۴۵۰مشاهدات
بينما يقول باحثون بشركة Recorded Future المتخصصة في شؤون الأمن السيبراني، إنهم ما انفكوا يلاحظون تغيراً واضحاً في الخطاب الصادر عن حسابات وسائل التواصل الاجتماعي التي تديرها الصين منذ منتصف فبراير/شباط، إذ تسعى تلك الحسابات بكثافة إلى تحويل السردية “من الصين مصدراً للوباء إلى الصين قائدةً للعالم في جهود مكافحة الفيروس”.
رمز الخبر: ۴۴۸۳۱
تأريخ النشر: 04 April 2020

قالت صحيفة The Guardian البريطانية، الجمعة 3 أبريل/نيسان 2020، إن الصين تكثّف حملاتها الإعلامية الموجهة باللغة الإنجليزية ضمن مساعيها الرامية إلى مواجهة الانتقادات المتعلقة بتعامل البلاد مع أزمة فيروس كورونا، وتسليط الضوء على إخفاقات الحكومات الغربية، وتعزيز مكانة الصين على الساحة العالمية.

تقرير للصحيفة البريطانية أوضح أنه على مدار الأيام الماضية، أخذت الصين عبر ذراعها الإعلامية  Xinhua news agency، تروّج لجمهور المملكة المتحدة، فيما بات يُعرف في أوساط مختلفة بـ”دبلوماسية الأقنعة”، صورَ المساعدات الصينية وصناديق المعدات الطبية التي حملت عبارة “حافِظ على هدوئك، تغلَّب على فيروس كورونا” والتي وصلت إلى مطار هيثرو بلندن يوم السبت 29 مارس/آذار. 

تحويل “الكارثة الوطنية” إلى انتصار عالمي

كما استخدم بعض الدبلوماسيين الصينيين الأصغر سناً اللغةَ الإنجليزية على موقع تويتر، المحظور داخل الصين، لنشر إيحاءات وآراء مضللة بأن الفيروس ربما تكون الدول الغربية هي التي أطلقته لتشويه سمعة الدولة الصينية.

يذهب البروفيسور كيري براون، وهو باحث مشارك في برنامج آسيا والمحيط الهادي بمعهد “تشاتام هاوس” البريطاني للشؤون الدولية، إلى أن الصين تسعى إلى تحويل الكارثة الوطنية التي حلّت بها إلى انتصار عالمي، قائلاً: “إنهم يحاولون الرد على بعض تسييس أمريكا لأزمة كورونا، ويبذلون الجهود للتحكم في السردية المهيمنة قبل أن تخرج عن نطاق السيطرة”.

إذ لطالما اشتكت الصين، التي تهيمن على مؤسساتها دولة الحزب الواحد السلطوية ودائماً ما تقع في أسفل ترتيب “مؤشر حرية الصحافة العالمي” وواجهت مؤخراً ادعاءات متصاعدة بالتعتيم والتقليل من أعداد الإصابات الحقيقية بفيروس كورونا لديها، من التناول غير الحيادي لشؤونها في وسائل الإعلام الغربية، حتى إنها طردت عدداً من الصحفيين الغربيين من أراضيها مؤخراً.

مبالغ طائلة استُثمرت في المؤسسات الإعلامية

استجابةً لذلك التحدي، استثمرت الصين خلال السنوات الأخيرة، مبالغ طائلة من المال في تعزيز مؤسساتها الإعلامية المعنية بنقل أخبارها باللغة الإنجليزية، وذلك لنشر الصورة التي تريدها عن نفسها في جميع أنحاء العالم.

في طليعة تلك الاستجابة، جاءت “CGTN” [تحمل “شبكة تلفزيون الصين الدولية” الاسم ذاته، وهي مجموعة من ست قنوات تلفزيونية متعددة اللغات، من بينها القناة المشار إليها هنا]، وهي قناة تلفزيونية إخبارية مملوكة للدولة الصينية تنطق بالإنجليزية وتبث أخبارها على مدار الساعة، وقد بدأت مؤخراً في البث من مقر بريطاني جديد يقع بغرب لندن، مع التصريح في بيانها، بأنها تتولى مهمة “نقل الأخبار من منظور صيني”.

