
يُعد صاروخ سجيل الباليستي، أحد أكثر الإنجازات تطورًا في صناعة الدفاع في بلادنا، رمزًا للقدرة الصاروخية للبلاد في المنطقة والعالم. بفضل خصائصه الفريدة، بما في ذلك الوقود الصلب، والمدى البعيد، والسرعة العالية، يتمتع هذا الصاروخ بمكانة خاصة في العقيدة الدفاعية الإيرانية. وقد لفت استخدام هذا الصاروخ مؤخرًا في عملية "الوعد الصادق 3" ضد الكيان الصهيوني انتباه العالم مجددًا إلى القدرات الصاروخية الإيرانية.
المواصفات التقنية وقدرات صاروخ سجيل
صاروخ سجيل هو صاروخ باليستي أرض-أرض متوسط المدى جُرب لأول مرة عام ٢٠٠٨. يتميز هذا الصاروخ، الذي يعمل بالوقود الصلب وتصميمه ثنائي المراحل، بمزايا عديدة مقارنةً بالصواريخ التي تعمل بالوقود السائل.
فيما يلي أهم مواصفاته وقدراته:
المدى التشغيلي: يتراوح مدى سجيل بين ٢٠٠٠ و٢٥٠٠ كيلومتر، مما يسمح له باستهداف نقاط بعيدة، بما في ذلك الأراضي المحتلة والقواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة. وتجعل المسافة بين إيران وتل أبيب، البالغة ١٣٠٠ كيلومتر، هذا الصاروخ خيارًا مثاليًا للرد السريع على تهديدات الكيان الصهيوني.
الوقود الصلب: يُقلل استخدام الوقود الصلب من وقت تحضير الإطلاق إلى بضع دقائق، ويتيح تخزينه طويل الأمد دون الحاجة إلى إعادة التزود بالوقود. هذه الميزة جعلت سجيل سلاحًا يتميز بسرعة تشغيل عالية وصعوبة في التتبع.
السرعة والقدرة على المناورة: يغوص صاروخ سجيل بسرعة حوالي 13 ماخ (حوالي 16,000 كم/ساعة) عند دخوله الغلاف الجوي للأرض، مما يُصعّب اعتراضه على أنظمة الدفاع الإسرائيلية مثل صاروخ آرو 3 ومنظومة القبة الحديدية. كما يتمتع الصاروخ بالقدرة على المناورة داخل الغلاف الجوي وخارجه، مما يزيد من فرصة تفادي أنظمة الاعتراض.
الرأس الحربي: صاروخ سجيل قادر على حمل رأس حربي يتراوح وزنه بين 650 و1000 كيلوغرام. وقد أفادت بعض المصادر أن وزن الرأس الحربي يصل إلى 700 كيلوغرام، بينما أفادت مصادر أخرى أن وزنه يصل إلى طن واحد. يمكن لهذا الرأس الحربي تدمير الأهداف الاستراتيجية بدقة عالية، على الرغم من أنه يفتقر إلى نظام توجيه للرأس الحربي بعد الانفصال، ويتمتع بخطأ أكبر نسبيًا من الصواريخ الموجهة.
الأبعاد ومنصة الإطلاق: يتراوح طول الصاروخ بين 17.5 و18 مترًا، وقطره 1.25 مترًا. يستخدم صاروخ سجيل منصات إطلاق متحركة أو ثابتة، مزودة بإمكانيات إطلاق عمودية أو بزاوية، مما يمنحه مرونة تشغيلية عالية.
الدقة والتدمير: بفضل تسارعه البالغ 4300 متر في الثانية وتصميم رأسه الحربي المشابه للصواريخ المضادة للطائرات، يتمتع صاروخ سجيل بالقدرة على تدمير الأهداف بدقة مقبولة. يعتقد بعض الخبراء أن هذا الصاروخ نسخة أكثر تطورًا من صاروخ شهاب-3، ولكن بقدرات أعلى بكثير. ونظرًا لسرعته العالية وقصر مدة إطلاقه وقدرته على تجاوز أنظمة الدفاع، وُصف صاروخ سجيل بأنه أحد "أكثر" الصواريخ الباليستية الإيرانية رعبًا.
