
القسم الدولي لموقع "تابناك" الإخباري: قدم طبيب عسكري إسرائيلي شهادة مروعة عن أوضاع الأسرى الفلسطينيين المرضى في معتقل سدي تيمان الصحراوي سيئ السمعة.
ونقلت صحيفة هآرتس الإسرائيلية شهادة طبيب عسكري (لم تسمه)، خدم سابقاً في سدي تيمان، أوضح فيها ما يجري داخل المعتقل بحق المعتقلين الفلسطينيين من غزة.
وقال الطبيب: وصلت إلى المرفق الطبي في سدي تيمان خلال فصل الشتاء (الماضي). وفي إحدى خيام الاستشفاء لم يكن هناك أكثر من 20 مريضاً، كانوا جميعاً مقيدين بأسرّة فولاذية قديمة، مثل تلك المستخدمة في مستشفياتنا منذ سنوات. وكان الجميع في وعيهم ومعصوبي الأعين طوال الوقت.
وأضاف: كان هناك مرضى في ظروف مختلفة. وصل بعضهم بعد وقت قصير جداً من إجراء عملية جراحية كبرى. والعديد منهم كانوا مصابين بطلقات نارية، منهم شخص أصيب برصاصة في منزله في غزة قبل ساعات قليلة فقط.
وتابع: يعرف كل طبيب أن ما يحتاجه مثل هذا الشخص هو يوم أو يومين في العناية المركزة، ثم نقله إلى جناح؛ هناك فقط يبدأ التعافي فعليًا. لكن الشخص أرسل إلى حظيرة في سدي تيمان بعد ساعتين من الجراحة في المستشفى، كانوا يقولون إنه يمكن إطلاق سراحه. أنا أعارض ذلك. مرضى مثل هؤلاء في المستشفيات هم في العناية المركزة. الأمر واضح تمامًا.
وسبق أن تحدثت تقارير عدة عن تعذيب وقتل وإعتداءات جنسية وغيرها من الانتهاكات ضد المعتقلين في سدي تيمان الذي تنظر المحكمة العليا الإسرائيلية بالتماس 5 مؤسسات حقوقية إسرائيلية تطالب بإغلاقه فوراً.
وتابع الطبيب: كان هناك مريض آخر يعاني عدوى جهازية- تعفن الدم. كان في حالة حرجة، وحتى وفقًا للبروتوكول، لم يكن من المفترض أن يكون هناك. من المفترض أن يتم إدخال المرضى المستقرين تمامًا إلى المستشفى في سدي تيمان لكنه كان هناك، وقالوا إنه لا يوجد بديل.
وأشار إلى أنه بصرف النظر عن حقيقة عدم وجود جرّاح هناك، وهو أمر لا يمكن تصوره في مكان مثل هذا، كان الفريق الطبي محترفًا للغاية. لقد حاول الجميع حقًا، إذا تجاهلت الحقيقة، في نظري، على الأقل… احتجاز شخص دون السماح له بتحريك أي من أطرافه، معصوب العينين، عاريًا، تحت العلاج، وسط الصحراء … في النهاية لا يقل عن التعذيب.
وقال: هناك طرق لإدارة معاملة سيئة، أو حتى تعذيب شخص، دون سحق السجائر عليه. واحتجازهم على هذا النحو، غير قادرين على الرؤية أو الحركة أو التحدث، لمدة أسبوع، أو 10 أيام، أو شهر… لا يقل عن التعذيب. خاصة عندما يكون من الواضح أنه لا يوجد سبب طبي. لماذا تكبل أرجل شخص مصاب بجرح في المعدة منذ يومين؟ أليست الأيدي كافية؟
كابوس في سدي تيمان.. القصة غير المروية لإبراهيم سالم
عاش إبراهيم سالم -الذي اعتقلته القوات الإسرائيلية واحتجزته لمدة 8 أشهر- كابوسا مرعبا أشده ألما 52 يوما من التعذيب والصعق الكهربائي والضرب والإذلال والاغتصاب، في مركز سدي تيمان سيئ السمعة.
ويروي موقع "موندويس" الأميركي -في مقابلة حصرية مع الضحية- ما تعرض له في رحلة العذاب الطويلة التي مر بها من الإيذاء الجسدي والتجويع، منذ أن اعتقلته قوات الاحتلال في ديسمبر/كانون الأول 2023 من مستشفى كمال عدوان بقطاع غزة، حيث كان مع أطفاله في وحدة العناية المركزة بعد أن استهدفت غارة جوية إسرائيلية منزل عائلته، وقتلت بعض أشقائه وأبناء أخيه وبنات أخيه.
وقد جُرد المواطن (35 عاما) من ملابسه لمدة يومين وترك في حفرة تحت الأرض بمكان غير معروف، قبل نقله إلى سجن النقب، وعندما اشتكى للمحققين من كيفية اعتقاله، نقل إلى مركز احتجاز سدي تيمان حيث عاش "كابوسا" حقيقيا لمدة 52 يوما، قبل أن يتم تسريب صورة له لشبكة "سي إن إن" واقفا ويداه على رأسه كعقاب، خلال شجار مع جندي إسرائيلي ترك رجلا مسنا يتبول في ملابسه بدلا من السماح له باستخدام المرحاض.
