۶۵۸مشاهدات
رمز الخبر: ۶۷۵۹۲
تأريخ النشر: 10 April 2023
خمسون طنّاً من المتفجّرات ألقاها الطيران الإسرائيلي على أهداف غير مأهولة في غزة، وأقل منها وزناً على بساتين للموز في جنوب لبنان، عقب الهجمات الصاروخية المقبلة من غزة ولبنان، رداً على القمع الوحشي للمعتكفين في ليل الأقصى، في خطوة استنزافية أولى لوحدة الساحات، أكملتها الضفة بهجوم نوعي في الأغوار، كما الداخل المحتل وسط تل أبيب. تتدحرج كرة اللهب ويتفاعل لظاها مع كل ساعة رمضانية وعلى أبواب يوم القدس، وسط ارتباك حادّ في كل ما يصدر عن المستوى الإسرائيلي السياسي والأمني، بعد النجاح الذي حقّقه الإسرائيلي في شهر رمضان الفائت، بتقسيم زماني ومكاني وإنْ كان نسبياً للمسجد الأقصى، عبر اقتحامات دورية للمستوطنين طالت معظم أيام الشهر الفضيل. تصاعد المواجهة الراهنة في داخل الكيان ومن حوله، يأتي على ركام تشرذم الواقع الفلسطيني بين شتات وداخل وضفة وغزة، وآثار "الربيع العربي" في الاحتراق الداخلي. ولكن قوة محور المقاومة تعزّزت في ضوء سداد رؤيته السياسية وفعله الميداني في مواجهة "الدواعش"، على امتداد خط النار من صعدة حتى القلمون، بما ساعد المحور على تثبيت حضوره الداعم للمقاومة في غزة، والتي تمكّنت من خوض سلسلة معارك كان آخرها معركة وحدة الساحات منذ أشهر خلت. انتهت معركة وحدة الساحات في آب/أغسطس الماضي، والتي اندلعت كصدى لتطورات الضفة وخاصة عقب الهجوم الإسرائيلي على جنين، في محاولة من الجهاد الإسلامي لربط ساحات المواجهة بين الضفة وغزة، وهو ما لم يتحقّق نتيجة عدم التضامن الفلسطيني والعربي. ولكن قيادة الجهاد أصرت على مراكمة البناء على هذا الشعار الذي أطلقته وعمّدته بدماء خيرة قادتها، ووضع كل ثقلها خلف الكتائب التي أفرزتها المواجهة شمال الضفة، وهي مواجهة وفّرت البيئة الحاضنة لمجمل الحالة الفلسطينية الناهضة في مقارعة الاحتلال منذ حزيران/يونيو 2021. ظهر شعار وحدة الساحات ابتداء، كتعبير عن حالة حرب أو وحدة جبهات مفتوحة للصراع مع المحتل الإسرائيلي، وهو ما جعل إمكانية تحقيقه أمراً متعسّراً، خاصة من قبل فصيل فلسطيني واحد مهما بلغ تعاظم قوته. ولكنها بضعة شهور مجبولة ثوانيها بدم جيل نهض في شمال الضفة والقدس، كانت كفيلة بفرض معادلة مشاغلة استنزافية مع قوات الاحتلال مع كل اقتحام للمناطق الفلسطينية، رغم ما خلّفته من خسائر بشرية فلسطينية. الاستنزاف المتدحرج عبر كل الساحات، أدخل الفعل الإسرائيلي الميداني في متاهة، فهو تارة يقرّر مهاجمة حماس وتجنّب الحرب مع حزب الله، وتارة أخرى ينكفئ في مواجهة حماس بزعم أنه حقّق الردع المطلوب، في وقت يعلو فيه صراخ الإسرائيليين محذرين من تآكل قوة الردع، وسط تصدّع داخلي حول الانقلاب على القضاء، ما زال ماثلاً في الأفق. جاء قمع المعتكفين في ليل الأقصى، ليطرح السؤال عن رد المقاومة في غزة والضفة، فجاء القصف من لبنان، ليفاجئ الجميع، بموازاة قصف متقطّع