۱۷۸۸مشاهدات

الوكالات الحصرية في لبنان

رمز الخبر: ۶۳۲۵۶
تأريخ النشر: 18 February 2022

بداية ً إن موضوع الوكالات الحصريّة تكرّس بموجب المرسوم الاشتراعي الرقم 34 سنة 1967 و قد عدل ليلغي الوكالات الحصرية على المواد الغذائية، و في عام 1992 تمّ تحديد المواد التي لا تعتبر من الكماليات والتي لا تسري عليها الوكالات الحصرية وهي: المواد الغذائية للاستهلاك البشري والحيواني، ومواد التنظيف ومساحيق الغسيل، أي أنه تم إلغاء الوكالات الحصرية عن المواد الغذائية التي ليست من الكماليات ولكنه تم الإبقاء على الوكالات الحصرية في الدواء وكأن الدواء من الكماليات وليس من الأساسيات كالغذاء، و في عام 2002 ، أحالت الحكومة الى مجلس النواب بالمرسوم الرقم 7484 مشروع القانون بتعديل المرسوم الاشتراعي رقم 34/67، والذي نصّ على إلغاء الوكالات الحصرية مقابل إعطاء أصحاب هذه الوكالات حق تقاضي مبلغ يعادل 5% من قيمة البضائع والسلع التي تشملها الحصرية وذلك لمدة 5 سنوات.

وفي جلسة عقدها مجلس النواب بعد نحو سنتين من إحالة مشروع قانون الحكومة رقم 7484 أقرّ النواب قانون معدلاً فتم إلغاء الوكالات الحصرية بعدما تم إلغاء رسم الـ 5% وأن يعمل به بعد 4 سنوات من نشره في الجريدة الرسميّة، لكنّ رئيس الجمهورية حينها العماد إميل لحود ردّ القانون الى مجلس النواب بعد حملة اعتبرت أن إلغاء الاحتكار هو تعريض لجودة ونوعية السلع المستوردة، وصولاً الى حد اعتبارها تشكل اعتداء على حقوق طوائف معيّنة، لا يكاد يطرح النقاش حول الوكالات التجارية في لبنان حتى تنقسم الآراء بين مؤيّدين لتحرير الاقتصاد من قيود حصرية الوكالات التجارية من جهة، ومؤيّدين لحماية نظام اقتصادي لبناني قائم على تلك الحصرية من جهة أخرى، فهل تستحقّ الوكالات التجارية حماية وطنية أم هي وسيلة احتكار يجب التخلّص منها؟

الوكالة الحصرية تعني أن هناك ممثلاً تجارياً لشركة معيّنة قد حُصر به حق توزيع وبيع منتجاتها في منطقة جغرافية محددة.

وعليه فهو المتصرف بهذه المنتجات لناحية التوزيع ولناحية التسعير.

العجيب في لبنان أن الكثير من السلع الاستراتيجية المستوردة من الأغذية والأدوية لها وكالات حصرية.

وقد شهدنا خطورة ذلك الأمر في أزمتنا الاقتصادية الحالية عبر احتكارها من قبل الوكلاء الحصريين ورفع أسعارها ومنع الفقراء منها وتنفيذ إملاءات السفارة الأمريكية حولها والتهرّب من قرارات الحكومة بإتاحتها للناس وخفض أسعارها احتماء بالقانون الذي يجيز ذلك.

ويقول الدكتور في الجامعة اللبنانية علي شعيب بأنه تم بالأمس مناقشة قضية الوكالات الحصرية في المجلس النيابي وهناك رأي وازن يتجه إلى إلغائها منعاً للاحتكار وإفساحاً في المجال للمنافسة فيها مما يؤدي إلى خفض سعرها، و هو أمر نتمنى أن يتحقق وأن لا يتلظّى المدافعون عنها بحقوق الطوائف فالفقر والمرض لا طائفة لهما وكثير من أولئك الوكلاء الحصريين أعضاء فاعلون في الدولة العميقة ومسؤولون عما آلت إليه أوضاع الناس من بؤس وشقاء وضرّاء جرّاء الأزمة الاقتصادية المدارة من السفارة الأمريكية في لبنان.

