۳۸مشاهدات
خلال كلمته في منتدى حوار طهران؛

عراقجي: اسرائيل تهديد مزمن للسلام في المنطقة..إيران ملتزمة بالدبلوماسية وتتوقع رفع العقوبات الجائرة

أكد وزير الخارجية الايراني، السيد عباس عراقجي التزام إيران الكامل بالدبلوماسية ومطالبتها برفع العقوبات الظالمة عنها، مبينا: "الاحتلال والفصل العنصري والإبادة الجماعية والوصول إلى ترسانة من أسلحة الدمار الشامل للكيان الصهيوني أصبح يشكل تهديدا مزمنا للسلام والاستقرار الإقليميين".
رمز الخبر: ۷۱۴۰۱
تأريخ النشر: 18 May 2025

 القى وزير خارجية الجمهورية الاسلامية الايرانية السيد عباس عراقجي اليوم الاحد كلمة في منتدى حوار طهران بحضور السلطات والمسؤولين من دول مختلفة، جاء في نص كلمته:

إنه لشرف عظيم أن أكون حاضرًا اليوم في مثل هذه المجموعة المتميزة والمدروسة. وأود أن أشكركم جميعا من أعماق قلبي على حضوركم القيم، وخاصة السيد الدكتور بزشكيان، رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية الموقر، الذي أعطى حياة جديدة للدبلوماسية الإيرانية والإقليمية برؤيته الموجهة نحو التنمية.

أود هنا أن أشيد باسم وذكرى صديقي وزميلي القديم، الوزير الراحل، الشهيد حسين أمير عبداللهيان، الذي يقيم مراسم احياء ذكرى صعوده هذه الأيام، إلى جانب الرئيس الراحل، الشهيد السيد ابراهيم رئيسي، والوفد المرافق. وأود أيضًا أن أشكر زملائي في مركز الدراسات السياسية والدولية الذين بذلوا قصارى جهدهم لإقامة هذا المنتدى.

دعوني أبدأ بمراجعة أحداث العام الماضي. عام كان مصحوبًا للأسف بأحداث مريرة ومآسي إنسانية. وفي مقدمة هذه المآسي كانت اعتداءات وجرائم الكيان الصهيوني في غزة. وهي جرائم يمكن اعتبارها بلا شك مثالاً واضحاً وغير مسبوق على الإبادة الجماعية. إبادة جماعية شهدها سكان العالم، وأحياناً بثوها على الهواء مباشرة، عبر شاشات التلفزيون أو في الفضاء الإلكتروني.

منذ أكتوبر 2023، قُتل أكثر من ستين ألف فلسطيني في قطاع غزة؛ وكان العديد منهم من النساء والأطفال. لقد تم تهجير الملايين من الناس ووضعهم تحت الحصار وفي ظروف المجاعة الكاملة. ومن المؤسف أن العالم فشل في الرد بشكل مناسب ومسؤول على هذه الجريمة. إن الصمت الثقيل وعدم التحرك من جانب القوى التي تعتبر نفسها مدافعة عن "الضمير الإنساني"، إلى جانب عجز المؤسسات الدولية عن احتواء هذه الكارثة، أمر صادم حقا ويشكل جرس إنذار عالمي.

إن ما انهار أمام أعيننا هو مجموعة من "العهود الأخلاقية والقانونية والسياسية" التي كان من المفترض أن تشكل أسس النظام العالمي. والواقع أن ما نشهده الآن هو انهيار أسس الالتزام الجماعي والمسؤولية عن السلام والكرامة الإنسانية والضمير العالمي المشترك. ومن الواضح أن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر.

أيها المفكرون الأعزاء،

لقد أثبتت أزمة غزة مرة أخرى أنه بالإضافة إلى عجز النظام الدولي فإن مصير المنطقة لا يمكن ولا ينبغي أن يظل معتمداً على قرارات وإرادة قوى من خارج المنطقة. إن ما يقدمونه اليوم باعتباره "واقع المنطقة" هو في الأساس انعكاس لسرديات وتصورات "مُصممة" بعمق، وتستند فقط إلى مصالحهم، والتي تحتاج إلى إعادة تعريف وإصلاح من داخل المنطقة نفسها.

