۴۲۲مشاهدات

"كيري" يهمس في أذن "ظريف".. أفهمونا

كما دعت الادارة الأميركية الأنظمة الاقليمية الى اتخاذ إجراءات لتفادي تمويل وتجنيد عناصر في المجموعات المسلحة وردع تدفق المقاتلين الأجانب الى سوريا والاسلحة اليهم؛ وهو الأمر الذي طالما أكدته طهران وموسكو ومنذ اندلاع الصراع العسكري في سوريا.
رمز الخبر: ۱۸۰۰۸
تأريخ النشر: 10 February 2014
كتب الأستاذ جميل ظاهري في مقال لـ شبكة تابناك الاخبارية: هزة سياسية جديدة ضربت المنطقة الخليجية خاصة السعودية بعد ان أذيع خبر اللقاء غير المرتقب بين وزير خارجية الولايات المتحدة الاميركية "جون كيري" ونظيره الايراني "محمد جواد ظريف" على هامش أعمال مؤتمر الأمن العالمي بميونخ.

وقد أربكت الهزة هذه الرياض وبعض أخواتها خاصة بعد أن تم الافصاح عن أن هذا اللقاء لم يتم برغبة ايرانية بل باصرار أميركي رغم تنصل "ظريف" مراراً من الأمر بذريعة زخم لقاءاته وجدولتها المكثفة مع رؤساء الوفود المشاركة من عشرات دول العالم، ولم يجد له وقتا في أجندة "ظريف" سوى الساعة السادسة صباحا في مقر إقامته؛ فشعرت السعودية أنها أضحت في خبر كان بعد تعرضها لرياح العلاقات الاميركية – الايرانية التي بدأت تعصف بالأجواء الاقليمية الاخرى ايضاً التركية منها والعربية.

ورغم أن البحث قد دار بين الوزيرين حول کیفیة مواصلة المفاوضات النووية بين طهران ودول مجموعة "5+1" وسبل الوصول الى اتفاق شامل؛ وان وزیر الخارجیة الاميرکی "كيري" اکد لنظيره الايراني مرة اخرى تعهد الادارة الاميركية وخاصة الرئيس "اوباما" بمتابعة هذا الموضوع وانه جاد فی هذا المجال ويرید ایصال القضیة الى نتیجة وسيقف بوجه كل التحديات التي تواجهها؛ بعد أن كان الطلب الاميركي هو الحديث بخصوص الأزمة السورية حيث جاء الرد من ظريف.."أن ما يهمنا في المفاوضات معكم هو الملف النووي فقط".

وحسب مصادر مقربة من الوفدين في جنيف فقد طلب "كيري" من "ظريف" هامساً في اذنه .. "أفهمونا.. نحن نتعرض لضغوط كبيرة.. هناك ضغوط من صقور دعاة الحرب من الاميركان وضغوط اللوبي الاسرائيلي.. هذا الى جانب ما نتعرض له من قبل أصدقائنا العرب مثل السعودية على إيقاف المفاوضات والتوجه نحو المواجهة العسكرية.. لذا أفهمونا" في اشارة منه الى لتصريحات بعض المسؤولين الاميركان هنا وهناك للتصعيد ضد ايران والتي هي للاستهلاك الداخلي ولكسب ودٌ اللوبي الصهيوني و"الاصدقاء" العرب الذين ينصبون العداء لايران.

فكان الرد من وزير الخارجية الايراني هو التأکید على ضرورة إلتزام جميع الاطراف بالنصوص المتفق علیها في الاتفاق المشترك الذي توصلنا الیه یوم 24 تشرین الثاني الماضي فی جنیف، وأن لا یتم بدلا عنها نشر نصوص اخرى لا اساس لها من الناحیة القانونیة والواقعیة كي يتمكن الجميع من تمهيد الارضية لاستثمار الفرصة لبناء الثقة او على الاقل خفض عدم الثقة القائم منذ عقود ماضیة؛ والتمهيد لألغاء كامل للحظر المفروض على ايران.

بعد يومين من ذلك الهمس، اقترح وزير الخارجية الاميركي "كيري" على نظيره الروسي "لافروف" صيغة جديدة لمفاوضات "جنيف 2" الخاصة بالسلام في سوريا، إذ تقترح واشنطن إشراك كل من ايران والسعودية وتركيا في المفاوضات التي انطلقت بسويسرا نهاية الشهر الماضي - حسبما كشفت صحيفة "كوميرسانت" الروسية في عدد يوم الثلاثاء الماضي وهو ما رحبت به موسكو خاصة وأن الحديث يدور عن إضفاء صيغة إقليمية جديدة على المفاوضات وهو ما كانت تؤكده طهران منذ اندلاع الأزمة قبل ثلاث سنوات، لتكون الآلية الجديدة بالاضافة على الحوار السوري- السوري الذي انطلق في إطار مؤتمر "جنيف- 2" تضم كلا من روسيا واميركا والسعودية وتركيا وإيران وإبعاد الدول الاوروبية بغية الوصول السريع الى الحل.

