۱۱۴۷مشاهدات
رمز الخبر: ۳۹۵۱۳
تأريخ النشر: 05 November 2018

شبکة تابناک الاخبارية: يبدو أن المقال الذي كتبه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية سيهز قريبًا أعمدة قصر اليمامة في الرياض. أنقرة التي تستثني تورط الملك سلمان في هذا الملف تحديدًا ربما تشنّ هجمات جديدة ضد البيت الأبيض الداعم لولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، الذي أشار إليه أردوغان بقوله "أمر إعدام خاشقجي صدر من أعلى منصب".

وقال أردوغان في مقال "خاشقجي" الذي كتبه لواشنطن بوست: "نعلم أن أمر قتل جمال أتى من أعلى المناصب في الحكومة السعودية"، وهي العبارة التي صارت بمثابة إشارة على الزلزال العنيف التي سيهز أركان قصر اليمامة في الرياض قريبًا جدًّا. ذلك أنّ قتل الصحافي جمال خاشقجي على يد فريق الاغتيال الذي انتظره لقتله داخل القنصلية السعودية في إسطنبول التي دخلها يوم 2 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي يمكن أن يقضي بالكامل على التحالف المكون ضدّ تركيا. وقد أعلن عنوان بيان هيئة تحرير الجريدة الأميركية عقب مقال أردوغان بصراحة أنّ المسألة لن تنتهي عند هذا الحد: "مستقبل الشرق الأوسط مرتبط بضمان تحقيق العدالة من أجل جمال خاشقجي...".

وإذا ما نظرنا إلى كلمات أردوغان سنرى أنّ الجهود التي تبذلها أنقرة للفت انتباه العالم تجاه الجريمة الوحشية وإماطة اللثام عن العقلية المدبرة لها أمام الرأي العام ما هي إلا بمثابة العرض التمهيدي للفيلم الذي لم يعرض بعد. ذلك أنّ تلك الجريمة هي مثل فيلم "Pupl Fiction" (رواية رخيصة) كما عبر عن ذلك مسؤول تركي حكى "تلك اللحظات" لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية، بل إن كل لحظة من لحظاتها مسجلة.

إن أنقرة تعلم جيدًا من أصدر أمر قتل خاشقجي وتنفيذ فكرة خنقه وتمزيق أوصاله ولديها حتى أدق التفاصيل عما حدث داخل القنصلية، ولهذا ربما تبادر قريبًا إلى شنّ هجمات جديدة ضد لامبالاة البيت الأبيض الذي يدعم النظام السعودي "القمعي" ويساهم في صموده أكثر.

الطاغية صاحب الجريمة

كان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قد زعم بين الحين والآخر أنه ينأى بنفسه عن الرياض من أجل السيطرة على الرأي العام الذي زادت حدته عقب الجريمة، إلا أنه أعلن قبل أيام عن دعمه لمن أصدروا أمر القتل بقوله "لقد أقنعتني الإدارة السعودية".

وما الشخص الذي قصده ترامب برسالته التي قاتلت مجازًا "لا أتخلى عن أحد رجالي" إلا الأمير السعودي بن سلمان ولي نعمة سعود القحطاني الذي اتصل بالقنصلية السعودية في إسطنبول من الرياض عبر سكايب وأصدر تعليماته لفريق الاغتيال قائلًا "ائتوني برأس هذا الكلب!".

ومن المعروف أن القحطاني، أحد أهم اللاعبين المساعدين في تلك العملية الوحشية، هو مستشار بن سلمان وذراعه اليمنى. وأما اللاعب الآخر فهو بطبيعة الحال أحمد عسيري، الجنرال الذي شكل فريق الاغتيال وأرسله إلى إسطنبول، كما أنه هو عين خبير الطب الشرعي، صلاح الطبيقي، الذي أمر فريقه بسماع الموسيقى في "هدوء وسكينة" بينما كانوا يقطعون جثة خاشقجي بعد خنقه، بعد بدئه بعملية التقطيع من أصابعه. لكن الجميع الآن متحمسون لمعرفة مصير اللاعب الرئيس الذي يحاول البعض التستر عليه خلف الستار؛ أي مصير محمد بن سلمان...

تخلّ عن ابنك أيها الملك...

يعلم الجميع أن ولي العهد السعودي تعاون مع نظيره الإماراتي محمد بن زايد في كل عملية مدعومة من واشنطن وتل أبيب، بما في ذلك محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، ولهذا نحمل جميعًا شغفًا حول ما إذا كان سيبقى في منصبه عند الكشف عن أدلة جديدة حول الجريمة أمام الرأي العام العالمي. ويبدو أن غاريد كوشنر، الصهر الصهيوني في البيت الأبيض والذي يعتبر من مؤسسي المحور السعودي – الإماراتي – المصري المعادي لتركيا، سيجد صعوبة بالغة في إنقاذ صديقه وخليله ابن سلمان. ذلك أن الرسائل التي يبعث بها الرئيس أردوغان، ولا تقصي الرياض بالكامل بل تؤكد على عمق العلاقات التركية – السعودية، تدعم الملك سلمان والد ولي العهد ليتولى مهمته بصفته "خادم الحرمين الشريفين".

