الأجواء البنّاءة التي طبعت مفاوضات اسطنبول التي عقدت بين الوفدين الروسي والاوكراني، لم تستطع تبديد سلاح العقوبات المرفوع بوجه روسيا، من قبل الدول الغربية، والمدفوع بتكثيف الدعم العسكري لاوكرانيا، ونشر المزيد المنظومات الصاروخية في الدول المحاذية من قبل حلف الشمال الاطلسي.
العقوبات الغربية، لم يسلم منها قطاع التكنولوجيا الروسي، حيث أعلنت واشنطن فرض عقوبات جديدة على روسيا تستهدف قطاع التكنولوجيا بما في ذلك أكبر ا"لشركة المساهمة ميكرون" وهي أكبر منتج ومصدّر روسي للإلكترونيات الدقيقة، بهدف منع موسكو من الالتفاف على عقوبات سابقة.
وقالت وزارة الخزانة الأمريكية إنها العقوبات تستهدف "21 كيانا و13 فردا، وشركات التكنولوجيا التي تؤدي دورا حاسما في آلة الحرب الروسية. وشملت العقوبات شركات مختصة في برمجيات وتكنولوجيا الاتصالات، وشركات عاملة في قطاع المعدات الحاسوبية، إضافة إلى معهد أبحاث الإلكترونيات الجزيئية (ميري) الذي يقوم بأعمال لصالح الحكومة الروسية، وشركة هندسية.
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ناشد بدوره الحكومة الأسترالية الى فرض مزيد من العقوبات على روسيا، وتقديم المزيد من المساعدة لبلاده في حربها ضد روسيا. وفي كلمة عبر الفيديو أمام أعضاء البرلمان الأسترالي، اتهم زيلينسكي القوات الروسية بقتل واحتجاز آلاف الأشخاص، وحذّر الرئيس الأوكراني من "تداعيات كبيرة على الأمن العالمي إذا لم يتم إيقاف روسيا ، طالباً تقديم مركبات مدرعة أسترالية الصنع لبلاده لمواجهة الهجوم الروسي. كما طالب بمنع السفن الروسية من دخول الموانئ الدولية.
وفي كلمة ثانية أمام البرلمان الهولندي، طالب الرئيس الأوكراني هولندا بتقديم المزيد من الأسلحة إلى بلاده، والمساعدة في إعادة بناء أوكرانيا بمجرد "انتهاء الحرب"، وقدم فولوديمير زيلينسكي الشكر إلى هولندا على الدعم الذي قدمته لبلاده، وطلب من رئيس الوزراء الهولندي، مارك روته، المساعدة في تسريع ترشيح أوكرانيا لعضوية الاتحاد الأوروبي.
الأمين العام لحلف شمال الأطلسي الناتو، ينس ستولتنبرغ، كشف عن انّ الحلف درب القوات الأوكرانية وعزّو قدرات الجيش الاوكراني منذ بداية الحرب، ولفت الى أنّ القوات الاوكرانية "أصبحت لديها قدرة على مواجهة روسيا نراها الآن في الميدان"، مشيراً الى أنّ الحلف وافق على مضاعفة انفاقه العسكري بسبب الظروف الأمنية.
وفي اطار تعزيز قوات الناتو في دول البلقان واوروبا الشرقية، والذي تعتبره موسكو تهديداً لأمنها الاستراتيجي، أعلن ستولتنبرغ أنّ الحلف تمكّن في بضعة أيام من نشر آلاف القوات في المنطقة الشرقية من أوروبا، لإرسال رسالة بأن أوروبا موحدة، معتبرًا أنّ "الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قرر بطريقة غير شرعية غزو أوكرانيا. ورحَب وتابع ستولتنبرغ بالجهود الدبلوماسية لإنهاء الأزمة الاوكرانية، لكنّه قال " لا نرى استعدادا لذلك من الجانب الروسي".
