شبکة تابناک الأخبارية: على حال القمم العربية السابقة انتهت القمة العربية الطارئة التي عقدت في مدينة سرت الليبية بإثارة ضجيج إعلامي واسع النطاق مصحوباً بالفضائح السياسية و مهازل أفعال و تصريحات القادة العرب الذين عودونا الغط في النوم العميق حتى أمام كاميرات وعدسات المصورين في الاجتماعات العلنية و السرية للقمم العربية، و الانغماس في ملذات موائد الضيافة العربية والهرولة وراء المومسات و صبايا الليل في قصور الرئاسة حيث يؤدي كل قائد عربي مستضيف للقمة دور (القوادة) على افضل حال و بأحسن صورة، خاصة اذا كان هذه المرة المضياف صاحب القرنين البارزين ليس الرئيس حسني مبارك الضليع بمثل هذا الأمور و الخدمات بل هو القائد الأوحد الموحد للامة العربية و زعيم شركة الجماهيرية الديمقراطية الشعبية القومية العربية الأفريقية المتحدة المساهمة (ذ.م.م)!.
و كالعادة أيضا لعب المحتكر لرئاسة الجامعة العربية عمرو موسى دور القرد للمهرجين من القادة العرب في محاولة التقريب بين وجهات نظرهم وحل خلافاتهم المزعومة التي أتوا الى القمة العربية في ليبيا من اجل الإبقاء على هذه الخلافات في الواقع بل و تصعيدها ايضاً و رفع الشعار المعروف عن القادة العرب: اتفقنا على ان لا نتفق!.
حقاً اننا لا نريد السخرية من القادة العرب او الاستهزاء بتصريحاتهم و مواقفهم لانها سخيفة بالأساس و باعثة للسخرية حسب اعتراف القاصي و الداني، و لكن من المهازل الجديدة التي سمعناها و رأيناها عن هؤلاء تجعل جميع المواطنين ينفجرون من الضحك على مهزلة التصريحات و البيانات الإعلامية و السياسية للكثير من المسئولين العرب التافهين و المنبوذين في بلدانهم و سائر الدول الأخرى مثل الأمير الأجلف سعود الفيصل الذي مثل النظام القمعي و غير الشرعي في بلاد نجد و الحجاز قال حين وصوله الى مدينة "سرت" الليبية: اننا نريد إصدار قرارات فاعلة و حاسمة تهز العالم!. و صرح بعد القمة ان النظام السعودي دعا في القمة الى نظام عربي فاعل و لعب الانظمة العربية خاصة السعودية لدور اكثر نشاطا!.
مثل هذه التصريحات صدرت ايضاً من أفواه معظم المسئولين العرب في الدول النفطية و كذلك فعل الملازم في الجيش سابقاً فخامة رئيس جمهورية اليمن غير الموحد علي عبد الله صالح الذي تصور انه يستطيع بيان مواقف و اقتراحات تهز مشاعر القادة العرب و تدفعهم لفتح "خزنة العرب المالية" أمام جشع النظام الحاكم في اليمن غير الموحد لقمع شعبه و أهل الجنوب بالرغم من عدم فصاحة علي عبد الله صالح و انه لا يجيد التحدث و النطق القويم لانه في الواقع شخص أمّي و لم يتخط تعليمه مرحلة الابتدائية.
محمود عباس هو الزعيم العربي الآخر الذي راح يهز ذيله كالكلب الذليل يرقص فرحا و طاعة أمام طاولات قادة العرب للدول النفطية طمعاً وراء ما يصفه هو بفتات موائد أموال الدول العربية التي تلقى عليه بين فترة و أخرى خاصة بعد اشتداد الضغوط و شن الحروب على قطاع غزة الذي لا شأن و لا دخل له فيه ، و يدعي حتى الان من ان السلطة الفلسطينية المناضلة في سبيل المساومة مع إسرائيل لم تسمن كثيراً جراء تلقيها 5 مليارات دولار فقط من الأنظمة العربية التي أهديت لاعمار قطاع غزة بالأساس و حصل هو و عصابته على هذه الأموال مدعياً ان الدول العربية وعدته مؤخرا بـ 500 دولار منحة جديدة أيضا لكنها لم تف بوعودها و على هذا الأساس أوقفت السلطة الفلسطينية بناء المساجد و المشافي في الضفة الغربية!.
صاحب الضيافة العكيد (العقيد سابقا) معمر القذافي الذي فشل في نيل جميع مشاريعه الوحدوية و انهزم في تحقيق خططه لقيادة الدول العربية و محاربة ما يصفها ب "الإمبريالية العالمية و فرضه القسري الكتاب الأخضر على العرب و الليبيين، انتقل هذه المرة من فرض مشروعه المعروف ب (اسراطين) لتقاسم فلسطين بين العرب و إسرائيل الى خطة توحيد العرب و الأفارقة بعد ما فشل في قيادة الأفارقة الجياع و المعدمين سياسياً و علمياً و الأغنياء بدولهم و تراب أوطانهم في قمم الوحدة الأفريقية ، و حاول القذافي عبثاً الجمع و الوحدة بين العرب و الأفارقة علما منه ان مثل هذا الجمع و هذه الوحدة لن تتحقق لسبب بسيط و هو ان الزعماء العرب (خاصة الدول النفطية) وضعوا قراراتهم و مصيرهم بيد أمريكا و الأفارقة بدورهم لا يزالون يعتبرون أنفسهم بل يفتخرون ان بلدانهم مجرد مستعمرات و قواعد للدول الأوروبية.
