
قال العميد علي محمد نائینی، المتحدث باسم حرس الثورة الإسلامية، مساء الإثنين خلال مراسم العرض الأول للفيلم الوثائقي الإيراني باللغة العبرية «الصواريخ فوق بازان»، إن الحرب الـ12 يوما غيّرت معادلات القوة في غرب آسيا وكانت بالغة التأثير. وأكد أن هذه الحرب كانت معياراً لقياس مدى فاعلية العقيدة الدفاعية للبلاد، ومستوى الصمود الاجتماعي، والقدرة الهجومية للقوات المسلحة، خاصة في المجال الصاروخي، إذ كان تقييمنا أن التهديد تهديد فوق إقليمي، وأن ردّنا عليه سيعتمد بشكل رئيسي على القوة الصاروخية.
وأضاف أن العدو كان يمتلك خطة كاملة وشاملة عمل عليها في جميع أبعادها؛ حيث كان مقررًا في الموجة الأولى أن تُستهدف عناصر القوة الأساسية للجمهورية الإسلامية، مثل المراكز النووية، العلماء النوويين، المراكز العسكرية الرئيسية، وخاصة بعض المواقع الرادارية والصاروخية المسؤولة عن الرد، إضافة إلى قادة الصف الأول الذين تقع على عاتقهم إدارة عمليات الرد. ووفقاً للوثائق والروايات التي تسربت تدريجياً من داخل الكيان، كان تقدير العدو أن الإجراءات المحددة في الساعات الأولى ستؤدي إلى اختلال المنظومة الدفاعية الإيرانية وانهيارها وانعدام القدرة على الاستعادة والرد؛ وحتى في حال وجود رد، فسيكون محدوداً ورمزياً أو على شكل موجات صاروخية بسيطة مثل وعد الصادق 1 و2، وأن إيران لا تمتلك الإرادة أو القدرة على ما هو أكبر.
وأوضح المتحدث باسم الحرس أن الحرب انتهت، لكن حرب الرواية كانت قد بدأت قبل الحرب، واستمرت خلالها، وأصبحت بعد الحرب أكثر كثافة واحترافية في مختلف الأبعاد. وأشار إلى توصيف قائد الثورة لحرب الثماني سنوات بأن كلما ابتعدنا عنها زاد خطر التحريف والنسيان، لافتاً إلى أن هذا الأمر ينطبق كذلك على هذه الحرب. كما أكد سماحته أن لهذه الحرب تفاصيل ستُروى تدريجياً، وأن كل ثانية منها مليئة بمشاهد الفداء والبطولة وتجسد القوة والانتصار.
وأشار إلى أن هذا النجاح تحقق ببركة اقتدار القوات المسلحة، والانسجام الشعبي، والأهم من ذلك القيادة الحكيمة لقائد الثورة في مختلف الأبعاد؛ موضحاً أن الدور الأهم للقيادة في حرب 12 يوماً، إضافة إلى إعادة تفعيل منظومة القيادة وتسريع القدرة الهجومية، كان إدارة المجتمع خلال الحرب وتولي قيادة رواية الانتصار ووحدة الجبهة الداخلية.
وقال العميد نائینی إن أحد أبرز تجليات القدرة الصاروخية كان في استعادة القوة الصاروخية سريعاً؛ إذ كان تقدير العدو أنه بعد استهداف الشهيد حاجي زاده ورفاقه، واستهداف بعض المواقع الصاروخية، لن تكون هناك إمكانية لإطلاق الصواريخ، وأن القوات المسلحة غير قادرة على إعادة تجميع قوتها وبدء الهجمات. لكن وحدات الفضاء الجوي كانت جاهزة منذ اللحظات الأولى بالقرب من منصات الإطلاق، رغم أن قرار العمليات الهجومية اتُّخذ بعد تعيين القائد الجديد، لتبدأ الضربات بعد 12 ساعة وفق خطة دقيقة وخارج حسابات العدو.
وأوضح أن 22 موجة من العمليات نُفّذت باحترافية كاملة، وأن كل موجة كانت تختلف عن الأخرى، وجرى تنفيذها وفق إشراف استخباراتي وبنك أهداف دقيق، واستهدفت مواقع استراتيجية حساسة بدقة عالية، وقد نجحت الصواريخ في عبور طبقات الدفاع الجوي في الجو والأرض داخل الأراضي المحتلة، على الرغم من التقنيات المتقدمة. وأضاف أن العدو كان يزعم في الأيام الأولى أن كثافة الموجات الصاروخية الإيرانية تُشبع الرادارات وتمنع الاعتراض، لكن في الأيام الأخيرة كانت هناك موجات من صاروخ واحد أو اثنين فقط، وقد أصابت أهدافها بدقة وأحدثت دماراً واسعاً.
وأكد المتحدث مجدداً أن «من أهم موجات وعد الصادق 3 كانتا الموجتين السادسة والسابعة»، حيث قام الكيان الصهيوني باستهداف بنيتنا التحتية، فردت إيران باستهداف بنيته فوراً. وأضاف أن المصفاة الوحيدة التي كانت تؤمن 70% من وقود الطائرات الحربية والدبابات والاحتياجات العسكرية الصهيونية كانت من بين الأهداف، وقد تعرضت لأضرار قال العدو إنه سيحتاج أربعة أشهر لإصلاحها، الأمر الذي غيّر معادلات الحرب تماماً.
وأشاد العميد نائینی بصنّاع الوثائقي العبري «الصواريخ فوق بازان»، وقال إن إنتاج هكذا أعمال ضروري لمنع تحريف الحرب وتبيين قوة إيران، خاصة أن سكان الأراضي المحتلة يعيشون في حصار أمني وإعلامي ويخضعون للرقابة، في حين يستهدف الكيان بانتظام الأصوات الإعلامية الناقلة للحقيقة، وقد قتل أكثر الصحفيين تأثيراً خلال العامين الماضيين. وأوضح أن سكان الأراضي المحتلة يتحدثون الروسية والإنجليزية والعربية والعبرية، ما يستلزم إنتاج أعمال متعددة اللغات، وأن إنتاج عمل باللغة العبرية يحمل هدفاً توعوياً وهو نقل رواية الحرب وتجلّيات القوة الإيرانية مباشرة إلى الجمهور داخل الأراضي المحتلة.
وأوضح المتحدث أن الكيان الصهيوني يواجه اليوم أزمات كبرى داخلية، أهمها أزمة الهزيمة الأمنية في 7 أكتوبر، والضغط الداخلي لتشكيل لجان مستقلة لكشف أبعادها، إضافة إلى أن الكيان فقد ما تبقى من شرعيته بسبب حربه المستمرة منذ عامين والحرب الأخيرة ضد ايران. واليوم يحاول تعويض هزائمه في الميدان عبر الرواية الإعلامية.
وفي ختام حديثه قال العميد نائینی إن الضربات الصاروخية الإيرانية خلال الحرب كانت بالغة التأثير إلى حد أن العدو بات يواجه أزمة في تفسير سبب دخوله الحرب بناءً على حسابات خاطئة لأجهزته الاستخباراتية. وأضاف أن الضربات الصاروخية والمسيرات الدقيقة على المواقع الاستراتيجية أوقعت العدو في حالة عجز كامل، وأنه أرسل رسائل عديدة لوقف القتال، وبعد الرد على الرسائل الأمريكية، طلب الكيان وقف الاشتباكات، وهو بحد ذاته أحد مظاهر اقتدار الجمهورية الإسلامية وانتصارها في ميدان الحرب الاثنى عشر يوما".