۹۶۲مشاهدات
رمز الخبر: ۶۲۱۵۴
تأريخ النشر: 20 January 2022

مدخل

لم يكن مفاجئا توجيه صنعاء ضربة قاسية الى أبو ظبي ودبي بعد تجاوز الامارات للخطوط الحمراء للجمهورية اليمنية، والعودة للانخراط في الحرب بعد الانسحاب والتراجع سابقا، والقيام بتوجيه ميليشيات العمالقة لمهاجمة الخطوط الخلفية للجيش واللجان الشعبية التي تحاصر مأرب في شبوة، إنما كانت المفاجأة في حجم الضربة، ونوعية الأهداف والسلاح المستخدم.

  • الأسباب

حاولت الولايات المتحدة الامريكية فرض شروطها لإيقاف الحرب على اليمن مراعية في ذلك مصالحها ومصالح السعودية والاماراتية حصرا. كانت الشروط الامريكية عمليا تكبل حكومة صنعاء، وتستحوذ على إدارات الدولة، والاقتصاد بشقيه الإنتاجي والنقدي، وتخترق المجتمع ثقافيا وقيميا، فيما تحرم صنعاء من استغلال موارد البلاد الطبيعية من نفط وغاز، واستخراج المعدن الثمينة وغيرها. كانت حكومة صنعاء تسعى صادقة وجاهدة لإيقاف الحرب، إلا أن العجرفة الامريكية الخليجية لم تترك لها خيارا سوى الاستمرار في القتال دفاعا عن استقلال البلاد وكرامة الشعب وحريته.

أدى رفض الحكومة اليمنية الخضوع للعنجهية الامريكية الى تغيير واشنطن لوجهة سياستها المعلنة بوقف الحرب 180 درجة، ووصلت الى قناعة بدعم الموقف العسكري للسعودية والامارات في الحرب ضد قوات صنعاء، وأقرت إجرائين مهمين قبل نهاية 2021، أظهرا طبيعة السياسة التي سوف تنتهجها في العام 2022.

  1. تزويد القوات الجوية السعودية ب 280 صاروخ جو – جو مضاد للطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية، من طراز  AIM-120C-7/C-8، مع توفير الدعم وقطع الغيار والتدريب.
  2. قبل نهاية عام 2021، زودت الاستخبارات الامريكية الرياض وأبو ظبي، بمجموعة كبيرة من المعلومات الاستخبارية المهمة – بحسب مسؤول في وزارة الخارجية الامريكية – نفذت على إثرها القوات الجوية للبلدين غارات جوية كثيفة على صنعاء ومحافظات أخرى في البلاد.

في الأسباب المباشرة:

  1. تسلم الامارات لمحافظة شبوة والموقف العسكري فيها بالكامل، بعد ترتيبات وتبادل أدوار بينها وبين السعودية، ركزت على دعم جبهة مأرب.
  2. المشاركة الفعالة لسلاح الجو الاماراتي بعد تزويده ببيانات استخبارية أمريكية إسرائيلية، وتوجيه تكتيكي أميركي إسرائيلي في ضرب مواقع الجيش واللجان الشعبية.
  3. نجاح مليشيات العمالقة الممولة من الامارات في مواجهة الجيش واللجان الشعبية، وسيطرتها على مركز مديريتي بيحان وعسيلان.
  4. إن غزو مديريتي بيحان وعسيلان كان الهدف منه فتح رأس جسر باتجاه حريب في محافظة مأرب، بعد تأمين جناحه الشمالي في عسيلان، والجنوبي في بيحان.
  5. مخاطر السيطرة على حريب تتمثل في؛ قطع خطوط الامداد عن الجيش واللجان الشعبية جنوب جبهة مأرب؛ وتعزيز احتمالات تمرد قبائل جبل مراد ضد حكومة صنعاء.
  6. فك الحصار عن مأرب.

