۱۰۲۰مشاهدات
رمز الخبر: ۶۴۸۱۹
تأريخ النشر: 24 March 2022

ماذا لو اتخذت حكومة صنعاء قرارا بإغلاق مضيق باب المندب؟ ما هي الأدوات التي ستُستخدم في إغلاقه، ونطاق تأثير كل منها؟ من هي الدول التي ستكون في عداد فريق المتضررين، ومن هي الدول التي ستكون في عداد المستفيدين؟ من الجهة التي ستبدي ردة فعل، وهل تملك القدرة، والأهم هل تملك الإرادة لاستخدام القدرة؟ وما هي التداعيات الاستراتيجية لتلك الخطوة؟

هذا ما ستحاول ورقتنا الإجابة عليه، في الصفحات التالية.

 

المقدمة

في الآونة الأخيرة، دعا مجلس التعاون الخليجي مختلف الأطراف في اليمن، بمن فيهم حركة أنصار الله، الى مؤتمر في الرياض لإنهاء الحرب في البلاد.

من الواضح أن هذه الدعوة أتت بدفع امريكي أوروبي حثيث، بسبب تحول المنافسة بين روسيا والغرب الى صراع، من المحتمل ان تنضم إليه الصين مستقبلا. ترغب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الاستغناء عن مصادر الطاقة الروسية، وتعويض إمداداتها من الشرق الاوسط، لا سيما من دول الخليج العربية، من بينها اليمن، لذا تندرج المساعي السياسية والاقتصادية والعسكرية التي قوم بها التحالف لحسم الحرب حالياً الى:

○ الاستفادة من الموقع الجغرافي في اليمن، وسهولة تصدير نفطه وغازه الى أوروبا.

○ وجود احتياطات هائلة من النفط والغاز في اليمن، حسب بعض الدراسات، وإيقاف الحرب يفتح الباب للشركات الغربية للعمل في التنقيب عن مصادر الطاقة في البلاد.

○ تحييد التهديد لناقلات النفط والغاز المسال من الخليج الى أوروبا، إذ انه في حال استمرار الحرب، تخشى القوى الغربية من تطور الوضع العسكري لصالح قوات صنعاء، أو من اتخاذها قرارا بإقفال مضيق باب المندب، أو استهداف الملاحة البحرية في البحر الأحمر، الامر الذي يشكل تهديدا لإمدادات الطاقة من المنطقة، وتهديدا خطيرا لاستراتيجية الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين في صراعهم مع روسيا.

○ الخوف من انضمام صنعاء الى المعسكر الشرقي، الى جانب روسيا او الصين، او كلاهما، في منطقة حساسة لموازين القوى العالمية.

○ انضمام اليمن او فتحه مجالا للنفوذ الروسي والصيني في جنوب غرب الجزيرة العربية، وهو في نفس الوقت عضو هام ومركزي في حلف محور المقاومة، قد تكون تداعياته سلبية جدا على مستقبل الوجود الأمريكي في غرب آسيا.

مبحث تمهيدي

أهمية مضيق باب المندب

 

نبذة تاريخية

تمكنت بريطانيا في القرن التاسع عشر، تحديدا عام 1839، من مدّ نفوذها إلى مضيق باب المندب، من خلال احتلالها لمدينة عدن، فاتحة بذلك إمكانية احتلال قناة السويس بعد 43 عاما، وبالتحديد عام 1882، بعد سيطرتها على مصر إثر هزيمة أحمد عرابي عسكرياً، ثم الاستحواذ رويدا رويدا على موانئ السلطنة الخديوية المصرية في شرق السودان وأريتريا وجيبوتي والصومال، وزنجبار، وبالتالي السيطرة على حوض البحر الأحمر بالكامل، ما فتح الباب أمامها للتواصل مع نخب الحجاز في الجزيرة العربية، على رأسهم الشريف حسين - شريف مكة، واستخدامه في تفكيك الدولة العثمانية، الأمر الذي سهّل مهمتها في احتلال فلسطين، وتسليمها للحركة الصهيونية، لإنشاء وطني قومي لليهود فيها.

