
شبکة تابناک الاخبارية: عام 2006 توجّه الشيخ الطرابلسي محمد بسّام
حمود الى السعودية لأداء فريضة العمرة برفقة الشيخ نبيل رحيم، ولم يعد بعد. أخبار حمود
مقطوعة منذ ثماني سنوات، ما خلا تطمينات متباعدة.أكثر من مئتي صورة وعشرات اللافتات
رُفعت في طرابلس أخيراً تدعو المملكة العربية السعودية إلى الإفراج عن الشيخ محمد بسّام
حمود (٥٥ عاماً)، وتناشد هيئة العلماء المسلمين التدخّل لدى الملك عبدالله لإعادة الشيخ
الذي فُقِد أثره في المملكة إلى عائلته.
في أيلول عام ٢٠٠٦ سُجِّلت آخر مكالمة هاتفية بين
الشيخ «أبو بكر حمود» والشيخ السلفي نبيل رحيم، قبل أن يصبح هاتف الأول خارج الخدمة.
يومها كان حمود ورحيم في زيارة للمملكة لأداء فريضة العمرة. وخلال وجودهما، اتصل حمود
هاتفياً، أكثر من مرة، بـ«صديق» سعودي طالباً رؤيته، لكن الأخير تهرّب من مقابلته بحجة
انشغاله.
لم يعرف رحيم هوية «الصديق» ولا ما كان يريده حمود
منه. وأثناء وجود رحيم وحمود في السوق الحرّة في مطار جدّة، في طريق العودة الى بيروت،
ورد اتصالٌ من «الصديق» المجهول يطلب مقابلة الشيخ «أبو بكر»، فردّ الأخير بأنّ الوقت
قد فات وأنهما في طريقهما إلى الطائرة. لكن «الصديق» أبلغه ضرورة انتظاره نصف ساعة.
ويبدو أن الرجلين لم يكن يعرف أحدهما الآخر، إذ أبلغه حمود أنه يرتدي عباءة بيضاء وأنّه
سيضع يده على رأسه كـ«علامة» لتمييز نفسه. في تلك الأثناء، ارتأى رحيم الابتعاد عن
حمود باعتبار أنّ الموعد خاص. ولكن ما إن ابتعد خطوات حتى شاهد مجموعة من رجال الشرطة
السعودية ومدنيين يُحيطون بـ«أبي بكر» ويرافقونه. انتظر رحيم دقائق، ثم بادر إلى الاتصال
برفيقه، فردّ الأخير بأنّه بخير وسيأتي بعد دقائق. مرّت نصف ساعة من دون أن يعود الشيخ،
فعاود رحيم الاتصال به، لتأتيه الإجابة نفسها: «أنا آتٍ».
ارتاب رحيم، فأبلغ شقيق زوجة حمود المقيم في السعودية
بما يجري. اتّصل الأخير بـ«أبي بكر» مستفسراً، وسمع منه العبارة نفسها: «آنا آتٍ»،
فردّ عليه بأن «الطائرة في صدد الإقلاع. هل ينتظرك الشيخ نبيل؟» فأجابه: «أنا آتٍ،
إن شاء فلينتظرني، وإن شاء فليذهب»، ثم أقفل الخط. نودي في المطار على اسمي رحيم وحمود،
فأعاد الشيخ نبيل الاتصال مجدداً، لكن هذه المرة كان الخط خارج الخدمة. عاود الاتصال
من على متن الطائرة، فكانت النتيجة نفسها.
