۶۵۴مشاهدات

محافظة المهرة - اليمنیة: من العزلة إلى ذروة المنافسة الأجنبية

رمز الخبر: ۶۱۲۷۷
تأريخ النشر: 02 December 2021

المصدر: الموقع التحلیلي "الوقت"

التاریخ :23/11/2021

 

"المهرة" هي أقصى محافظة في شرق الیمن، وثاني أكبر المحافظات في البلاد بعد حضرموت، وتشكل الحدود الشرقية مع سلطنة عمان. المهرة من المناطق البعيدة في اليمن، التي لم تصلها الحرب الأهلية حتى الآن، ورغم مزاعم المعتدين الكاذبة لم تصل لها الجماعات الإرهابية. ومع ذلك، هناك منافسة علنية وسرية بين الإمارات والسعودية وعمان، منذ السنوات الأولى للحرب للحفاظ على النفوذ في هذه المحافظة. إن هدف هؤلاء اللاعبين هو السيطرة على المهرة لأسباب جيوسياسية وجيوستراتيجية؛ والتي تشمل منع تهريب الأسلحة نحو صنعاء، وتعزيز علاقاتهم التجارية والعسكرية مع شرق إفريقيا والمحيط الهندي.

 

الترجمة الکاملة للمقال

أصبحت المملكة العربية السعودية في العقود الأخيرة، لاعبًا أجنبيًا في ميدان محاولة عمان لكسب النفوذ في محافظة المهرة، ويرجع سبب ذلک أساسًا إلى الموقع الجغرافي السياسي المهم للمحافظة على البحر.

في الوقت الذي خنقت الجبهتان الوسطى والغربية للحرب اليمنية، الساحة السعودية والإمارات والمرتزقة التابعين لهما، فإن الوضع في شرق اليمن لا يختلف عما هو عليه في المناطق الأخری، وواجهت برامج السعودیة للتوسع والتواجد والنفوذ في محافظة المهرة علی مدی سنوات، تحدیات واسعة النطاق في هذا الشأن. في حين أفادت وسائل إعلام محلية، في الأيام الأخيرة، عن اعتصامات واحتجاجات واسعة النطاق من قبل سكان وشيوخ محافظة المهرة ضد استمرار التواجد العسكري للسعوديین والبريطانيين، وأكدت استمرار الاحتجاجات حتى مغادرة المحتلين.  في حین أعادت لجنة الاجتماع السلمي بمحافظة المهرة، فتح قضية مقتل متظاهرين على يد القوات السعودية في عام 2018.

هذه المجزرة البشعة، کشفت الوجه الحقيقي للتحالف السعودي الإماراتي وأدواته في مدینة المهرة، بهدف إغراقها في الفوضى وزعزعة النسيج الاجتماعي فیها. في هذا الاجتماع كرر المتظاهرون مطالبهم "بضرورة تقديم مرتكبي هذه المجزرة إلی العدالة وتنفیذ الأحکام العادلة بحقهم".

 کما وجهت لجنة الاعتصام هذه في أخر اجتماع لها، تهديدًا عسكريًا مباشرًا ضد القوات العسكرية؛ السعودية والبريطانية في المهرة فیما لم تغادر المحافظة، موضحة أنه يجب على جميع اليمنيين أن يتحدوا، لطرد المحتلين السعوديين والإماراتيين من اليمن، المحتل الذي يواصل تعذيب الشعب اليمني بکل الاشکال. في حین ینظر -دون شک- إلی تزاید موجة الاحتجاجات على تواجد القوات العسكرية السعودية في محافظة المهرة، على أنه تهديد جديد وبوابة لتصعيد التوترات ضد عدوان التحالف السعودي الإماراتي.

تقع المهرة كمحافظة نائیة، في أقصى شرق اليمن وعلی عکس باقی المحافظات، بقيت بمأمن عن تداعیات الحرب الیمنیة، لكنها تواجه الزعزعة وانعدام الأمن بسبب التنافس الجيوسياسي علی النفوذ، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

-الخصائص الجغرافية لمحافظة المهرة:

تعد المهرة ثاني أكبر محافظة في الیمن، حیث تحدها من الشرق عمان، ومن الشمال المملكة العربية السعودية، ومن الغرب محافظة حضرموت، ومن الجنوب بحر العرب. محافظة المهرة هي أطول محافظة ساحلیة في اليمن ويبلغ طول ساحلها 560 كم، وأما في الجزء الشرقي منها، فهناك صحراء واسعة غير مأهولة وسلسلة من الجبال المرتفعة.