لاحقا، في عام 1952 قاد الرئيس جمال عبد الناصر انقلابا عسكريا ضد الملك فاروق، وتمكن الجيش من تسلم السلطة في البلاد. كان عبد الناصر واعيا لأهمية مضائق البحر الأحمر في حماية سواحل وحدود مصر الشرقية، إضافة الى دورها في حصار دولة الكيان الصهيوني، وعزم على طرد بريطانيا من حوض البحر الأحمر من خلال السيطرة على مضيقيه – قناة السويس وباب المندب -  أولا؛ بتأميم قناة السويس عام 1956، ثانيا؛ تدبيره أو دعمه انقلاب الجمهوريين في اليمن عام 1962، ثالثا؛ تحريضه على المقاومة المسلحة في جنوب اليمن ضد التواجد العسكري البريطاني في البلاد.

اليوم، وفي ظل التنافس العالمي – الذي لم يتحول الى صراع بعد - على الريادة بين الولايات المتحدة والصين، تزايدت أهمية البحر الأحمر ومضيق باب المندب، الذي يمر عبرهما الغالبية العظمى من الملاحة الدولية التجارية من الشرق الى الغرب، لا سيما الصادرات الصينية الى الشرق الأوسط وأوروبا، وصادرات الطاقة من دول الخليج العربية الى أوروبا، إلا أن هناك بعد آخر هو حركة الملاحة العسكرية الامريكية والأوروبية بين مضيق جبل طارق ومضيق ملقا في المحيط الهندي، مرورا بالخليج الفارسي، وبعده الى منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

 

الأهمية السياسية

تستطيع القوة الدولية المسيطرة على البحر الأحمر ومضائقه وموانئه، التحكم في مصير التجارة الدولية بين الصين والشرق الأوسط، وأوروبا، وهي تساوي في أهميتها مضيق ملقا بالنسبة للصين، والفارق أنها لا تملك ذات المستوى من النفوذ الذي تمتلكه الولايات المتحدة الامريكية في حوض البحر الأحمر. من هذا المنطلق، يمكن للولايات المتحدة أن تخنق الصادرات والواردات الصينية، إضافة الى استثماراتها المختلفة في شرق أفريقيا وشبه الجزيرة العربية، لا سيما في قطاعات الثروات المعدنية والنفطية، والبنية التحتية للمدن الصناعية والموانئ التي تنشئها.

 

الأهمية الاقتصادية لحوض البحر الأحمر

إضافة الى أن البحر الأحمر بمضيقيه هو من أهم الممرات المائية في العالم، إلا أن لهذا الحوض جانب آخر مهم جدا، هو الفالق العربي النوبي الممتد على طول البحر الأحمر، بين الضفة الأفريقية والضفة العربية في الحجاز، وهذا الفالق الغني - بالذهب والنحاس، النيكل، الزنك، الحديد، القصدير، الفضة، البلاتينوم، المنغنيز، اليورانيوم، التنتاليوم، النيوبيوم، الفوسفات، كوبالت، الكروميت، النفط والغاز الطبيعي - كل هذه المعادن ضرورية للصناعات العسكرية المتقدمة حول العالم ، وغيرها من الصناعات التكنولوجية، وهذا ما يفسر جانبا من أسباب الصراعات الدائرة في الكثير من مناطق الضفة الافريقية للبحر الأحمر في أثيوبيا والسودان والصومال، ويفسر جانبا من أسباب الحرب على اليمن.

إغلاق باب المندب زلــزال اســتراتــيــجـي دولــي

 

المبحث الأول

إغلاق مضيق باب المندب – المستفيدون والمتضررون

 

أدوات الاغلاق المحتملة

○ تفجير أو إغراق سفينة صافر النفطية العائمة.

○ استخدام الوسائط العسكرية.

 

  1. إغراق خزان صافر العائم:

بحسب منظمةGreen Peace ، تعد ناقلة النفط صافر إحدى أضخم الناقلات في العالم، والتي تحمل 1.1 مليون برميل من النفط على متنها، وتحذر من:

○ ان أي ثقب في هيكل السفينة، قد يؤدي الى تسرب نفطي أضخم بأربعة أضعاف من ذلك الذي تسببت فيه "إكسون فالديز" في ألاسكا عام 1989.

○ انسداد محطات تحلية المياه، التي توفر مياه الشفة لملايين الناس في السعودية.

○ تدمير البيئة الأيكولوجية لحوض البحر الأحمر.