تعذيب جسدي ونفسي
كانت هناك أنواع مختلفة من التعذيب -كما يقول سالم- فالوجود في السجن بحد ذاته تعذيب. ويجبرونك على الركوع من الرابعة صباحا حتى منتصف الليل، ومن أنواع التعذيب النفسي أن الجنود كانوا يشتمونني ويهينونني، وجعلونا نلعن أخواتنا وأمهاتنا، ونلعن أنفسنا وزوجاتنا. وفي إحدى المرات أثناء التحقيق قال لي الضابط لدي خبر سيئ وأخبرني أن ابني وسيم قد توفي.
ويتذكر سالم كيف أراه جندي صورة جرافة تحمل جثثا، واتضح أن الجرافات حفرت المنطقة التي دفن بها أفراد من عائلته، فقال "هؤلاء الثلاثة هم أختي وولداها. دفنتهم وأنا أعرفهم" ثم بكى لما اعتبره تدنيسا لحرمة الأموات.
ولم يكن يسمح لسالم في سدي تيمان حتى بالذهاب إلى الحمام. أما في النقب، فإذا رأى الحراس أشخاصا أثناء وجودهم في برج المراقبة، فإنهم يبولون في زجاجة ويسكبونها عليهم، وإذا شتمهم أحد أو حتى سألهم عن سبب قيامهم بذلك، كانوا يعاقبونه بالبقاء في وضع الوقوف لأكثر من ساعتين أو ثلاث حسب الحظ.
ضرب واكتظاظ وجوع.. أسرى أطلق سراحهم يروون الانتهاكات البشعة في السجون الاسرائيلية
كشف أسرى فلسطينيون مفرج عنهم لوكالة "أسوشيتد برس" الانتهاكات المتفاقمة التي عانوا منها في السجون الإسرائيلية المكتظة بآلاف المعتقلين منذ بدء الحرب على غزة قبل عشرة أشهر.
وأشار الأسرى إلى أنهم كانوا يتعرضون للضرب المتكرر، والتكدس الشديد لزنازين الاعتقال، ومنع الحصص الغذائية الأساسية عنهم.
واعترف مسؤولون إسرائيليون بأنهم جعلوا الظروف "أشد قسوة" على الفلسطينيين في السجون، وتفاخر وزير الأمن القومي المتطرف، إيتمار بن غفير، بأن السجون الإسرائيلية لن تكون "معسكرات صيفية" للفلسطينيين تحت إشرافه.
وقال أربعة فلسطينيين محررين لـ "أسوشيتد برس" إن المعاملة ساءت بشكل كبير في السجون التي تديرها الوزارة منذ هجمات السابع من أكتوبر. وأفرج عن بعضهم بعد اعتقال دام لعدة أشهر بأجساد هزيلة وجروح نفسية عميقة.
وكان السجين الخامس، معزز عبيات، هزيلا للغاية لدرجة أنه لم يتمكن من التحدث عن تجربته بعد فترة وجيزة من إطلاق سراحه في يوليو الماضي، بعد ستة أشهر قضاها في سجن النقب جنوبي إسرائيل. كان ضعيف البنية وغير قادر على التركيز، ولم يستطع سوى التحدث لعدة دقائق، قائلا "لقد تعرضت للضرب بانتظام". والآن داخل منزله خارج بيت لحم، لا يستطيع عبيات 37 عاما، النهوض من كرسيه.
وتقول ابنة عمه، آية عبيات إنه "يهلوس طوال الليل، ويقف في منتصف المنزل وهو في حالة صدمة، ويتذكر العذاب والألم الذي حل به".
ومثل جميع المعتقلين، احتجز عبيات بموجب قانون الاعتقال الإداري الذي يسمح لإسرائيل باحتجاز أي شخص إلى أجل غير مسمى دون توجيه تهمة.
وبحسب "أسوشيتد برس" وصف السجناء الآخرون ظروفا مماثلة على الرغم من احتجازهم في أماكن مختلفة.
وبينما لم يستطع عبيات التحدث إلا لفترة وجيزة، فقد تحدث السجناء الأربعة الآخرون للوكالة مطولا، وطلب أحدهم عدم الكشف عن هويته خشية إعادة اعتقاله.
وتتطابق رواياتهم مع تقارير صادرة عن منظمات حقوقية وثقت الانتهاكات المزعومة في مرافق الاعتقال الإسرائيلية.
وركزت حالة الذعر بين المنظمات الحقوقية بشأن إساءة معاملة السجناء الفلسطينيين بشكل أساسي على المرافق العسكرية، خاصة معتقل "سدي تيمان"، وهي قاعدة صحراوية اعتقلت فيها الشرطة العسكرية الإسرائيلية 10 جنود للاشتباه في ممارسة اعتداء جنسي على معتقل فلسطيني.
ووضع في منشأة احتجاز داخل القاعدة معظم الفلسطينيين الذين اعتقلوا في مداهمات بقطاع غزة منذ بدء الحرب.