شبکة تابناک الاخبارية: قطاع غزة؛ قطعة الأرض التي لا تتجاوز مساحته الـ 360 كليومتراً مربعاً؛ لاقت من الظلم والتعسف ما لم يلاقيه بلد بأكمله، وتعرض سكانه لمختلف أشكال القمع والتضييق والحصار الإقتصادي بعد إحتلاله من قبل الكيان الصهيوني في العام 1967 وبعد الحرب التي خاضها هذا الكيان مع سوريا ومصر.
إلا أن اسوء حالات الحصار التي تعرض لها قطاع غزة وأشدها قساوة تلك التي بدأت منذ العام 2006 وجاءت نتيجة أسباب رئيسية هي:
1- إن الحصار الجديد جاء بقرار إسرائيلي مدعوم من قبل أطراف دولية وعربية لمعاقبة سكان القطاع على انتخابهم لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الإنتخابات التشريعية التي جرت العام 2006، وقد أسفرت الإنتخابات عن حصول حماس على غالبية مقاعد البرلمان الفلسطيني، ومن هنا فإن الحصار المفروض على القطاع لم تنفذه إسرائيل وحدها بل شاركتها أيضاً دول عربية أخرى مثل مصر التي ضيقت على الفلسطينيين بشدة من خلال معبر رفح الذي شكل المنفذ الوحيد لسكان القطاع بعد إغلاق إسرائيل كل المنافذ أمامهم.
2- إن الحصار الجديد جاء كمحاولة محمومة لإضعاف القدرات العسكرية للمقاومة الإسلامية ومنع وصول الأسلحة إليها خاصة وإن المقاومة بدأت في تلك الفترة بتنفيذ عمليات نوعية ضد قوات الإحتلال من بينها عملية أسر الجندي جلعاد شاليط والتي أطلقت عليها المقاومة اسم "الوهم المتبدد" واستخدمت فيها أساليب عسكرية وعملياتية معقدة جداً.
وقد كشف الكيان الصهيوني أكثر من مرة عن أهدافه من فرض الحصار على غزة وعن نيته الإستمرار في فرض هذا الحصار حتى تحقيق أهدافه.
لكن الحصار كان له أيضاً تداعيات كارثية على القطاع شملت مستويات المعيشة وخدمات الصحة والتعليم والوقود والكهرباء، كما زاد من حجم الكارثة الإنسانية تعرض القطاع لأكثر من عدوان عسكري خلال الأعوام التي امتدت من العام 2006 وحتى العام 2014.
إن الأوضاع المأساوية التي يتعرض لها قطاع غزة دفع بالكثير من المنظمات الدولية والمؤسسات الحقوقية والإنسانية إلى التنديد بالحصار الإسرائيلي ومطالبة الكيان برفع الحصار فوراً، إلا إن كل هذه المطالبات والمناشدات لم تجد آذان صاغية لدى قادة الإحتلال.
فقد وصف مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الحصار بأنه جريمة ضد الإنسانية ودعا المحكمة الجنائية الدولية إلى التحقيق مع قادة الكيان بهذا الخصوص، كما دعا الأمم المتحدة إلى بدء جهد عاجل لضمان حماية سكان غزة، متهما الحكومات التي تتواطأ مع إسرائيل بدعم نهجها العقابي سياسيا واقتصاديا.
أما منظمة العفو الدولية فقد طالبت إسرائيل مراراً برفع الحصار بشكل كامل، معتبرة الحصار بأنه دمر اقتصاد غزة ودفع الناس إلى البطالة والفقر والاعتماد على وكالات المعونة من أجل البقاء.
أما المفوضة السابقة للأمم المتحدة نافي بيلاي فقد وصفت الحصار الإسرائيلي على غزة بأنه غير قانوني ويجب رفعه لأن القانون الدولي الإنساني يحظر تجويع المدنيين كوسيلة حرب كما يحظر فرض عقوبة جماعية على المدنيين، وإسرائيل ملزمة قانونا بالسماح بوصول المساعدات الإنسانية لغزة.
لكن رغم الحصار الذي يواصل الكيان الإسرائيلي فرضه على قطاع غزة جواً وبراً وبحراً استطاعت المقاومة الفلسطينية أن تطور نفسها وتطور قدراتها العسكرية والأمنية وتمكنت من إلحاق الأذى بالكيان من خلال عملياتها العسكرية التي استهدفت الوجود الصهيوني وكذلك من خلال صواريخها التي استهدفت نقاط بعيدة في عمق هذا الكيان.