۱۳۳۸مشاهدات
الشخصیة الأکثر اثارة بإفشال التجربة الأمیرکیة في المنطقة؛
استدعاه مرشد الجمهورية الاسلامية في ايران علي خامنئي عام 2001، مسنداً إليه قيادة «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري»، ومُنح رتبة لواء عام 2010.
رمز الخبر: ۶۲۱۷
تأريخ النشر: 25 November 2011
شبکة تابناک الأخبارية: قلّة تعرف قاسم سليماني في إيران، ونسبة أقل تعرفه خارجها. لكن أروقة الساسة ودهاليز الاستخبارات في دول إقليمية وأجنبية عدة، تدرك أهمية هذا الرجل الذي يقود فيلقاً من «الحرس الثوري» الايراني يضمّ 15 ألف عضو مدربين في شكل جيد علی أحدث أساليب العمل الاستخباراتي، حتی أن ثمة من يعتبرهم «أمهر عناصر القوات الخاصة في العالم».

قاسم سليماني و «فيلق القدس»، اسمان متلازمان. بعضهم يصف سليماني بأنه ثائر ومقاوم، فيما يرى فيه بعضهم ليس مجرد إرهابي، بل أنه يقود «جيشاً من الإرهابيين» المنتشرين في العالم، ويتهمونه بالتدخل في شؤون دول أخرى، ما جعل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تدرجانه على لائحتيمها للعقوبات، كما يُعتبر «الرجل القوي» المؤثر في السياسة الخارجية الايرانية.

تطلق أوساط ثورية في إيران على سليماني لقب «حسن نصر الله إيران»، و «الوجه الآخر لعماد مغنية»، وذلك في اشارة الى الأمين العام لـ «حزب الله» في لبنان والقائد العسكري للحزب، والذي اغتيل في دمشق قبل سنوات، إعجاباً منهم بالدور الذي يؤديه سليماني في الاوساط الثورية والاسلامية.

هادئ، يعتمد علی نفسه في انجاز مهماته الخاصة، لا يثير أحداً أمامه، ولا يترك أثراً له، منطقي ومؤدب ومجامل من الطراز الأول، يسمع بهدوء وإصغاء، وإذا أراد أن يجيب، يفعل ذلك بعفوية وبساطة. من لم يدرك إمكاناته، لا يستطيع التكهن بمكانته السياسية والأمنية.

وُلد في بيئة صحراوية عشائرية في محافظة كرمان عام 1958، وعمل في قطاع البناء قبل انخراطه في صفوف «الباسيج» (متطوعي الحرس الثوري) لدى اندلاع الحرب العراقية - الايرانية عام 1980، وقاد فوجاً من المتطوعين من منطقته في جبهات القتال، ليعود الی مسقط رأسه قائداً ساهم في استتباب الأمن في هذه المحافظة القلقة أمنياً، بسبب قربها من الحدود الأفغانية - الباكستانية.

استدعاه مرشد الجمهورية الاسلامية في ايران علي خامنئي عام 2001، مسنداً إليه قيادة «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري»، ومُنح رتبة لواء عام 2010.

في عهده، شهد «فيلق القدس»، وهو أحد خمسة فيالق يتألف منها «الحرس الثوري»، تطوراً ضخماً، وأُسندت إليه مهمات كثيرة خارج إيران.

لم يظهر قاسم سليماني الذي يدعوه المقربون منه «الحاج قاسم»، في الصحافة ووسائل الإعلام، ويعيش بعيداً من الأضواء، سوى في المناسبات المهمة التي تتطلب منه تقويم الوضع الإقليمي والدولي.

برز اسمه في شكل واضح، عندما دعا رويل مارك غريشت، وهو عميل سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي اي) ويعمل الآن في «مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات»، الی اغتيال قادة «الحرس الثوري»، وفي مقدمهم قاسم سليماني، لإرعابهم.

وانضم الی تلك الدعوة، أعضاء في الكونغرس الأميركي، بعد إعلان الإدارة الأميركية إدراج اسمه في لائحة العقوبات، وإغلاق جميع حساباته المصرفية، علی رغم أنه لا يملك أي حساب مصرفي خارج إيران، وربما يتعذر عليه قراءة الـ «فيزا كارد» أو الـ «ماستر كارد».