من غزة مع مشاغلة متتابعة في الضفة، بما أدخل قادة الكيان العبري في حيرة، جعلت نتنياهو يدخل اجتماعاً مطوّلاً في مقر وزارة الحرب في الكرياه، فيما كان أعضاء الكابينيت الأمني من وزراء حكومته ينتظرونه للاطلاع على ما حوته جعبته لإطلاق عملية ضد لبنان، وسط خلاف عميق بين قائد الأركان ورئيس الموساد، حيث ترجحت كفة الأول بتجنّب المواجهة مع حزب الله. الارتباك الإسرائيلي المتعاظم بعد هجومي الأغوار وتل أبيب، وسط مواصلة التوتر مع غزة ولبنان، حيث ما زالت القذائف تسقط من غزة وإن بشكل متقطّع ومحدود. ومن لبنان دخلت طائرة مسيرة، بعد يوم من القصف الصاروخي والرد الإسرائيلي الشكلي، فيما يضطر الجيش لاستقدام أربع كتائب نحو الضفة، والمزيد من قوات الاحتياط في سلاح الجوّ وحرس الحدود، وبالأصل نصف الجيش النظامي منتشر في شمال الضفة، في مشهد مرتبك من كل جوانبه. هذا التشتّت الميداني في خريطة الأهداف الإسرائيلية المحتملة تبعاً لتتابع الضربات المحدودة بسقف منخفض، باستثناء ضربة الأغوار النوعية، يعمّق أزمة الرد الإسرائيلي، فلا هو يمتلك مبررات الحرب ضد غزة، نظراً لمستوى القصف وطبيعته، ولا هو قادر على ضرب حزب الله، الذي لم يعلن مسؤوليته، وإن اعتقد الإسرائيلي علاقته غير المباشرة في الحد الأدنى، فيما لا يتعدى ردّه المتوقّع على عملية الأغوار التي وقعت داخل مربّعه الأمني مباشرة، أكثر من ملاحقة المنفّذ في محاولة احتواء قدراته الاحترافية وتحوّله إلى نموذج فدائي مميّز، وسط تصاعد قوة الكتائب الشبابية على مواجهة عملياته الأمنية في شمال الضفة. وجاء انحدار منفّذ عملية تل أبيب من كفر قاسم في الداخل المحتل، إضافة لمكان العملية الحساس، لتتكامل حلقات النار داخل وحول الكيان، وإن بوتيرة ابتدائية، ولكنها وتيرة ملائمة بهذا المستوى في الظرف الراهن، لتحافظ على ديمومتها الاستنزافية، في مواجهة كيان مؤهّل لتوجيه ضربات استباقية كبيرة، بما يتمتع به من إمكانات أمنية وعسكرية هائلة. وتيرة المواجهة المحدودة مع ديمومتها عبر كل الساحات، يمكنها عبر مدى زمني غير بعيد، أن تخلق ميدان جبهات مشتعلاً بوتيرة أعظم، تحول دون قدرة هذا الكيان على الاستفراد بساحة من الساحات، وخاصة ساحة الضفة. وبالتالي يمكن للضفة أن تؤدي الدور الأساس المنوط بها في مراكمة قوتها، بما يمكنها من القدرة على خلق حالة ثابتة من المقاومة، وليس فقط المراوحة في حالتي المشاغلة والعمل النوعي الفردي المتباعد. إنّ قدرة ساحات المواجهة المتعددة، على الثبات في استنزاف المحتل العبري، ولو بالحد الأدنى، تضع كامل خططه وبرامجه الأمنية في ضباب ميداني، يجعله عاجزاً عن رؤية فضاء الضربات النوعية، وبالتالي اندفاعه نحو خيارات غير محسوبة، بما يوقعه في أخطاء ميدانية لا يستطيع تحمّل تباعتها، وقديماً سقطت ممالكه بحمق صنيع أحباره، فهل ينجو منها الآن وهو يقف على أبواب متلازمة الثمانين عاماً؟ zahraakaraki03@gmail.com
رایکم