
القسم الدولي لموقع "تابناك": يعد الأطفال الذين بترت أطرافهم في قطاع غزة خلال الحرب الإبادة التي يشنها الكيان الصهيوني على القطاع منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 من أكبر ضحايا جرائم الاحتلال، ولهم قصة مريرة.
نورة، فتاة تبلغ من العمر 9 سنوات انتهت حياتها قبل أن تبدأ
نورة، فتاة فلسطينية تبلغ من العمر 9 سنوات، هي واحدة من هؤلاء الأطفال في غزة التي استهدفت مع عائلتها في غارة جوية إسرائيلية في غرب مدينة غزة وفقدت ساقيها. إن مأساة هذه الفتاة الفلسطينية الصغيرة، الناجية الوحيدة من عائلتها، لا تقتصر على بتر ساقيها؛ ولكن المأساة أصبحت أكثر مأساوية بفقدانه أمه وأبيه وإخوته في قصف منزلهم. قبل الحرب كانت نورة سعيدة وحيوية للغاية، ومثل كل الأطفال، كانت لديها أحلام طفولتها، لكنها الآن تجد نفسها في وضع ترى فيه حياتها ضائعة، لأنها فقدت ساقيها في سن التاسعة ولم يعد لديها عائلة.
تولى حسام شمليخ عم نورة رعاية ابنة أخته بعد استشهاد جميع أفراد عائلتها. يقول حسام: "لقد حرمت ابنة أختي نورة من حياتها وأحلامها، والآن، بالإضافة إلى عدم قدرتها على القيام بأبسط المهام اليومية، لم تعد قادرة على لعب ألعابها المفضلة مع الأطفال أو حتى الذهاب إلى أي مكان". ما هي الخطيئة الحقيقية التي ارتكبتها نورة حتى انتهت حياتها قبل أن تبدأ؟
وتابع: "ما يفاقم معاناة نورةهو عدم توفر حتى أبسط الاحتياجات المتعلقة بالأطراف الصناعية في قطاع غزة، ونؤكد على ضرورة التدخل الدولي الفوري لمساعدة مبتوري الأطراف في غزة". نورة هي واحدة من آلاف الأطفال الذين فقدوا أطرافهم خلال الحرب الإسرائيلية الوحشية على سكان قطاع غزة منذ أكتوبر 2023 وحتى اليوم.
وأضاف حسام شلماخ: "إن معاناة هؤلاء الأطفال تزداد شدة بسبب نقص العلاج والمعدات الطبية، فضلاً عن عدم توفر المرافق الطبية والنفسية اللازمة لهم، وهؤلاء الأطفال لا يستطيعون التكيف مع الوضع الجديد ويعتقدون أنهم فقدوا أعضاء من أجسادهم".
وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإن قطاع غزة يضم أكبر مجموعة من الأطفال مبتوري الأطراف في العصر الحديث. ولم تغطي المساعدات المقدمة للأطفال مبتوري الأطراف في غزة خلال فترة وقف إطلاق النار سوى 20% من احتياجاتهم؛ لأن إسرائيل تمنع دخول معدات الأطراف الصناعية بحجة أنها قد تستخدم لأغراض عسكرية.
وقالت ليزا داتون، المسؤولة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إن غزة أصبحت الآن موطنا لأكبر مجموعة من الأطفال مبتوري الأطراف في العصر الحديث.
نبيل، صبي يبلغ من العمر 11 عامًا كان يحلم بأن يصبح لاعب كرة قدم
نبيل، طفل فلسطيني يبلغ من العمر 11 عامًا، كان يحلم ذات يوم بأن يصبح نجمًا في فريق كرة القدم المحلي للشباب في الشجاعية، أصبح الآن محصورًا على كرسي متحرك بعد أن فقد ساقيه وذراعًا واحدة، وحلمه الوحيد هو العثور على أطراف صناعية.
يقول هذا الطفل الفلسطيني الذي يعتبر حياته مدمرة: "كان حلمي أن أرتدي قميص نادي الشجاعية وأسعد عائلتي، لكن العدو المحتل دمر كل شيء". الآن حلمي الوحيد هو أن أتمكن من الوقوف مرة أخرى وأن أحصل على ساقين اصطناعيتين حتى أتمكن من المشي دون مساعدة أحد. رغم خضوعه لعدة عمليات جراحية، إلا أن حالة نبيل ليست جيدة على الإطلاق. لأن المعدات المتخصصة لصناعة الأطراف الصناعية في غزة غير كافية، ولا يوجد أطباء متخصصون لهذا الغرض. أمله الوحيد هو أن يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في يوم من الأيام حتى يتمكن من السفر خارج غزة لتلقي الرعاية الطبية.
تقول شادي حمدان، وهي فتاة فلسطينية تبلغ من العمر 7 سنوات في قطاع غزة فقدت ساقيها أيضًا: "في أحد الأيام، طلب مني والدي أن أخرج وأتمشى، وعندما غادرنا المنزل، انهالت علينا الرصاصات، وأصبت في ساقي وأصاب والدي في كتفه". خضعت شازي لعمليتين جراحيتين، وكانت عائلتها تأمل أن تتمكن من إخراجها من غزة وتوفير الرعاية الطبية المناسبة لها، ولكن بسبب العدوى الشديدة وعدم وجود مرافق طبية وعلاجية مناسبة، اضطر الأطباء إلى بتر ساقي الفتاة الصغيرة التي لا يتجاوز عمرها 7 سنوات.
وبحسب إحصاءات رسمية صادرة عن وزارة الصحة في غزة، فإن نحو 6 آلاف من سكان القطاع تعرضوا لبتر الأطراف خلال الحرب، ونتيجة لنقص الموارد والمعدات المتخصصة فإنهم غير قادرين على تلقي الرعاية الطبية الكافية، بل إنهم محرومون حتى من الأطراف الاصطناعية. وقد أدى العدد المرتفع من حالات البتر في غزة إلى تعقيد الجهود المبذولة لتوفير الرعاية الطبية لهم، وأفاد مسؤولون من الصليب الأحمر مؤخراً أن جلب الأطراف الاصطناعية إلى قطاع غزة يشكل تحدياً كبيراً.
استخدام المحتلين للأسلحة المحظورة وتصعيد عمليات البتر
من جهة أخرى، قال مروان الهمص، مدير عام المستشفيات الميدانية في قطاع غزة: "إن غزة تسجل أعلى معدل بتر للأطراف خلال الحرب، ونوعية الأسلحة التي يستخدمها العدو الصهيوني في مهاجمة المدنيين خطيرة للغاية وتسبب أضراراً لا يمكن إصلاحها في أجساد الناس".
وقال: "إن الإصابات التي نراها على أجساد الجرحى في المستشفيات مختلفة تماما، وأجزاء أجسادهم ممزقة بشكل فظيع، وأجسادهم تعاني من حروق مروعة بسبب استخدام النظام الصهيوني للأسلحة المحظورة".
وأكد المسؤول الطبي في غزة أن معظم الضحايا وصلوا إلى المستشفيات بأطراف مبتورة. ولكن للأسف الشديد وبسبب الحصار الخانق الذي يفرضه العدو فإننا لا نملك الإمكانيات اللازمة لتقديم الخدمات الطبية المناسبة لهم. نحن غير قادرين حاليًا على توفير الأطراف الاصطناعية لآلاف الأشخاص الذين بترت أطرافهم، كما نفتقر إلى المرافق الكافية لإجراء الجراحة التجميلية.