أكّدت الإدارة الامريكية على لسان رئيسها جو بايدن منذ أشهر، أنّ الولايات المتحدة الأمريكية ستدافع عسكرياً عن تايوان، إذا ما شنّت الصين هجوماً على هذه الجزيرة التي تعتبرها جزءاً لا يتجزأ من أراضيها. وأثارت تعليقات بايدن إدانة سريعة من قبل بكين، والتي أعلنت أنه لا يوجد مجال للصين لتقديم تنازلات بشأن قضية تايوان. حاول مسؤولو البيت الأبيض التراجع عن تصريحات الرئيس في الأيام التالية، موضحين أن بايدن لم يعلن عن أي تغييرات في سياسة واشنطن الراسخة بشأن تايوان، والتي تتضمن في طياتها الاعتراف بمبدأ الصين الواحدة.
تتنامى مخاوف الولايات المتحدة الأمريكية تجاه مستقبل تايوان في ظل التوتر العسكري مع الصين، والذي بلغ أسوأ مستوياته منذ أكثر من 40 عاماً، وفقاً لتصريحات وزير دفاع تايوان بعد أيام من تحليق أعداد قياسية من الطائرات الصينية في منطقة الدفاع الجوي للجزيرة مطلع أكتوبر 2021. وما يزيد من المخاوف وجود تقديرات بأن الجيش التايواني لا يستطيع بمفرده الصمود أمام هجوم صيني بمفرده. تعكس الأزمة الأخيرة بين الولايات المتحدة والصين تصاعداً للتوتر بين الجانبين، والتي لا تقتصر على جزيرة تايوان وحدها، ولكنها تمتد إلى محاولة واشنطن بناء تحالفات عسكرية لتطويق الصين.
عدّة عوامل مرتبطة بهذه الازمة وبإمكانية الصراع بين الولايات المتحدة والصين على هذه البقعة الاستراتيجية والجغرافية الهامة، إضافة الى العامل الاقتصادي والعسكري. من هنا ينطلق الحديث عن إجراءات الردع الامريكية تجاه الصين، مع ضبط استراتيجيتها في غرب المحيط الهادئ، والتساؤل حول موازين القوى في الصراع الحالي، ومستوى الصراع والى أي مدى يمكن ان تنجح الولايات المتحدة في تثبيت الردع في مواجهة أي تحرك من قبل الصين باتجاه السيطرة الكاملة على تايوان.
لا ينفصل الموقع الجغرافي لتايوان عن واقع الانتشار العسكري الأمريكي في المحيط الهادئ وشرق آسيا على سلسلة الجزر الأولى. فتايوان حلقة ربط أساسي فيها وقد وصفها الأدميرال الأمريكي الذي كان يشغل مدير العمليات البحرية بين أعوام 1942 ـ 1945 بأنها " سدادة الزجاجة " في إشارة الى أهميتها الإستراتيجية فهي على بعد 110 ميل من البر الصيني، و1300 من طوكيو، و6500 ميل عن سان فرنسيسكو ومحاطة ببحري الصين الشرقي والجنوبي الذين تعادل مساحتهما ضعفي البحر المتوسط.
ففي حال قيام الصين بمهاجمة تايوان فإن الميزان الجغرافي هو لصالحها لأن المسافة القريبة تسهل عملية نقل القوات وإمدادها اللوجيستي وسرعة الاستجابة للمناورات البحرية ودعم القوات المهاجمة من المنصات البرية.
من ناحية الأمريكيين فإن تواجدهم على سلسلة الجزر يؤدي دور الدعم المتقابل وهم يدركون أن سقوط الحلقة الأهم يؤدي إلى تداعي كامل السلسلة وهم يعززون تواجدهم ويطورون تعاونهم مع الحلفاء وخاصة اليابان ففي هذا الوقت الذي تعمل فيه كل من الصين والولايات المتحدة في المنطقة الرمادية ويحاول كل منهما إمساك عدد أكبر من أوراق القوة وتحصين أوضاعهم القانونية ،فمثلا هناك صراع بين الصين واليابان على جزر سينكاكو/ ديايو الواقعة شمال شرق تايوان وجنوب غرب مقاطعة تايوان ومساحتها حوالي 7 كلم مربع وهي مرتبطة بسلسلة جزر صغيره تدعى جزر نانسي يصل عددها الى 200 جزيره تمتد من أوكيناوا الى جزيرة ايشيجاكي التي تبعد عن الصين 306 كلم وبسبب المطالبات الصينية بحقها في جزر سينكاكو عززت الولايات المتحدة واليابان تواجدها هناك ب 40 قاعدة هجومية لردع أي محاولة صينية بالتواجد هناك وتطويق تايوان من جهة شمالها الشرقي.
