۶۵۶مشاهدات
وكان الشاعر الراحل سميح القاسم محقا بقوله إن “العرب تركوا فلسطينيي 48 وهربوا كالمرأة التي تركت مولودها في السرير وغادرت”.
رمز الخبر: ۴۴۷۷۱
تأريخ النشر: 30 March 2020

دعت لجنة المتابعة العليا لفلسطينيي الداخل لإحياء ذكرى يوم الأرض التي تحل غدا الإثنين بسلسلة نشاطات رقمية ومنزلية، بسبب الظروف الصحية الخطيرة الناجمة عن جائحة كورونا، من أجل الحفاظ على ديمومة احياء الذكرى الخالدة ليوم الأرض، وفي ذات الوقت الحفاظ على سلامة الجمهور العام.

وقالت اللجنة إن “الذكرى الـ44 تحل في وقت عصيب على شعبنا الفلسطيني، وشعوب العالم -خاصة في ظل انتشار فيروس كورونا- وهو تحت الاحتلال، وفي مخيمات اللجوء، ما يقلل من قدرته على ضمان الحماية والوقاية بالمستوى المطلوب، وهذا يشتد أكثر في المناطق المحتلة منذ عام 1967”. منوهة إلى أن التمييز العنصري أيضا في ظل أزمة إنسانية كهذه، يلاحق فلسطينيي الداخل، من سياسات حكومة بنيامين نتنياهو الوحشية، التي تدير ظهرها للموارد التي تحتاجها البلدات العربية، ولكن بشكل خاص، عشرات آلاف الفلسطينيين في بلدات النقب المحرومة من الاعتراف الرسمي.

وتابعت اللجنة: “لكن قبل هذا، فإن يوم الأرض يحل في ظل تعاظم المؤامرة الصهيو- أمريكية عليه، من خلال ما تسمى صفقة القرن الاقتلاعية العنصرية، التي تهدف للقضاء على قضية شعبنا الفلسطيني، إلا أن شعبنا قادر على سحق هذه المؤامرة، على رؤوس حابكي الصفقة وداعميها العلنيين، والمستترين “. مشيرة إلى أن “الذكرى تحل في وقت تستمر فيه حالة الانقسام في شعبنا الفلسطيني، وكان الأمل أن ينتهي هذا المشهد المؤلم، على الأقل، مع تكشف خيوط المؤامرة الصهيو- أمريكية، التي ما تزال ماثلة وتهدد، ولربما أن أزمة الكورونا العالمية، تؤجلها قليلا، ولكنها مطروحة على أجندة حكومة الاحتلال، وتعتزم تطبيقها قريبا”.

وقالت لجنة المتابعة إنها “أجرت سلسلة مشاورات من أجل ضمان ديمومة إحياء ذكرى يوم الأرض الخالد، الذي سجّل محطة تاريخية في مسيرة الفلسطينيين في الداخل”.

واقترحت اللجنة عدة خطوات لإحياء ذكرى يوم الأرض، وهي: “تنظيم مظاهرة رقمية في الساعة الخامسة يوم الإثنين مع نشيد موطني، أو سنرجع يوما، مع تواجد على أسطح المنازل، أو على النوافذ، والقيام بنشاط عائلي مع إمكانية بث حي على الشبكة. كذلك وضع بروفايل مشترك في صفحات فيسبوك ستقوم لجنة المتابعة بتعميمه لاحقا ورفع اعلام فلسطين على نوافذ أو أسطح البيوت اليوم، وإضاءة شمعة رقمية لذكرى أرواح شهداء يوم الأرض وكل شهداء شعبنا، وتوجيه كلمة شاملة متلفزة ومن خلال الشبكة الرقمية، وبث برامج توعية وتثقيف حول يوم الأرض وحول صفقة القرن، ووضع أكاليل الزهور على أضرحة الشهداء في سخنين والطيبة وعرابة وكفر كنا بمشاركة أعداد قليلة جدا ووفق قرار السلطات المحلية في هذه البلدات. كما قررت المتابعة العليا تبني برنامج لجنة متابعة قضايا التعليم العربي المتعلقة بيوم الأرض، والموجهة لطلاب المدارس”.