إن منطقة غرب آسيا بحاجة إلى إعادة التفكير بشكل جذري في تصورها لذاتها. إن التركيز طويل الأمد على المنافسات التي تنبع من وهم التهديد الدائم قد منع تشكيل تعاون فعال لحل المشاكل الإقليمية والعالمية ومهد الطريق للتدخل المدمر من قبل القوى الإقليمية الخارجية.

الآن هو الوقت المناسب لتحويل هذا "الواقع الزائف المصطنع والمفروض" وإقامة "نظام حقيقي وأصيل ومرغوب فيه" في المنطقة، يعتمد على التفاعل والتفاهم والقيم المشتركة.

وفي ظل هذه الظروف، حددت الجمهورية الإسلامية الإيرانية، في حكومة الدكتور بزشكيان، مسار سياستها الخارجية على ثلاثة محاور أساسية: أقصى قدر من التفاعل مع الجيران، وتوسيع التعاون مع الجهات الفاعلة الناشئة ودول الجنوب العالمي، وإرساء التوازن في العلاقات مع أقطاب وكتل القوة العالمية في شرق وغرب العالم. سياستنا الخارجية تعتمد على التوازن والواقعية.

لقد أكدت حكومة الدكتور بزشكيان على سياسة الجوار منذ البداية وتعمل على توسيع العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية مع دول المنطقة. واليوم نشهد إيران وجيرانها ــ من الخليج الفارسي إلى آسيا الوسطى ــ تتحرك على مسار التفاهم والتعاون والصداقة بعد سنوات من الصعود والهبوط.

وفي هذا الإطار، يعتبر توسيع العلاقات مع الدول الآسيوية والإفريقية وأميركا اللاتينية أحد الخطوط الرئيسية لسياستنا الخارجية. إن عضوية إيران في مؤسسات مثل مجموعة البريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون، فضلاً عن تعميق التعاون مع الدول الإسلامية وأعضاء حركة عدم الانحياز، تُظهر أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تسعى إلى لعب دور فعال في تشكيل نظام دولي متعدد الأقطاب ومتوازن وعادل.

في نظرتنا للمنطقة، فإن أمن وازدهار أي دولة يرتبط ارتباطًا وثيقًا بأمن وازدهار جيرانها. وبناء على ذلك، فبدلاً من الاستمرار في النهج الموجه نحو التهديد، من الضروري اعتماد نهج موجه نحو الفرص والسعي إلى الترابط الاقتصادي كأساس مستدام للسلام والاستقرار الإقليمي. ويجب علينا إعطاء الأولوية لتوسيع التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثمارات المشتركة ونقل التكنولوجيا وتنفيذ مشاريع البنية الأساسية، من أجل توفير منصة للنمو الجماعي والتحسين الملموس في حياة الناس.

سيداتي وسادتي،

إن السلام والأمن في منطقتنا لن يكونا ممكنين دون التعامل الصادق والعميق والشامل مع القضية الفلسطينية. واليوم تشكل القضية الفلسطينية القضية الأكثر أهمية وإلحاحاً على الأجندة الإقليمية. منذ أكثر من سبعين عامًا، ظلت أرض فلسطين محاصرة بالاحتلال والقمع والظلم. والحقيقة هي أن النظام الإسرائيلي أصبح يشكل تهديدا مزمنا للسلام والاستقرار الإقليميين؛ إن التهديد الذي يشكله الاحتلال والفصل العنصري والإبادة الجماعية والوصول إلى ترسانة من أسلحة الدمار الشامل هو تهديد يجمع بين هذه العناصر.

🔹نقترح حلاً سلمياً للقضية الفلسطينية: إجراء استفتاء وطني بمشاركة جميع سكان أرض فلسطين الأصليين - بمن فيهم المسلمون والمسيحيون واليهود - لتحديد النظام السياسي المستقبلي للأرض. إن هذا الحل الديمقراطي الشامل، المستوحى من التجربة الناجحة في مكافحة نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، من شأنه أن ينهي عقوداً من الاحتلال والتمييز والظلم، ويمهد الطريق لعودة اللاجئين وتشكيل دولة واحدة شاملة في جميع أنحاء فلسطين التاريخية.