ارتبط اسم «الحاج قاسم» كثيراً بالملفين العراقي واللبناني، إذ يعتبره كثيرون في العراق «اليد الإيرانية» في بلادهم، فيما يصفه لبنانيون بأنه «ضابط الارتباط» بين «حزب الله» والقيادة الإيرانية.

وأوردت صحيفة «ذي غارديان» البريطانية أن مسؤولين أميركيين «أبدوا إعجابهم» بأعماله، معربين عن «رغبتهم برؤيته». وهذا ما جعل أحد قادة الجيش الأميركي في العراق يقول إنه إذا التقی سليماني سيسأله: «ماذا تريد منا؟».

كما وصفه السفير الأميركي السابق في العراق زلماي خليل زاد بأنه «ناشط من أجل السلام، لنيل أهدافه».

ویؤکد مسؤولون عراقیون وأمیرکیون أن اللواء سلیمانی عمل على ضمان فوز السیاسیین العراقیین الموالین لإیران فی الانتخابات الأخیرة، وعقد لقاءات عدیدة مع قیادات عراقیة بارزة، فضلا عن توفیره الدعم للعناصر الشیعیة فی القوات الحکومیة المتورطة بجرائم تعذیب وقتل السنة.

وقال مسؤول عراقی طلب عدم الکشف عن إسمه، إن سلیمانی هو نقطة ارتکاز السیاسة الإیرانیة فی العراق، ونشرت شبکة مکلاتشی الأمیرکیة تقریرا نهایة الشهر الماضی تشیر فیه إلى أن اللواء سلیمانی تدخل شخصیا لإنهاء القتال الأخیر فی البصرة بین القوات الحکومیة ومیلیشیا جیش المهدی، ونقلت عن مسؤولین عراقیین تأکیدهم أن الرئیس جلال طالبانی إلتقى  شخصیا باللواء سلیمانی فی إحدى النقاط الحدودیة مع إیران لطلب مساعدته فی ایجاد حل للأزمة.
 
دخل المنطقة الخضراء لیختار رئیس الوزراء
ونقلت شبکة ماکلاتشی عن مسؤولین عراقیین و أمیرکیین، لم تکشف عن هویاتهم، أن سلیمانی تمکن من الدخول إلى المنطقة الخضراء فی شهر نیسان/أبریل من عام 2006 بغرض عملیة اختیار رئیس الوزراء فی حینها، فیما یؤکد مسؤولون أمیرکیون أن هذه لم تکن المرة الوحیدة التی استطاع فیها اللواء سلیمانی النفاذ إلى المنطقة الخضراء.

ویقول رسول نفیسی المحلل فی معهد واشنطن لدراسات الشرق الاوسط، إن النظر إلى قوات فیلق القدس کمنظمة إرهابیة کما تفعل الولایات المتحدة لیس مجدیا، فهی تأتی کأداة فی المرتبة الثانیة فی الدیبلوماسیة الدولیة الإیرانیة.

 وتؤکد الصحیفة أن واحدة من أولى الإنتصارات التی سجلها سلیمانی ضد واشنطن فی العراق لم تکن عن طریق إستخدام السلاح بل الطرق السیاسیة، وذلک عندما نجح فی تنظیم أول إنتخابات عراقیة عامة عام 2005.

وبذلت إدارة بوش کل فی ما فی وسعها لإبقاء إیاد علاوی رئیسا للوزاء، ولکن سلیمانی إستخدم آلته الدعائیة الهائلة لإفشال مهمتها، وبعد عام واحد فقط وفی نیسان/أبریل 2006 أظهرت إیران قلقها من المفاوضات التی کادت تصل إلى أفق مسدود لاختیار رئیس وزراء جدید.

وعندها کما یؤکد مسؤول عراقی لم تکشف الصحیفة عن إسمه، تسلل سلیمانی إلى المنطقة الخضراء لضمان أن یکون رئیس الوزراء الجدید مقبولا من طهران، ووصلت التفاهمات إلى اختیار نوری المالکی.