 

  1. الوسائط العسكرية:

يمتلك الجيش واللجان الشعبية صناعة عسكرية متطورة، لا سيما في مجال الصواريخ الباليستية، والمسيّرات الجوية والبحرية، والآلاف من الألغام البحرية، إضافة الى صناعات عسكرية لم يتم الإعلان عنها حتى الآن، قد يتسبب استخدام هذه الوسائط، في الخسائر المباشرة التالية:

○ تعطل الملاحة التجارية البحرية عبر مضيق باب المندب، ومساحة واسعة من البحر الأحمر.

○ تعرض ناقلات النفط الى خطر شديد ومحقق، أثناء مرورها باتجاه البحر المتوسط.

○ تعرض الاستثمارات الهائلة على ضفتي سواحل البحر الأحمر الى خسائر كبيرة.

 

الدول المستفيدة

لا شك ان الضرر سوف يعم كل الأطراف التي لها مصلحة في إبقاء مضيق باب المندب مفتوحا، إلا أن بعض الدول سيكون ميزان الفائدة لديها أكبر من ميزان الخسائر، على المدى البعيد، وهذه الدول هي:

 

_ اليمن

في ظل الصراع بين روسيا والغرب، وتقليص الولايات المتحدة لتدخلها في صراعات المنطقة، سوى من خلال الوكلاء، إضافة لتجنبها فتح جبهة حرب جديدة، من المحتمل أن تتحول الى حرب كبرى في المنطقة، إضافة الى انشغال الدول الأوروبية في الحرب الأوكرانية، لذا يستفيد اليمن من فرصة إغلاق المضيق، ل:

  1. تعزيز وضعه التفاوضي.
  2. ورقة مساومة لفتح مطار صنعاء، وميناء الحديدة.
  3. ورقة مساومة في ملف مأرب.
  4. الضغط من اجل فك الحصار النفطي والغذائي عن المناطق المحررة.

_ روسيا

لا تملك روسيا مصالح كبيرة حتى الآن في حوض البحر الأحمر، وأغلب الحركة التجارية الروسية تأتي من البحر الأسود باتجاه شرق ووسط أفريقيا، كما ان الحركة التجارية من شرق آسيا باتجاه روسيا وبالعكس، تكون برية بسبب اتصالهما الجغرافي، لذا تتعدد مكاسبها، كالتالي:

  1. المزيد من تعطيل إمدادات الطاقة باتجاه أوروبا.
  2. زيادة اعتماد دول الاتحاد الأوروبي على النفط والغاز الروسيين.
  3. ارتفاع كبير في أسعار الطاقة يخدم المجهود الحربي الروسي في أوكرانيا.
  4. ارتفاع إمكانية إيجاد موطئ قدم روسية في حوض البحر الأحمر.
  5. تقليص فرص تملّص الامارات والسعودية من اتفاقات أوبك+.
  6. ازدياد أهمية قاعدة حميميم الجوية، وطرطوس البحرية، ضمن مشاريع روسيا لزيادة نفوذها في شمال أفريقيا، ووسطها.

 

_ الهند

تعمل الهند بدفع غربي ضمن استراتيجية الولايات المتحدة لمواجهة الصين، على بناء طريق حرير مواز لمشروع الحزام والطريق الصيني البحري، عبر الامارات، مرورا بالسعودية، وصولا الى موانئ الكيان الصهيوني المؤقت على البحر المتوسط، ثم الى أوروبا، لذا تكمن استفادة الهند، في التالي:

  1. إضعاف المنافس الصيني.
  2. تعزيز استراتيجي لمحورية الهند عالميا على الصعد التجارية والصناعية والاستثمارية، وبالتالي السياسية.
  3. تعزيز سلاسل التوريد، وسلاسل القيمة الهندية.
  4. ضمان استدامة عقود الطاقة مع الدول النفطية في الخليج الفارسي.

إغلاق باب المندب زلــزال اســتراتــيــجـي دولــي

 

_ الامارات

تعد الامارات محطة رئيسية على طريق الحرير الهندي، الى البحر المتوسط وأوروبا، لذا تعد الامارات في وجه من الوجوه من أهم المستفيدين في المدى الزمني المتوسط، كالتالي:

  1. تعزيز مركزية دور الامارات من خلال التجارة بين الشرق والغرب.
  2. تعزيز الاستثمارات الهندية والصينية في موانئها، وبنيتها التحتية الصناعية والتكنولوجية.

