۴۹۸۴مشاهدات

واشنطن ... الدور المریب

محمد البحراني
رمز الخبر: ۴۵۶۶
تأريخ النشر: 21 June 2011
شبکة تابناک الأخبارية: منذ بدء "الثورات" في الوطن العربي، حاولت واشنطن أن تسوّق نفسها كراعية لحقوق الانسان، وأنها تكف أيدي الانظمة البوليسية عن شعوبها، وأنها تقف الى جوار المظلوم وتخاصم الباغي... وهكذا دواليك. وقد لعبت الإدارة الامريكية هذه اللعبة في البحرين، فأبدت قلقها من تجاوز حقوق الانسان وأرسلت مبعوثها جيفري فيلتمان ذا الصيت الذائع للعب الأدوار الغامضة والمريبة!

قام فيلتمان بدوره لاقناع المعارضة بأن النظام البحريني ممثلاً بولي العهد سلمان بن حمد آل خليفة سيكون محل ثقة في المرحلة الجديدة، وهو سيكون بمثابة خشبة الخلاص إن التف حوله الشعب ليقوده الى الحرية والأمان والى عهد زاهر يفتح آفاقا جديدة للتطور والنمو في مختلف المجالات، وقد لمس فيلتمان ـ حسب زعمه ـ تلك الرغبة الجامحة والصادقة لدى ولي العهد للاصلاح وللقضاء على الظلم والاستبداد، فالرجل ـ وفق منظور فلتمان ـ مثال للمسؤول الواعي المتسم بالفكر الجديد الذي يحاكي متطلبات العصر!

ووفق تلك الرؤى المزعومة التي شارك فيلتمان في صياغتها وإخراجها ومن ثم ترويجها عبر التأكيد بأن ولي العهد هو البوابة لتحقيق الشعب البحريني أهدافه. وقد رحبت المعارضة بخطوات ولي العهد نحو الحوار وبنقاطه السبع التي تطرح كل شيء على طاولة البحث. وعندما وافقت جمعية "الوفاق" والجمعيات الست الأخرى على تلك " المبادرة" كان دخول درع الجزيرة إلى البحرين.

اقحام "درع الجزيرة" جاء بتواطؤ سعودي ـ أميركي ـ بحريني من أجل سلب الشعب البحريني ورقة الضغط في الشارع، فاستبيح كل شيء وانتهكت الحرمات وهتكت دُور العبادة واعتقل النساء والرجال وقتلت النفس التي كرّمها الله.
 كل هذا يحدث في ظل صمت ولي العهد، الذي كان البعض يتوقع منه أن يكون الظهير الأول للشعب، وصمت كل من فيلتمان ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون فضلاً عن الرئيس باراك أوباما، وعندما ظن الاميركيون والسعوديون والنظام أنهم قد قضوا على الحراك الشعبي أظهر الشعب أنه لن يستسلم أو يركع بعدما استنفدت المهلة التي أعطيت للنظامين البحريني والسعودي.

تحركت ادارة البيت الابيض مرة اخرى مظهرة قلقها، وقال اوباما انه "يرفض المساس بدُور العبادة، وإنه لا يجوز للحوار ان ينطلق ما دام هناك قادة خلف القضبان"... وقام بارسال فيلتمان مرة أخرى إلى البحرين حيث التقى المعارضة من جديد واستكمل ما بدأه سابقاً من تسويق لولي العهد الصامت دهرا، والتسويق لبلاده، وفي الوقت ذاته حاول ملك البلاد إيجاد توازن جديد على الساحة البحرينية ـ هو ليس من الحقيقة في شيء ـ عبر إحياء ما سمي في أيام الاعتصام بالدوار بتجمع الوحدة الوطنية.

محاولة استعادة دور هذا التجمع المزعوم جاءت لإيجاد نوع من التوازن الاعلامي، وهي محاولة تشي بقلة ادراك لوضوح القضية في منابر الاعلام وميادين الاحتجاج. ومضى الملك محاولاً الالتفاف على المطالب مرة اخرى وبالتنسيق التام مع الأميركيين والسعوديين وذلك من خلال إيهام الجماهير بأن ولي العهد لديه طروحات مغايرة، وانه يحظى بدعم واشنطن لأنه جاد في الحوار ويبتغي الاصلاح، واستعان الملك ببث بعض الشائعات التي تروج بين الحين والآخر، لتجميل صورة ولي العهد، ومفادها أن سلمان يحمل روحا تغاير روح أبيه وروح عمه رئيس الوزراء!

بين دجل أمريكا ودجل ولي العهد ودجل أبيه، تتشتت الانظار، لكن الواقع لا ينطلي على أحد، ومهما حاول هؤلاء تقاسم الادوار وفق ظروف المرحلة الحرجة بالنسبة لهم كنظام وحلفاء، فلن يستطيعوا شراء سكوت الشعب بمجرد الحض على معاقبة المنتهكين لحقوق الانسان من ضباط معروفين، فهذا المطلب مهما كان مهما بالنسبة للشعب إلا أنه يشكل خطوة اولى لا يصلح أن تكون يتيمة.

لقد كان من المأمول ان يخضع النظام في البحرين الى اعادة الحسابات وإجراء نقد ذاتي لما اقترفت يداه من ظلم وجور وانتهاكات لحقوق الناس، وكان الاجدر بواشنطن ان تكون أكثر إدراكاً بأن ما تفعله لن يكون كافيا كي تستقر الامور في المنطقة، وان الدعوات الاعلامية لمعاقبة المنتهكين لا تعبّر عن إرادة صادقة في دعم الحريات التي تزعم تبنيها!

هنا يبقى سؤال يطرح نفسه بقوة، ما الذي يرمي إليه مجلس الأمن القومي الامريكي الذي استقبل ولي العهد حيث التقى اوباما الاسبوع الماضي؟ بطبيعة الحال، من المعلوم أنه في مكاتب كهذه لا يمارس شيء من السياسة،
 
بل هناك تصنع المؤامرات الأمنية التي قد تجور على الشعب البحريني كما الشعوب الاخرى، وتحاول أن تسلبه ما بقي له من حقوق، وتهدد وجوده في بلاده!

رایکم