۶۱۷مشاهدات
رمز الخبر: ۶۲۳۶۱
تأريخ النشر: 30 January 2022

يصادف يوم 24 يناير عيد ميلاد الاسطورة محمود فرشجيان أحد أبرز الفنانين الإيرانيين في مجال فن المنمنمات والذي خلق بأنامله المبدعة آثارا فنية في غاية الروعة مستلهما مواضيع رسومه من معتقداته الدينية، والأدب العرفاني.

وتضم قائمة أسماء مثقفي القرن الحادي والعشرين اسم محمود فرشجيان الحائز على وسام الفنون الإيرانية من الدرجة الممتازة، والكثير من الجوائز العالمية، واستضافت معظم دول العالم أعماله الفنية في معارض مشتركة أو فردية.

حياته

ولد محمود فرشجيان عام1929م في مدينة اصفهان (وسط البلاد) وكان والده من محبي الفن حيث ارسله إلى ورشة الرسام الشهير ميرزا آقا امامي استجابة لرغبته ولكي يروي بذلك ضمأه الى الفن. ثم دخل معهد اصفهان للفنون الجميلة وتلمذ على يد الأستاذ عيسي بهادري قبل أن يرحل إلى أوروبا ليدرس أثار الفنانين الغربيين الكبار خلال بضعة سنوات والتي انتهت به الى ابداع منهج جديد في مجال الرسم يتلائم مع المعايير والمعطيات العالمية في نفس الوقت.

وكان فرشجيان في بداية طريقه مغرما بالفنان الإسباني بيكاسو وأنس بالعصر العالمي للفن، ولكنه بعد دراساته الكثيرة وجهوده المثمرة ابتكر لنفسه اسلوبا خاصا ومتميزا في فن الرسم ومن خلال مزج بين الفن التقليدي الإيراني والعلوم المعاصرة العالمية ومحاولة على تحرير فن الرسم في ايران من ارتباطه المباشر بالشعر والادب حيث استطاع ان يضفي على الفن الإيراني لونا جديدا من العصرية لكن مع ابقائه على روح الفن الاسلامي والتراث الايراني وبهذا أبدع فنا جديدا وهو فن المينياتور "المنمنمات" الذي اصبح فيما بعد مدرسة فنية مستقلة ينهل منها الكثير من الفنانين الايرانيين والعالميين.

عند عودته الى ايران، بدأ فرشجيان عمله في الدائرة العامة للفنون الجميلة بطهران وتم تعيينه مديراً للدائرة الوطنية واستاذاً لكلية الفنون الجميلة بجامعة طهران.

أعمال الاستاذ فرشجيان

إن ما يميز أعمال الفنان فرشجيان عن غيره هو وجود حركات مدورة جذابة في رسوماته (المنمنمات). وجدير بالاشارة أن أعمال الاستاذ "بهزاد" الرسام العملاق في العهد التيموري والاستاذ سلطان محمد الرسام الكبير في الحكم الصفوي، هي من أولى نماذج الرسم والتي تمت على أساس بنى تحتية مدورة، بيد أن البروفيسور الينور اسميز يرى أن عملية التصوير المدور في منمنمات فرشجيان اكثر حيوية، وأن ملامح الوجود والأغصان والأوراق والكائنات الأسطورية كلها تدور في فلك منتظم سريع كأنها تجري في دوامة، وهذه الرسوم والصور الدقيقة خلقت بدورها روائع فريدة في الفن وحتى في فن القاشاني وحياكة السجاد الايراني.

يرى فرشجيان أن فن الرسم الايراني، ضرب من الخيال يعود منشأه الى مخيلة الرسام وفكره وليس وجهة نظر عينية. في رسومات باقي البلدان والشعوب، والصين نموذجاً، نرى أن الرسام يبذل غاية جهده وطاقته وحنكته العالية في تقديم صورة رائعة عن الطبيعة، غير أن ما يميز هذا الرسام الأجنبي عن نظيره الايراني هو أن ريشة الفنان الايراني تربط أيما ارتباط بالروح اللاشعورية وغير إلارادية للإنسان وأحاسيسه ومشاعره المعنوية السامية. فنشهد في أعمال الأستاذ فرشجيان هذه المشاعر الرقيقة والأحاسيس المعنوية السامية. إذ نراه يرسم بريشته الفنية هكذا مشاعر وحالات تنبع عن خلجات الإنسان وما يدور في خلده فضلاً عن أصوات وترانيم الطيور وهديل الحمامات وباقي الحيوانات وهطول الأمطار.