و كما في القمم السابقة فان القادة العرب الأبطال و السباقون في ملأ البطون و إرضاء ما تحتها قد اتفقوا في قمة "سرت" الطارئة!! على ترحيل القضايا الخلافية بينهم الى القمة القادمة لانهم اثبتوا عجزهم و ضعفهم حتى في حل قضايا داخل ما يسمى بالوطن العربي مثل أزمة السودان مع الجنوب و تشتت الصومال، و حصل محمود عباس في القمة على ما وصفه البيان الختامي على "الدعم القوي!" للقضية الفلسطينية، و قدم القادة العرب كالسابق التماس و الرجاء شديد اللهجة الى إسرائيل للقبول بالسلام معهم و التنازل اذا سمحت الدولية الصهيونية بالتنازل عن جزء ضئيل جداً من فلسطين إلى أصحابها الأساسيين.
و الأكثر سخرية في هذا السياق ان القمة العربية في "سرت" و التي تم الإعداد لها على مدى ستة اشهر لم تدم سوى نصف ساعة في جلستها السرية و هذا يعني بكل بساطة لو ان كل قائد و زعيم و مسئول عربي لو اختزل خطابه فقط بعبارة أصحاب الفخامة و السيادة او عطس او تثاءب في هذا الاجتماع لدام اكثر من 3 ساعات على الأقل، و لا نعرف كيف تم لجم القمة و إصدار بيانها الذي قيل عنه في السابق انه سيغير وجه المنطقة و العالم في اقل من 30 دقيقة، و لا نعرف كيف انحرفت قمة سرت الليبية عن القرار التقليدي المعروف الذي يتيح للقادة العرب الغط في النوم العميق في الاجتماعات السرية و العلنية للقمم العربية على الأقل ساعة في كل اجتماع ؟!.
الموضوع الآخر الذي يثير السخرية و الاستهزاء في بيان قمة "سرت" هو إعلان القادة العرب دعمهم غير المحدود لوحدة العراق و الحافظ على أمنه و استقراره و الوقوف الى جانب الشعب العراقي و ...
مثل هذا الادعاء قطعاً أجوف و سخيف و لا ينطبق مع الحقائق القائمة بل و يتعارض مع كل الدولة و الإثباتات التي تؤكد ان 99% من المتفجرات التي تقتل يومياً عشرات و مئات الأبرياء في العراق الدامي تأتي اساساً من سوريا و السعودية و الأردن و ان معظم الذين يقومون بعمليات إرهابية و يشرفون على جرائم القتل الجماعي و الجريمة المنظمة و إرعاب المواطنين في العراق يحظون بدعم مباشر من قادة و مسئولي و أمراء الدول العربية وان وثائق و إثباتات أجهزة الأمن العراقية تؤكد صراحة من ان الإرهابيين يتلقون تدريبات القتل و التفجير و الارهاب في سوريا و الأردن و دول عربية أخرى و يحصلون هؤلاء على أموال طائلة مباشرة من مسئولي الأنظمة العربية النفطية بهدف زعزعة الأمن في العراق و تنفيذ مخطط إبقاء و حصر الإرهابيين و عناصر الجماعات المتطرفة في ساحة العراق بعد تشتتهم من أفغانستان و باكستان و هزيمتهم في كل مكان من المنطقة و العالم.
و تؤكد جميع الأدلة و الوثائق ان السعودية و سوريا و دول أخرى في المنطقة تدعم الإرهاب و الإرهابيين و تحثهم على الرحيل من أوطانهم و البقاء في العراق لكي تتخلص بلدانهم من ظاهرة القتل و التطرف و الإرهاب التي لا دين و لا إنسانية و لا شرف لها.
فهل يستطيع قادة الدول العربية بعد كل هذه الحقائق الزعم حتى لشعوبهم من انهم يعملون لصالح دول أخرى مثل العراق تطبيقاً لميثاق الجامعة العربية ؟!.
البارز في بيان قمة "سرت" هو التوافق على انعقاد القمة العربية القادمة في بغداد خلال مارس القادم اي بعد حوالي 5 اشهر من الان، وهي القمة التي ان انعقدت في افضل الأحوال و التطورات فإنها ستكون قطعاً على مستوى وزراء خارجية الدول العربية او وكلائهم فقط، و ذلك لان معظم القادة و الزعماء العرب يخشون ان ينقلب السحر عليهم و تتعرض حياتهم للخطر على أيدي الجماعات الإرهابية التي هم من خلقوها و صنعوها و مدوها بالمال و السلاح و المتفجرات ، فزعماء و عناصر الجماعات الإرهابية هم بالأساس عمي القلب و البصيرة و لا عقول و لا حكمة و لا اتزان و لا ذرة من الإنسانية في رؤوسهم الخاوية، و هؤلاء قد يقدمون على تفجير مقر اجتماع قادة العرب في بغداد تصوراً منهم انهم يخدمون الإسلام الوهابي المنحرف و ينفذون أمنية غير واقعية تصاحب ألسنة القادة العرب دوما من انهم يتمنون ان يلتحقوا بركب الشهداء الأبرار و يسعون لنيل شرف التضحية و الفداء في سبيل الله و الدين و الوطن!.
* كاتب و إعلامي ـ السويد