 

 

_ سلطنة عمان

بعد افتتاح الخط البري الرابط بين السعودية وسلطنة عمان، إضافة الى مشروع مد خط انابيب لتصدير النفط السعودي عبرها، أصبحت السلطنة حاجة ضرورية للسعودية، لاكتساب اطلالة تجارية على المحيط الهندي، ونلخص مكاسب السلطنة في النقاط الرئيسية التالية:

  1. تعزيز دورها كمنفذ بحري لتصدير النفط والغاز السعوديين الى شرق آسيا.
  2. تعزيز ربط المدن والبنية التحتية الصناعية السعودية بالموانئ العمانية.
  3. تعزيز فرص زيادة الاستثمارات الصينية في السلطنة، لا سيما في قطاع البنية التحتية والموانئ، والصناعات الاستخراجية.
  4. تعزيز دورها السياسي كوسيط في المفاوضات بين صنعاء، ودول العدوان.
  5. تعزيز نفوذها مقابل المنافس الاماراتي.

 

_ مصر

قد تتعطل مرحليا بعض المشاريع الحيوية التي تنفذها الصين ، وبعض الأهداف المصرية في حوض البحر الأحمر، إلا أنه من الناحية الاستراتيجية، تكمن استفادة القاهرة، في التالي:

  1. تعزيز دور مصر المركزي في المنطقة، بالنسبة لروسيا والصين، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فالكل سيخطب ودّها، لا سيما في صادرات الغاز الى أوروبا، وحل بعض الازمات المالية، وإمدادات القمح ، ليعمل على جذبها الى معسكره.
  2. في حال تطور الموقف العسكري لتوجيه ضربة عسكرية استراتيجية من قبل محور المقاومة للكيان المؤقت، فمن المحتم أن مصر ستتخلص من الكيان الصهيوني كمنافس إقليمي قوي، ما يسمح بتعزيز النفوذ المصري في الأردن وسوريا ولبنان والعراق، وعلى صعيد كامل حوض البحر الأحمر.
  3. في حال تطور الموقف العسكري في المنطقة، سيعزز ذلك الموقف المصري في مسألة سد النهضة، الذي يهدد بتحويل ملايين الهكتارات الزراعية في مصر الى صحاري جدباء، حيث من المعلوم أن الكيان الصهيوني المؤقت وشريكه الاماراتي يدعمان حكومة آبي أحمد، ويساهمان في تشييد السد، ومؤخرا، كان الحليفان قد نسقا سويا عمليات نقل الأسلحة الى اديس أبابا، لمساعدة الحكومة الاثيوبية في معاركها ضد التيغراي، المدعومين من مصر والسودان.

 

الدول المنتكسة

عندما نتكلم عن الاضرار بالنسبة لبعض الدول من إغلاق باب المندب، فإننا نقصد ذلك الضرر الاستراتيجي، الذي من الصعب تعويضه، وعلى رأس هذه الدول:

 

_ الولايات المتحدة الامريكية

تسعى الولايات المتحدة لمواجهة الصين ضمن نسقين جغرافيين متتابعين، الأول في جنوب شرق آسيا، والنسق الثاني في غرب آسيا، وبالتحديد من بحر العرب، وحوض البحر الأحمر، لذا فإن إغلاق مضيق باب المندب يعد بشكل من الاشكال ضربة لاستراتيجية الولايات المتحدة في المنطقة، كما في مواجهة الصين.

  1. تقليص قدرة الولايات المتحدة في مواجهة الصين، لا سيما إن استمر إغلاق المضيق الى أمد طويل.
  2. الضرر بسمعة الولايات المتحدة كحامية للمضائق والممرات المائية الدولية.
  3. عرقلة حركة الاساطيل العسكرية الامريكية بين الخليج الفارسي والبحر المتوسط.
  4. في حالة أي مواجهة أمريكية إيرانية، ستتمكن إيران من الاستفراد بالأسطول الخامس للولايات المتحدة في بحر الخليج.
  5. من المحتمل ان يؤدي إغلاق باب المندب الى تعزيز دور تنظيم حركة الشباب في الصومال، مقابل الحكومة التابعة للولايات المتحدة في مقديشو.