وجاء في تصريحات أردوغان أنه قال "مستحيل أن أؤمن بأن خادم الحرمين الملك سلمان هو من أصدر أمر قتل خاشقجي. ولهذا لا يوجد أي سبب لنؤمن بأن هذه الجريمة تمثل السياسة الرسمية للمملكة"، وهو ما قصد أن يخاطب الملك مجازًا "إذا كنت صديقًا لتركيا فتخلص من ابنك". وسنرى بوضوح خلال الأيام القليلة المقبلة ما سيحدث إذا ما قوبلت دعوة أردوغان بالتجاهل من قبل الملك الذي قال "تركيا شقيقتنا" وتدخل وأرسل وفدا إلى أنقرة للمشاركة في تفتيش مسرح الجريمة.

أعين الجميع مصوبة نحو تركيا

ولا يزال ترامب يدعم بن سلمان بالرغم من معرفته جيدا بأن تركيا تمتلك أدلة دامغة حول الجريمة بعدما أسمع كلا من وزير خارجيته بومبيو ورئيسة جهاز سي آي ايه هاسبل التسجيلات الصوتية التي لدى أنقرة. وستتجه أنظار الغالبية العظمى من وسائل الإعلام والرأي العام في الولايات المتحدة، التي ستشهد انتخابات الكونغرس بعد يومين، صوب "الأدلة الجديدة التي سيعلنها المسؤولون الأمنيون في تركيا".

كان أردوغان قد قال "لقد أطلعنا جميع الدول الصديقة والحليفة، بمن فيها الولايات المتحدة، على الأدلة التي بين أيدينا بغية أن يواصل العالم طرح الأسئلة نفسها". ويجزم كثيرون أن أردوغان سيلعب بما في يديه من أوراق بشكل صريح إذا ما استمرت المساعي الرامية لحماية قتلة خاشقجي. ذلك أن إدارة الرياض، التي اعترفت بأن رجالها ارتكبوا الجريمة بشكل مدبر، عجزت عن تقديم أي معلومات حول مكان جثة خاشقجي بالرغم من كل التحذيرات. وهناك شبه إجماع على أن مصدر هذا الموقف هو "اضطرار من لا حيلة له"؛ إذ إن جثة الصحافي المعارض أذيبت بالكامل باستخدام الحمض. وعلى كل، لن يكون كل شيء في المنطقة كما كان في السابق عقب هذه الجريمة، وهو ما تقوله واشنطن بوست التي كان يعمل به خاشقجي: "يجب أن يصر كل من يبحث عن الاستقرار الحقيقي في الشرق الأوسط على الكشف عن حقيقة عاقبة خاشقجي ومعاقبة كل من شارك في هذه الجريمة".

جربوا الإقناع أولا

تستمر جريمة خاشقجي في شغل الرأي العام في الصحف الأميركية. فنشرت صحيفة وول ستريت جورنال خبرا قالت فيه إن سعود القحطاني، أحد المقربين من بن سلمان ومستشاره الإعلامي، هو من أدار فريق الاغتيال المرسل إلى إسطنبول لقتل خاشقجي. وصرحت مصادر في تصريحات للصحيفة بأن القحطاني حاول أول استدراج خاشقجي إلى الرياض ببعض الوعود، وعندما لم يرد العودة خطط لهذه الجريمة داخل القنصلية. وتشير المصادر أن القحطاني كان على تواصل مستمر بموظفي السفارة الذين أعطوا خاشقجي موعدا يوم 2 أكتوبر. كما كان قد أصدر تعليمات لعسيري، مساعد رئيس جهاز الاستخبارات، لتشكيل فريق الاغتيال. وشددت المصادر على أن هذين الرجلين أقيلا من منصبهما في السعودية لكنها لم يعتقلا.

مراقبة بالفيروس الإسرائيلي

من جانبه، قالت الصحافية الأميركية، كورتني رادش، إن الإدارة السعودية أنفقت ملايين الدولارات على الشركات والبرامج الأميركية لتحديد معارضيها، وأضافت "تمت مراقبة خاشقجي ببرنامج يدعى بيغاسوس أنتجته شركة إسرائيلية باعته لشركة أميركية". وأضافت رادش، في كلمة لها خلال فعالية أقامتها "جمعية العدل من أجل جمال خاشقجي" في واشنطن، أنها عملت عام 2008 في قناة العربية الإخبارية التي تمولها السعودية وتتخذ من دبي مركزًا لها، مشيرة إلى أنها شهدت بنفسها على الضغوط التي يتعرض لها الصحافيون المعارضون.

وأوضحت الصحافية الأميركية أن الرياض تكلف أشخاصا وجهات لمراقبة الصحافيين المعارضين، لافتة إلى أن الإدارة السعودية استخدمت من أجل هذا الغرض برنامج فيروسات يحمل اسم بيغاسوس أنتجته شركة إسرائيلية وباعته لشركة أميركية.

من جهته، قال عبد الله العودة، عضو هيئة التدريس بجامعة جورج تاون، إن والده الداعية المعروف سلمان العودة معتقل حاليا في الرياض وتطلب السلطات إعدامه. وأضاف العودة الابن بقوله إن "النائب العام السعودي، سعود المعجب، الذي وصل إسطنبول للمشاركة في التحقيق بمقتل خاشقجي، هو المسؤول نفسه الذي يريد إعدام والدي الذي لا لم يفعل شيئا سوى إطلاق الدعوات السلمية".

وأما توم بورتيوس، أحد مسؤولي منظمة هيومن رايتس ووتش، فقال خلال كلمته إن المؤسسات الفكرية التي تتخذ من واشنطن مركزا لها تتجنب انتقاد النظام السعودي الذي يرتكب انتهاكات متعلق بحقوق الإنسان منذ فترة طويلة لأنها تتلقى تمويلا بمبالغ كبيرة من الرياض.

المصدر: يني شفق

رایکم