عزيزي الجمهور،

إلى جانب القضايا الإقليمية، فإن جانبًا مهمًا آخر في السياسة الخارجية الإيرانية الحالية هو قضية برنامجنا النووي السلمي والعقوبات الأحادية الجانب والقمعية التي تفرضها الولايات المتحدة على الأمة الإيرانية.

إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، باعتبارها طرفاً في معاهدة حظر الانتشار النووي، لم تسعَ قط إلى امتلاك الأسلحة النووية استناداً إلى مبادئها الدينية والأخلاقية، وهي تلتزم بمبدأ عدم إنتاج أو استخدام أسلحة الدمار الشامل. لقد حاولنا دائمًا معالجة المخاوف الدولية المشروعة بشأن البرنامج النووي لبلادنا من خلال المشاركة والشفافية.

نريد اتفاقا عادلا ومتوازنا؛ اتفاق يتم التوصل إليه في إطار معاهدة منع الانتشار النووي، مع الاحترام الكامل لحقوق إيران النووية، ويضمن بشكل موضوعي الرفع الشامل للعقوبات. إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ملتزمة بالدبلوماسية وتتوقع رفع العقوبات القاسية والأحادية الجانب التي استهدفت شعبنا بشكل مباشر بشكل حقيقي وملموس.

نحن نعتقد أن مثل هذا الاتفاق من شأنه أن يخدم مصالح الطرفين ويساعد في ترسيخ السلام والأمن والاستقرار في المنطقة. وفي هذا الصدد، أعربت إيران عن استعدادها لبدء فصل جديد في علاقاتها مع أوروبا إذا رأت إرادة حقيقية ونهجاً مستقلاً من الأطراف الأوروبية. ومن المؤسف أن التركيز في السنوات الأخيرة على الاختلافات بدلاً من القواسم المشتركة قد حد من القدرة على استغلال فرص التعاون. ومع ذلك، إذا كانت أوروبا لديها الإرادة اللازمة لتصحيح هذا الاتجاه، فإن إيران لا ترى أي عائق أمام إعادة بناء الثقة المتبادلة وتوسيع العلاقات. يمكن لأوروبا أن تلعب دوراً فعالاً في عملية التنمية من خلال اتباع نهج مسؤول وبناء.

ولأول مرة منذ عقود، أتيحت فرصة تاريخية لوضع زمام المبادرة في التطورات الإقليمية في أيدي بلدان المنطقة نفسها، وليس الجهات الفاعلة الخارجية. ومن خلال استعادة حق تقرير المصير وتصميم مستقبل يرتكز على إرادتنا الجماعية، تستطيع بلداننا أن تفتح طريقا جديدا نحو التنمية والسلام والتعاون. إنها لا تتشكل من خلال قوى عابرة للحدود الإقليمية، بل تتشكل في العواصم الإقليمية وتستند إلى الاحتياجات والقيم والواقع المحلي.

ومن هذا المنظور فإن استعادة المبادرة في المنطقة لا تعني مجرد تغيير موازين القوى، بل تعني تحولاً في الأسس الفكرية والإدراكية التي تشرع النظام القائم. وما دامت بلدان المنطقة قادرة على خلق لغة جديدة لوصف واقعها ــ لغة تنبع من الذاكرة التاريخية والآفاق المشتركة ــ فسوف تتمكن من إقامة مؤسسات وآليات وتحالفات أكثر استدامة وشرعية وفعالية من الترتيبات المفروضة من الخارج. وفي هذه الحالة لن تكون المنطقة مجرد طرف فاعل، بل ستكون أيضًا مهندسة للنظام المستقبلي.

ولتحقيق هذا الهدف فإن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستكون شريكاً موثوقاً وحليفاً موثوقاً للمنطقة وجميع دولها وشعوبها. إن نهجنا الدبلوماسي تجاه جميع دول المنطقة مستوحى من الشعار المركزي للإجماع الذي تتبناه حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهو بناء منطقة قوية ومتقاربة.

شكرًا لكم على اهتمامكم.

رایکم
آخرالاخبار