"ايران يامصر، زيناا
كان عندهم ماعندنا
الخالق الناطق هناك
الناطق الخالق هنا
تمسك ودانك من قفاك
تمسك ودانك من هنا
اللي حصل فيهم هناك
لازم حيحصل عندنا"
امنية كانت تراود الشاعر المصري احمد فؤاد نجم وهو يقف امام التغيير الكبير الذي وقع في ايران والمتمثل بانتصار الثورة الاسلامية عام 1979.
وكان يرى برهافة حسه ان هذا التغيير الجذري الذي غير الجغرافيا السياسية لمنطقة الشرق الاوسط سوف يرتد لامحاله على مصر، التي كان يرى فيها الكثير من القواسم التي تشترك بها مع ايران.
قضية شاعرنا احمد فؤاد نجم ارتطمت بتحالف غير مقدس وغير مسبوق في تاريخ المنطقة والعالم، فقد تكالبت قوى الاستكبار الشرقي والغربي واذنابهما، وهم كثر في منطقتنا، على الجمهورية الاسلامية الايرانية الفتية، فشيدوا جدرانا من الكذب والتهويل والتخويف والتشويه حول ايران الثورة، متسلحين باقذر الاسلحة الطائفية والعنصرية المقيته ونبشوا التاريخ وبعثوا الحياة في الجانب المظلم منه ونفخوا في مفاهيم كان يعتقد انها قد درست وماتت، فتحول الشعب الايراني المسلم الى "مجوس" و "عبدة نار" و " رافضة " و "شعوبية"، وتحولت الثورة الاسلامية الى ثورة "فارسية " و "عنصرية " و "شيعية هدفها ضرب السنة "، كما تحول قادة الثورة الى "خطر يهدد الامن القومي العربي" و "مجموعة" تريد تصدير الفتنة والطائفية الى البلدان العربية".
هذه الهجمة الشرسة غير المسبوقة اثرت وللاسف على البعض في العالم العربي الذي استفزت نوازع الطائفية في داخله واثرت على بوصلته في تحديد مصادر الخطر الحقيقية التي تهدد المجتمعات العربية.
هذا الحلف غير المقدس لم يكتف بكل ما صنعته آلة الكذب التي كانت تعمل ليل نهار لتشويه الصورة الحقيقية للثورة الاسلامية الايرانية، بل تمادى الى اكثر من ذلك عندما اوعز الى الدكتاتور العراقي المقبور صدام حسين بشن حرب ظالمة على ايران لاشغالها واستنزاف قوتها وعزلها وهو ما حدث، واستمرت الحرب ثماني سنوات.
وزود الغرب والشرق، دكتاتور العراق باحدث الاسلحة والمعدات فيما فتحت الدول العربية الغنية خزائنها لتسديد نفقات الحرب التي يخوضها صدام نيابة عن الجميع. هذه الجدران الكاذبة التي شيدت امام الثورة الاسلامية في ايران حالت دون تحقيق امنية الشاعر احمد فؤاد نجم.
الا ان امنية شاعرنا استيقظت مرى اخرى هذه الايام على اصداء ثورة ليست بعيدة عن ارض الكنانة، انها اصداء الثورة التونسية، التي لن ينفع معها السيناريو الخبيث الذي استخدم مع الثورة الاسلامية في ايران، فالذي حصل فيها لا محالة حاصل في مصر وغيرها، فكل العناصر التي التقت في لحظة تاريخية وتمخضت عنها الثورة التونسية هي هي التقت هذه المرة في مصر، كما التقت قبل ذلك في ايران. ان محاولة الالتفاف حول الثورة التونسية وسرقتها وتحويلها الى حركة تصحيحية هي ذات المحاولات التي واجهتها الثورة الايرانية، فالسيناريو ذات السيناريو ففي ايران كان الشاه يسخر من الشعب الايراني ويتجاهل بشكل سافر مطالب هذا الشعب وعندما وصل صوت الشعب الى قصره خرج فزعا على الناس وهو يعد بان يصغي لمطالبهم ويرفع القيود المفروضة على الحريات.
