
كشف الباحث المصري عمر سعيد تفاصيل مهمة حول ارتباط عصابة ياسر أبو شباب الإجرامية بمجموعات أخرى وبعض الشخصيات البارزة في عمليات تجسس واشتباكات عسكرية مع قوات المقاومة الفلسطينية.
وأشار إلى أنه "ذكر اسم المرتزق ياسر أبو شباب وعدد من أفراد عصابته في تقرير بتاريخ 11 أكتوبر/تشرين الأول 2017". وتناول في هذا التقرير قضية "الفلسطينيين الذين انضموا إلى داعش في سيناء"، ومن أبرزهم عصام النباهين، وهو شخص شارك مع جماعته في عمليات عسكرية ضد الجيش والشرطة والمدنيين المصريين.
كما اتهم التقرير النباهين وآخرين، منهم فادي الحجار، ومصطفى نواف، ونادر بسام، ومحمد شهدا الدلو، وعبد الرحمن أبو المغيصب، ومحمد جمال أبو دلال، بتفجيرات استهدفت سيارات قادة كتائب القسام عام 2015.
وبعد هذا الكشف، فرّ جميع أفراد العصابة إلى سيناء وانضموا إلى تنظيم "ولاية سيناء" التابع لداعش. في ذلك الوقت، بدأ التعاون بين حماس والسلطات المصرية لضبط الحدود وتبادل المعلومات، إلا أن جهود حماس لاعتقالهم باءت بالفشل.
ظهور مريب لعصام النباهين في غزة
في عمليات عسكرية واسعة النطاق، تمكن الجيش المصري من القضاء على معظم أعضاء المجموعة، بمن فيهم أبو دلال والدلو والحجار، إلا أن مصير عصام النباهين ظل مجهولاً حتى يونيو/حزيران 2023.
في يونيو/حزيران 2023، تلقت شرطة غزة معلومات عن وجود النباهين في منطقة النصيرات، فأرسلت قوة أمنية بقيادة خالد مصلح لاعتقاله. إلا أن النباهين تمكن في هذا الهجوم من قتل أحد عناصر أمن غزة والفرار. أُلقي القبض عليه لاحقاً وحُكم عليه بالإعدام شنقاً، لكنه هرب من السجن واختفى مع بدء حرب غزة.
لكن المفاجئ في هذا الهروب هو ظهور النباهين في منطقة رفح بعد اختفائه، إلى جانب عصابة ياسر أبو شباب. تقارير من مصادر أمنية. تؤكد أن النباهين وأفراد عصابته يتعاونون بشكل غير مباشر مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، ويتورطون في تهريب مساعدات إنسانية إلى غزة.
من هو عصام النباهين؟
عصام النباهين، أحد أبرز قادة الميليشيات المسلحة بقيادة ياسر أبو شباب، يبلغ من العمر 33 عامًا، وهو من سكان مخيم النصيرات. قاتل إلى جانب داعش في سيناء ضد الجيش المصري، وشارك في التفجيرات التي استهدفت مركبات تابعة لكتائب القسام عام 2015.
عاد النباهين إلى غزة قبل 7 أكتوبر، ونُشرت صور له وهو يطلق صواريخ على إسرائيل بقيادة مجموعات مشبوهة. بعد مطاردته واعتقاله، احتُجز في سجون غزة، لكنه، مثل ياسر أبو شباب، تمكن من الفرار عند بدء الحرب، وهو الآن يخدم إسرائيل إلى جانبه.
أصدرت عائلة النباهين، مثل عائلة أبو شباب، بيانًا برّأته فيه، مستشهدةً بجرائمه وسرقاته وأعماله العنيفة. بالتعاون مع عصابة أبو الشباب.
علاقات أبو الشباب المعقدة مع إسرائيل، ودولة عربية، ورام الله
وأوضح سعيد أن التعاون المريب بين عصابة ياسر أبو الشباب وقوات الاحتلال الإسرائيلي، إلى جانب الموافقة الشخصية من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أثار تساؤلات عديدة حول مدى نفوذ هذه العناصر داخل فلسطين.
وأضاف أن هذه العلاقات المعقدة لا تقتصر على تعاون العصابة مع إسرائيل ضد حماس، إذ كشفت مصادر مقربة من التحقيق في غزة أن حماس، التي سبق أن اعتقلت جاسوسًا للموساد، علمت خلال استجوابه الرسمي أنه كان في مهمة للسفر إلى سيناء والانضمام إلى الجماعات الجهادية.
كما أعلن المتحدث باسم حماس، فوزي برهوم، أن الحركة اعتقلت عددًا من الجواسيس الإسرائيليين في مناطق مختلفة، وأن ما كان يُصوَّر سابقًا على أنه دعاية ضد حماس أصبح الآن حقيقة واقعة.
وتابع الباحث المصري أن هذه التطورات تكشف عن شبكة معقدة من التحالفات والخيانات بين مختلف الأطراف في المنطقة. ففي الوقت الذي كانت حماس تحاول فيه القضاء على هذه العناصر الإرهابية في غزة، يبدو أن الاتفاقات السرية والتعاون غير المتوقع قد غيّرا مجرى الأحداث. تُظهر هذه الأحداث أن الديناميكيات الأمنية في غزة والمنطقة أعقد مما كان يُعتقد سابقًا.