كما نشرت جريدة الأخبار أن على جدول أعمال اللجان المشتركة النيابية، اقتراح قانون من كتلة التنمية والتحرير ونواب آخرين حول إلغاء الاحتكار والوكالات الحصرية، يحمل هذا الاقتراح مادتين لإلغاء المرسوم الاشتراعي الذي يشرّع الوكالات الحصرية، بحيث لا يحتاج إلى نقاش وتعديلات تؤدي إلى دفنه.

و صرح الكاتب حسن حردان في مقال له على جريدة البناء انه و مرة جديدة أحبطت، في الجلسة النيابية الأخيرة، محاولة لإلغاء الوكالات الحصري، وكان واضحاً انّ الكتل النيابية التي تصدّت لهذه المحاولة، لها مصلحة مباشرة في حماية نظام الاحتكار الذي تجسّده هذه الوكالات والذي عمره من عمر النظام الطائفي الذي بناه المستتمر الفرنسي… فهذه الوكالات، التي تحتكر استيراد الكثير من المواد والسلع الأساسية، تتحكم بأسعارها وتجني من وراء ذلك الأرباح الخيالية، التي يذهب جزء منها لبعض الأطراف السياسية، ولهذا ترفض هذه الأطراف وضع حدّ لهذا الاحتكار

 إلغاء الوكالات الحصرية «خطوة تاريخية»، لكنها غير كافية، وتبقى حاجة السوق ملحّة لإقرار قانون للمنافسة، و لكن هذا الاقتراح لم يلاقي اجماع على قبوله بل و تم الاعتراض عليه من معظم الكتل و السبب اشتراك معظمها مع الوكالات الحصرية، من هنا كرسّت الدولة اللبنانية نفسها لخدمة المحتكرين (أصحاب الحق الحصري بالمبيعات أو المفوضين الحصريين بالبيع)، وفي وقت طورت غالبية الدول ذات الاقتصاد الرأسمالي نظامها وحرّرت أسواقها من ثقل الحصرية، حافظت السلطة اللبنانية على موروث الانتداب الفرنسي ووسعت سوق الوكالات حتى باتت ثلثي الأسواق اللبنانية تتسم بطابع احتكاري، ذلك لم يمنع مشرّعي الوكالات الحصرية من التغني على مرّ السنوات، باقتصاد لبنان الحرّ وأسواقه المفتوحة.

وبعد مرور لبنان بالآونة الأخيرة بالأزمة الاقتصادية بدأ التعارض مع وجود هذه الشركات واضحا، فقد أصبحت الأسعار تفوق القدرات الشرائية للمواطنين خصوصا أن أسعار السلع في هذه الشركات بالدولار الأمريكي، وأن اشتراكها السنوي لم يزل بالليرة اللبنانية، أي أن لبنان لم يعد يستطيع حتى الاستفادة منها لإدخال الدولار اليه.

انتشر عبر موقع تويتر في الآونة الأخيرة خبر حول الوكالات الحصرية في لبنان ينص على أن عدد الوكالات الحصرية يضم حوالي 3800 وكالة ولديها عشرات الآلاف من السلع لأن كل وكالة تضم آلاف السلع من آلاف الأصناف، وبعد التحقق من الإحصاءات المعطاة من وزارة الاقتصاد والتجارة تبين أن هذه الأرقام لا صحة لها وأن الإحصاءات جاءت كما يلي:

  • عدد الشركات الحصرية التي استمرت في عقودها مع الدولة اللبنانية منذ عام 2018 وحتى العام 2021، لا يتخطى ال 300 شركة.
  • أما إذا أردنا التوسع لمعرفة عدد الشركات الحصرية التي تم التعامل معها في لبنان منذ العام 2005 وحتى يومنا هذا فهي تصل الى حوالي 2600 شركة.

ولكن صرح النائب حسن فضل الله عبر قناة المنار أن 300 وكيل هو عدد الوكلاء القانونيين و الذين التزموا بتجديد العقود مع الدولة اللبنانية، أما العدد الفعلي للوكالات الموجودة في لبنان يتخطى ال 3000 و ذلك دون تجديد العقود بل عبر تغطية من قبل شركاء في الدولة.

كما أن وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام هو الذي أبرز هذه الأرقام في اجتماع مجلس النواب الأخير حيث صرح أنه من أصل 3330 وكالة حصرية في لبنان هناك 316 وكالة فقط تلتزم بالقانون، من حيث تسديد الرسم السنوي، ومن حيث تجديد العقود.

