على مشارف انتهاء الاسبوع السادس من العملية العسكرية المستمرة في الاراضي الاوكرانية، تواصل القوات الروسية اعادة تموضّع وحداتها المنتشرة في العمق الااوكراني، تمهيداً لاطلاق المرحلة النهائية من عملية تحرير جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين الواقعتين في اقليم دونباس شرق البلاد، وتأمين آخر الطرق البرّية التي تربط هذا الاقليم بالأراضي الروسية، عبر مدينة ماريوبول، لا تزال تشهد معارك عنيفة داخل أحيائها، بهدف احكام السيطرة عليها، من قبل القوات الروسية.
اعادة تموضع القوات الروسية، قابله محاولات من السلطات الاوكرانية، لتحقيق انتصار معنوي عبر اتهام الوحدات الروسية، بارتكاب جريمة بحق قاطني مدينة بوتشا، التي انسحبت منها هذه القوات نهاية شهر آذار/مارس الماضي، واستغلال هذا الموضوع للمطالبة بتشديد العقوبات على روسيا.
وقد رفضت موسكو بدورها الاتهامات الاوكرانية، بقتل قواتها مدنيين في بلدة بوتشا في مقاطعة كييف. ولفتت وزارة الدفاع الروسية الى أنّ الأدلّة على الجرائم المرتكبة في بوتشا تمّ اعدادها بعد وصول ضباط المخابرات الأوكرانية لعرضها على سائل الإعلام التابعة لكييف، وأشارت الى تعرّض الأحياء الجنوبية للمدينة للقصف المستمر من قبل الجيش الأوكراني باستخدام مدافع ثقيلة ودبابات وراجمات صواريخ، واصفة اتهامات كييف بالعمل الاستفزازي.
وضمن خطتها لاعادة التموضع، استكملت القوات الروسية انسحابها من مدينة تشيرنيهيف، الواقعة شمال كييف على نهر دنيبر، والتي كانت تشكل نقطة التقاء للقوات المتقدمة من الشمال والشرق باتجاه العاصمة كييف، والذي تزامن مع اعلان عمدة مدينة سومي الواقعة على الحدود مع روسيا، ديميترو زيفيتسكي، أن القوات الروسية بدأت بالانسحاب من المدينة، وأنّ المركبات التي دخلت الىى المدينة عبر ممر من كييف وتشيرنيهيف، عادت باتجاه روسيا.
وكانت هذه المدينة التي شهدت معارك عنفية في بدايات العملية العسكرية، قبل السيطرة عليها من القوات الروسية، شكّلت ممراً رئساً للقوات المتقدمة الى كييف عبر محورين متوازيين، الأول من سومي باتجاه كونوتوب ووصولاً نزهين ونويفكا، ومنها الى بروفاري التي تبعد عشرين كيلومترًا من العاصمة كييف، حيث تلتقي بالقوات المتقدّمة من المحور الثاني للجبهة التي تنطلق من مدينة سومي باتجاه مدينة رومني ومنها الى بريلوكي، لتلتف هذه القوات من بروفاري باتجاه القرى الواقعة جنوبي كييف وشمالها. وفي آخر التطورات الميدانية على الجبهة الشمالية الشرقية، توغلت وحدات قوات جمهورية لوغانسك الشعبية إلى عمق كيلومترين وأغلقت قرية "نوفوتوشكوفسكويه" من الشرق والجنوب، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع الروسية.
على الجبهة الجنوبية الشرقية، تمكنت وحدات من قوات جمهورية دونيتسك الشعبية من اخترق تحصينات القوات الاوكرانية، والسيطرة على قرية "نوفوباخموتوفكا"، في حين استمرت المعارك الدائرة في مدينة ماريوبول الاستراتيجية، الواقعة على بحر آزوف، والتي تسعى القوات الروسية من خلال السيطرة عليها الى احكام السيطرة البحرية على السواحل الجنوبية المطلة على بحر آزوف، فضلاً عن تأمين ربط المناطق الواقعة في اقليم دونباس الذي يضم جمهورتي لوغانسك ودونيتسك الشعبيتين، بالأراضي الروسية عبر شبه جزيرة القرم المستقلة.