حصل ذلك قبل نحو ثماني سنوات. وينقل أفراد العائلة
لـ«الأخبار» أنّ المعلومات التي تمكنوا من الحصول عليها تُفيد بأنّ حمود «موقوفٌ بتهمة
العلاقة مع رجل مشبوه في السعودية ربما كان هو الصديق المجهول نفسه». وبحسب المعلومات،
فإن «الصديق» سعودي متّهمٌ بالانتماء إلى تنظيم «القاعدة». وترجّح المصادر أن تهمة
«أبي بكر» تتمحور حول علاقة تربطه إما بصالح القرعاوي، القيادي في «كتائب عبدالله عزام»،
والمدرج على قائمة الـ85 لأخطر المطلوبين للداخلية السعودية، أو محمد سويّد، أحد أهم
رجالات «القاعدة» الذي أوقف في لبنان عقب اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وينقل مصدر آخر
عن مسؤول سعودي أن «أبو بكر مشبوه بارتباطاته بالفئة الضالة والتكفيريين».
وتكشف معلومات موازية لـ«الأخبار» أن «الصديق» السعودي
غادر السجن منذ سنوات، فيما لا يزال حمود موقوفاً، وتمنع عائلته من زيارته أو الاتصال
به. وطوال فترة اعتقاله، لم تعرف العائلة شيئاً عنه، باستثناء اتصال واحد من وزارة
الداخلية السعودية، عقب فيضانات شهدتها مدينة جدة وتوفي فيها نحو عشرين سجيناً، أفادوهم
فيه بأنّ «أبو بكر بخير وفي صحة جيّدة».
يذكر أن حمود الذي كان يملك محل عطارة في منطقة
أبي سمراء، كان مطارداً من الاستخبارات السورية بتهمة الانتماء إلى «حركة التوحيد الإسلامي».
ويقول شقيقه وليد حمود لـ«الأخبار» إن «أبو بكر بقي في منزل واحد لمدة سبع سنوات كاملة
متخفّياً من السوريين»، مشيراً إلى أنّه «لم يخرج منه أبداً، وعندما سُوّي أمره خرج
شديد البياض لأنه لم يكن يرى أشعة الشمس».
وتؤكد العائلة «إننا لم نترك باباً إلا طرقناه.
قصدنا أقطاب الرابع عشر من آذار فرداً فرداً، لكن لم يساعدنا أحد». ويلفت شقيقه الى
أن «المرحوم وسام الحسن وعدنا بالمساعدة، لكنّه اغتيل». أما ما خلا ذلك من «أركان الدولة
اللبنانية، فكلّهم نائم بلا حسٍّ أو خبر عن شقيقنا». وناشدت عائلة الشيخ المعتقل المدير
العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم التدخّل لإعادة الشيخ «المعتقل ظلماً منذ سنوات»،
لافتة الى أن والد أبو بكر ووالدته توفيا أثناء وجوده في السجن.
ويقول شقيقه إن حمود يعاني من أمراض الربو والحساسية
ويُصاب بنوبات وجع رأس شديد. وتنقل العائلة أنه وردهم اتصالات من سجناء شاركوا أبو
بكر في الزنزانة، أبلغوهم أنّ وضعه الصحي سيّئ للغاية، كاشفين أنّه بات يعاني من تضخّم
في القلب. و«أبو بكر» أبٌ لأربعة أولاد: إسماعيل (٢٨ سنة)، مريم (٢٦ سنة)، عائشة
(٢٢ سنة) وإبراهيم (١٦ سنة).
كتيبة الشيخ السجين
خرج إلى الواجهة اسم «الشيخ أبو بكر حمّود» خلال
الاشتباكات الأخيرة التي اندلعت بين بعل محسن وباب التبّانة في طرابلس. فقد نُشر على
مواقع التواصل الاجتماعي وعبر التويتر بيان باسم «كتيبة الشيخ أبو بكر حمود بقيادة
«أبو الحسن»»، زاعمة تبنّي تفجير مبنى الحلبي في جبل محسن. وقالت إنها «تتابع بدقة
التطورات في مدينتنا الغالية طرابلس. وبعدما وصلت الأمور الى هذا الحد، قررنا التدخل
في المعركة، وكان أول إنجاز لكتيبتنا تفخيخ مبنى الحلبي في جبل محسن». ونفى أقارب حمود
وجود أي صلة لهم بهذه الكتيبة أو معرفتهم بها.
النهاية