
تتزايد حالات الهجرة العكسية من إسرائيل بالتزامن مع تصاعد حالة السخط في الشارع الإسرائيلي ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وأعضاء الحكومة المتطرفين، مع غياب أي أفق أو نجاح للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة المستمرة منذ أكتوبر الماضي.
ونقلت صحيفة "الأردن 24" عن الخبير الأردني في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أيمن الحنيطي، أن نسب الهجرة العكسية ارتفعت بشكل ملحوظ خلال الأشهر الأخيرة، وبخاصة بين أصحاب الشركات والمصالح ورؤوس الأموال الذين أدركوا أن الوضع داخل إسرائيل أصبح لا يحتمل، وأن البقاء هناك انتحار.
وقال الحنيطي: إن الشارع الإسرائيلي وصل إلى مرحلة الغليان لقناعته أن رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو ووزراءه المتطرفين أيتمار بن غفير وبتسئليل سموتريتش يقفون حجر عثرة أمام التوصل إلى اتفاق تبادل أسرى ووقف إطلاق النار في غزة، خصوصاً بعد إعلان الجيش أنه لن يستطيع فعل أي شيء آخر في غزة، وأن القيادة السياسية تستطيع التوصل إلى حل سياسي.
وأضاف: “إن إصرار نتنياهو على البقاء في محور فيلادلفيا والقضاء على حركة حماس يعتبر عقبة في التوصل إلى صفقة تبادل ووقف إطلاق النار”، لافتاً إلى أن الجيش أبلغ نتنياهو بأن القضاء على حركة حماس مستحيل وأن الحرب لم يعد لها جدوى.
وأشار الحنيطي إلى أن منتدى الأسرى عاد لتأجيج الشارع الإسرائيلي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام والندوات التي يعقدها لخلق رأي عام ضاغط على الحكومة لقبول الصفقة وإعادة الأسرى، مؤكداً أن المجتمع الاسرائيلي وصل إلى قناعة أن نتنياهو وأعضاء حكومته هم السبب الرئيس في تعثر التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار وصفقة تبادل الأسرى .
وبيّن الحنيطي أن الوضع في الكيان الصهيوني ما زال يشي بأن هناك عملية اغتيال سياسي قد تحدث بعد ارتفاع منسوب خطاب الكراهية ضد أعضاء الحكومة الثلاثة (نتنياهو، بن غفير، سموتريتش)، مرجحاً ألَّا يستمر هذا الوضع طويلاً بعدما صار المجتمع الإسرائيلي على قناعة بأن أعضاء الحكومة هم سبب تعطيل أي اتفاق.
من جهة أخرى، اعتمادًا على بياناتٍ إسرائيليّة رسميّةٍ كشفت صحيفة (يديعوت أحرنوت) العبرية عن ارتفاع عدد المستوطنين الذين يغادرون الكيان إلى الخارج وذلك في ضوء زيادة التهديدات واستمرار الحرب على غزة وانخفاض مستوى المعيشة وتفاقم حدة الانقسام الداخليّ، ووفق معلوماتٍ لم تؤكّدها السلطات في تل أبيب فإنّ عدد الهاربين من الكيان وصلب إلى مليون شخص منذ بدء العدوان على غزّة في أكتوبر الفائت.
وقالت الصحيفة إنّ “هذه الأسباب دفعت بالكثير من الإسرائيليين للتفكير مجددًا في بقائهم في إسرائيل والخشية على مستقبلهم”. ونقلت عن مركز الإحصاء المركزي معطيات تدل على أنّ هناك زيادة بنسبة 20 بالمائة على عدد المهاجرين مقارنة بالعام الماضي، عدا عن انتشار ظاهرة إقامة تجمعات للإسرائيليين في الخارج خلال العامين الماضيين.
وفيما أشارت التقارير الإحصائية إلى تفاقم الهجرة العكسية من إسرائيل بعد اندلاع الحرب على غزة، لوحظ الإعلان عن تأسيس حركات وجمعيات شعارها (لنغادر معًا)، والتي استقطبت عشرات آلاف المستوطنين الإسرائيليين.
وفي وقت سابق، دعا رئيس الوزراء الإسرائيليّ السابق نفتالي بينت، المستوطنين إلى عدم مغادرة إسرائيل. وعبّر عن قمة المخاوف الإسرائيلية من تبعات هذه الهجرة، مؤكدًا أنّ إسرائيل تمرّ بأصعب فترة منذ تأسيسها، حيث إرباك الحرب، والمقاطعة الدولية، وتضرّر الردع، وبقاء 120 إسرائيليًا في الأسر، وآلاف العائلات الثكلى، وآلاف المهجرين، وفقدان السيطرة على الاقتصاد والعجز. وقال بينت: “كل هذا صحيح بالكامل، لكن شيئًا واحد يقلقني، وهو الحديث عن مغادرة البلاد”.
وبحسب وسائل الإعلام العبريّة، فإنّ نصف مليون شخص غادروا دولة الاحتلال الإسرائيليّ في الأشهر الستة الأولى من الحرب، في وقتٍ أصبحت فيه الهجرة نحوها أقل بكثير مما كانت عليه قبل الحرب، وتبلغ نحو 2,500 مهاجر شهريًا.
وفي شباط (فبراير)، غادر نحو 20,000 شخص الكيان، وفي آذار (مارس) غادر نحو 7,000، وبإضافة الوافدين والخارجين في نيسان (أبريل) إلى العدد العام، فإنّ الفجوة لصالح عدد الخارجين وصلت إلى نحو 550,000 ألف شخص، وفق الإعلام العبريّ، الذي اعتمد بطبيعة الحال على بياناتٍ رسميّةٍ من الوزارات المختلفة في الحكومة الإسرائيليّة.
وأظهرت بيانات سلطة الهجرة انخفاضًا حادًا في رحلات الإسرائيليين للسفر والأعمال التجارية في الخارج منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر.
علاوة على ما جاء أعلاه، كشفت نتائج استطلاع للرأي بين الإسرائيليين، أنّ 40 بالمائة منهم يفكرون في الهجرة المعاكسة، أيْ مغادرة فلسطين والعودة من حيث أتوا، وطرحوا لذلك تفسيرات عديدة، كالتدهور الحاصل في إسرائيل لأسبابٍ كثيرةٍ ومتنوعةٍ، كالوضع الاقتصادي، وعدم المساواة، وخيبة الأمل بسبب تعثر التسوية مع الفلسطينيين.