۳۷۶مشاهدات
ولا تقتصر أضرار ذلك على تخريب الأشجار والمزروعات والبيوت، وإنما تسبب أضرارًا صحية للمواطنين، بحسب المواطن مراد الخفش.
رمز الخبر: ۱۶۶۸۶
تأريخ النشر: 27 November 2013

شبکة تابناک الاخبارية: تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي عمليات التوسع الاستيطاني في قرى وبلدات محافظة سلفيت شمال الضفة الغربية، مستخدمةً في ذلك أساليب وأدوات مختلفة.

وتجثم على أراضي سلفيت 23 مستوطنة إسرائيلية، أبرزها "اريئيل" التي تقتطع أوصال عدد كبير من البلدات والقرى الفلسطينية المكونة للمحافظة، وعددها 18.

ومن أكثر القرى التي سرقت أراضيها لصالح هذه المستوطنة الآخذة في التوسع، قرية مردة غرب سلفيت، والتي تبلغ مساحتها الإجمالية 9326 دونمًا، ومسطح البناء عليها 519 دونمًا فقط.

ويبلغ عدد سكان القرية 2500 نسمة، وقد تعرضت عشية مؤتمر "كامب ديفيد" عام 1978م لحملة احتلالية شرسة تمثلت بمصادرة 400 دونم من أكثر أراضيها الزراعية خصوبةً جنوبيها؛ حيث أقيمت عليها حينها نواة مستوطنة "اريئيل"، التي سرعان ما أخذت تتوسع على حساب أراضيها، وأراضي قرى كفل حارس، اسكاكا، وبرقين لتصادر حتى اليوم أكثر من 20 ألف دونم.

وتعاني قرية مردة من أسلوب جديد لتهجير أبنائها؛ فهنا لا تهدم الجرافات البيوت، ولا يقتلع المستوطنون الأشجار، وإنما تقوم بهذه المهمة المياه العادمة المنبعثة من مستوطنة "اريئيل"، والتي تتربع على أعالي جبالها المصادرة.

وتتبع بلدية المستوطنة أسلوب جر مياهها العادمة من أعلى القمة إلى أراضي القرية الزراعية وبيوتها. ومع حلول فصل الشتاء، يعمل المستوطنون على خلط المياه العادمة بمياه الأمطار، وفتح الأنابيب، لتتدفق على أراضي مردة.

ولا تقتصر أضرار ذلك على تخريب الأشجار والمزروعات والبيوت، وإنما تسبب أضرارًا صحية للمواطنين، بحسب المواطن مراد الخفش.

وأضاف: "معاناتنا تبدأ بوجود المستوطنة، ولكنها ازدادت مؤخرا بضخ المياه العادمة على أراضينا الزراعية".

وأشار الخفش إلى أن جدران بيته تشققت، موضحًا بالقول: "أصبح بيتي آيلًا للسقوط على رؤوسنا في أي لحظة".

ويروي المواطن نبيل حسن معاناته مع المياه العادمة قائلًا: "لقد اقتلعت بلاط المنزل، وأخشى أن تقتلعه مرة ثانية إذا أعدنا التبليط؛ لذا فضلت أن أظل مع عائلتي على الرمل".

ويتابع: "تصدعت جدران الغرف، والمطبخ، وغرفة الجلوس، والرطوبة تنتشر في كل أنحاء البيت"، مستطردًا :"شبعنا وعودًا من المسؤولين، ولم نلحظ تطبيقًا لها".

ولا تقف معاناة حسن عند هذا الحد، فالخنازير تسبب الرعب له ولأطفاله، فهي "تتواجد بالعشرات أمام منزلي كل ليلة". ويضيف: "كلما أقمنا حواجز لمنعها من الوصول دمرتها".

وليس للقرية أي منفذ على أي قرية مجاورة، حيث يقول رئيس المجلس القروي صادق الخفش: "تحاصر مستوطنة "اريئيل" القرية، فمن شمالها سياج أمني، ومن جنوبها جدار الفصل العنصري، والمستوطنة".

وبحسب الخفش فإن ذلك يجعل القرية عرضة لمضايقات المستوطنين المستمرة، ومصادرة أراضيها، ويتابع: "أما الأراضي التي تقع خلف الجدار فيمنع المواطنون من الوصول إليها".

هذه الظروف أدت إلى ابتعاد المواطنين عن قطاع الزراعة، الذي كان في يوم من الأيام يمثل سبيل الحياة الرئيس لهم.

ويقول أحد مزارعي القرية حسين سعيد: "المياه العادمة التي يضخها مستوطنو "اريئيل" قضت على أراضينا الزراعية، وبعد أن كنا نزرع ونحصد ونأكل مما نزرع، أصبحت التربة مسممة والأشجار تالفة".

وطالب سعيد السلطة الفلسطينية بالتدخل لوقف ممارسات الاحتلال التهجيرية في القرية، من خلال رفع شكوى ضد "إسرائيل" لمؤسسات الأمم المتحدة.

من جانبه، قال الباحث القانوني عبد لله حماد: "ننتظر تقريرًا من مجموعة الهيدرولوجيين لمعرفة نسب المياه العادمة التي اختلطت بالمياه التي يستخدمها المواطنون في مردة، وعندها سنترافع أمام المحاكم الإسرائيلية المدنية والعسكرية والمحاكم الفلسطينية المتخصصة".

هذا ولا تقتصر مضايقات الاحتلال على المياه العادمة والنفايات، فقد أضحت حياة سكان مردة تشبه حياة الأسرى في السجون الإسرائيلية؛ حيث تخضع مسيرة حياتهم اليومية لمزاج سلطاته ومستوطنيه، فلا منفذ لها سوى عبر بوابتين يشرف جنود الاحتلال على فتحها وغلقها.

وتشهد القرية منعًا غير معلن للتجوال، وغيابًا كاملًا للحركة مع حلول المساء؛ بسبب الخنازير البرية التي يطلقها المستوطنون؛ لتعتدي على الزرع والبشر.

وطبقًا لمسؤول ملف مواجهة الاستيطان غسان دغلس: "تعاني قرية مردا الأمرين من ممارسات سلطات الاحتلال والمستوطنين، ومنها منع البناء، مما دفع كثيرًا من مواطنيها للهجرة إلى مناطق مجاورة، ونقلوا مقر حياتهم خارج القرية".

وأشار دغلس إلى أن الاحتلال لم يكتف بذلك، موضحًا أنه أقدم خلال خطة الفصل من جانب واحد، على شق طريق عابر السامرة رقم 55، الذي يمر بأراضي القرية الشمالية الغربية، ليصادر هناك 110 دونمات، وبذلك يُحكم الاحتلال السيطرة على القرية من جهاتها الجنوبية، والجنوبية الغربية، والشمالية.

وتعتبر قرية مردة من القرى التي يعاني أهلها بشدة من إجراءات الاحتلال الاستيطانية، حيث يتم فيها تجريب وسائل تهجير مبتكرة، ويرى مواطنوها أن أي حل لمعاناتهم، يتمثل في إزالة مستوطنة "اريئيل".

النهاية


رایکم