تعمل الصين على تفكيك الحصار الجغرافي المتمثل بسلسلتي الجزر الأولى والثانية بذكاء وتراكم قوتها وأساليب عملها فهي تنفذ ما يسمى بعقد اللؤلؤ وهو سلسلة من الجزر الاصطناعية تقيمها على الصخور الصغيرة والشعب المرجانية المنتشرة في محيطها البحري وتحولها الى قواعد عسكرية ولوجيستية خاصة في بحر الصين الجنوبي وأشهرها جزر سباركلي والباراسيل. وإن استطاعت الصين احتواء تايوان فإن أول ما تحققه هو أن يصبح مضيق تايوان هو مياه إقليمية صينية، وأن تمتدّ هذه المياه الى شرق تايوان وبعدها 200 كلم من المنطقة الاقتصادية الخالصة وبالتالي تكون قد حولت تايوان إلى رأس جسر استراتيجي يخترق سلسلة الجزر الأولى ويكسرها ويعزل الجزء الشمالي عن الجزء الجنوبي ويعطي البحرية الصينية حرية عمل أكبر بعيدا عن المراقبة المباشرة من البحرية الأمريكية ويضيق عليها مساحة العمل ويحقق التماس مع سلسلة الجزر الثانية. فالاستراتيجيون الصينيين يصفون تايوان بأنها العقدة الأولى في سلسلة الجزر، وزملاؤهم الأمريكيين يصرحون بأن أفضل اسلحتهم لن تكون ذات قيمة من دون تايوان.
إن الوضع الحالي في سلسلة الجزر الأولى وفي تايوان على وجه الخصوص يمثل قمة التدخل الأمريكي لمنع سيطرة الصين عليها، وكل محاولات الصين بخرق هذا الوضع يواجه أمريكيا بكافة الوسائل التكنولوجية والاقتصادية والعملياتية والحضور العسكري الدائم، وذلك يمثل حالة الردع القصوى.
خريطة سلسلة الجزر الأولى والثانية:
يجب فهم طبيعة الحالة الاقتصادية التايوانية من ناحية الاقتصاد الصيني بما يشكله من عامل جذب للشركات التايوانية واستثماراتها إضافة الى ان هناك اتفاق إطار اقتصادي بين تايوان والصين، بحيث أصبحت الصادرات التايوانية إلى الصين حوالي 50%، وتستورد الصين الرقاقات الإلكترونية التي تتميز تايوان بإنتاجها على الصعيد العالمي وهذا النوع من الصناعات التايوانية هي مهمة جدا للصين.
ورغم أن تايوان تتمتع باقتصاد قوي ومميز ومنتج إلا أنها كبقية الدول المجاورة لها ليس لديها الاستقلالية في مجال الطاقة وهي تستورد 98% من حاجياتها النفطية، و65% من حاجياتها الغذائية ما يشكل نقطة ضعف قوية لها لكونها جزيرة وتعرضت لحصار صيني يمنع الإمداد والدعم اللوجيستي الذي يأتيها من اليابان أو استراليا أو غوام والفلبين.
"إذا شنت الصين الحرب على تايوان عليها تحييد مراكز صناعة الرقائق الإلكترونية من الدمار لأنها لا تمتلك حاليا نفس نوع هذه التقنيات والمصانع."
"تحوز تايوان مقدّرات اقتصادية وناتجاً محلياً يبلغ نحو 636 مليار دولار، يضعها في المرتبة السابعة ضمن الاقتصاديات الآسيوية، والـ 21 عالمياً، وفق تقديرات صندوق النقد الدولي، وتشتهر بموقعها المتقدّم على خارطة الصناعات التكنولوجية، والتي تتضمن صناعة الهواتف الذكية، والحواسيب، والشرائح الإلكترونية ذات الخصائص المتقدّمة (تصنّعها شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات، وتستخدم في أحدث منتجات شركة آبل)، والتي تبدو الصين متأخرة في الوصول إليها."