وعلى المحور الثاني من الجبهة الجنوبية الشرقية، تواصل القوات تقدّمها من خيرسون باتجاه مدينة ميكولايف الواقعة شمال غرب خيرسون، آخر مدينة تفصل القوات الروسية عن مدينة اوديسا، والتي لا تزال تشهد معارك مع القوات الاوكرانية.
وفي سياق متّصل، أعلنت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني إيرينا فيريشوك، إجلاء 2694 شخصًا عبر الممرات الإنسانية في أوكرانيا، بينهم 469 من سكان ماريوبول سافروا بمركباتهم الخاصة عبر ممرات إنسانية من ماريوبول وبيرديانسك إلى مدينة زاباروجيا، كما تم إجلاء 1467 شخصًا من منطقة دونيتسك، معلنة عن وصول7 حافلات برفقة وفد من اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى مدينة مانهش. كما أعلن عن وصول المئات من اللاجئين الأوكرانيين إلى العاصمة البولندية وارسو، وأظهرت اللقطات الوافدين الجدد في محطة القطار المركزية في وارسو، حيث تستضيف بولندا حاليًا أكثر من 2.36 مليون لاجئ أوكراني على أراضيها، وفقًا لأرقام الأمم المتحدة.
واستكمالا لضرب المنشآت العسكرية الاوكرانية، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أن الطيران الروسي قام بقصف 14 منشأة عسكرية أوكرانية جديدة، من بينها موقعان للقيادة، وقاذفان لأنظمة الصواريخ المضادة للطائرات، وبطارية مدفعية، ومستودعين لأسلحة وذخائر الصواريخ والمدفعية، وثلاثة مستودعات للوقود، فضلاً عن ستة معاقل ومناطق تمركز المعدات العسكرية للقوات الأوكرانية، كما تمكنت اأنظمة الدفاع الجوي الروسية من اسقاط ست طائرات مسيرة للقوات الاوكرانية في أجواء مناطق نيكولاييف، خيرسون، كوراخوفكا، إندستريالنو، فيليكا نوفوسيلكا. وارتفعت حصيلة الخسائر العسكرية الاوكرانية "القوات الروسية 386 طائرة بدون طيار و224 منظومة صواريخ مضادة للجو فضلا عن 1918 دبابة و 209 راجمات صواريخ، وفق ما أفادت وزارة الدفاع الاوكرانية.
وكانت القوات الروسية، حققت عدّة انجازات ميدانية في المرحلة الاولى من العملية العسكرية، لاسيما للربط بين المناطق الجنوبية الشرقية بالشمالية الشرقية، والتمدّد منها باتجاه العاصمة كييف مرورا بمناطق العمق الاوكراني، المحيطة بنهر الدنيبر، معتمدة على حصار المدن الكبرى، من دون الدخول في حرب شوارع مع القوات الاوكرانية، قبل ان تعيد الانسحاب من بعض هذه المناطق، في اطار اعادة التموضع، والتركيز على استكمال السيطرة على المناطق الشرقية والجنوبية.
وترافق ذلك مع بتوسيع هذه القوات نطاق الأمان حول اقليم دونباس الذي يضم جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك الشعبيتين، اضافة الى احكام الطوق البحري على السواحل الجنوبية، فضلاً عن ربط هذه المناطق المتاخمة للاراضي الروسية، بشبكة من الطرق البرية الآمنة، كما كثّفت هذه القوات الضربات الجوّية على المنشآت والبنى التحتية العسكرية الاوكرانية، بهدف شلّ حركتها المتزايدة، في مواجهة تدفق منظمومات الصواريخ المضادة للمدرعات والدبابات، والتي يتم تزويد اوكرانيا بها، من قبل دول حلف الشمال الاطلسي.
المصدر:يونيوز