۳۷۴مشاهدات
قد يكون الافتتان بآراء محمد حسنين هيكل ضروريا، وحيث تتقاطع الوثيقة الموثوقة، مع التجربة العميقة، ايضا مع الرؤية البعيدة المدى. كيف يمكن لرجل مثله او مثل الفرنسي جان دانييل تعدى التسعين ان يبقى متألقا ذهنيا الى هذا الحد؟
رمز الخبر: ۲۴۸۴۸
تأريخ النشر: 30 December 2014
شبكة تابناك الإخبارية : كان رئيس تحرير احدى الصحف الخليجية، وهو شخصية سياسية، قد قال لي انه كان جالسا ذات مساء مع هيكل في حديقة احد فنادق مدينة جنيف حين رأى شخصا يتقدم من الخلف باتجاه كرسي الصحافي الكبير وينحني ثم يضع يديه وراء كتفيه تحبباً، وكان هذا الشخص هنري كيسنجر...
استوقفتني في مقابلة اجرتها معه قناة CBC قوله للاعلامية التي كانت تسأله عن مصر «لا تقولي لي هيبة الدولة بل قولي هيبة الامل»....
تحدث عن العرب واحوال العرب، وفي مقابل مصطلحي «القوة الصلبة» و«القوة الناعمة»، استنبط مصطلح «القوة السائلة»، لدى العرب حيث الامكانات و الثروات و الطاقات التي تفتقد الادارة المركزية، والاستراتيجية، تتسرب مثل الانهار (انهار لبنان) الى البحر وتذهب هباء...
بعض الحديث تمحور حول المهمة الشاقة للرئيس عبد الفتاح السيسي، مقترحا عليه تشكيل جبهة وطنية او تحالف لادارة العملية المستقبلية في مصر، بأزماتها ومشكلاتها التي الكثير منها تراكم خلال حكم حسني مبارك، ليأتي «الاخوان المسلمون» بعد ذلك و يتنصلوا من كل تعهداتهم ومن نصيحة راشد الغنوشي بعدم التفرد في الحكم. تفردوا وسقطوا، على نحو دراماتيكي، في التجربة.
هيكل امل في ادارة رؤيوية للادمغة وللايدي وحتى للاحاسيس في مصر، لربما ساعدها ذلك، وبعد زيارة الرئيس السيسي لكل من روسيا والصين، ان تصبح عضوا في مجموعة البريكس..
رأى ان تنظيم الدولة الاسلامية «داعش» احد مظاهر «القوة السائلة»، وحيث الفراغ الايديولوجي والاستراتيجي على السواء، ولكن ليلاحظ انه لا مستقبل لهذا التنظيم الذي يلعب في قعر الازمنة كما في قعر المجتمعات.
هيكل مسكون بالتراجيديا السورية، ويرى انه اذا تلاشت سوريا في الفوضى تلاشى لبنان والاردن تلقائيا، وتفككت خرائط في المنطقة التي، بدورها، ليست ببعيدة عن لعبة الهباء...
يراهن على دور وشيك لمصر التي لم تتلطخ ايديها بالدم السوري، باستضافة ممثلين للمعارضة المنفتحة وللنظام الذي يجزم بأنه لن يسقط اذ انه بعد نحو 4 سنوات من الازمة لا يزال محتفظاً بجيشه، وممسكا بمساحات كثيرة ومتباعدة، بالرغم من الحرب المتعددة الاطراف ضده...
هذا لا يمنع هيكل من التساؤل لو حدثت صاعقة وقضت على النظام فما هو البديل؟ يشعر بالهلع حيال سوريا، ويستعجل العرب في اقامة تلك الادارة المركزية التي اذ تعمل على توظيف «القوة السائلة» في مشاريع مستقبلية، يكون بامكانها استيعاب الازمات وتفكيكها، فضلا عن المصالحة التاريخية مع قيم الحداثة.
يعتبر ان دور النظام محوري في ادارة تفاعلات الداخل توصلا للتسوية، فالتطورات تجاوزت بكثير «جنيف-1» و«جنيف-2» التي لا يزال بعض اصحاب الادمغة الهرمة او الخشبية يتمسكون بها دون اي اعتبار لما حدث من تغيرات على مدى العامين الفائتين.
«داعش» بلا مستقبل دون ان يعني هذا انها ستزول غدا. لا يزال لها دور، وهو شديد التخوف من ان تقترب من العتبات المقدسة لدى الشيعة، وهذه مسألة بالغة الحساسية، ما قد يحمل ايران على احتلال العراق.
في الوقت نفسه ينظر الى الضفة الاسرائيلية، متوقعا ان تأتي انتخابات الكنيست في اذار المقبل بـ«حكومة كارثية»، ليتوقف عند اقوال للكاتب الاسرائيلي البارز عاموس اوز الذي يتوقع مستقبلا مظلما لبلاده «في وضعنا الحالي كما لو اننا عدنا الى الغيتو».
هيكل توقع انتفاضة فلسطينية وشيكة. الادارة الاسرائيلية اقفلت كل الاحتمالات الخاصة بالتسوية. هي مفاوضات مع حائط المبكى، فيما تشكل العمليات الفردية التي يقوم بها الفلسطينيون مؤشرا حاسما على ان الانفجار آت لا محالة...
يلاحظ ان الاميركيين لم يعودوا كما ايام زمان. كثيرون ينتقدون باراك اوباما الذي حاول اعادة ترتيب الاوضاع عقب الكوارث التي احدثها جورج دبليو بوش. الرجل يدرك ما هي كلفة الحرب وانعكاسات ذلك على الاقتصاد الاميركي.
العرب يدفعون، وحربه على «داعش» تمتد لثلاث سنوات او لثلاثين سنة. اين تذهب القوة السائلة؟
خلافات عاصفة داخل التيارات الاسلامية، وهي ستتفاقم، ولكن اين هي المرجعية العربية التي باستطاعتها التحكم بالاحداث وادارتها؟ اسألوا داحس والغبراء!
المصدر : الديار
رایکم