۹۲۷مشاهدات

ما هي اتفاقية «مينسك» الموقعة بين روسيا وأوكرانيا؟

رمز الخبر: ۶۳۸۶۱
تأريخ النشر: 02 March 2022

توصل قادة أوكرانيا وألمانيا وفرنسا وروسيا يوم 12 فبراير/شباط 2015 إلى اتفاق مينسك الذي يقضي بوقف إطلاق النار شرقي أوكرانيا وسحب الأسلحة الثقيلة، بغية إقامة منطقة فاصلة منزوعة السلاح شرقي أوكرانيا.

فما هي هذه الإتفاقية؟ وما هي بنودها؟ وما هي نقطة الخلاف الرئيسية بشأن هذه الاتفاقيات ؟ ولماذا لم تنجح "مينسك" في حل أزمة أوكرانيا؟

 

اتفاقية «مينسك1»

بدأت قصة اتفاقية «مينسك» عندما أسس قادة 4 دول هي: طرفا الأزمة روسيا وأوكرانيا إلى جانب وسيطين فرنسا وألمانيا، بصيغة سميت «صيغة نورماندي» عام 2014، في أعقاب اشتباكات مسلحة اندلعت في منطقة دونباس شرقي أوكرانيا بين القوات الحكومية والحركة الإنفصالية بدعم من روسيا.

الاتفاق على صيغة «النورماندي»

عُقد الاجتماع الأول في 6 يونيو 2014 في النورماندي شمال فرنسا، وركزت مفاوضات «صيغة نورماندي» وهي منصة حوار رباعية غير رسمية على تهدئة الصراع، وعقدت عدة جولات من المحادثات منذ ذلك الحين، ما أسفر عن توقيع اتفاقية مينسك. ووافقت الحكومة الأوكرانية في 5 سبتمبر 2014، على خطة وقف النار التي قدمتها روسيا ومنظمة التعاون الأوروبي OSCE، وتم إجراء محادثات بين ممثلي جميع الأطراف في العاصمة البيلاروسية مينسك، إذ تضمنت خطة السلام التي عرفت بـ«مينسك 1» مجموعة من النقاط حيث ركزت الاتفاقية على وقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى والمعتقلين، وإقامة منطقة عازلة، ومراقبة منظمة الأمن والتعاون الأوروبي لوقف إطلاق النار والحدود الروسية الأوكرانية. كذلك، أكدت انسحاب «الجماعات المسلحة غير النظامية، المتشددين، المسلحين، المرتزقة» من الأراضي الأوكرانية، بالإضافة إلى دعوة الحكومة الأوكرانية إلى اعتماد قانون للعفو عن المتورطين في الصراع في دونباس.

 

فشل اتفاقية «مينسك 1»

وعلى الرغم من إيقاف المعركة بين اوكرانيا وروسيا، إلا أن القتال لم ينتهِ وفشل اتفاق «مينسك 1» وتسببت المعارك في سقوط 1300 قتيل منذ توقيع الاتفاق، واستولى الانفصاليون على أكثر من 500 كيلومتر مربع إضافي من الأراضي الأوكرانية.

وبحلول يناير 2015 انهار بروتوكول مينسك في وقف إطلاق النار، بعد انتصار الانفصاليين في مطار دونيتسك الدولي، وقال المتحدث باسم مجلس النواب إدوارد باسورين إن «مذكرة مينسك لن يتم النظر فيها بالشكل الذي تم اعتماده فيه».

 

اتفاقية «مينسك 2»

بعد فشل اتفاق «مينسك 1»، تم التوقيع على اتفاقات «مينسك 2» في فبراير 2015 وذلك لوضع حد للنزاع الذي اندلع في منطقة دونباس جنوب شرقي أوكرانيا، وتم تنسيق الوثيقة التي تحمل اسم «مجموعة الإجراءات الخاصة بتنفيذ اتفاقات مينسك» في قمة عقدها في العاصمة البيلاروسية في 11-12 فبراير 2015 زعماء دول «رباعية النورماندي» (روسيا وأوكرانيا وفرنسا وألمانيا).

ووقعت عليها أيضاً مجموعة الاتصال الخاصة بتسوية النزاع في شرق أوكرانيا وتضم ممثلين عن حكومة أوكرانيا وروسيا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا وجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك، وفي 17 فبراير 2015، تبنى مجلس الأمن الدولي قراراً يدعم هذا الاتفاق.