وكذلك فإن الولايات المتحدة تعتبر تايوان شريكا اقتصاديا مهما لها في المجال التقني، وفي شرائها للسلاح الأمريكي الباهظ الكلفة، وهي سوق مهم للصناعات العسكرية الأمريكية.
لذا فإن أي عمل عسكري يحصل تجاه تايوان يأخذ بعين الاعتبار مدى التأثير والارتباط الاقتصادي بين الأطراف الثلاثة الولايات المتحدة ـ تايوان ـ الصين.
في تشرين الثاني 1954 حاصر جيش التحرير الشعبي قاعدة يايجيانغشان الواقعة في أقصى الطرف الشمالي لجزيرة داشن وهي جزيرة قريبة من البر الصيني، ونفذ الجيش الصيني عملية غزو ناجحة في 18 كانون الثاني 1955، وردا على ذلك دخلت البحرية الامريكية الى المنطقة ب 70 قطعة بحرية بينها 7 حاملات طائرات ونفذوا عملية اخلاء ل 15000 من سكان الجزيرة و11 ألف جندي مع معداتهم الى تايوان.
*(في آذار 1955 أقرت واشنطن معاهدة دفاع مشترك مع تايبه، ووافق الكونغرس على منح الرئيس آيزنهاور صلاحيات خاصة للدفاع عن تايوان).
في آب 1958 شن الجيش الصيني هجوما مفاجئا على جزر كينمن بحيث تم إمطار الجزر بعشرات آلاف القذائف تمهيدا لإنزال برمائي وفشل الهجوم نتيجة الأنفاق والتحصينات التي أقامها التايوانيين التي حمتهم من موجة القصف التمهيدي وبالتالي تم صد الهجوم البرمائي، وهذه العملية كانت اختبار صيني للمعاهدة الدفاع المشترك بين الولايات المتحدة وتايوان ولرصد رد الفعل الأمريكي في حال تم الاستيلاء على الجزر.
أثناء الهجوم الصيني أرسلت البحرية الأمريكية أربع حاملات طائرات، وعدد كبير من الطرادات والغواصات والبوارج والسفن البرمائية، وتم تجهيز الأسطول بقنابل نووية تكتيكية لصد الموجات البشرية التي تعتمدها الصين في هجماتها التي خبرها الأمريكيين في الحرب الكورية، وشاركت هذه القوات بصد الهجوم الصيني بتوفير الدعم الناري للقوات التايوانية. حصل في هذا الاشتباك قتال جوي وكان التفوق الجوي فيه لصالح تايوان.
عام 1995 وقبل الانتخابات الرئاسية في تايوان أجرت الصين سلسلة من المناورات البحرية ذات طابع هجومي في محيط تايوان وأطلقت صواريخ قبالة الشواطئ التايوانية، وكان الرد الأمريكي بأن أرسل الرئيس كلينتون مجموعتين من حاملات الطائرات الى المياه القريبة من تايوان وعندها أرسل الصينيون تهديدا ضمنيا باستهداف لوس أنجلس بالسلاح النووي.
في عام 1996 عملت الصين على إعادة ضبط المنطقة الشرقية اقتصاديا وعسكريا وحصنت سواحلها وعززت دفاعتها البحرية، وفي المقابل فإن الولايات المتحدة عززت تواجدها العسكري والاستخباري والدبلوماسي في تايوان.
إن الفجوة في القدرات العسكرية بين تايوان والصين كبيرة وآخذة في الاتساع وتايوان لا تستطيع الدفاع عن نفسها بدون الولايات المتحدة، ولأن مصالح الولايات المتحدة هو بقاء الوضع على ما هو عليه يجب عليها أن تظهر أنها على استعداد دائم للتدخل عسكريا وأن تعزز قدراتها الخاصة في الدفاع عن تايوان بالطريقة التالية:
ـ تسليحها بالصواريخ الموجهة والطائرات بدون طيار وأنظمة الدفاع الجوي المتنقلة والأنظمة المضادة للدروع.
ـ نقل المعلومات الاستخبارية والأمنية الى تايوان الخاصة بالتحركات الصينية.
ـ وضع تايوان تحت المظلة النووية الأمريكية.
ـ انتشار تدريجي للقوات البحرية والجوية متناسب مع أي تحرك صيني.
ـ إرسال قوات خاصة لتدريب القوات التايوانية وتطوير أساليبها القتالية ومساعدتها في الدفاع عن نفسها.