على الرغم من أن قناة CGTN تواجه تحريات واستجوابات مستمرة من هيئة “أوفكوم” Ofcom البريطانية المعنية بتنظيم خدمات الاتصالات والإعلام في بريطانيا، تتعلق بمدى حياديتها وقضايا أخرى تخص حرية الصحافة، فإن انتقادها للحكومات الغربية أقل صراحة وعلانية من ذلك المسلك الذي تنتهجه شبكات الأخبار الأخرى المدعومة من دول، مثل “روسيا اليوم” Russia Today، أو قناة “برس تي في” Press TV الإيرانية الناطقة بالإنجليزية.

بدلاً من الرد المباشر على الانتقادات، أخذت القناة الصينية تبث على مدار الأسبوع الماضي، مجموعة من القصص الفردية الملهمة عن الأطباء الصينيين الذين يبذلون أرواحهم لإنقاذ حيوات الناس في مواجهة جائحة فيروس كورونا، ومقاطع فيديو للمساعدات الصينية وهي تصل إلى مختلف الدول الأوروبية والإفريقية.

إضافة إلى مشاهد تُظهر شروع الاقتصاد الصيني في التعافي من وطأة الإغلاق العام، إلى جانب مشاهد أخرى غير معتادة، مثل مقطع فيديو لرجل إثيوبي اعتقد أنه قادر على إيقاف العدوى عن طريق وضع ثوم على أنفه!

بعد ظهر يوم الخميس، بثت القناة سلسلة من المقابلات مع دبلوماسيين صينيين وعاملين في مجال الطب من جميع أنحاء أوروبا، وأرفقت المقابلات بمقدمة تتحدث عن كيف “أخذت تجربة الصين في محاربة فيروس (كوفيد-19) تكشف عن أهمية ودروس لا تقدَّر بثمن للبلدان الأخرى التي تسعى إلى احتواء الأزمة”.

أيضاً على مواقع التواصل الاجتماعي

على موقع تويتر، عمد ليجيان تشاو، وهو دبلوماسي صيني شابٌّ كثيراً ما يُشبَّه بدونالد ترامب، بسبب شخصيته المتضخمة ونزعته القومية البادية في منشوراته، إلى نشر روابط لمواقع مختلفة تعرض لنظريات مؤامرة تشير صراحةً أو ضمناً إلى أن الفيروس ربما تكون الولايات المتحدة خلّقته لتستخدمه ضد خصومها.

يعد تشاو أحد هؤلاء الذين يطلق عليهم دبلوماسيون وحسابات إعلامية حكومية لقب “الذئاب المحاربة”، وهو لقب مستمد من فيلم وطني صيني أُنتج عام 2015، وقد تصاعدت لهجته مؤخراً لتصبح أكثر صراحة، خاصة في الدفاع ضد الدعاية التي تتهم الصين بأنها السبب في تفشي الفيروس. وعلى مدار العام الماضي، انضم عدد كبير من الدبلوماسيين الصينيين ومسؤولون في وزارة الخارجية الصينية إلى موقع تويتر، وأخذوا يكتبون وينشرون باللغة الإنجليزية؛ للزود عن موقف الصين حيال القضايا المختلفة، من انتهاكات حقوق الإنسان في شينغيانغ إلى الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.

بينما يقول باحثون بشركة Recorded Future المتخصصة في شؤون الأمن السيبراني، إنهم ما انفكوا يلاحظون تغيراً واضحاً في الخطاب الصادر عن حسابات وسائل التواصل الاجتماعي التي تديرها الصين منذ منتصف فبراير/شباط، إذ تسعى تلك الحسابات بكثافة إلى تحويل السردية “من الصين مصدراً للوباء إلى الصين قائدةً للعالم في جهود مكافحة الفيروس”.

مع ذلك، فإن المبهم حتى الآن هو ما إذا كان الجمهور الغربي يتأثر فعلاً بالدعاية الصينية. فالبيانات الخاصة بأعداد المتابعين لقناة CGTN لا يكشف عنها علناً. كما أنها، عكس قناة Russia Today، غير متاحة على خدمة البث المجانية Freeview، علاوة على أن الصفحة التابعة لوكالة الأنباء الصينية Xinhua على موقع فيسبوك لا تحظى إلا بعدد قليل جداً من التفاعلات.

رایکم