۲۸۶مشاهدات

الاستراتيجية الأمريكية تجاه إيران بعد خروجها من منطقة غرب آسيا

رمز الخبر: ۶۲۲۷۷
تأريخ النشر: 26 January 2022

قام "حسین إفراخته" المحلل في شؤون منطقة غرب آسیا، في مقال له نشر علی موقع مرکز "تبیین" للدراسات الاستراتيجية، باستعراض الاستراتجیة الأمریکیة تجاه إیران، بعد خروجها من منطقة غرب آسیا. موضحاً أن المسألة المهمة عند الغربیین، هو ملء فراغ السلطة الناجم عن الانسحاب الأمريكي، والذي ربما قد تملؤه أطراف مثل إيران. لذلك، يبدو أن الأميركيين، هذه المرة وقبل الانسحاب، وعلی عکس عام 2009 (الانسحاب الأميركي من العراق)، کانوا ینظرون إلی هذا القلق، ویتطلعون لإیجاد صیغة حل مناسبة لهذه المعضلة، وبحسب الأدلة فإن الاستراتيجية الأمريكية لمنع توسع قدرة إيران في المنطقة، هي تورطها في أزمات مختلفة على صعید مناطق حدودية لها مثل أفغانستان، وجمهوریة أذربیجان، وإقلیم کردستان ومنطقه جنوبي الخلیج الفارسي.

 

فیما یلي الترجمة الكاملة للمقال:

إن وقوع الأحداث الأخيرة عند أطراف حدود البلاد، أثارت التساؤل حول ما إذا كان هذا الحجم المتزايد من التهديدات قد نشأ بشكل طبيعي، أم أنه نتیجة تصميم مركز فكري واحد، يهدف إلى إضعاف إيران. في هذا السیاق، نفذت الولایات المتحدة الأمریکیة عملیاً، سياستها المبنیة علی الانسحاب من منطقة غرب آسيا، خلال انسحابها من أفغانستان، وإعلان الانسحاب من العراق بحلول نهاية هذا العام، بالإضافة إلی زيادة إمكانية انسحابها من سوريا.

في خضم ذلك، فإن المسألة المهمة عند الغربیین، هي ملء فراغ السلطة الناجم عن الانسحاب الأمريكي، والذي ربما قد تملؤه أطراف مثل إيران. لذلك، يبدو أن الأميركيين، قبل الانسحاب وعلی عکس عام 2009 (الانسحاب الأميركي من العراق)، كانوا ینظرون إلی هذا القلق، ویتطلعون لإیجاد صیغة حل مناسبة لهذه المعضلة. وبحسب الأدلة، فإن الاستراتيجية الأمريكية لمنع توسع قدرة إيران في المنطقة، هي تورطها في أزمات مختلفة على صعید مناطق حدودها.

فالأزمة الأذربيجانیة، هي من الأمثلة الأولی على تطبیق مثل هذه السياسة، والتهدیات والتحدیات على حدود المناطق الشرقية والغربية، ودول منطقة الخليج الفارسي، هي الحالات التالية، حیث من المقرر تورط الجمهورية الإسلامية فیها على المدى المتوسط، لتقويض قدرتها، وفقدان قدرتها على لعب الأدوار في المنطقة.

السياسة الأمريكية بعد الانسحاب العسكري من منطقة غرب آسيا

یبدو أن الولايات المتحدة، فور انسحابها الكامل من العراق، کانت قد شاهدت استبدال إیران بمکانتها في المنطقة، کقوة متفوقة إقلیمیة، واضطرت من خلال إنشاء مشروع داعش، إلی تمهید الأرضیة لعودتها إلى المنطقة، وذلك لمنع تعزیز سیطرة إيران الکاملة. لذلك فهي لن تقبل، بأي حال، أن تشاهد تکرار مثل هذا الحدث المأساوي. بالتالي یبدو أن هناك خططا ومشاریع، مصممة لتوريط إیران بقضایا وتحدیات مختلفة، في معظم المناطق الحدودیة لها مع البلدان المجاورة. وعلى الرغم من وجوداختلاف في ظاهر المسألة، إلا أن هناك قواسم مشترکة لدی جمیع المشاریع والخطط، وهي توريط إیران بمختلف التحدیات الأمنیة.

على سبيل المثال، فی إقليم كردستان العراق، تواجه إیران تهديدًا متزايدًا من  قبل الجماعات الإرهابية المعادية للثورة، وفي جمهورية أذربيجان کذلك، تواجه المزاعم والادعاءات والمطالبات، الحدودية والجيوسياسية الخاصة بالبلاد.

