۳۰۵مشاهدات
رمز الخبر: ۵۵۶۴۳
تأريخ النشر: 16 August 2021

عقب عشرين عاما على الغزو الاميركي لافغانستان وانسحابها المفاجئ من هذا البلد وصلت طلائع طالبان الى العاصمة كابول، فماهي حقيقة التراث الاميركي بهذا البلد؟ ولماذا انسحب الجيش الافغاني من محافظات البلاد بكل بساطة وترك طالبان تدخل مدن البلاد دون قتال؟

للاجابة على هذه الاسئلة لابد لنا من العودة الى اسباب الغزو الاميركي حيث ادّعت واشنطن إبان الغزو أنها تريد القضاء على الجماعات الارهابية بأفغانستان عقب هجمات سبتمبر2001 وبذلك وضعت نهاية لحكومة طالبان وأعلنت الانتصار عليها إبان حكومة بوش الابن. أما اليوم صرح الرئيس الاميركي جو بايدن "إن الوقت قد حان لوضع حد لأطول حرب خاضتها الولايات المتحدة في تاريخها"، مؤكدا ان "القوات الاميركية والناتو ستكون خارج افغانستان قبل إحياء الذكرى العشرين لهجوم 11 سبتمبر" كما أعلنت ذلك بلدان الناتو المشاركة في الغزو.

أميركا أكدت على لسان مسؤوليها ان الانسحاب من أفغانستان لن يكون مشروطاَ، ويأتي قرار جو بايدن في سياق اتفاق سلفه ترامب مع طالبان على الانسحاب حتى الأول من ايار/ مايو إلا أنه إدارة بايدن أجّلته لمدة اربعة اشهر ما أثار سخط طالبان واتخاذها قرار برفض وقف إطلاق النار في جميع انحاء البلاد ومواصلة القتال ضد القوات الحكومية ومطالبتها الرئيس الافغاني أشرف غني بالتنحي عن السلطة.

قرار بايدن أثار دهشة واستغراب الحكومة الافغاني إضافة الى حلفاء اميركا في المنطقة كما أثار الحيرة لدى أوساط المحللين السياسيين في شؤون المنطقة حيث فسّروا ذلك بتراجع اميركا عن اهدافها المعلنة وراء الغزو عام 2001 فهاهي حركة طالبان تعود بقوة الى الاستيلاء على معظم الااضي الافغانية ببساطة.

النفقات الباهضة في حرب افغانستان كلّفت اميركا نحو تريليون دولار كحد أدنى مايعني أنفاق 500 مليار دولار سنويا دون احتساب الخسائر البشرية التي تحمّلها الجيش الاميركي وقوات الناتو فيما يأتي الانسحاب دون نتائج ملموسة أو انجازات تذكر.

وفي سياق متصل صرحت رئيسة وزراء استراليا جوليا غيلارد في عام 2011 أن قوات بلادها لن تترك افغانستان كما أكد خلفها توني ابوت ان قواته لن تفر مطلقا الا انها ارغمت على الانسحاب في حزيران/ يونيو الماضي فيما أوردت الاحصاءات أنها أنفقت أكثر من 10 مليارات دولار وانتحر 500 عسكري من قواتها في افغانستان فضلا عن مقتل 41 واصابة 260 جنديا.

وقال الادميرال الاسترالي المتقاعد كريس باري: أننا ننسحب من افغانستان دون تحقيق أي نتائج من تواجدنا على مدى 20 عاما، فيما كانت تدّعي اميركا أن غزوها يأتي بهدف القضاء على المجموعات الارهابية كالقاعدة وطالبان.

الرئيس الاميركي جو بايدن تذّرّع في سحب قوات بلاده بأنه لايريد تقرير مصير افغانستان بالنيابة عن شعبه، وهكذا فإن واشنطن لاتجد أية صعوبات في اختلاق مثل هذه الذرائع سواءً في الغزو أو الانسحاب كما حدث في العراق وليبيا وبلدان أخرى لكنّ مايثير قلق حلفاء أميركا هي أنها لن تكترث بهم وتسلمهم لخصومهم اذا اقتضت مصالحها كما تفعل الآن مع حكومة كابول.

وعلى الصعيد الداخلي الافغاني لم يجن الشعب شيئا من وراء الغزو فلا طرق ولامدارس ولامستشفيات ولابنى تحتية ولااقتصاد بل يثير انسحاب الجيش الافغاني من معظم محافظات البلاد الريبة والشبهات حيث تقول طالبان أنها باتت تسيطر على 85 بالمئة من مساحة البلاد، فيما كانت تقول واشنطن ان الجيش الافغاني قادر على التصدي لأية هجمات تشنها الحركة ولم يعد بحاجة الى تواجد القوات الاميركية والناتو في بلاده.

ويرى معظم الخبراء في الشأن الافغاني وغرب آسيا ان اميركا التي وجدت نفسها قد خسرت الحرب وباتت عاجزة عن تحمّل المزيد من الاعباء والتكاليف الباهضة دون جدوى لذلك تريد توريط خصومها في المنطقة كايران والصين وروسيا بهذه الحرب ودفعهم الى خوض صراع استنزافي تأييدا لطرف على حساب طرف آخر بهذا البلد من جهة ووضع العراقيل على مشروع الصين الاقتصادي المسمى طريق الحرير وتعريض الامن الحدودي في ايران وروسيا الى المخاطر من جهة أخرى الا ان هذه الدول تدرك جيدا أهداف اميركا في المنطقة وخبث نواياها ولن تنطلي عليها مثل هذه الالاعيب بفضل خطط التنسيق الامني الجارية لحماية مصالحها القومية.

رایکم
آخرالاخبار