض يرسم طبيعة العلاقات في الشرق الأوسط.

وهنا يمكنني القول إن الموقف الايراني الروسي له دور في لجم الإندفاع والتهور التركي الأميركي تجاه العديد من الملفات الدولية المعقدة، وتجاه العديد من المواضيع المثارة على كل المستويات الأممية.

وفي جانب اخر من الحوار سلط الدكتور الزعبي الضوء على اكتشافات الغاز في منطقة شرق المتوسط وقال: تسببت اكتشافات الغاز في منطقة شرق المتوسط في تصاعد حدة التوترات الإقليمية التي تُنذر باحتمالات حدوث مواجهات عسكرية بين الدول المطلة على المتوسط، حيث تسببت الصراعات على تقاسم مناطق الاستكشاف وترسيم الحدود ومسارات أنابيب التصدير والتنافس بين المراكز الإقليمية للطاقة في تغيير خريطة التحالفات الإقليمية، وتصاعد التحفز العسكري بين مختلف الأطراف في المتوسط، وصعود حدة التهديدات الجيوسياسية في المنطقة، مما قد ينعكس سلبًا على عمليات الاستكشاف إذا ما تسببت التوترات في عرقلة أنشطة التنقيب والإنتاج أو إعاقة تأسيس مسارات للتصدير للقارة الأوروبية مستقبلًاومن هنا كانت أحد أسباب الحرب على سوريا كان رفضها مد خط أنابيب الغاز القطري إلى أوروبا عبر تركيا لإفشال الخط الروسي.

بالتالي إن استمرار الازمة في سورية يعوق عمليات التنقيب للاستفادة من الغاز القابع في مياه شرق البحر المتوسط.كما توفر هذه الاكتشافات مصادر طاقة للدول المنطقة التى تعاني من عجز كسوريا، كما أنه يغذي محطات الكهرباء والصناعات الثقيلة ووسائل النقل فيها.كما توفر هذه الثروة الطبيعية فائضا للتصدير، كما في حالة سوريا التي تملك احتياطيا في باطن الأرض كافيا للاستهلاك.

وتزامنا مع هذه المستجدات الأخيرة،تتمسك تركيا بالسيطرة على مناطق معينة في سوريا، لضمان استمرار سرقة نفطها والتحكم بالممرات البرية في شرق سوريا لذلك يحاول أردوغان تبرير سرقته للنفط، بذريعة محاربة الإرهاب، بينما أردوغان نفسه أعلن في أكثر من مرة بأنه يريد النفط السوري، من الواضح أن هذا التخبط في سياساته الخارجية ليس بالأمر الجديد، كما ترى أنقرة في تواجدها شرق سوريا ورقة يمكن أن تستخدمها لتأمين مصالحها في أي تسوية للأزمة السورية مستقبلا، بعد ان فقدت كل أوراقها هناك بفضل صمود الجيش العربي السوري.

مجملاً… يتعين على الحكومة السورية استعادة السيطرة على جميع المنشآت النفطية في شمال شرق سوريا، لأن شعب سوريا يدرك أن أمن وطنه واستقراره “خطان أحمران” لا يمكن تجاوزهما لأن من أغوتهم دعوات الفوضى والتخريب، تعلموا من التجارب المريرة أن التفريط في الوطن خيانة كبرى، لذلك سيبقى أمن الوطن واستقراره فوق كل اعتبار، وسيواصل الشعب دعم جيشه وقيادته لاستكمال خط العبور إلى مستقبل عريض، يأبى الشرفاء التفريط فيه.

مجملاً….إن الضغوط والعقوبات لن تؤثر كثيرا على سورية، لأنها واقعة ومنذ سنوات تحت مجموعة من العقوبات الأمريكية نجحت في امتصاص آثارها رغم الحرب المستمرة منذ سنوات طويلة، أيضا تستطيع روسيا والصين وإيران أن تلعبان دوراً كبيراً، لأنهما منذ البداية وقفا إلى جانب سورية، وبالتالي فإن تأثير أية عقوبات محتملة سيكون ضئيلاً بالنسبة لها.

 

*الحوار من: ليلى.م.ف

رایکم