بنود اتفاقية مينسك 2

اشتملت مينسك 2 على 13 بنداً، اعتبرت مجتمعة بمثابة خريطة طريق لحل النزاع الأوكراني بصورة شاملة:

  1. التنفيذ الصارم للوقف الفوري والشامل لإطلاق النار في مناطق معينة من منطقتي دونيتسك ولوغانسك في أوكرانيا ابتداء من 15 من فبراير عام 2015 .
  2. قيام كلا الجانبين بسحب جميع الأسلحة الثقيلة على مسافات متساوية من بعضهم البعض من أجل إنشاء منطقة آمنة بعرض 50 كم على الأقل للمنظومة المدفعية من عيار 100مم وأكثر والمنطقة الآمنة بعرض 70 كم لنظام قاذفة الصواريخ المتعددة وعرض 140 كم لأنظمة راجمات الصواريخ "تورنادو-إس" و"أوراغان" و"سمرتش" وأنظمة الصواريخ التكتيكية "توشكا".
  3. ضمان فعالية المراقبة والتحقق من وقف إطلاق النار وسحب الأسلحة الثقيلة من قبل منظمة الأمن والتعاون في أوروبا منذ اليوم الأول للانسحاب باستخدام جميع الوسائل التقنية اللازمة بما في ذلك الأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار وأنظمة الرادار وغيرهم.
  4. بدء الحوار في اليوم الأول بعد الانسحاب بشأن طرق إجراء الانتخابات المحلية وفقا للتشريعات الأوكرانية وقانون أوكرانيا "بشأن النظام المؤقت للإدارة الذاتية المحلية في مناطق معينة من منطقتي دونيتسك ولوغانسك"، وكذلك بشأن النظام المستقبلي لهذه المناطق على أساس هذا القانون.
  5. ضمان العفو من خلال تبني قانون يحظر مقاضاة ومعاقبة الأشخاص فيما يتعلق بالأحداث التي وقعت في مناطق معينة من منطقتي دونيتسك ولوغانسك في أوكرانيا.
  6. ضمان الإفراج عن جميع الرهائن والمحتجزين بشكل غير قانوني وتبادلهم على أساس مبدأ "الجميع مقابل الجميع". ويجب أن تكتمل هذه العملية حتى اليوم الخامس بعد الانسحاب كحد أقصى.
  7. ضمان الوصول الآمن للمساعدات الإنسانية وتسليمها وتخزينها وتوزيعها على المحتاجين على أساس الآلية الدولية.
  8. تحديد طرق الاستئناف الكامل للاتصالات الاجتماعية - الاقتصادية، بما في ذلك التحويلات الاجتماعية مثل دفع المعاشات التقاعدية والمدفوعات الأخرى "الإيرادات والدخل ودفع جميع فواتير المرافق العامة في الوقت المناسب واستئناف الضرائب ضمن الإطار القانوني لأوكرانيا ".
  9. استعادة السيطرة الكاملة على حدود الدولة من قبل حكومة أوكرانيا في جميع أنحاء منطقة الصراع، والتي يجب أن تبدأ في اليوم الأول بعد الانتخابات المحلية وتكتمل بعد تسوية سياسية شاملة "الانتخابات المحلية في مناطق محددة من مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك على أساس قانون أوكرانيا والإصلاح الدستوري" بحلول نهاية عام 2015، مع مراعاة تنفيذ الفقرة 11 - بالتشاور والاتفاق مع ممثلي مناطق محددة من مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك ضمن مجموعة الاتصال الثلاثية.
  10. انسحاب جميع التشكيلات المسلحة الأجنبية والمعدات العسكرية وكذلك المرتزقة من أراضي أوكرانيا تحت إشراف منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. نزع سلاح كل المجموعات غير الشرعية.
  11. إجراء إصلاح دستوري في أوكرانيا مع دخول الدستور الجديد حيز التنفيذ بحلول نهاية عام 2015، والذي يفترض أن اللامركزية عنصر أساسي (مع مراعاة خصائص مناطق محددة من مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك، المتفق عليها مع ممثلي هذه المناطق)، وكذلك اعتماد تشريع دائم بشأن الوضع الخاص لمناطق محددة من مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك وفقًا للتدابير المحددة في الملاحظة1، حتى نهاية عام 2015.
  12. استنادًا إلى قانون أوكرانيا "بشأن النظام المؤقت للإدارة الذاتية المحلية في مناطق محددة من مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك"، ستتم مناقشة القضايا المتعلقة بالانتخابات المحلية والاتفاق عليها مع ممثلي مناطق محددة من مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك ضمن إطار مجموعة الاتصال الثلاثية. ستجرى الانتخابات وفقًا لمعايير منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ذات الصلة وسيراقبها مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
  13. تكثيف أنشطة مجموعة الاتصال الثلاثية، بما في ذلك من خلال إنشاء مجموعات عمل لتنفيذ الجوانب ذات الصلة من اتفاقيات مينسك، وهي سوف تعكس تشكيلة مجموعة الاتصال الثلاثية.

