۲۷۷مشاهدات
الجدية تقتضي قطعا أن يعمم القرار ليشمل كل الميليشيات المسلحة في المنطقة والتي تقاتل لفرض رأيها بالقوة على الآخر، ففي التعريف البسيط للإرهاب، فإن فرض الرأي بالقوة يصنف إرهاباً.
رمز الخبر: ۲۰۸۴۶
تأريخ النشر: 20 August 2014
شبكة تابناك الاخبارية: إن يصدر مجلس الأمن قراراً يدين تنظيمي جبهة النصرة و"داعش" ومن يدعمهما فذاك أمر قد يحسب إعلامياً و سياسياً للغرب، لكن شرط أن يكون جدياً.

الجدية تقتضي قطعا أن يعمم القرار ليشمل كل الميليشيات المسلحة في المنطقة والتي تقاتل لفرض رأيها بالقوة على الآخر، ففي التعريف البسيط للإرهاب، فإن فرض الرأي بالقوة يصنف إرهاباً.

القرار الدولي تناسى أن يشمل الميليشيات المسلحة في سوريا، معتبراً إن الإرهاب محصوراً بـ "النصرة" و"داعش"، وحين يتجاهل واضعو مشروع القرار قبل التصويت عليه التشاور والنقاش مع كل من سوريا والعراق بكونهما الدولتين التي تختصان بهذا القرار، فذاك يعني حتماً أنهم لا يريدون الخروج من دائرة الضوء الإعلامي بما يسمح لهم أن يغيروا مزاج الرأي العام في دولهم حول سياساتهم تجاه منطقة شرق المتوسط.

وفي فرنسا، بريطانيا وأمريكا على وجه التخصيص، فهذا الثلاثي يقود عملية التمويل بأرقام كبيرة لما يصطلح على تسميته تمويل "المعارضة السورية المعتدلة"، و يستغرب هنا أن يكون للمعارضة جناح مسلح يدعم، فالمعارضة في جوهرها تكون سياسية، والعملية السياسية في الملف السوري معطلة بفعل تعنت الشخوص المعارضة التي تسكن فنادق الدول التي تستضيفها، وبالتالي فإن المنطق البسيط يقول بأن تسليح أي فصيل مسلح هو تعطيل للعمل السياسي، و العمل المسلح لن يخرج عن دائرة الإرهاب ما دام ضحايا عملياته أغلبهم من المدنيين بكون هذه الميليشيات أو الفصائل المسلحة تستهدف غالباً الأحياء المدنية.

ومن وجهة نظر أخرى، كيف يمكن أن يدخل قرار مجلس الأمن هذا حيز التنفيذ الجدي، وصفقات النفط الكبرى تجري برعاية تركية مباشرة بين تجار السوق السوداء والتنظيمات الإرهابية، بما يحقق أرقاماً خيالية يومية لصالح التنظيم، الذي ينفق هذه الأموال على تمويل التجنيد و التسليح و تفخيخ السيارات، وكيف يمكن أن يدخل هذا القرار حيز التنفيذ و الكيان الإسرائيلي يفتح الأراضي الفلسطينية المحتلة أمام الدخول إلى الاراضي السورية ويقدم لهم الدعم اللوجستي و يعالج جرحى جبهة النصرة في مستشفياتها، والأرقام تشير بحسب صحافة الكيان الإسرائيلي إلى تلقي 81 مسلحاً من "النصرة" العلاج ضمن مشافي صفد، وكيف يمكن أن يذهب هذا القرار باتجاه الجدية و المخابرات الأميركية هي من أسست ودعمت وأوصلت "داعش" إلى الدموية التي هو فيها، ثم اتخذت قرارا بمحاربته، لتعود إلى المنطقة مما يعيد إلى الأذهان السيرة الأولى لتنظيم القاعدة الذي أسسته أميركا أيضاً على ذات العقيدة الدينية و الطريقة ليصبح في وقت لاحق العدو رقم واحد والذي دخلت من بوابة محاربته إلى العراق؟ و أي جدية تكون لهذا القرار إن كان مجرد تمهيد لعمل عسكري و سياسي سيفضي إلى تقسيم العراق من خلال دعم الأكراد على حساب بقية المناطق العراقية الأخرى، وهي خطوة تمهد لحلم أميركي بتقسيم سوريا، بما يخلق المناخ الطبيعي جغرافياً لوجود الكيان الإسرائيلي كجزء من خريطة مقسمة على أساس مذهبي و عرقي.

الجدية تكون مبنية على أن لا يكون القرار مجرد هالة إعلامية ستستخدم لتبرير سياسات مستقبلية تعمل على دعم الإرهاب من أجل تقسيم المنطقة بحجة حماية الأقليات، فيمنح الكرد دولة مستقلة في أولى تلك الخطوات.

فالمزاج العالمي هيأ لهذا الغرض من قبل أمريكا، و الإعلام الذي عمل على تصوير إرهاب داعش يستهدف الأكراد و المسيحيين الذين تذوب قضيتهم أوروبا بمنحهم جنسيات أوروبية، فيما يكون الحل بالنسبة للأكراد إقامة الدولة الحلم، في هكذا خطوة يكون تنظيم داعش حقق الغاية من إنشائه، وفي هكذا خطوة يكون التخلص من التنظيم حاجة طبيعية لأوروبا و الغرب، فيعمل على تدميره.

أما في سوريا، فالقضية معقدة بالنسبة لهم، فالتقسيم أمر مستحيل بسبب قوة الدولة السورية، ما يعني أن مشروع القرار لن يدخل حيز الجدية مطلقاً لكي يستمر الدعم المباشر لكل التنظيمات الإرهابية، خاصة وإن القرار أصلا مجرد حبر على ورق، و التمويل لا يحتاج إلى اعترافات، وسيحتاج مجلس الأمن الدولي إلى أدلة ملموسة لإدانة أي دولة.

النهاية
رایکم