ولكن لات ساعة مندم فرفعت الجماهير شعار الموت للشاه الذي هرب من غضب الشعب متلمسا ملاذا آمنا لدى اسياده الذين خذلوه فترك صنيعته شاهبور بختيار كي يجد وسيلة للالتفاف حول الثورة عبر اجراءات مثل تشكيل حكومة وحدة وطنية وتشكيل المجلس الملكي لجعل الملكية في ايران دستورية او التقرب من المعارضة واجراءات صورية اخرى الا انها اصطدمت جميعها بحنكة قائد الثورة الاسلامية سماحة الامام الخميني (رض) الذي افشل كل تلك المخططات حتى اوصل الثورة الى شاطئ الانتصار .
هذا السيناريو بالضبط تكرر في تونس، فقبل هروبه سلم زين العابدين بن علي مقاليد الحكم لرئيس الوزراء محمد الغنوشي الذي اعلن حكومة مؤقته وطعمها ببعض الوجوه من خارج النظام الا انه فشل في اقناع الشعب فقام ازلام نظام بن علي بخلق حالة من الخوف والرعب والهلع بين اوساط الشعب التونسي من خلال عمليات القتل والنهب والاعتداء على الناس بهدف دفعهم للالتفاف حول حكومة الغنوشي الذي كان يمهد لعودة بن علي، ومازال الشعب التونسي يواصل التظاهرات لاسقاط حكومة الغنوشي ويقدم التضحيات في سبيل ذلك.
الفارق بين الثورة التونسية والثورة الاسلامية في ايران يكمن بوجود قيادة قوية تسيطر على الشارع وبشكل كامل في الثورة الاسلامية في ايران، الامر الذي قلل من الخسائر بين صفوف الشعب وقصر من عمر حكومة بختيار.
ويمكن من خلال الاجراءات التي تتخذها حكومة الغنوشي وكذلك من ردود الفعل الغربية وقبلها العربية، تلمس وجود خطط جهنمية تقودها مخابرات العديد من دول المنطقة واوروبا والولايات المتحدة تهدف الى الاجهاض على الثورة التونسية بعناصر اخرى ليست كالتي استخدمت في سيناريو مواجهة الثورة الاسلامية.
يقول الصحفي المصري حسنين هيكل ان النظام العالمي وعلى راسه اميركا كان يرى ان الثورة الاسلامية في ايران يجب ان تكون اخر ثورة تشهدها المنطقة وان عصر الثورات قد ولى، ومن اجل ان تتحول هذه الفكرة الى حقيقة واقعة تم تجنيد كل الامكانات لكي تستمر الانظمة الدكتاتورية في الحكم وان يفرض السلام مع اسرائيل على هذه الانظمة الا انه وبعد مرور ثلاثة عقود اتت الثورة التونسية على كل ما بناه النظام العالمي.
واقترب حلم الشاعر احمد فؤاد نجم من ان يتحقق بعد ان حركت ريح الثورة التونسية طواحين غضب الشعب المصري الذي نزل الى الشارع وكسر حاجز الخوف متسلحا بتجارب الثورة الاسلامية في ايران والثورة التونسية في كيفية مواجهة المؤامرات الجهنمية للالتفاف عليهما ووأدهما ولن تنطلي عليه قرارات كتعيين اللواء عمر سليمان نائبا للرئيس او تكليف احمد شفيق تشكيل الحكومة ، وسيطيح كما اطاح الشعب التونسي بحجر اخر من احجار الدومينو التي ستتساقط تباعا.
ونردد مع الشاعر احمد فؤاد نجم مع الاعتذار له لاضافتنا كلمة تونس الى شعره ونقول
ايران وتونس يامصر زينا
كان عندهم ماعندنا
الخالق الناطق هناك
الخالق الناطق هنا