۵۱۱مشاهدات
رمز الخبر: ۶۳۰۰
تأريخ النشر: 27 November 2011
شبکة تابناک الأخبارية: لقد شاهدنا في ثورات الربيع العربي كيف استعان طغاة العرب بسياسة النار والحديد لإسكات صوت شعوبهم وإخماد ثوراتها، إذ كانوا مسكونين بالهاجس الأمني تجاه أي حراك مطلبي لشعوبهم، فكان النهج الأمني هو الحاكم في سياسة التعامل مع هذه المطالبات، إلى حد استنفار واستدعاء كامل قوتهم وبطشهم لقهر وإسكات شعوبهم المنادية بحقوقها.

إلا أن هذه العقلية في التعامل مع ملفات الشعب الحقوقية هي ذاتها أطاحت بهم وأسقطتهم، ذلك وببساطة لان النظام المستبد يرتكز في قوته ويراهن لبقائه على سياسة القمع والقتل، فإذا ما اسقط الشعب وافشل هذا السلاح، فلا جدوى حينئذ لهذا السلاح ولا قوة تبقى بعدها لهذا النظام، وهذا ما فعلته شعوب الربيع العربي، فقد استطاعت أن تجعل من الاستشهاد سلاحا في وجه غطرسة المستبد مما افقده هيبته وسلطته.

الطغاة لا يملكون إلا سلاح التخويف والبطش والقتل في مواجهة ثورات شعوبهم، فإذا ما قابل الشعب هذا البطش والقتل بثقافة الاستشهاد وصار لا يبالي أوقع على الموت أم وقع الموت عليه حينها سيسقط سلاح الطاغية من يده ويفشله وستكون بداية نهايته.

كربلاء الحسين ، هي التي علمتنا أن روح الاستشهاد هي السلاح الفاعل للشعوب المقهورة أمام طغيان جبابرتها، وهي الروح الكفيلة بجعل الدم ينتصر على السيف، فتاريخ كربلاء التي يستقبلنا بعد أيام ذكرى بطولاتها وملاحمها، لا زال يحتفظ لنا في ذاكرته موقف إمامنا زين العابدين أمام طاغية الكوفة "عبيد الله بن زياد" حين شهر بوجه الإمام سلاح التخويف والقتل.

هذا الطاغية الذي لا يعرف في سياسته إلا التخويف والبطش والقتل، ولا يتعاطى مع شؤون الناس إلا بالسياسة الأمنية، قد استهل عهده في الكوفة بذات النهج وذات السياسة سياسة إسالة الدماء والقتل، وكان إمامنا السجاد حينها للتو قد جيء به أسيرا من معركة طاحنة أتت على كافة رجالات أهل بيته، أبيه وعمه وإخوانه وبني عمومته وأصحاب أبيه أجمعين، ولم تبقى إلا النسوة وبعض الأطفال، فحسب الطاغية أن سياسته فعلت فعلتها في قلب الإمام عليه ا لسلام ولن يجرؤ على شيء، فلما سمع من الإمام كلاما أراد أن يخرسه آمرا بضرب عنق الإمام ، إلا أن الإمام زين العابدين اسقط سلاح التخويف والقتل للطاغية بن زياد حين أبدى أمامه استعدادا لا متناهيا للشهادة بمقولته الشهيرة «أبالقتل تهددني يابن زياد، أما علمت أن القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة» [1] .

مدرسة كربلاء هي التي أسقطت الدولة الأموية حين الهمت الأحرار روح الاستشهاد فأسقطت بذلك من يد الطغاة سلاح تخويفهم وبطشهم وقتلهم، إذ لم يعودوا قادرين على إسكات الأحرار وإخماد حراكهم مهما أعملوا فيهم آلة القتل والبطش والتنكيل، إلى أن سقطت دولة الطغيان الأموي.

إن روح الاستشهاد هي سلاح الأحرار العزل أمام غطرسة الطغاة الجبابرة، فبهذه الروح وبهذه الثقافة سينتصرون لحقوقهم وسينزلون الهزيمة بطغاتهم المستبدين المستأثرين السالبين لحقوقهم، ليسقون بدمائهم شجر حريتهم.. فهكذا انتصر الدم على السيف، والصدر العاري على رصاصات الجبناء.

رایکم