من جانبها عمّمت لجنة متابعة قضايا التعليم العربي، رسالة على رؤساء السلطات المحلية العربية وعلى مديري أقسام ودوائر التربية والتّعليم في السلطات المحلية العربية وعلى مديري المدارس العربية والمعلّمين في البلاد وعلى لجان أولياء أمور الطلاب في المدارس العربية جاء فيها: “تحلُّ في الثلاثين من آذار الذّكرى الـ44 ليوم الأَرض الخالد، الذي يُعتبر من الأيام الوطنيّة الكفاحيّة الهامَّة في تاريخنا الفلسطيني. علينا أن نُحيي هذه الذكرى رغم تعطيل المدارس وظروف المرحلة الراهنة. وعلى خلفية تفشي عدوى الكورونا تتوجَّه لجنة متابعة قضايا التّعليم العربي إِلى جميع المؤسّسات التربويّة والثقافيّة والمعلّمين والمعلّمات ولجان الأهالي لتنظيم نشاطات تربويّة هادفة وعميقة حول الموضوع ملائمة لظروف وتحديات المرحلة. كما ونتوجّه للأهالي بتخصيص وقت لفعاليّات عائليّة مع الأبناء حول يوم الأرض وقدمت بعض الاقتراحات: التحدّث مع الأبناء حول الأرض وأهميتها وقصّة أراضي العائلة، شرح عن تاريخ يوم الأرض، التّعلّم معا حول يوم الأرض فهناك الكثير من الأفلام والموادّ منشورة في مواقع الانترنت للجنة وصفحتها في الفيسبوك وفي مواقع مختلفة التي يمكن الاستعانة بها، قراءة قصائد لشعراء فلسطينيين حول يوم الأرض، المشاركة في نشاطات رقمية حول يوم الأرض، فعاليّات إبداعيّة كالرسم والكتابة. كما أوضحت أنها ستقوم ببث محاضرة البروفيسور مصطفى كبها بواسطة صفحة اللجنة على فيسبوك حول يوم الأرض. منوهة أنها ستقوم بتكريم مبادراتٍ، مشاريعَ وبرامج تربويّة- تعليميّة خلّاقة ومميّزة فرديّة أو جماعيّة في المؤسّسات التعليميّة في مجال التربية للقيم الإنسانيّة والهويَّة والانتماء ورفع مكانة اللغة العربية ملائمة لهذه المرحلة وظروفها وهذا من خلال تعميم نداء للترشيح لتكريم المبادرات.

ودعت الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة كوادرها وأنصارها إلى إحياء الذكرى الـ44 ليوم الأرض المتزامنة مع تواصل التحديات الوجودية المتعلقة بالأرض والمسكن بين فلسطينيي الداخل، لا سيما “قانون كامنيتس” لتكثيف هدم البيوت و”مخطط الكرفانات” الترحيلي الخطير في النقب، وفي ظل مخطط “صفقة القرن” التصفوي الذي يستهدف الشعب الفلسطيني في مختلف أنحاء تواجده وحقه في تقرير المصير”.

وأكدت أن تواطؤ رئيس حزب “أزرق أبيض” غانتس مع نتنياهو يزيد من خطر التدهور الفاشي، والمساس بحقوق العاملين والحريات الديمقراطية، بذريعة مواجهة الكورونا، ناهيك عن إخراج مخططات الضمّ وتكريس الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، والتنكّر لحقوق المواطنين العرب في المساواة القومية والمدنية. وفي مواجهة هذه التحديات والمخاطر دعت الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة إلى رصّ الصفوف الكفاحية وتعزيز الوحدة الوطنية للجماهير العربية الباقية في وطنها، من خلال هيئاتها التمثيلية والمنتخبة – القائمة المشتركة واللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية ولجنة المتابعة العليا. كما دعت الجبهة إلى أوسع تحالفات ديمقراطية في مواجهة الزحف الفاشي بقيادة نتنياهو.

** هبة شعبية
يذكر أن “يوم الأرض” في 30 مارس/آذار 1976 قد جاء كهبّة شعبية لفلسطينيي الداخل، دفاعا عما تبقى من أراضيهم إزاء عمليات مصادرة إسرائيلية متجددة. ويشكّل “يوم الأرض” علامة فارقة بمسيرة فلسطينيي الداخل من ناحية الهوية والنضال من أجل الحقوق والكرامة.

وعن ذلك يقول المؤرخ بروفيسور مصطفى كبها لـ”القدس العربي” إنه “برؤية تاريخية ثمة إجماع على أن فلسطينيي الداخل استمدوا حجارة صلبة من مقلع يوم الأرض الأول لبناء ذاتهم كأقلية وطن قومية على ترابهم، ومن وقتها انتقلت إسرائيل لمحاولة تطويعهم والتغلب عليهم بالاستعداء أكثر مما بالاحتواء واحتلال الوعي”. منوها أن هذه هي خلفية الانفجار الكبير الثاني في هبة القدس والأقصى عام 2000، وللمخاوف الديموغرافية وهوس الدولة اليهودية والتشريعات والاعتداءات العنصرية السافرة المتلاحقة.