وفي سياق متصل بالمسار الدبلوماسي، أكّد الكرملين غياب أي جدول زمني محدد حتى الآن للقاء القمة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي. وصرّح المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، بأن "موقف موسكو إزاء إمكانية عقد هذه القمة لا يزال ثابتا، موضحا أنه لا يمكن عقد مثل هذا اللقاء إلا بعد صياغة اتفاقية ستتيح وضع حد للأعمال القتالية بين الطرفين.
وربط بيسكوف عقد هذا اللقاء بضرورة إتمام العمل على صياغة نص الاتفاقية وتنسيقها وتوقيعها من قبل مسؤولين رفيع المستوى، وبعد ذلك فقط يمكن الحديث عن لقاء على أرفع مستوى. ويأتي ذلك على خلفية إحراز بعض التقدم في المفاوضات الجارية بين روسيا وأوكرانيا، خلال اجتماع استضافته اسطنبول التركية الثلاثاء الماضي.
وفي اطار الرد على العقوبات بحق بلاده، وقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مرسوما حول آلية تسويات الغاز الطبيعي المورد للدول غير الصديقة، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، بالروبل الروسي. وبناء على المرسوم يتوجب على العملاء في الدول غير الصديقة فتح حسابات بالعملة الروسية في البنوك الروسية، ويدخل المرسوم حيز التنفيذ اعتبارا من 1 نيسان/ أبريل 2022.
وقال بوتين خلال اجتماع بشأن تنمية مجال النقل الجوي و صناعة الطيران: "نحن نقدم للمقاولين من هذه البلدان [غير الصديقة] مخططًا واضحًا وشفافًا، من أجل شراء الغاز الطبيعي الروسي، ولفت الى أنّه يتوجب على الدول الدول غير الصديقة فتح حسابات بالروبل في البنوك الروسية. وهذه الحسابات هي التي ستستخدم لدفع ثمن الغاز الذي يتم توريده. وحذّر من انّه إذا لم يتم سداد هذه المدفوعات بالروبل، فسوف تعتبر موسكو ذلك تخلفا عن السداد من جانب المشترين. مع كل العواقب المترتبة على ذلك، كما أشار إلى أن العقوبات المفروضة على روسيا هي ثمن "لحق روسيا في الحرية والاسقلال والحفاظ على مصالحا وقيمها".
المستشار الألماني، أولاف شولتس، اعلن عن إمكانية ااستغناء بلاده على الاعتماد على موارد الطاقة الروسية، خلال العام الجاري، لافتا إلى أن العقود تنص على الدفع مقابل الغاز الروسي بالدولار أو اليورو وليس بالروبل. وقال شولتس، في مؤتمر صحفي، مع المستشار النمساوي كارل نهامر، إنّ ألمانيا تأمل في أن تتخلى عن واردات النفط والفحم الروسية هذا العام، لكن الأمر سيستغرق وقتا أطول لتقليل اعتمادها على الغاز الروسي.
وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، وخلال مقابلة تلفزيونية، أكّد بالمقابل، أن بلاده غير قادرة على الاستغناء عن الغاز الطبيعي المورد من روسيا على المدى القصير. واستبعد أوغلو أن تواجه تركيا مشاكل في إمدادات الغاز الطبيعي من روسيا. وكشف اوغلو أن "تركيا تشتري 40% من حاجاتها من الوقود الأزرق من روسيا. لافتًا الى أن أنقرة لم تنضم إلى العقوبات المفروضة على موسكو، لذلك لا نتوقع حصول مشاكل في الإمدادات.
وكان خبراء اقتصاديون قد أشاروا في وقت سابق إلى مخاطر تتمثل في تباطؤ النمو وتسارع معدل التضخم بسبب الاعتماد الكبير على إمدادات الطاقة الروسية. وأظهرت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا حجم اعتماد الاتحاد الأوروبي على الغاز الروسي، حيث تعتمد 27 دولة في أوروبا على الغاز من روسيا بنسبة 40% من احتياجاتها، والذي يصل معظمه عبر خطوط أنابيب يامال- أوروبا الذي يعبر بيلاروسيا وبولندا إلى ألمانيا، و"نورد ستريم1" الذي يذهب مباشرةً إلى ألمانيا؛ أكبر مستهلك للغاز الروسي عالمياً.
المصدر:يونيوز