شبکة تابناک الاخبارية: “على ايران ان تتخلي عن برنامجيها النووي والصاروخي ، وعلى ايران ان تفتح ابواب جميع منشاتها النووية والعسكرية امام المفتشيين الدوليين ، وعلى ايران ان تتخلى عن فلسطين ، وعلى ايران الا تهدد “اسرائيل” ، وعلى ايران ان تتوقف عن دعم المقاومة الاسلامية وفي مقدمتها حزب الله وحماس والجهاد الاسلامي ، وعلى ايران الانسحاب من سوريا ، وعلى ايران الا تدعم الشعب اليمني ، وعلى ايران ان تغير سياستها كليا في المنطقة والعالم ، وعلى ايران ان تدخل في مفاوضات مع امريكا وفقا للشروط الامريكية ، و.. ، وإلا ستواجه ضغوطا مالية غير مسبوقة مع اقوى عقوبات في التاريخ”.
هذه “الشروط ” الغريبة ، هي جانب من “الاستراتيجية الامريكية الجديدة” ، التي كشف عنها وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو امس الاثنين ، لمواجهة ايران ، وقد دفعت غرابتها حتى بومبيو نفسه للاعتراف بانها شروط “تبدو غير واقعية .. الا انها اساسية” حسب تعبيره.
خطاب بومبيو يؤكد وبشكل واضح ان مشكلة ترامب لم تكن مع الاتفاق النووي او خوف امريكا من حصول ايران على القنبلة النووية ، بل مع النظام الاسلامي نفسه ، وان “استراتيجية ترامب الجديدة” التي اعلن عنها بومبيو ، هدفها الرئيسي والمعلن هو تغيير النظام في ايران عبر الضغط الاقتصادي على امل حصول استياء شعبي واضطرابات داخل المجتمع الايراني.
لا يمكن وصف “الشروط” التي وضعها بومبيو لايران ، الا ب”الاماني” ، التي طالما راودت عقول صقور الادارات الامريكية المتعاقبة ، والتي لم تر النور ابدا ، ولن ترى النور في المستقبل ، لسبب بسيط ، وهو انها ليست سوى أماني.
يبدو ان الصقورية لدى بومبيو تعني اللاعقلية ، فهو يطالب الشعب الايراني بالتخلي عن ثورته ، وبحذف 40 عاما من تاريخه ، والعودة الى ما قبل عام 1979 ، لترضى عنه امريكا ، ولا ندري ما الذي اغرى بومبيو على ان يقول ما قاله بعد اربعة عقود من انتصار الثورة الاسلامية ، فهل ان ايران هي اضعف من ذي قبل؟، ام ان امريكا اقوى من ذي قبل؟.
لسنا هنا في وارد مناقشة مطالب بومبيو المضحكة حول القاء ايران لسلاحها والاستسلام لامريكا ، و عدم تهديد “اسرائيل” ، وبعدم مساعدة حزب الله وحماس والجهاد الاسلامي ، واحترام سيادة العراق . وكذلك اكاذيبه حول علاقة ايران بالقاعدة وطالبان ، وهما صناعة امريكية بامتياز ، الا اننا سنتوقف قليلا جدا امام تهديده بفرض عقوبات لا مثيل لها في التاريخ على ايران.
امريكا ستحاول فرض عقوبات اقتصادية على ايران ، وهي الورقة الوحيدة القوية بيد امريكا ، الا انها لن تكون بالقوة التي يعتقدها بومبيو وسيده ترامب ، فالعقوبات الامريكية مهما بلغت لن تكون بفعالية العقوبات التي فرضت على ايران في عهد الرئيس الامريكي السابق باراك اوباما ، لانها كانت مدعومة من الاتحاد الاوروبي ، اما اليوم فلن يستطيع ترامب ان يحظى بالدعم الاوروبي الرافض لسياسته غير المسؤولة ، ليس على صعيد العلاقة مع ايران ، بل على صعيد مجمل سياسته الاستعلائية مع العالم.
من المؤكد ان الاتحاد الاوروبي لن يتعامل مع القرار الامريكي في عهد ترامب كما كان يتعامل مع هذا القرار في عهد اوباما ، فالموقف الاوروبي من ايران لن يكون كما كان في عهد اوباما ، حتى لو لم ينجح الاتحاد الاوروبي في حماية شركاته العاملة في ايران من العقوبات الامريكية.
من الصعب على الاتحاد الاوروبي ، ان يجد نفسه في حلف مع رجل مثل ترامب ، يحذره المقربون منه من لقاء المحقق الخاص روبرت مولر، المكلف من وزارة العدل بالتحقيق في مزاعم تدخل روسيا بالانتخابات الامريكية ، للرد على اسئلته ، خشية ان يخونه طبعه المتقلب!! ، الامر الذي دفع المنسقة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي فيدريكا موغيريني الى التعليق على خطاب “ألاماني” لبومبيو بالقول انه خطاب :”لم يثبت البتة كيف ان الانسحاب من الاتفاق النووي جعل او سيجعل المنطقة اكثر امانا حيال تهديد الانتشار النووي، او كيف سيجعلنا في موقع افضل للتأثير في سلوك ايران في مجالات خارج اطار الاتفاق”.
المصدر: شفقنا