 وبحسب تقرير نشرته «الدولية للمعلومات» في نيسان الماضي، «لا يزيد عدد أصحاب الوكالات الحصرية على 300»، لكن الواقع أن هؤلاء، على قلتهم يتوزعون على مختلف القطاعات وينفذون عليها احتكارات ضمنية عبر منع أي طرف آخر من استيرادها، فيحددّون الأسعار والأرباح كما يشاؤون.

كيف تتوزع الوكالات الحصرية بحسب البيانات التجاريّة؟ يتبيّن أنّ عقود التمثيل التجاريّ غطّت كافة القطاعات الصناعية فشملت الألبسة والأقمشة والأحذية، الساعات، الأدوات الكهربائية والالكترونية، الأجهزة والمعدات الطبية، الأدوية والمستحضرات الصيدلانية، أدوات ومستحضرات التجميل، الخردوات، الغالات والأقفال، السيارات وقطع الغيار والإكسسوارات والزيوت، الإطارات، المبيدات، المعدات الصناعية، المنتجات العسكرية، القرطاسية واللوازم المكتبية، المفروشات، البلاط والسيراميك، الأدوات المنزلية، الفضيات والكريستال، الأدوات الصحية، الأجهزة الرياضية ومعدات اللياقة البدنية، جميع لوازم الأطفال، الألعاب، استثمار أشرطة الفيديو...

يتمتّع هؤلاء الممثلين التجاريين بحماية قانونية وإدارية في لبنان وهو ما يمنع غيرهم من التجار من استيراد أو توزيع السلع التي يُغطيها عقد التمثيل، هذا ما دفع البعض الى المطالبة برفع الحماية عن الوكالات الحصرية بهدف تحفيز المنافسة وخفض الأسعار لصالح المستهلك، غير أنّ المشروع لم يبصر النور نظراً للمصالح السياسية المتضاربة.

وأظهرت دراسة، أعدها الخبير الاقتصادي اللبناني توفيق غسبار في العام 2003، وتغطي 7402 مؤسسة، أن 7 شركات كبرى تسيطر على 60 في المائة من الاقتصاد اللبناني، وتتسم ثلثا الأسواق اللبنانية بطابع احتكاري، وتضاعفت أرقام الوكالات الحصرية منذ العام 2003، تاريخ إجراء الدراسة، حتى الآن. وقدّر البنك الدولي في العام 2007 الريع الناتج من الاحتكارات في لبنان بأكثر من 16 في المائة من الناتج المحلي، وهو أكثر من مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلّي.

ختاماً هذه الوكالات الحصرية تفرض عبر الدولة رسوم جمركية مرتفعة على أي شخص يحاول استيراد السلع التي تُصنّعها و التجارة بها، أو تفرض غرامات مالية يتوجب على التاجر أن يدفعها لهذه الشركة مقابل التجارة بسلع منافسة لها، بالتالي هذه الشركات تقفل الباب امام الأعمال التجارية للشعب اللبناني و تجبره على التعامل مع شركة واحدة لكل نوع من السلع ما يجعل المنافسة مستحيلة، خصوصا أن هذه الوكالات تغطي معظم السلع منها الكمالية و منها الأساسية، و يجدر الإشارة إلى أن هذه الوكالات تتناقض في مطالبها في سوق حرة و تجارة مفتوحة، و تلغي السوق التنافسية، على هذه الخلفية يجب التخلص من احتكار هذه الوكالات و ذلك على الأقل عبر التخلص من الوكالات الحصرية غير القانونية، و هذا يسهل الأمر حيث أن القانون لا يحميها، و بالتالي تقليص الوجود الفعلي للوكالات بنحو 3014 وكالة، هذه خطوة أولى نحو التخلص من الضغط الذي تفرضه هذه الوكالات التي بدورها يتم التحكم بها من خلال أيادي خارجية و داخلية.

المصادر:

  • موقع وزارة الاقتصاد والتجارة
  • جريدة النهار
  • موقع تويتر
  • جريدة الأخبار
  • جريدة البناء
  • قناة المنار
  • صفحة شركة الابحاث الدولية للمعلومات
  • جريدة الحرة

المصدر: مركز الاتحاد للأبحاث والتطوير

رایکم
آخرالاخبار