یبدو أن كل هذه القضايا  التی من المتوقع أن تزداد في المستقبل، تهدف إلى تقويض قدرات الجمهورية الإسلامية في مختلف المجالات، الاقتصادية والسياسية  والعسكرية والأمنية. وبحسب هذه الخطط، لا ينبغي لإيران أن تمتلك القدرة اللازمة للعب الأدوار، وإحداث التغيير في المنطقة، بل یجب أن تتهالك من مختلف الجهات، إلى أن تفقد فيه إمكانية القيام بدور فعال في مختلف المجالات.

وفیما یتعلق بالملفات المهمة في المنطقة، مثل سوريا واليمن، حیث لدی الجمهورية الإسلامية فیها خلال العقد الماضي، استثمارات عدیدة مادية وروحية واسعة النطاق، والآن حان الوقت لتعیین مصیر تلك الملفات. فمن المطلوب معالجة هذه الملفات، في أجواء یكون فيها لإيران أقل فرصة للتدخل والتصرف، و حد أدنی من الفائدة والأهم من ذلك، أن يتم حل هذه الملفات، ضمن توافق مع النظم المنشودة لكتل  الطرف الآخر.

-مجالات التوتر والاختلاف في المناطق الأربع المذکورة ذیلاً

وفقًا للأدلة الميدانية الواضحة، تواجه الجمهورية الإسلامية حالیاً تحديات خطيرة، علی صعید أربع مناطق مجاورة لها (الشرق، والشمال الغربي، والغرب، والجنوب). فإن إلقاء نظرة سريعة على كل مجال من هذه المجالات، سيعطينا صورة أکثر وضوحاً للوضع الحالي.

  1. أفغانستان

مع انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، والتسلیم الفعلي للسلطة إلى طالبان بعد مضي عشرين عامًا، عادت إلی الظهور مجدداً حكومة سنية متطرفة، ذات سياسة جهادية على طول الحدود الشرقية لإيران. ومع أنه لا يزال هناك نقاش حاد، حول ما إذا كانت سياسة الانسحاب الأمريكية في أفغانستان، وضعت علی أساس توریط أطراف أخری مثل إيران، أو السعي لتحقيق أهداف کبری؟ وبالتالي فإن إيران، عن غیر قصد، تنخرط في التبعات السلبية لهذه السیاسیة. لكن مجرد تشكيل دولة سنية متطرفة، علی امتداد حدود مناطق الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة،  تشکل بحد ذاتها تهدیداً محتملاً لإيران. ولاسيما عندما نعلم أن بعض الفصائل المتطرفة في حركة طالبان، مثل شبكة حقاني، لها مكانة خاصة في الحكومة الأفغانية الجديدة.

2- أذربیجان

بعد مضي قرابة عام، من وقوع آخر صراع في  منطقة ناغورني كاراباخ ، والذي أدى إلى انتصارات كبيرة لدولة أذربيجان،  حیث تمکنت الدولة بعد مضي ثلاثين عامًا، من احتلال أجزاء كبيرة من الجزء الجنوبي من هذه المنطقة.

من جهة أخرى وفي خطوة مشبوهة واستفزازية، أثارت أذربیجان مشاکل عدیدة، ترتبط بطرق الحمل والنقل  الإيرانية إلى أرمينيا وجورجيا، وذلك خلال المطالبة بدفع حقوق المرور، واحتجاز سائقين إيرانيين، وسد الطريق الرئيسي لإیران إلى أرمينيا.

في هذا السیاق تبین فیما بعد أن هذا البلد، من وراء تحريض بعض الأطراف مثل تركيا والکیان الصهيوني، بصدد وضع خریطة عملیة على مناطق حدود إيران وأرمينيا، حیث ترمی إلی سد الحدود الوحیدة بين إيران ويريفان. وبالتالي، يمكن القول إن هذه الخطة قیدت حركة المرور البرية الإيرانية مع أوروبا، بمناطق مثل أذربيجان وترکیا، وبهذه الطريقة، مهدت الطريق لإبداء مطالب تركيا المستقبلية من إيران، في مختلف المجالات. من جانب آخر، یبدو أن المطالبة بإیجاد ممر بري يسمى "زنغزور"، على حدود مناطق بين إيران وأرمينيا أمراً طبيعياً، لكنها في الواقع، تسعى إلی ایجاد تغيير في الحدود الإیرانیة والجغرافيا السياسية للمنطقة، الأمر الذي سيشكل مخاطر کبیرة على حاضر ومستقبل مصالح الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة. كما أن أذربيجان، بواسطة العلاقات التي أقامتها مع هذا الكيان، والتي تزداد من عمقها وأبعادها  يومًا بعد یوم، وضعت أراضيها تحت تصرف الکیان الصهیوني، وذلك من أجل جعل العدو الأول لإيران بالقرب من حدودها، مما يشكل تهديدًا خطيرًا لطبيعة ومصالح الجمهورية الإسلامية.