عبد المهدی والحکیم یؤکدان
وطلب الأمیرکیون من المسؤولین العراقیین تفسیرا لنتائج الإنتخابات، ویقول نائب رئیس الوزراء عادل عبدالمهدی فی لقاء مع ماکلاکتشی الشهر الجاری فی مکتبه ببغداد "إن الأمیرکیین شعروا بخیبة أمل ولکن ما حدث کان حلا للمشکلة فی وقتها".

ویضیف عبد المهدی "أعتقد أن الامیرکیین کانوا یشعرون بالرضا لأن تدخل اللواء سلیمانی أنهى الأزمة من جهة، إلا أنهم کانون یشعرون بعدم الرضا بالطبع لأن سلیمانی کان داخل المنطقة الخضراء، على ما أظن".

من جهته، قال السفیر زلمای خلیل زاد السفیر الأمیرکی آنذاک فی بغداد للصحیفة ذاتها، إنه کانت هناك بالطبع مزاعم حول دخول سلیمانی إلى المنطقة الخضراء فی نیسان 2006 ولکنه لا یستطیع أن یتذکر الآن فیما إذا قامت السفارة الأمیرکیة بالتثبت من هذه المعلومة.ویؤکد مسؤول مخابراتی أمیرکی أن هذه لم تکن المرة الأخیرة التی دخل بها سلیمانی إلى العراق بل کرر هذه الزیارات لعدة مرات.

دور بارز فی إنهاء معارك البصرة
وتختم الصحیفة تقریرها بالقول إن سلیمانی أثبت براعته فی إستخدام الوسائل السیاسیة لتحقیق أهدافه فی العراق، ففی الشهر الماضی لعب دورا محوریا لأنهاء القتال بین القوات الحکومیة وجیش المهدی فی البصرة والذی کان یهدد بشل الصادرات النفطیة.

وذهب وفد مؤلف من حزب الدعوة والمجلس الأعلى إلى إیران  للتحادث مع کبار المسؤولین والتقوا بسلیمانی فی طهران ثم مع مقتدى الصدر فی قم.ویقول عمار الحکیم "إن الوفد ذهب للتحدث باسم کتلة الائتلاف والطلب من المسؤولین الإیرانیین حث هذه الجماعات للالتزام بحدود القانون، ومن ضمن المسؤولین الذین التقوهم کان السید سلیمانی".أما علی الأدیب القیادی البارز فی حزب الدعوة والذی کان ضمن الوفد الذی التقى بسلیمانی، فیقول إن المسؤولین الإیرانیین أقسموا أنهم لا یزودون جیش المهدی بالأسلحة.ویضیف الأدیب فی لقائه مع مندوب الشبکة الأمیرکیة بمکتبه فی بغداد، "لقد ذکرناهم بأن الأمن فی العراق یؤثر على الأمن فی إیران، وأی دعم یقدمونه للتیار الصدری معناه إرسال رسالة إلى الأمیرکیین للبقاء فی العراق".
 
وترجع الصحیفة لتؤکد أنه فی الفترة ذاتها أی ما بین 28 و29 آذار/مارس الماضی فإن اجتماعا آخر على مستوى عال أخذ مکانه على الحدود العراقیة الإیرانیة وبالضبط فی نقطة مریوان حیث ناشد الطالبانی الجنرال الایرانی بالضغط على مقتدى الصدر للإعلان عن وقف إطلاق النار.
 
ویقول مسؤول عراقی إن سلیمانی أرسل رسالة فوریة بهذا الخصوص، وبالفعل توقف القتال فی الیوم التالی مباشرة.وأکد مسؤولان عراقیان عقد مثل هذا الإجتماع فیما لم تتمکن الصحیفة من الحصول على تعلیق من الرئیس الطالبانی.وبالرغم من نجاح سلیمانی فی وقف الإشتباکات المسلحة، إلا أن عشرات القادة العراقیین الذین إستطلعت الصحیفة آرائهم فی بغداد حذروا من خطورة التصارع بین الأجندتین الأمیرکیة والإیرانیة والتی ستؤدی إلى تمزیق العراق.وفی لقاءات متفرقة مع الحکیم وعبد المهدی قال الرجلان إن العراق یبدو وکأنه "واقع بین ایران والولایات المتحدة".
رایکم