۱۱۹۶مشاهدات
رمز الخبر: ۷۴۸
تأريخ النشر: 07 September 2010
شبكة تابناك الأخبارية:‌ أضحت الكثير من المجتمعات في الشرق الأوسط منهكة ومتعبة؛ نتيجة انتشار واسع لفيروسات فكرية شلّت قدراتها الذهنية، وأضعفت روحها الإبداعية، وأرهقت خلاياها مما دفعتها لتكون في مؤخرة المجتمعات النامية. لغاية اليوم لم يستطع أي مختبر عالمي إيجاد دواء فاعل ومؤثر للقضاء على هذه الفيروسات، ربما لأنها فريدة من نوعها، ونادرة في شكلها الخارجي وفي تركيبتها البيولوجية، فهي تنتشر في المجتمعات المريضة نفسياً، والمبتلية بعقدة الذنب والاستبداد والقهر والتخلف، والمثخنة بالإرهاصات التاريخية .. مجتمعات تتفنن في إخفاء الحقيقة، وتتلون بألوان خادعة وماكرة .. جميع أفرادها يلعنون التعصب والتطرف بينما غالبيتهم متعصبون حتى النخاع، منهم من يضمر الكراهية لأخيه المواطن لا لذنب اقترفه سوى أنه ينتمي لمذهب غير مذهبه، أو لقومية غير قوميته، أو لحزب غير حزبه. لا تجد في مخيلة الشخص المتعصب أية قيمة للهوية الوطنية، أو الانتماء الوطني، أو العيش المشترك. أفق فكره ضيّق كضيق صدره، لا يحتمل إلا رأي جماعته حتى وإن كان أفرادها على باطل، وهذه في الحقيقة عين العصبية الجاهلية التي نهى عنها ديننا الحنيف. نعلم عين اليقين، بأن العصبية لا تصدر إلا من النفوس المريضة، والعقول الجامدة، والقلوب الفاقدة للرحمة.

حينما يضعف التسامح والتآخي والمحبة بين أبناء الوطن الواحد، يقوى الحقد والكراهية والضغينة، ويفتح المجال للعنف بالخروج من نوافذ الصدور المشحونة إلى الجوارح ليصطدم بالآخر وتنتشر شرارته إلى ساحات المجتمع من خلال افتعال أزمات،  فيتفشى العنف كظاهرة مجتمعية، ويصبح القتل على الهوية عنوانًا، وإقصاء الآخر شعارًا، والرعب والخوف هاجسًا، وفي المحصّلة نجد الوطن قد فقد توازنه وأمنه الاجتماعي، والمواطن قد أصبح مرعوباً نتيجة  فقده للأمن والأمان. ونتساءل: ما هي أسباب قوة هذه الفيروسات الخطيرة التي تنتشر كالنار في الهشيم؟ ومن أي منبع تتغذى؟ وفي أية بيئة تنتشر؟ ولماذا يتمسك البعض بعباءة الدين؟ أليس الإسلام دين السلام والتسامح والمحبة؟ أولا يردّدون على ألسنتهم أسماء الله الحسنى كالسلام، والودود، والرءوف، والرحيم؟ ولماذا لا يتخلقون بأخلاق الله؟ ولم لا يتبعون رسول الرحمة في سيرته وخلقه؟ ولماذا أصبحت صدورهم مليئة بشحنات الحقد والكراهية، يفجرونها في وجه من يعارضهم في رأي أو موقف؟

من السهل القول بأن أسباب العنف والتعصب والتطرف هي نتيجة الممارسات الاستبدادية للأنظمة الحاكمة، وإرهاب القوى الكبرى في منطقتنا، ولكن من الصعب على دعاة التطرف الاعتراف بافتقارهم للوازع الديني، وفقدهم لقيم التسامح والمحبة والتعايش السلمي. والمؤسف أننا نسمع ونرى يومياً عن ممارسات الفوضى الهدّامة في العديد من البلدان الإسلامية، بعضها يُمارس بأيدي الأمريكان والأنظمة السياسية، وبعضها الآخر يُمارس بأيدي جماعات متطرفة، تهتك حرمة المواطنين. إن أخشى ما نخشاه أن يأتي علينا زمان يلعن فيه الخلف السلف؛ لأننا تركنا للجيل القادم ميراثًا اجتماعيًا مليئًا بالحقد والكراهية والتعصب الأعمى، ومجتمعات ممزقة وفاقدة للتجانس والتعايش.
رایکم