 

_ الصين

لا يقل الضرر الذي سيلحق بالصين عن الولايات المتحدة، إذ ان معظم تجارتها مع أوروبا تمر عبر مضيق باب المندب.

  1. تعطل سلاسل التوريد مع دول حوض البحر الأحمر، وشمال افريقيا وشرق المتوسط وأوروبا.
  2. تعطل استثماراتها في البنى التحتية والاستخراجية في دول حوض البحر الأحمر.
  3. تعطل سلاسل التوريد الصينية مع الكيان المؤقت.
  4. صعوبة استبدال الصين الممر المائي للبحر الأحمر، بممر برّي عبر الامارات، لأنها ستصطدم بالمصالح الهندية. لذا الاحتمال الأكبر ان تعمل على تعزيز استثماراتها في سلطنة عمان كبديل بري للبحر الأحمر.

 

_ الاتحاد الأوروبي

إغلاق باب المندب هو الكابوس الذي تخشى دول الاتحاد الأوروبي تحققه، لا سيما في هذا التوقيت بالذات، وهي في مواجهة وجودية مع روسيا.

  1. توقف صادرات الطاقة من دول الخليج الفارسي الى أوروبا.
  2. زيادة اعتماد دول الاتحاد على صادرات الغاز والنفط الروسيين.
  3. تعزيز الموقف الاستراتيجي الروسي في أوروبا.

 

_ الكيان المؤقت

تاريخيا، شكل باب المندب عقدة صهيونية خلال صراع هذا الكيان مع مصر في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، ويتأثر الكيان في مستويات عدة في حال إغلاق المضيق:

  1. قطع الملاحة البحرية الصهيونية مع الصين والهند.
  2. قطع الملاحة البحرية الصهيونية مع الدول الخليجية المطبعة.
  3. انقطاع الموارد النفطية الخليجية عن الكيان.
  4. انقطاع الواردات من المواد الغذائية الأساسية من الهند، بشكل أساسي.
  5. انقطاع الواردات الصناعية والتكنولوجية، من الصين والهند.
  6. تعطل قدرة سلاح البحرية الصهيوني، على تنفيذ عمليات ضد إيران في بحر العرب، والمحيط الهندي.
  7. تعطل المشاريع الصهيونية، في تحويل جزيرة سقطرى الى مركز للتجسس الاقليمي، والعمليات الخاصة، في القرن الافريقي، وضد إيران.
  8. تعزيز موقف إيران في بحر العرب والمحيط الهند، والقرن الافريقي.

 

_ الامارات

للإمارات استثمارات كبيرة في موانئ المنطقة، من القرن الافريقي الى مصر والاردن والكيان المؤقت، وإغلاق المضيق سوف يؤدي لخسائر لا توصف.

  1. قطع التواصل البحري بين الامارات والكيان المؤقت.
  2. خسائر استثمارية كبيرة، في مشاريعها في موانئ البحر الأحمر، وفي عقود التنقيب واستخراج النفط في المياه الإقليمية المصرية في البحر الأحمر، وخسارة في عقودها النفطية مع الكيان المؤقت.
  3. خسارة موقعها كدولة ترانزيت لتخزين البضائع القادمة من شرق آسيا، وإعادة تصديرها، الى باقي دول الشرق الأوسط، وأوروبا، وأفريقيا.

 

_ السعودية

للسعودية مشاريع استثمارية ضخمة على سواحلها المطلة على البحر الأحمر، وإغراق سفينة صافر على وجه التحديد، قد يتسبب بضرر هائل لهذه المشاريع، كما:

  1. يعرض مكانة المملكة في المنطقة سياسيا وعسكريا للاهتزاز.
  2. تلوث الساحل الغربي لشبه الجزيرة العربية بالكامل.
  3. تضرر الاستثمارات السعودية في مشاريعها على سواحل البحر الأحمر، لا سيما في مدينة نيوم، ذات البعد الثقافي الصهيوني، الهادف لإعادة تشكيل الوعي لدى أهل الحجاز، الذي يضم مكة المكرمة، والمدينة المنورة.
  4. انقطاع الكمية الأكبر من الامدادات النفطية السعودية الى مختلف دول العالم، لا سيما أن ميناء ينبع لا يستحوذ سوى على نسبة ضئيلة من حجم الصادرات النفطية.