 

ما هي نقطة الخلاف الرئيسية بشأن هذه الاتفاقيات؟

المشكلة الأساسية في اتفاقيات مينسك هي أن تفسير الاتفاقيات من قبل كييف وموسكو يختلف اختلافاً جوهرياً. فالحكومة الأوكرانية تعتبرها وسيلة لإعادة توحيد أوكرانيا واستعادة السيادة الأوكرانية بالكامل على لوهانسك ودونيتسك رغم منح سلطات معينة للمنطقتين. وعلى النقيض من ذلك، يعتقد الكرملين أن الاتفاقيات من شأنها أن تساعد في إنشاء إدارة متحالفة مع روسيا في لوهانسك ودونيتسك، ومنحها «وضعاً خاصاً» قبل لم شملها مع بقية أوكرانيا. وهذا من شأنه أن يضمن أن تحتفظ روسيا بنفوذها على هذه المناطق وأن تفقد أوكرانيا سيادتها الحقيقية.

ويقول دنكان آلان، الدبلوماسي البريطاني السابق والزميل المشارك لبرنامج روسيا وأوراسيا في معهد تشاتام هاوس: «هذا الاختلاف في تفسير الاتفاقيات من قبل روسيا وأوكرانيا لطالما كان هو الخطر الكامن في اتفاقيات مينسك». وأضاف آلان: «يتعلق الأمر كله بإعطاء لوهانسك ودونيتسك وضعاً خاصاً، وعندها ستكون هذه المناطق مثل «حصان طروادة» داخل النظام السياسي الأوكراني، حيث ستسيطر عليها روسيا في الخفاء، وبالتالي ستكون قادرة على السيطرة على أوكرانيا من الداخل».

لماذا لم تنجح "مينسك" في حل أزمة أوكرانيا؟

يرى كثير من المراقبين أن الإجابة عن هذا السؤال تنقسم إلى شقين: الأول يتعلق باتفاقية مينسك نفسها، كونها فضفاضة ولا تنص على إجراءات محددة وإلزامية لابد على طرفي النزاع من الالتزام بها وصولاً إلى حل وسط دون إراقة الدماء. فعلى الرغم من التزام المسؤولين من الطرفين بالاتفاق ظاهرياً، وترديدهم أنه "لا بديل عن اتفاق مينسك"، إلا أنه لا توجد فرص حقيقية لتنفيذ الاتفاقية بالكامل على أرض الواقع، حتى بعد فرض العقوبات الاقتصادية على روسيا.  أما الشق الثاني فيتعلق بإصرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على التمسّك بمصالح روسيا الاستراتيجية في القرم وباقي الأقاليم الشرقية من أوكرانيا. كما أن القوات الانفصالية الأوكرانية تسيطر بالفعل على مناطق كثيرة في الأقاليم الشرقية، مما يجعل المشهد الحالي في الأزمة الأوكرانية يصب في صالح روسيا؛ حيث إن الحركة الانفصالية بأوكرانيا موالية لموسكو، وبالتالي فإن السيطرة على تلك الأراضي الأوكرانية تضمن لروسيا تواجد منطقة عازلة بينها وبين أوروبا الغربية. كما اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن اتفاقية مينسك ميتة منذ سنوات، ووصفتها العديد من الدول الغربية بأنها باتت في طريقها إلى الزوال.

المصدر:مركز الاتحاد للأبحاث والتطوير

رایکم