ـ اعتماد سياسة الغموض الإستراتيجي فيما خص التدخل العسكري لصالح تايوان.
*إن أساس منع الصين من غزو تايوان هي جعل الصين في حالة عدم ثقة في نجاحها وتدفّعها تكاليف باهظة الثمن في حال التوغل.
تحدث الأدميرال جاري روجيد وهو قائد سابق للأسطول السابع، ومدير للعمليات الحربية( 2007 ـ 2011 ) بأن الإستراتيجيين الأمريكيين لديهم مفهوم مختلف عن ما يجري على أرض الواقع، فهم لديهم رفاهية الشرح في العموميات بينما القيادات التي تعمل على الأرض لديها منظور مختلف وهذا ما يتعاملون معه في الحالة التايوانية وطبيعة الانتشار والمناورات العسكرية التي يجب عليهم تنفيذها هناك ويشير إلى إن عقدين من الحرب في الشرق الأوسط لم تهيء الولايات المتحدة للبيئة الجوية والبحرية المعقدة في المحيط الهادئ وإن طبيعة الحركة في الشرق الأوسط مختلفة ، فالمسافات البعيدة هناك تشكل عامل ضغط لوجيستي خاصة في وقت النزاع. لذلك يجب تبني مفاهيم وتقنيات وأنظمة جديدة على وجه السرعة في منطقتي الهادئ والهندي وإعادة صوغ معادلة تايوان. ويجب أن تكون كافة القدرات العسكرية التايوانية قابلة للدمج مع أنظمة الدفاع الجوي الأمريكي والصاروخي وأنظمة إدارة المعارك والشبكات اللوجستية، وإقامة جدار دفاعي نظام دفاعي ساحلي متكامل ضد السفن بصواريخ موجهة وتحويل مناطق الإنزال الى مناطق قتال. كما يجب إنشاء مقر جديد لقيادة القوات الأمريكية في الهادئ وشرق آسيا وإشراك اليابان واستراليا كقوى رئيسية وليسوا مراقبين وتطوير منظمات القيادة والسيطرة ومبادلة المعلومات الاستخبارية العسكرية وغير العسكرية ذات الصلة بالنشاط الحالي الذي يعتبر نشاط في المنطقة الرمادية
وأشار الأدميرال إلى ثغره كبيرة في موضوع الشحن اللوجيستي العسكري فالولايات المتحدة تعتمد في عمليات الشحن اللوجيستي على الشركات العالمية، وعدد سفن الشحن الأمريكية الخاصة يبلغ 99 سفينة يمكن استدعاء 60 منها في حالات الطوارئ العسكرية.
إضافة الى العدد القليل فإن متوسط عمر هذه السفن يبلغ 45 عاما لذلك فإن فاعليتها لن تكون كاملة ويتوجب على الولايات المتحدة شراء سفن جديدة خاصة أن الصين تستطيع أن تضغط على شركات الشحن العالمية لمنعها من إمداد تايوان. فعلى أسطول الشحن جاهز ولديه استجابة سريعة في حالات الطوارئ وأن يكون قريبا من مناطق الاشتباك ومتعدد في مصادر الإمداد.
كون الأمريكيين تجربة خاصة لهم في المحيط الهادئ ومنطقة شرق آسيا مع ثلاث حروب خاضوها هناك وهي الحرب مع اليابان أثناء الحرب العالمية الثانية، والحرب الكورية، والحرب الفيتنامية. واستخلصوا من هذه الحروب دروس ترسخت في عقيدتهم العسكرية بشكل قوي فهم يعرفون جيدا تكاليف الحرب وعندهم دراسات تبين في الحد الأدنى مدى الربح والخسارة من الناحية الاقتصادية والإستراتيجية.
إن الهدف الأساسي من الانتشار العسكري الأمريكي في العالم ككل وفي المحيط الهادئ بشكل خاص هو تنفيذ سياسة الردع المسبق لقيام أي قوة تنافس الولايات المتحدة فالمثال الياباني قبل الحرب العالمية الثانية كان من أهم الدروس التي فهمتها الولايات المتحدة من ناحية قدرة دولة على بناء قوة عسكرية متفوقة جدا ولها حرية الحركة البحرية، وإن الخسائر التي تكبدتها في حربها مع اليابان لم تكن لتتوقف لولا استعمال السلاح النووي، ومع امتلاك الصين السلاح النووي ودخول دول عديدة ضمن هذا النادي أجبر الولايات المتحدة على وضع استراتيجية يكون استعمال هذا السلاح شبه خارج عن الخدمة اذا دخل ضمن حسابات الضربات النووية المتبادلة.