 

المبحث الثاني

ردود الأفعال – القدرة والإرادة

 

تمتلك العديد من الدول المتضررة القدرة العسكرية والتقنية والمالية، على إدارة رد فعل سياسي وعسكري، ولكن يكمن الفارق في الإرادة على استخدام هذه القدرات، نظرا لأن تداعيات استخدامها، قد تكون عوائدها سلبية جدا.

 

_ الولايات المتحدة الامريكية

تمتلك واشنطن أقوى أسطول بحري عسكري في العالم، ما سمح لها بنشره في جغرافيا استراتيجية كمنطقة الشرق الأوسط، لا سيما في البحر الأحمر ومضائقه، كما ان لها نفوذا كبيرا على أغلب حكومات المنطقة، لذا يعدّ إغلاق باب المندب من قبل حكومة خارجة عن نفوذها ضربة كبيرة لمكانتها الدولية.

○ القدرة: الولايات المتحدة تمتلك قدرات عسكرية مؤثرة، ولديها نفوذ راسخ في المنطقة.

○ الإرادة: تواجه واشنطن صراعا حادا مع روسيا في أوروبا، وهي تستعد بشكل حثيث لصراع قد لا يكون بعيدا زمنيا مع الصين، في نفس الوقت الذي تعيد ترتيب بيتها الداخلي، وتواجه عجزا هائلا في ميزانيتها، والأهم أنها تبتعد عن التورط العسكري مجددا في المنطقة.

○ ردة الفعل: استخدام وكلائها الإقليميين، في الرد على خطوة إغلاق باب المندب.

○ الصين

يمكننا أن نصف الصين بأنها أكبر الخاسرين، والتي سوف تتعرض تبادلاتها التجارية مع جزء هام من ثلاث قارات الى انتكاسة حقيقية، جراء إغلاق باب المندب.

○ القدرة: رغم ان الصين تمتلك قاعدة بحرية في جيبوتي، إلا أن حضورها العسكري ضعيف، وبلا شبكة خدمات لوجستية عسكرية كتلك التي تمتلكها الولايات المتحدة في المنطقة، كما أن زيادة حضورها العسكري سوف يصطدم بالرفض الأمريكي، لتأثيره على توازنات القوى الدولية في المنطقة.

○ الإرادة: لا إرادة عسكرية.

○ ردة الفعل: دبلوماسية، من خلال الأمم المتحدة ومجلس الأمن، والقوى الإقليمية.

○ الاتحاد الأوروبي

هو من أكبر المنتكسين، ففي الوقت الذي تواجه فيه دوله معركة مصيرية ووجودية مع روسيا في أوكرانيا، وسعيهم للاستغناء عن النفط الروسي، يأتي إغلاق مضيق باب المندب ليقطع عنهم نفط وغاز الخليج الفارسي، ويعزز موقف روسيا في هذه المواجهة الاستراتيجية.

○ القدرة: القدرات العسكرية لدول الاتحاد الأوروبي كبيرة، ولكنها لا تبلغ مستوى قدرات الولايات المتحدة في المنطقة.

○ الإرادة: لا إرادة منفردة عن قرار الولايات المتحدة.

○ ردة الفعل: من خلال وكلاء الولايات المتحدة في المنطقة.

 

_ الكيان الصهيوني المؤقت

يعد إغلاق باب المندب تهديدا استراتيجيا، لا سيما في حال اندلاع حرب بينه وبين محور المقاومة، ففي الوقت الذي يواجه فيه حلفاء الكيان في الدول الأوروبية صراعا ساخنا مع روسيا، فإن قطع الملاحة البحرية مع الدول النفطية المطبعة في الخليج الفارسي، ومع الصين وباقي دول جنوب شرق آسيا، قد يرقى الى تهديد وجودي للكيان المؤقت.

○ القدرة: يمتلك الكيان قوة بحرية معتبرة، وقاعدة بحرية في أريتريا.

○ الإرادة: لا إرادة عسكرية منفردة، سوى في بعض العمليات الخاصة، أي التكتيكية.

