۴۸۹مشاهدات
لقد حاول البريطانيون أيضا تطبيق مقاربة مشابهة في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم في جنوب العراق (محافظة البصرة)، لكنهم لم ينجحوا في ذلك، لأن الظروف والتحديات هناك كانت أصعب بكثير».
رمز الخبر: ۸۵۱
تأريخ النشر: 13 September 2010
شبكة تابناك الأخبارية: تجاهل العسكريون الهولنديون في العراق في بعض الأحيان، التوجيهات السياسية التي كانت تأتيهم من لاهاي، حسبما يقول مؤرخ عسكري هولندي. ويقول آرثر تنكاتا في كتابه، الذي يستعد لطرحه باللغة الهولندية ويتناول نشاط البعثة العسكرية الهولندية في العراق بين عامي 2003 و2005، إن لاهاي اتفقت بشكل واضح مع الحكومتين البريطانية والأميركية على أن تتبع القوات الهولندية في العراق سياسات متميزة بما يجعلها لا تبدو «قوة احتلال»، وإنما «قوة لحفظ السلام».

ولكن، حسب تنكاتا، تجاهل القادة الميدانيون هذا الاتفاق، وتصرفوا وفقا لما تمليه عليهم الأوضاع على الأرض، أي إنهم باختصار لم ينفذوا أوامر القيادة السياسية. غير أن الباحث لا يذهب إلى حد وصف سلوك القادة العسكريين الهولنديين في العراق بأنه «عصيان»، بل يصفه بـ«النهج البراغماتي».

وحسب ما ذكرت إذاعة هولندا العالمية في تقرير لها حول الكتاب، حاولت الحكومة الهولندية في عام 2003، بقيادة المسيحي الديمقراطي يان بيتر بالكيننده، أن تشارك في المهام العسكرية بالعراق، وفي الوقت نفسه أن تنأى بنفسها عن الارتباط بسلطة الائتلاف المؤقتة، وهي السلطة التي كان يقودها الأميركي بول بريمر، والتي منحها قرار لمجلس الأمن سلطة إدارة شؤون العراق. ونص القرار الدولي الذي صدر في 22 مايو (أيار) 2003، على أن إدارة العراق المحتل من مسؤولية الدولتين اللتين قادتا الغزو، الولايات المتحدة وبريطانيا.

لكن الواقع على الأرض اختلف عن نوايا السياسيين، فقد انتشرت القوات الهولندية في محافظة المثنى بجنوب العراق، واتضح سريعا أن مهام تلك القوات لن تتحقق من دون وجود سلطة إدارية تملأ الفراغ الذي تركه سقوط نظام صدام حسين، وتنهي الفوضى التي أعقبت السقوط في مختلف أنحاء العراق. لذلك، وعلى عكس التوجيهات العامة القادمة من لاهاي، شكل القادة العسكريون في محافظة المثنى إدارة محلية، بإشراف مستشار سياسي يعمل بمعية قائد القوات الهولندية ديك زوايخمان.

وعنوان الكتاب هو «مهمة في المثنى.. القوات الهولندية في العراق 2003 - 2005»، وألفه تنكاتا بالمشاركة مع زميله المؤرخ تايس بروكادس. والخلاصة التي توصل إليها الباحثان، بعد دراسة تحليلية للمهمة العسكرية، هي أن نوايا السياسيين في لاهاي ومدى معرفتهم بالأوضاع في العراق، لم تكن تتناسب مع الواقع على الأرض. كذلك فند الباحثان وجود ما عرف في الأوساط الإعلامية والسياسية في هولندا بـ«المقاربة الهولندية» التي أشيع أنها ميزت الوجود العسكري الهولندي في كل من العراق وأفغانستان عن القوات الأجنبية الأخرى.

وتسعى «المقاربة الهولندية» إلى تحقيق الأمن في المناطق الواقعة تحت السيطرة الهولندية، من خلال تمتين العلاقات مع الحكومة المحلية، والأهالي والوجهاء، وكسب الثقة، والظهور بمظهر غير عدائي، عبر وسائل مثل التخلي عن ارتداء الخوذات العسكرية أثناء الدوريات. ووفقا لتنكاتا، فإن النجاح النسبي للهولنديين في المثنى، كان بفضل تعاون شيوخ القبائل المحليين الذين كانوا يسعون إلى تحقيق السلام في مناطقهم، وعدم وجود أعداد كبيرة من الشباب العاطل عن العمل، والذي يسهل تجنيده من قبل الجماعات المسلحة.

ويقول تنكاتا إن «المقاربة الهولندية ليست وصفة جاهزة يمكن تطبيقها في كل مكان. لقد حاول البريطانيون أيضا تطبيق مقاربة مشابهة في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم في جنوب العراق (محافظة البصرة)، لكنهم لم ينجحوا في ذلك، لأن الظروف والتحديات هناك كانت أصعب بكثير».

وفي المثنى، التي كانت تحت سيطرة الهولنديين، حتى مارس (آذار) 2005، تحولت المقاربة الهولندية في واقع الأمر، إلى «نسخة مخففة» من الحرب ضد العصابات، مع كثير من الارتجال والقرارات الآنية المبنية على التطورات على الأرض. وعلى حد وصف الباحث «ربما كان من الأفضل استخدام تعبير اللمسة الهولندية. والحقائب المملوءة بالدولارات كان لها أيضا دور حاسم في إنجاح تلك (اللمسة)».
رایکم
آخرالاخبار