بعد فترة وجيزة من تنفيذ اليمنيين عمليات "إعصار اليمن" وبعدما علا صراخ الكثير من الأطراف الإقليميين والغربيين، تبيّن أن مفاعيل هذه العملية متعددة التأثيرات والتدعيات ليس فقط على الامارات فحسب، بل وصلت تدعياتها الى اميركا الجائرة الى جانب وصولها الى الكيان المؤقت والسعودية.
أصيب الأمريكي بشظايا الضربة اليمنية على الامارات، وهو أساسًا رأس الحربة في العدوان على اليمن، الذي انطلق منذ 7 سنوات ومازال يتواصل اليوم برعايته وعنايته، وهو مستاء طبعًا، ولكن ليس بسبب نجاح مسيرات اليمنيين وصواريخم في استهداف الإمارات، فهذا الأمر سيكون لمصلحته، على الأقل في إبرام صفقات ضخمة لمنظومات دفاع جوي متطورة، مثل منظومة "ثاد" أو غيرها من المنظومات الأغلى ثمنًا، وعلى الأقل في تعزيز ارتهان الإمارات لسياسته أكثر وأكثر، بهدف "حمايتها" المزيفة طبعًا، ولكنه فعليًّا مستاء لأنّ الإمارات -كنظام- التي جهّزها وحضّرها ودعمها ووجّهها لتكون بيدقًا نشطًا وفاعلًا لتنفيذ أجندته في المنطقة، خدمةً لـ"إسرائيل" أو لاستراتيجيته بين الخليج واليمن وباب المندب وجزر اليمن كافّة، وصولًا الى سواحل الدول الأفريقية على البحر الأحمر، لم تكن على قدر المسؤولية، وفشلت أولًا في حماية نفسها وعمقها، ولم تستطع أن تبرهن على أنها قادرة على أداء الدور الذي أناطها به الامريكي، ومشكلة الأخير اليوم تكمن في البحث عن بيدق آخر قادر على الصمود بمواجهة إعصار أطراف محور المقاومة الذي يتمدد أكثر وأكثر.
بالإضافة الى ذلك، يجد الأميركيون أنفسهم مضطرين للحفاظ على قدر عالٍ من التوتّر في اليمن، من خلال إعادة إشعال الجبهات كافة ربطاً بـ"مصيرية" مأرب والمعركة فيها وعليها. إذ يَعتقد الأميركيون أن خسارة مأرب تعني من ضمن ما تعنيه، خسارة ورقة اليمن المهمّة، والتي يمكن أن تكون عامل جذب لمكاسب معينة على طاولة المفاوضات، انطلاقاً من فيينا وصولاً إلى بغداد، لذلك فإن وقوف الأمريكيين الى جانب الإمارات ودعمها ومساندتها لتصدي أي هجوم مفاجئ عليها لتكون الإمارات رأس الحربة في اليمن بعد فشل السعودية في تحقيق أي انجاز نوعي ووصولها الى طريق مسدود في اليمن.
وعلى رغم الاستنفار الأميركي لدعم العدوان، والذي عمل عليه السفير الإماراتي في واشنطن، يوسف العتيبة، في البيت الأبيض والكونغرس، وأسفر عن اتّصال أجراه وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، بوليّ عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، إلّا أن الحركة الأميركية تظلّ مقيّدة؛ ذلك أن التصعيد يتعارض تماماً مع ما أعلنته إدارة جو بايدن من رغبتها في وقف الحرب، وإنهاء دعم "التحالف" بالأسلحة الهجومية، خاصة بعدما ثبت أن سلاح حركة "أنصار الله" يُصنع في غالبيّته محلياً (يؤكد تقرير سرّي لمجلس الأمن الدولي، اطّلعت عليه صحيفة "لوس أنجلس تايمز" الأميركية، أن الحركة تَصنع معظم صواريخها باستخدام مواد محلية ومكوّنات أخرى تحصل عليها من الخارج، عبر شبكة معقّدة من الوسطاء في أوروبا والشرق الأوسط وآسيا)، كما أن قرارها ذاتي، وبالتالي فإن الحلّ الوحيد هو وضع نهاية للعدوان، وليس التفاوض الذي يمزج بين الساحات. وعليه، ستحتاج واشنطن، من أجل تحقيق هذا الهدف، إلى التفاوض مع اليمنيين وليس مع أيّ أحد آخر.
أبرز التصريحات الأمريكية حول عمليات إعصار اليمن:
* عبّر وزير الخارجيّة أنتوني بلينكن عن قلقه، بالقول "أن الولايات المتحدة قلقة جداً من التصعيد في اليمن، أدعو جميع أطراف النزاع إلى وقف التصعيد والامتثال لالتزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي، والمشاركة الكاملة في عمليّة سلام شاملة بقيادة الأمم المتحدة".
* قال اللفتنانت كولونيل فيليب فينتورا المتحدث باسم القوات الجوية الأمريكية في الشرق الأوسط "إن القوات الأمريكية في قاعدة الظفرة كانت في حالة تأهب مشددة وقضت حوالي ساعة في مخابئ أمنية بعد انطلاق الإنذار الصاروخي."
* قال المتحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية الكابتن بيل أوربان إن القوات الأمريكية "حددت حالة تأهب قصوى وقت الهجوم، وهو الثاني في غضون أسبوع، والذي شمل طيارين يستخدمون المخابئ المتاحة". واضاف ان "القوات الامريكية في الظفرة ما زالت متيقظة ومستعدة للرد في حال حدوث اي هجمات لاحقة".
* قال ويليام ف. ويشسلر مدير أول لمركز رفيق الحريري وبرامج الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي "في أول خطاب له عن السياسة الخارجية بعد التنصيب، تعهد الرئيس بايدن بشكل مناسب "بمواصلة دعم ومساعدة المملكة العربية السعودية في الدفاع عن سيادتها وسلامة أراضيها وشعبها". بعد الهجمات الأخيرة في الإمارات العربية المتحدة، ستراقب المنطقة لترى كيف تُترجم هذه التعهدات إلى أفعال."