في غضون ذلك، أكد ياسر أبو شباب، قائد الميليشيا المدعومة من إسرائيل والمعروفة باسم القوات الشعبية في غزة، أمس، أنه على تواصل أيضًا مع السلطة الفلسطينية، معترفًا بأن قواته تشارك في عمليات التفتيش الأمني للأفراد الذين يدخلون المنطقة الخاضعة لسيطرته شرق رفح.
وفي مقابلة مع إذاعة جيش الاحتلال، ادعى أن التواصل مع السلطة الفلسطينية "يأتي في إطار المصالح الوطنية الفلسطينية، ويستند إلى الشرعية القانونية للسلطة الفلسطينية".
وأضاف: "نجري عمليات تفتيش أمنية من خلال جهاز المخابرات الفلسطيني، الذي يتعاون معنا لمنع دخول عناصر المقاومة، ودفع مشروع تحرير غزة من حماس".
ووفقًا لتصريحاته، يهدف هذا التنسيق إلى منع قوات المقاومة من دخول المناطق التي يسميها "المناطق المحررة من حماس".
كما زعم أبو شباب أن أنشطته في المناطق الشرقية من رفح تُنفذ بإشراف جيش الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدًا أن ارتباطه بجيش الاحتلال وتنسيقه مع جهاز المخابرات الفلسطينية "يصب في المصلحة العليا للشعب الفلسطيني".
في غضون ذلك، كشفت شبكة i24NEWS الإسرائيلية، عبر باروخ يديد، الصحفي المتخصص في الشؤون العربية، أن أحد أفراد عصابة ياسر أبو شباب، في مقابلة مع هذا الشخص، ادعى أن "مهمتهم هي تأمين دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة!".
وتعتقد أوساط سياسية وأمنية فلسطينية أن اعترافات ياسر أبو شباب تؤكد أن الاحتلال، بدعم وتواطؤ من بعض الأطراف المحلية، يسعى إلى تشكيل ميليشيات لخدمة أهداف إسرائيل، وإنشاء حزام أمني لها داخل غزة، على غرار تجربة "جيش أنطوان لحد" في جنوب لبنان. كشفت قناة i24NEWS في تقريرها أن دولة عربية (دون ذكر اسمها) مسؤولة عن تدريب عصابة ياسر أبو شباب، وأن محمود الهباش، مستشار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، تربطه أيضًا علاقات مباشرة بياسر.
وأكد مصدر سياسي رفيع في رام الله أن "كل شيء يجري بالتنسيق مع محمود عباس".
ودعت أبو شباب سكان غزة إلى الانتقال إلى المناطق الخاضعة لسيطرتها في رفح، ووعدت بتوفير الحماية لهم، بينما تعمل هي نفسها فعليًا تحت حماية الجيش الإسرائيلي.
خطة الشاباك لتسليح وتشكيل عصابات إجرامية في غزة
كانت القناة 12 الإسرائيلية قد كشفت سابقًا أن الشاباك وضع خطة لدعم الجماعات المسلحة في غزة لاستخدامها كقوة بديلة ضد المقاومة الفلسطينية. ونُفذت الخطة بموافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، ورئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي إيال زامير.
كما صرّح وزير الدفاع الإسرائيلي السابق أفيغدور ليبرمان علنًا بأن حكومة نتنياهو وافقت على تسليح الجماعات المسلحة في غزة. ولم ينفِ مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي ذلك، بل أكّد وجود أساليب مختلفة لهزيمة حماس بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية.
في غضون ذلك، أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت أن مسؤولين أمنيين إسرائيليين أكّدوا عدم وجود خطط لتسليم إدارة رفح لهذه الجماعات المسلحة "بعد الحرب"، لعدم امتلاكها القدرة الحقيقية على ذلك. إلا أن عملية تسليح هذه الجماعات جرت بسرية تامة على مدار الأشهر الماضية، بتوجيه من جهاز الأمن العام (الشاباك) وبموافقة مباشرة من نتنياهو. وقد شمل ذلك نقل العشرات، إن لم يكن المئات، من الأسلحة الخفيفة، بما في ذلك المسدسات وبنادق الكلاشينكوف، إلى هذه الجماعات، والتي صودرت معظمها من داخل غزة خلال اشتباكات مع قوات المقاومة.
كما يُقرّ المسؤولون الإسرائيليون بتورط هذه العصابات في تجارة المخدرات والدعارة والابتزاز، وليس لها أي صلة بالنضال الوطني الفلسطيني. على وجه الخصوص، حصلت جماعة ياسر أبو الشباب على أسلحة صادرها جيش الاحتلال الإسرائيلي من غزة، وأصبحت أداةً في خدمة مشروع إسرائيل الأمني والسياسي داخل غزة. في غضون ذلك، نشرت كتائب القسام قبل فترة مقطع فيديو يُظهر مجموعة من عناصر عصابة أبو الشباب وهم يقومون بتطهير منطقة شرق رفح من العبوات والأنفاق بإشراف جيش الاحتلال، عندما وقعوا في فخٍّ ناسف للمقاومة، ما أسفر عن مقتل أربعة عناصر على الأقل من العصابة.