○ ردة الفعل: لا ردة فعل خارج القرار الأمريكي، كما أن أي تحرك عسكري صهيوني مكشوف، قد يفتح باب حرب كبرى في المنطقة.

 

_ الامارات

رغم تضررها الكبير من خطوة إغلاق باب المندب، إلا أنها عاجزة عسكريا، عن الرد على خطوة بهذا الحجم، كونها دولة هشة، ولا تتحمل الرد المضاد، من قبل الجيش واللجان الشعبية.

○ القدرة: لا قدرة عسكرية.

○ الإرادة: لا إرادة منفردة عن قرار واشنطن.

○ ردة الفعل: لا جرأة على ردة فعل منفردة.

 

_ السعودية

رغم امتلاكها لأحدث أنواع الأسلحة الامريكية، ومشاركة القيادة الوسطى للجيش الأمريكي، وضباط من الكيان الصهيوني، في غرف عملياتها العسكرية ضد اليمن، إلا أنها أضعف مما تبدو عليه، ولا تكمن قوة هذه الدولة سوى في نفوذها المالي، ضمن دائرة عدد من الدول الإقليمية الفقيرة.

○ القدرة: تمتلك سلاحا بحريا وجويا قويا.

○ الإرادة: موجودة، ولكن محدودة.

○ ردة الفعل: في انتظار القرار الأمريكي.

 

المبحث الثالث

أهم التداعيات الاستراتيجية

بناءً على ما تقدم، ان إغلاق باب المندب سوف يتسبب بزلزال استراتيجي على المستوى الدولي، يمكن استشرافه بالمؤشرات التالية:

  1. تعطل إمدادات النفط من الخليج الى أوروبا، في مرحلة حساسة جدا من تاريخها، بسبب مواجهتها مع روسيا.
  2. تعطل سلاسل التوريد الصينية الى الشرق الأوسط، والبحر الاحمر، وشرق المتوسط، وشمال افريقيا، وأوروبا.
  3. حصار استراتيجي للكيان الصهيوني المؤقت، بسبب انقطاع الحركة التجارية النفطية، والصناعية، والتكنولوجية، والغذائية بينها وبين دول الخليج المطبعة، ودول جنوب شرق آسيا، على راسها الصين والهند.
  4. في حال حصول خطأ في التقدير لدى المؤسستين السياسية والعسكرية الصهيونية، قد يتسبب في حرب كبرى في المنطقة لتحرير فلسطين.
  5. إغلاق باب المندب، قد يؤدي الى استحواذ دول إقليمية على مشاريع وخطط الاستثمار الإماراتية في موانئ البحر الأحمر.
  6. مكاسب روسيا ستكون كبيرة، لا سيما في ظل العمل الأوروبي والامريكي على استغناء أوروبا عن مصادر موسكو الغازية والنفطية.
  7. إغلاق باب المندب قد يعطل حركة الاسطول الخامس من وإلى الولايات المتحدة، أو يطيل مدة الحركة اللوجستية نتيجة المرور في طرق تستغرق وقتاً طويلاً.
  8. يؤثر على استراتيجية واشنطن ولندن في المحيط الهندي، في مواجهة الصين.
  9. يقدم فرصة لروسيا والصين، لطلب المشاركة في حماية المضائق والممرات المائية في العالم، لا سيما في باب المندب، وقناة السويس، إضافة الى مضيق هرمز.
  10. ارتفاع قياسي لأسعار الطاقة عالميا، ما قد يدمر الاقتصاد الأوروبي، والعالمي.

 

خاتمة

يشكل إغلاق باب المندب حالة تحول استراتيجية اقليمية ودولية، وإن معالجة التحديات الأمنية والإقتصادية في منطقة غرب آسيا دون النظر في الأزمة اليمنية وتداعيات الحرب في أوكرانيا على الوضع الإقتصادي وموارد الطاقة في ذلك البلد، هي معالجة مجتزأة وغير واقعية، ومن المحتمل مع استمرار السياسات غير الواقعية أن تتفاقم الأزمة وتؤدي إلى الدخول في مواجهة في منطقة باب المندب، بما لها من تأثيرات عميقة على منطقة تعيش أصلاً في حالة من التداعي الإقتصادي.

المصدر:مركز دراسات غرب آسيا

 

رایکم