يمكننا مما سبق استشراف مسار السياسة الامريكية المرتقبة اتجاه اليمن في الأشهر الأولى من العام 2022، وفق دراسات نشرت حديثا في الولايات المتحدة، على الشكل التالي:

  1. سياسيا، تراجع الكونغرس عن الاعتراض على تزويد السعودية بالذخائر والأسلحة الامريكية.
  2. عسكريا، احتمال تزويد السعودية والامارات بمنظومات ليزر وميكروويف وطائرات بدون طيار أمريكية لمكافحة الطائرات المسيرة والصواريخ اليمنية؛ احتمال إعادة تزويد السعودية بمنظومات باتريوت مرة أخرى؛ إضافة لتكثيف الدوريات البحرية والجوية لخفر السواحل الامريكية على طول طرق الملاحة البحرية من الخليج الى بحر العرب والبحر الأحمر.
  3. استخباريا، تكثيف الاستطلاع الاستخباري الأميركي – وكذلك الإسرائيلي والبريطاني السري – بكافة الوسائل من صور أقمار صناعية وطائرات استطلاع وعملاء على الأرض وتتبع الاتصالات وغيرها، ضد قوات صنعاء وقيادييها السياسيين والعسكريين لاستهدافهم، عبر تمريرها الى السعودية والامارات.
  • التداعيات

تبدو التداعيات الاقتصادية أكبر من التداعيات السياسية، إذ ليس أمام الامارات سوى الاستمرار في تنفيذ الخطة العسكرية الامريكية، فالموقف اليوم عسكري بحت ومنع قوات صنعاء من تحرير مأرب هو الهدف، في حال استمرار استهداف المنشآت الاقتصادية والصناعية في الامارات، ستهتز مكانتها السياسية على الصعيدين الإقليمي والدولي.

  1. التداعيات الاقتصادية:
  • تخفيف وقلق الهند من مشاريعها المستقبلية للتعاون مع أبو ظبي، بهدف جعل الامارات مركزا للطريق الملاحي التجاري البديل المنافس لمشروع الحزام والطريق الصيني.
  • قلق صيني بعد تكثيف استثماراتها في البنية التحتية الصناعية في الامارات.
  • مساعدة الاستراتيجية السعودية الهادفة الى انتقال المقرات الرئيسية للشركات الاستثمارية في الامارات إليها:
  1. تحول البيئة الاستثمارية الإماراتية الى بيئة غير آمنة.
  2. ارتفاع تكاليف التأمين على المؤسسات التجارية والصناعية، وحتى على الافراد والعائلات.
  • التعطل الجزئي والكلي لسلاسل التوريد المحلي والدولي في الامارات، ومن خلالها الى دول المنطقة والعالم.
  • تعثر أو توقف تمويل المصارف وبيوت المال الدولية لمشاريع الدولة الإماراتية.
  • انخفاض تصنيفها الاقتصادي والنقدي عالميا.
  1. التداعيات السياسية:
  • اللجوء الى مجلس الامن لإدانة أنصار الله.
  • السعي لدى واشنطن لإعادة وضع أنصار الله على قوائم الإرهاب الامريكية.
  • زيادة الانخراط الاماراتي في التنسيق السياسي والأمني مع الكيان الإسرائيلي المؤقت.
  • استمرار الضربات سيجعل من الامارات حليف ضعيف للكيان الصهيوني المؤقت، ويخفض الرهانات الإسرائيلية المستقبلية عليها.
  • يضر بالمشروع الإقليمي للإبراهيمية الجديدة، والذي هو مشروع ساسي ثقافي صهيوني للمنطقة، حيث تعد الامارات ركنا أساسيا فيه.
  • يسمح لمحور المقاومة باستهداف المصالح الإسرائيلية في الامارات.
  • كما قد يؤدي الى تراجع الامارات وتخفيف تدخلها في اليمن، وزيادة تقاربها مع إيران.

خلاصة

في ظل القرار الاستراتيجي لدول العدوان بعدم السماح لقوات صنعاء بتحرير مأرب، من المتوقع أن تستمر السياسة الامريكية في هذا السياق لعدة شهور قادمة، لذا ليس بيد الامارات حيلة سوى السير فيها، ولو تعرضت الى عدد آخر من الهجمات في الداخل، والتي يبدو أن قوات صنعاء لديها إحداثيات لبنك أهداف ثمين القيمة، لذا ستكون خسارتها الاقتصادية وبالتالي السياسية كبيرة جدا مع مرور الوقت، وبما أن العقلية الامريكية تتميز  بالمرونة وعدم دفع وكلائها الى الهاوية، ولا ترغب بفقدهم، فالمحتمل في حال صمدت مواقع قوات صنعاء في مأرب، فضلا عن تمكنها من تحقيق إنجازات عسكرية ميدانية، أن توقف واشنطن تطبيق خططها، ومراجعة سياستها.

 

 

 

رایکم