3-إقليم كردستان

إن أنشطة بعض الجماعات الإرهابية، المتمركزة في المناطق الكردية بالعراق ليست قضية جديدة، وهي تتفاقم من وقت إلی آخر، لكن في الشهرين أو الثلاثة أشهر الماضية، أصبح الوضع على الحدود الغربية للبلاد غير آمن للغاية، حتی وصل الأمر إلی درجة عالیة من الخطر، ووجهت القوات العسكرية الإيرانية العراقیة ضربات شديدة على مراکز وقوات هذه الجماعات، من خلال شن عدة عمليات في عمق الأراضي العراقیة، وستواصل هذه العمليات بشكل حاسم، فيما لو لم یکن هناك موقف واضح لمسؤولي الإقلیم، وحکومة العراق لهذه الجماعات.

واللافت في هذا الأمر، أن هذه الجماعات لن تكون قادرة على القيام بعمليات إرهابية وتخريبية خطيرة، دون تجهيز ودعم جهات خارجية. وعندما تزداد أنشطتهم الإرهابیة، فذلك یکون مؤشراً على دعم الأجانب لهم. وبالنظر إلى سابقة هذه الجماعات والتواجد الأمريكي الجاد في العراق، فمن الممكن أن يتم تنسيق تحركات جديدة لهذه الجماعات، وتحديدها من قبل الولايات المتحدة تماماً.

4- الحوض الجنوبي لمنطقة الخليج الفارسي

مع تبيين نتائج مشروع تطبيع العلاقات بين بعض الدول العربية والكيان الصهيوني، الذي تم تصوره ومتابعته، بدعم وضغوط من الحكومة الأمريكية آنذاك في العامين الماضيين، وقعت الدولتان (الإمارات والبحرين)، منذ فترة قصیرة،  اتفاقية تطبيع مع الکیان الصهیوني، وافتتحت سفارة الكيان الصهيوني في عاصمة البلدين رسميًا. في حین لا يمر أسبوع، إلا  ویکون هناك تواجد لعدد  من الوزراء ومسؤولي الكيان الصهيوني في هذه المنطقة رسمیاً، وبذرائع مختلفة.

وربما لا حاجة للتوضیح، لكي نعلم ما هو الخطر والتهدید الخطیر، الذي شکلته هذه الدول علی طول الحدود الجنوبیة لإیران بعد تطبیعهما مع الکیان الصهیوني، حيث جرّ هذا الکیان فعليًا إلى الحدود الإيرانية، وحتي المجاورة لمنطقة الخليج الفارسي، التي یتمتع موقعها وأمنها بأهمية استراتيجية بالنسبة إلى إيران.

 

الاستنتاج:

بالنظر إلى تواجد التهديدات المتزايدة، التي يتم خلقها بشکل جاد علی أطراف المناطق الحدودیة لإيران،  ویزداد عمقها وخطرها یومًا بعد يوم، فضلاً عن التحديات الأخرى التي تهدد بشكل مباشر أمن البلاد، من خلال مصادر التهدید المتمثل بالکیان الصهيوني، وبالإضافة  إلی تلك التهدیدات القابلة للتنفیذ بشکل جدي، لذلك فمن الضروري أن يتم فهم مبدأ التهديدات حول إيران بشكل جيد، في مجموعة نظام الحکم، و إيجاد حل أساسي وواقعي له، وفي النهاية اتخاذ إجراءات عملية سریعة وحاسمة، لتأمين مصالح البلاد. لأن العديد من التهديدات المذكورة، هي قضايا  في حال تم القصور عنها، ربما قد لا  يكون من الممکن القیام بخطوة مؤثرة، للقضاء علی خطورتها وتهدیداتها، کما أنه في حال اتخاذ الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب، لربما أصبح هناك إدارة مطلوبة لبعض هذه التهدیدات (علی سبیل المثال موضوع أذربیجان)، ولكن مع الأسف تم هدر الفرص بشکل جاد.

http://tabyincenter.ir/44382/slider/

رایکم