** توفيق زيّاد
واستذكر كبها أن الشاعر الراحل توفيق زياد أحد صناع يوم الأرض الأول ومن خلال منصبه كرئيس بلدية الناصرة وقتذاك، عبّر عن معزّة يوم الأرض وموقعه في وجدان الفلسطينيين. وتابع: “زيّاد الذي شجع زملاءه في الحكم المحلي على إعلان الإضراب العام في ذاك اليوم احتجاجا على مصادرة آلاف الدونمات العربية، وناجى حبيبته بقوله: بلادي بلادي.. لياليك بالنصر حبلى.. وأنت تراث الجدود الذي ليس يبلى.. وأنت التي كل يوم تصيرين أحلى وأنت التي كل يوم تصيرين أغلى”.

** كتابة التاريخ
في ذاك اليوم، الثلاثين من مارس/ آذار 1976، استشهد في سخنين خديجة شواهنة، رجا أبو رجا، خضر خلايلة. وفي القرية المجاورة عرابة البطوف، استشهد خير ياسين، وفي كفركنا ارتقى محسن طه وفي مخيم نور شمس في الضفة الغربية، استشهد رأفت زهيري بذات الرصاص الذي لم يفرق بين دماء الفلسطينيين على طرفي الخط الأخضر.

ويرى كبها أن الشهداء “بدمائهم الزكية سوية مع مئات الجرحى والمعتقلين كتبوا تاريخ ميلاد الباقين في وطنهم والذين حاول الاحتلال تصحيح خطأ تاريخي ببقائهم من خلال محاولة ارتكاب مجزرة كفر قاسم عام 1956 بهدف ترهيبهم وترحيلهم في مخطط تطهير عرقي جديد”.

وتابع: “استشهد 46 من أبناء كفرقاسم لكنها لم ترحل مفضلة الموت على الرحيل، ومن وقتها زاد فلسطينيو الداخل كمّاً وكيفا، بعدما تضاعف عددهم من 140 ألف بعد نكبة 48، إلى 1.4 مليون نسمة اليوم، وبعدما راكموا مكاسب هامة في التطور وبالعلم والعمل والهوية الوطنية، وربما ينعكس نجاحهم الكبير بأن 60% من طلابهم في الجامعات اليوم من الإناث”.

** سطوع شمس الحقيقة
ويرى كبها أنه حتى ذلك الانفجار الكبير عام 1976، ترك الفلسطينيون في الداخل “كالأيتام على طاولة اللئام” وتعامل معهم العرب كـ”عرب إسرائيل” في أحسن الأحوال، و”الخونة” في أسوأ الأحوال؛ لأنهم حملوا بطاقات الهوية الزرقاء (الإسرائيلية) في سبيل البقاء.

وكان الشاعر الراحل سميح القاسم محقا بقوله إن “العرب تركوا فلسطينيي 48 وهربوا كالمرأة التي تركت مولودها في السرير وغادرت”.

ويتفق مع كبها رئيس بلدة دبورية الأسبق والذي عاصر يوم الأرض أحمد مصالحة، الذي قال لـ”القدس العربي” إنه “في يوم الأرض الأول وربما بتأخير سنوات انتصرت الحقيقة وسطعت شمسها حينما تنبه العرب وحتى الشعب الفلسطيني إلى أن العيال كبرت والغصن نما وترعرع وتحدى السكين، وأن الكفّ لاطمت المخرز”.

ويتابع: “في ليلة وضحاها تبدلت النظرات والمصطلحات وصار حملة الهويات الزرقاء، عرب الصمود، وأهل الأرض المحتلة، وفلسطينيي الداخل. بفضل تلك الهبة الوطنية المخضبة بدماء شبابهم تعززت ثقة فلسطينيي الداخل بأنفسهم وتغيرت رؤية الآخر العربي والفلسطيني لهم، بل صار يوم الأرض ذكرى وطنية فلسطينية وقومية عربية يحتفى بها سنويا. ليس هذا فحسب بل فوجئت المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة بخروج المارد من القنينة واضطرت وقتها لإعادة آلاف الدونمات المصادرة من أرض الملّ في سهل البطوف وسواه وقتها”. معتبرا أنه من وقتها لا يزال الصراع على الأرض كما هو علي الرواية مُركّباً هامّاً وأساسياً من مركّبات الصراع بين المواطنين الفلسطينيين وإسرائيل.

رایکم