۶۶۱مشاهدات

كيف نثق في وعودهم

فهمي هويدي
رمز الخبر: ۳۰۱۲
تأريخ النشر: 06 February 2011
شبکة تابناک الأخبارية: كتب الكاتب المصري فهمي هويدي في صحيفه الوسط المصريه المستقله مقالا حول المستجدات الاخيره علي الساحه المصريه تحت عنوان ' كيف نثق في وعودهم ' .
   
وجاء في المقال الذي نشرته صحيفه الوسط علي موقعها الكتروني: نحن نريد أن نصدق الوعود، ولكن الذين يطلقونها هم انفسهم الذين يكذبونها. نريد أن ننسي أنهم تلاعبوا بمشاعرنا وضحكوا علينا كثيرا وافترضوا فينا البلاهة والغباء، لكنهم لا يكفون عن تذكرينا بما فات حين حدثونا عن أزهي عصور الحرية وحكمونا طول الوقت بقانون الطوارئ.

وحين وعدونا بانتخابات نزيهة ثم زوروها بغير خجل، وحين وعودنا بالاصلاح السياسي ثم عمدوا إلي تكريس تأييد السلطة وإلغاء الاشراف القضائي علي الانتخابات وتوسيع نطاق المحاكم العسكرية، وحين تباهوا بارتفاع سقف حرية التعبير ثم انقضوا علي منابر الإعلام الحر وقمعوا المراسلين الصحفيين. وحين حدثونا عن دولة المؤسسات وسيادة القانون، ثم عصفوا بهما وأصبحت مقدرات البلد حكرا علي مؤسسة الرئاسة وسيادة الرئيس.. وحين وحين إلخ.

واضاف فهمي هويدي ذلك كله استمر طوال الثلاثين عاما الماضية، ويبدو أن اسلوب المراوغة والالتفاف والمراهنة علي بلاهة الشعب المصري وغبائه تحول إلي طبع يصعب الخلاص منه حتي بعدما انفجرت ثورة 25 يناير التي أعادت الروح إلي مصر وجددت أملها في مستقبل تستعيد فيه كرامتها وكبرياءها وقرارها.

وقال خلال الأيام العشرة الماضية تتابعت أمام اعيننا خمسة مشاهد تجلي فيها ذلك الطبع الرذيل علي النحو التالي:

* وجه الرئيس حسني مبارك خطابا إلي الأمة كان أهم ما فيه إعلانه عن عدم الترشح للانتخابات الرئاسية الجديدة ولغته التي مست شغاف بعض القلوب. وظننا انها محاولة لتحقيق الأشواق وترطيب الجوانح، لكننا لم نهنأ بذلك الشعور طويلا ذلك أنه بعد مضي ساعة فقط من ذلك الخطاب العاطفي، كانت مجموعات البلطجية وميليشيات الأجهزة الأمنية تتقدم نحو المعتصمين في ميدان التحرير، حاملة معها السيوف والجنازير وأسياخ الحديد، التي كانت مقدمة للمذبحة التي أريد لها أن تقع صبيحة اليوم التالي. وكانت النتيجة انهم لم يشتبكوا مع المتظاهرين فحسب، ولكنهم أيضا نسفوا في الوقت ذاته كل أثر ايجابي لكلام الرئيس.

* بعض المسئولين في النظام ــ رئيس الحكومة ورئيس مجلس الشوري بوجه أخص ــ تحدثوا في البداية عن تأييدهم لحق الشباب في التظاهر السلمي. وحين صدق البعض هذا الكلام وتشجعوا مما جعلهم ينضمون الي التظاهرات في المدن المختلفة، فوجئوا بمصفحات الأمن المركزي التي قتلت منهم أكثر من 300 شخص حسب تقارير الأمم المتحدة.

* في البداية جري امتداح الشبان المعتصمين، باعتبارهم من ابناء مصر البررة الذين ينخرطون ضمن شرائح الوطنيين الذين تعتز بهم البلاد، ولكن حين ثبت اولئك الشبان علي مواقفهم ولم يستجيبوا لاغراء المديح، فإن الخطاب السياسي والإعلامي تغير بمعدل 180 درجة، فثورة ميدان التحرير تحولت إلي «مهزلة التحرير» في العنوان الرئيسي لإحدي الصحف المحسوبة علي الحكومة.

ولم تكف الأبواق الاعلامية عن التشكيك فيهم وتشويه صورتهم، باعتبارهم يمثلون الاخوان المسلمين وعملاء لإيران وحزب الله وحماس. وكان طريفا للغاية أن البعض اتهمهم بأنهم ينفذون المخططات الأمريكية وكان الذين اطلقوا تلك الاتهامات من النائمين منذ سنوات في حضن السياسة الأمريكية.

* حين حدث الهجوم علي المتظاهرين بالسيوف والجنازير ولاحقا بإطلاق الرصاص الحي، واستخدمت الخيول والجمال والبغال في اقتحام ميدان التحرير، وتم ذلك في ظل الغياب التام والانسحاب المريب للشرطة، فإن جميع المسئولين أنكروا معرفتهم بما حدث، وغسلوا أيديهم من دماء الشهداء والجرحي في تعبير آخر عن الاستهبال والاستغباء، كأن هؤلاء المهاجمين هبطوا علي أرض مصر من السماء.

* في الوقت الذي تشكلت فيه عدة لجان من «الحكماء» قيل إن بعضها تم برعاية وتشجيع من السلطة، ثم نشرت الصحف اخبارا عن اجتماعات لاولئك الحكماء مع عدد من كبار المسئولين، كانت ترتيبات الأجهزة غير المرئية تجهز لفض الاعتصام في ميدان التحرير، عن طريق رفع الحواجز وسحب الدبابات، وكانت اذرعها تمتد لاعتقال عدد من الناشطين واختفاء آخرين في ظروف غامضة، الامر الذي اعطي انطباعا بأن ما قيل عن تفاوض وتحرك للحكماء لم يكن سوي وسيلة لتخدير المشاعر وكسب الوقت تمهيدا للانقضاض وتصفية الثورة ــ كيف نصدقهم إذن حين ثم يدعوننا للاطمئنان إلي الوعود التي أطلقوها وكيف بالله عليكم نثق في أن استمرارهم يشكل ضمانا للاستقرار في المستقبل؟
رایکم