دور صاروخ سجيل في عملية "الوعد الصادق 3"
في 18 يونيو أعلن الحرس الثوري الإسلامي في بيان رسمي أنه استخدم صواريخ سجيل الباليستية ضد أهداف عسكرية تابعة للكيان الصهيوني لأول مرة في الموجة الثانية عشرة من عملية "الوعد الصادق 3". نُفِّذت العملية ردًا على توغلات الكيان الإسرائيلي المتكررة في الأراضي الإيرانية، بما في ذلك غارات جوية على منشآت نووية واغتيال قادة عسكريين.
أهداف العملية: أفادت التقارير بإطلاق صواريخ سجيل على قواعد استخباراتية وجوية إسرائيلية في عمق الأراضي المحتلة. اخترقت هذه الصواريخ أنظمة الدفاع الجوي متعددة الطبقات للكيان الإسرائيلي، بما في ذلك نظامي "أرو 3" و"القبة الحديدية"، متسببةً في أضرار جسيمة بالأهداف.
عملية "الوعد الصادق 3" واستخدام سجيل لم يضعا الكيان الصهيوني في موقف دفاعي فحسب، بل غيّرا أيضًا المعادلات العسكرية في المنطقة لصالح محور المقاومة. ويعتقد محللون إقليميون أن هذه العملية مؤشر على استعداد إيران لردود أفعال أشد ضراوة في حال استمرار العدوان.
سعى الكيان الصهيوني، معتمدًا على أنظمة دفاعية متطورة ودعم عسكري أمريكي، لسنوات للحفاظ على تفوقه العسكري في المنطقة. ومع ذلك، يُعتبر صاروخ سجيل تهديدًا خطيرًا للاحتلال نظرًا لخصائصه التالية:
السرعة وزمن رد الفعل: يقطع صاروخ سجيل المسافة من إيران إلى تل أبيب (حوالي 1300 كيلومتر) في غضون 7 إلى 10 دقائق. هذا الوقت القصير يحرم أنظمة دفاع الكيان الصهيوني من فرصة الرد.
قوة الاختراق: أقرّ خبراء عسكريون صهاينة، بأن سرعة صاروخ سجيل العالية واستخدامه للوقود الصلب يجعلان من الصعب جدًا على أنظمة الدفاع الصاروخي مثل "أرو 3" اعتراضه.
المرونة التشغيلية: تُقلل القدرة على الإطلاق من منصات إطلاق متحركة من احتمالية تدمير الصاروخ قبل إطلاقه. هذه الميزة جعلت من صاروخ سجيل سلاحًا يصعب التنبؤ بمساره بالنسبة للعدو.
أدى استخدام صاروخ سجيل في عملية "الوعد الصادق 3" إلى تفاقم حالة الذعر العام في الأراضي المحتلة. وتشير تقارير إعلامية صهيونية إلى اندفاع المواطنين إلى المتاجر والملاجئ.
إن الاستخدام الناجح لصاروخ سجيل في عملية "الوعد الصادق 3" يُظهر الثقة العالية للقادة العسكريين في بلدنا بهذا الصاروخ. لم تُظهر هذه العملية قدرات سجيل فحسب، بل وجّهت رسالة واضحة لأعداء إيران مفادها أن أي عدوان سيُقابل برد حاسم وساحق.
ملخص الكلام
يُعد صاروخ سجيل الباليستي، بخصائصه كبعد المدى والسرعة العالية والوقود الصلب، أحد الركائز الأساسية للقدرة الدفاعية الإيرانية. وقد أظهر استخدام هذا الصاروخ في عملية "الوعد الصادق 3" ضد الكيان الصهيوني مرة أخرى قوة إيران الصاروخية للعالم، وكشف عن فشل منظومات الدفاع التابعة له. لا يُعدّ سجيل سلاح ردع فحسب، بل يُعتبر أيضًا أداة لتغيير المعادلات العسكرية في المنطقة لصالح إيران ومحور المقاومة.