ونشرت معظم أعمال محمود فرشجيان في عدة مجلدات قيمة ورائعة جداً إضافة الى طبع لوحاته ورسوماته على أغلفة الكتب والإصدارات وبطاقات إهداء جميلة. يذكر أن ثلاثة من مجلدات أعمال الأستاذ، تم إصدارها ضمن "الأعمال المختارة من قبل منظمة اليونسكو".

وفيما يلي نذكر مجموعة من روائع الأستاذ الفنية:

لوحة "اليوم الخامس لخلقة الکون"

في هذه اللوحة نرى جميع الكائنات والمخلوقات السماوية والأرضية وهي تسبح لله سبحانه وتعالى. وإن الأسماك والطيور الحقيقية والخيالية كلها تتحرك؛ وهي عائمة وطائرة في بحار هائجة وسماء ملبدة بالغيوم.

الاسطورة محمود فرشجيان.. رائد فن المنمنمات في ايرانلوحة "عصر عاشوراء"

يتحدث الأستاذ  عن اثره الخالد لوحة عصر عاشوراء، قائلاً: قبل انتصار الثورة إلاسلامية بثلاثة أعوام؛ نصحتني والدتي في يوم عاشوراء قائلة: إستمع إلى ذكر المصيبة الحسينية حتى تنتفع منها، فخاطبتها بالقول: سأذهب إلى المجلس الحسيني فيما بعد؛ لأني منشغل الآن غمرتني حالة روحية عجيبة...أخذت القلم وبدأت بالرسم والنتيجة صارت هذه اللوحة التي بين أيدينا بدون أي تغيير فيها.

الاسطورة محمود فرشجيان.. رائد فن المنمنمات في ايران

رسم ضريحي الإمام الحسين  والإمام الرضا عليهما السلام

استغرق هذين العملين الفنيين العظيمين، والذي قام الأستاذ برسمهما فخرياً، عدة سنوات، وبقي الضريحين ومازالا تذكاراً خالداً مباركاً في خزانة تاريخ الحضارة والثقافة والفن الاسلامي.

الاسطورة محمود فرشجيان.. رائد فن المنمنمات في ايرانلوحة"ضامن الغزال"

یشرح الأستاذ فرشجيان طريقة رسم شخصية الإمام علي بن موسي الرضا (ع) في عمله المعنون بهذا الاسم (ضامن الغزال) : في بادىء الأمر، أردت أن أرسم شخصية الامام (ع) من جهة الخلف، إلا أن الظروف الخاصة السائدة على لوحة الرسم جعلتني أرسم إلامام من الأمام. ولما وصلت ريشتي إلى سيماء الإمام، لم أكن أقدر على مواصلة العمل هذا كما كنت أتوقع. فبقيت الصورة النورانية للمولا الرضا (ع) على حالها ساعات وأياماً. في عصر أحد الأيام توضأت كعادة قبل البدء بالرسم، ووقفت باتجاه مدينة مشهد المقدسة وبدأت بقراءة زيارة الإمام الخاصة ومن ثم أمسكت بيدي الريشه واستأنفت عمل الرسم. أجل، رسمت الصورة المقدسة، وذلك بدون أي تغيير أو حركة في القلم أو الرسم نفسه. وعندما أنهيت العمل لم أغير أي شيء فيه.

الاسطورة محمود فرشجيان.. رائد فن المنمنمات في ايرانلوحة شمس ومولانا

وابتكر الاستاذ فرشجيان في هذه اللوحة الفضاء الدائري، والخطوط الهادئة، واستخدم لألوان المتموجة وتتميز أيضًا بالتوافق بين الألوان والخطوط مع موضوع وقصة اللوحة.

الاسطورة محمود فرشجيان.. رائد فن المنمنمات في ايرانلوحة المعراج

وصرف الاستاذ فرشجيان معظم وقته في رسم لوحة المعراج وهي تتمحور المواضيع المختلفة حول الشؤون المعنوية على غرار خلقة العالم والإنسان، والهدى، وتشير إلى معراج النبي الاكرم صلى الله عليه واله وسلم.

الاسطورة محمود فرشجيان.. رائد فن المنمنمات في ايران

رایکم