ومع توسع وتركيز انتشار القواعد العسكرية الأمريكية في جوار الصين التي رسمت نوع من حصار القوة العسكرية الصينية التي لا تستند على قواعد جزرية، ووضعت كل الحركة البحرية الصينية تحت رقابتها كل الوقت، أطلقت الصين مشروع بناء قوتها البحرية لتوازي القوة الأمريكية كخطوة أولى وثانيا العمل على كسر سلسلة القواعد الأمريكية التي تطوقها، وتايوان هي الثغرة الأولى التي تستطيع أن تعمل عليها بحيث أن لها القدرة القانونية على الادعاء بأنها أرض صينية ويجب أن تكون تحت سيطرتها القومية.
يبقى السؤال هل تهاجم الصين تايوان ومتى؟؟ وهل تدافع الولايات المتحدة عن تايوان وكيف؟؟
الصين والولايات المتحدة كقوى عظمى وخلال العقد الأخير يعيشان حالة من انتظار تغيير إستراتيجي ما عند كل منهما لتغيير الوضع القائم، فالأمريكيين أخذوا في الاعتبار عاملين اثنين ينزعان العدائية الصينية تجاه تايوان أولهما حالة الثراء الاقتصادي التي ستحققها الصين خلال هذه المرحلة، والعامل الثاني ضمور الاقتصاد الصيني نتيجة الوضع الديموغرافي وتحول المجتمع الصيني إلى مجتمع هرم، فالأمريكي يراهن على الانحدار الديموغرافي والاقتصادي للصين قبل 2035 ولأجل هذا الموضوع عدلت الصين هذه السنة قانون الإنجاب وسمحت للمواطنين بإنجاب أكثر من طفل .
أما الصين فإن ما تفعله خلال هذه الفترة هو:
_ تعزيز قدراتها العسكرية البحرية والجوية والبرية، وتطوير قدراتها التكنولوجية والصاروخية، والدخول في سباق تسلح ينهك الولايات المتحدة اقتصاديا.
_ إنهاك تايوان بتحرشات عسكرية دائمة، وإجبارها على استهلاك معداتها العسكرية التي تشتريها من الولايات المتحدة. " تقوم القوات الجوية الصينية دائما وفي مناسبات مختلفة بطلعات جوية وبعدد كبير من الطائرات تخترق مجال الدفاع الجوي التايواني تتخذ طابع هجومي وتضطر تايوان لتشغيل طائراتها وكافة أجهزتها مما يحملها كلفة اقتصادية مرتفعة وتستهلك طائراتها الحربية بساعات طيران طويلة، وكذلك أنظمة دفاعاتها الجوية"
_ العمل على الداخل التايواني، وإيجاد قوى موالية لها.
_ هجمات سيبرانية، وإعلامية ونفسية بشكل دائم ويومي.
_ قيام القوى البحرية والجوية الصينية باستفزاز القوات الأمريكية والتحرش بقطعها البحرية، وإرسال الميليشيات البحرية لمراقبة السفن الأمريكية عن كثب.
_ بناء قواعد عسكرية على الصخور والشعب المرجانية أينما استطاعت في بحر الصين الجنوبي.
_ العمل على الشركاء الاقتصاديين للولايات المتحدة وإغراقهم بالاستثمارات في محاولة فك تلك الشراكات وإضعافها وهذا ما حصل مع فيتنام والفلبين.