كما دعت الادارة الأميركية الأنظمة الاقليمية الى اتخاذ إجراءات لتفادي تمويل وتجنيد عناصر في المجموعات المسلحة وردع تدفق المقاتلين الأجانب الى سوريا والاسلحة اليهم؛ وهو الأمر الذي طالما أكدته طهران وموسكو ومنذ اندلاع الصراع العسكري في سوريا.

هذا الهمس وما كشفته الاحداث من بعده، أربك أوراق السعودية وأحست بخطورة الموقف وأن بوادر الانفتاح الاميركي على ايران أخذت تظهر أكثر وأكثر يوماً بعد آخر وأن سياسة "الحلفاء في مرتبة الحموات" لم تعد تعني شيئاً لأدارة "اوباما" وأنها تعي جيداً أنه "من العسير المحافظة على رضا هؤلاء الحلفاء لأمد طويل" ما أكده التقرير التحذيري لمعهد "بروكينغز" الاميركية ل"اوباما" الى "عدم الاستهانة بالحلفاء وتهميش دورهم، خشية اكتشافه وحيدا في عالم لا يعرف الرحمة والتسامح" – حسب تعبيره.

كما دفع بالأمير السعودي "تركي الفيصل" الاسراع الى مغازلة موفدة كيان الاحتلال الاسرائيلي "تسيبي ليفني" دون استحياء وأمام المشاركين في مؤتمر الأمن الدولي بمدينة ميونخ الألمانية والثناء عليها وعلى كيانها اللقيط دون أن يرفّ له جفن، وتحدث عن توطيد العلاقات بين الدول الخليجية والكيان الاسرائيلي على خلفية مخاوفهما المشتركة من البرنامج النووي الايراني.

وجاء إطراء رئيس الاستخبارات السعودي السابق لليفني بعد أن دار سجال فيما بينها وبين "صائب عريقات" رئيس طاقم المفاوضات الفلسطيني خلال جلوسهما على المنصة مع المبعوث الأميركي للمحادثات "مارتين إندك" حول مسألة الاعتراف المتبادل بين "إسرائيل" والدولة الفلسطينية، وأن حل النزاع بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي يمكن فقط على أساس دولتين لشعبين، دولة الشعب اليهودي والدولة الفلسطينية – حسب تصريحات ليفني، ليتوجه إليها الأمير "تركي الفيصل" ومن مكان جلوسه مثنياً عليها أمام الجمهور في الجلسة، قائلاً: «أنا أدرك لماذا تفاوضين عن إسرائيل».

فما كان من ليفني إلا أن ردّت على ثناء تركي الفيصل بحسب موقع «واللاه» الإسرائيلي، بالقول «أتمنى لو كان يمكن أن تجلس معي على المنصة ونتحدث عن ذلك»، وبذلك لمّحت إلى رغبة كيانها تحويل التعاون السري الذي يجري مع دول مجلس التعاون وفي مقدمتها السعودية وقطر الى تعاون علني. المسؤول السعودي لم يستجب لهذه الدعوة، لكن خلال هذا الحدث جلس بضع مرات الى جانب وزير الحرب الاسرائيلي السابق "إيهود باراك"، وتحدث معه عن الشعور المشترك الذي يراود الرياض وتل أبيب واستيائهما من تحرك واشنطن من وراء ظهرهما لمناقشة اتفاق "جنيف النووي" وتخفيف العقوبات المفروضة على إيران .

الربح الذي حققته ايران في صراعها النووي مع كبرى القوى العالمية عبر اتفاق جنيف النووي وما كسبته من أنجاز كبير أي "اعتراف العالم مباشرة أو مداورة بحق إيران في التخصيب" قد عزز موقع طهران التي تملك قوة نارية كبيرة وحركة دبلوماسية نشطة أكثر فأكثر اقليمياً وعالمياً، وهو ما يشكل الهاجس الكبير للسعودية ومن يدور في رحاها أقليمياً من عرب وغيرهم خوفاً من خسران الدور والموقع الريادي الذي كانت تملكه الرياض ولبعض الوقت في ادارة الصراع العربي – الاسرائيلي والأزمات العربية وجعلها في الزاوية.
رایکم