هذه الأمور يطلق عليها الإستراتيجيين العمل في المنطقة الرمادية أو الحرب الباردة بين الصين والولايات المتحدة. وقد بدأ الحديث والبحث في الداخل الأمريكي عن جدوى الدفاع الأمريكي عن تايوان، ففي حوار نشرته صحيفة فورين بوليسي مع ماثيو كروينيغ نائب مدير مركز سكوكروفت للاستراتيجيات والأمن التابع للمجلس الأطلسي تحت عنوان هل الدفاع عن تايوان يستحق المخاطرة ؟؟؟ يقول كروينيغ:" إن الأهمية الاستراتيجية لتايوان بالنسبة للولايات المتحدة ليست كافية حتى للمخاطرة بحرب مع الصين"
وفي مقال لجاكلين شنايدر نشرته صحيفة "وور إن ذا روكس" بتاريخ 30 نوفمبر 2010 بعنوان الحرب على تايوان الحقيقة غير المريحة للجيش الأمريكي أشارت المقالة الى عدة أفكار منها أنه كان من المحرمات على المسؤولين الأمريكيين مناقشة موضوع الدفاع عن تايوان علنا ثم تساءلت عن شكل التدخل الذي سيحصل هل هو دعم ناري بعيد، أو استشارات عسكرية، أو تواجد لقوات أمريكية على الجزيرة للدفاع عنها أو استعادتها في حال احتلتها الصين، واحتمالية تطور الصراع بين دولتين مسلحتين نوويا. لذا يدرك الأمريكيين جيدا أن تايوان ساقطة عسكريا أمام الصين لكن المشهد الحالي يقول بأن الصين ليست في عجلة من أمرها لاتخاذ خطوة الغزو العسكري وهي لن تحدث إلا في حال اتخاذ تايوان خطوات عدائية تجاه الصين أو كسر الاتفاق الضمني الذي يفرض على الولايات المتحدة إلزام تايوان بعدم إعلان استقلالها أو أي إجراء بهذا الاتجاه. " نقلا عن الصحيفة"
ومع مرور الوقت وتضخم القوة الصينية وتحولها إلى قوة تعزز محيطها الإستراتيجي فهي تعمل كقوة مطاردة للقوة الأمريكية في غرب المحيط الهادئ، كما أنّ ظهور قوى أخرى بدأت تواجه القوة الأمريكية على مستوى العالم كإيران في غرب آسيا أو كما يحدث الآن مع روسيا في شرق أوروبا أو حدوث حرب في أي من البقعتين قد يضطر الأمريكيين إلى إعادة انتشار قواتهم التي نقلوها الى المحيط الهادئ، وعندها قد تستغل الصين الأحداث والمتغيرات الدولية لغزو تايوان وعدم قدرة الولايات المتحدة على تقديم الدعم اللازم لها. وأمام حسابات خسارة تايوان وتمدد الحرب مع التكاليف التي يجب عليها أن تدفعها فإنها قد تتخلى عن تايوان، خاصة أنه في معظم الحالات التي تدخلت فيها الولايات المتحدة لصالح حلفائها لم يكن تدخلا مباشرا بل كان تدخلها في أقصى الحالات دعم بالنيران وإمداد لوجيستي، وبشكل عام فإن الصينيين لن يهاجموا تايوان ما لم يتأكدوا أن الولايات المتحدة لن تدافع عنها، وهذا يعتمد على ما إذا كانت تمتلك القدرة الكافية لمساعدة تايوان في صد هجوم صيني ناجح، فمن المتصور أن أي هجوم صيني سيكون مدمرا لكل شيء في تايوان، وقد تنظر الصين على أن الضرر الهائل الذي ستحدثه سيكون مقبولا مقابل الاستيلاء على الجزيرة مع الأخذ بعين الاعتبار أن الهجوم سيدمر الصناعات العالية التقنية التي ترغب الصين بالوصول إليها. وبالقدرة النارية الهائلة والصواريخ الباليستية تستطيع الصين أن تدمر كل الأصول العسكرية الأمريكية في محيطه وقد تمتنع عن مهاجمتها في حال قبلت أمريكا بهزيمة تايوان، وقد يذهب الأمريكيين عندها للمفاضلة بين ترك تايوان تواجهه مصيرها منفردة مقابل حرب شاملة.
مصادر:
-Foreign Policy/ Is Defending Taiwan Worth the Risk? / OCTOBER 8, 2021
-The diplomat/ Bolstering Taiwan’s Last Line of Defense/ By Ian Easton and Dee Wu/ June 15, 2017.
-hoover institute/ Will America Defend Taiwan? Here’s What History Says/ by Ian Easton//June 30, 2021.
-Hudson institute/ Defending Taiwan: What Should the U.S. Do? / China Invades Taiwan / Ted Halstead.
72عاماً من الجغرافيا القلقة. هل ينفجر الصراع بين الصين وتايوان؟
محمد عيسى /المصدر: الميادين نت/9 تشرين ثاني 2021 12:09
المصدر:مركز الاتحاد للأبحاث والتطوير / محمد ابراهيم