في عام 2017 قدّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن عدد سكان المحافظة يبلغ 150 ألف نسمة. وبالنظر إلى عدد النازحين الداخلیین، تشير التقديرات الحالية إلى أن عدد سكان المهرة يبلغ حوالي 650 ألف نسمة. في حین يعتمد اقتصاد المهرة في الغالب على صناعة صید الأسماك والزراعة وتربية الحيوانات والإيرادات الجمركية، والتي یتم الحصول علیها عبر المعابر الحدودية لهذه المحافظة مع عمان.  کانت محافظة المهرة تعد ملكية مستقلة قبل طرد القوات البريطانية منها في عام 1967، وکان لدیها علاقات تاريخية واسعة بالنظام الملكي العماني.

لدی سكان منطقة "حوف"، الواقعة على طول ساحل جنوب شرقی البلاد، علاقات قبلية مع محافظة ظفار العمانیة، والعديد من العائلات لديهم جنسية مزدوجة ومناطق سکنیة على جانبي الحدود.

يتألف سكان المهرة بشكل رئيسي من القبائل، ویطلق علی هذه القبائل مجتمعة اسم "المهري". يعيش معظم السکان المهریین خارج المقاطعة في عمان. لدی أهالي المهرة ومحافظة ظفار في عمان بالإضافة إلى الحدود المشتركة، العلاقات القبلية واللغوية والعادات والتقاليد والأطعمة الشعبية.

-التنافس الجيوسياسي بين عمان والمملكة العربية السعودية على النفوذ في المهرة: 

 كانت عمان تنظر باهتمام إلی محافظة المهرة، من بوابة المجال الأهم للأمن القومي لها منذ السبعينيات. في حین کنت انتفاضة ظفار (1962-1976) في عمان، حدثًا مهمًا في تاريخ البلاد حیث تبين لعمان أهمية المهرة. وفي سیاق متصل، قام  السلطان قابوس، سلطان عمان الراحل، بوضع سياسات لتحسين العلاقات مع سكان المهرة وإقامة نفوذ في المحافظة. وفي هذا السیاق، بالإضافة إلى منح الجنسية العمانية للعديد من المهور المقيمين في عمان، وفرت مسقط لهم أيضًا الحق في السفر والعمل مجانًا في البلاد. نتيجة لذلك، تنازلت بعض أسر المهري عن الجنسية اليمنية، خاصة لأطفالهم المولودين في عمان.

أصبحت المملكة العربية السعودية في العقود الأخيرة، لاعبًا ومنافسًا أجنبيًا لمحاولة عمان كسب النفوذ في محافظة المهرة، ويرجع سبب ذلک أساسًا إلى الموقع الجغرافي السياسي المهم للمحافظة على البحر. في حین واصل السعوديون جهودهم على مدى عقود، لبناء خط أنابيب نفط عبر نهر المهرة إلى بحر العرب وذلک لتقليل اعتمادهم على مضيق هرمز.

بدأت المناقشات حول بناء خط الأنابيب، بين المملكة العربية السعودية وحكومة جنوب اليمن في الثمانينيات، لکنها لم تتمكن من تحقيق الأهداف المرجوة، فأعيد إحياؤها بعد توحيد اليمن عام 1990. في حین أصرت الرياض على أن یسمح "علي عبد الله صالح" الدكتاتور اليمني السابق للقوات السعودية، بالتمرکز في منطقة عازلة بطول 4 كيلومترات حول خط الأنابیب المقترح للحفاظ علی الأمن، وهو ما رفضته صنعاء باعتباره انتهاكًا للسيادة اليمنية، وبالتالي وتوقف المشروع.

لكن في أغسطس 2018، تم الكشف عن وثيقة تشير إلى أن لدی السعوديين خططا لبناء خط أنابيب النفط الخاص بهم في المهرة، وذلک لنقل النفط من المملكة العربية السعودية إلى ميناء "نیشتون" الواقع على ساحل المهرة، بالقرب من بحر عمان والمحیط الهندي.

حاولت الرياض في البداية اجبار مسؤوليها السياسيين المعارضين في المهرة علی التنحي واستبدالهم بأشخاص مقربین لدیها، من أجل تحقيق أهدافها المرجوة في المهرة، لكن في أواخر عام 2017، قررت المملكة العربية السعودية بالتزامن مع إقامة مستوطنات عسكرية حول البنية التحتية الرئيسية والمناطق الساحلية، زيادة تواجدها العسكري في المحافظة وتمكنت من السيطرة على ميناء نيشتون، وميناء "سيرفيت "ومعابر "شيهان" الحدودية ومطار الغيداء.

كانت ذريعة المملكة العربية السعودية لزيادة تواجدها العسكري في محافظة المهرة، هي مواجهتها عملیات تهريب الأسلحة بواسطة أنصار الله، وفي سیاق متصل، عرضت وسائل الإعلام السعودية مرارًا وتكرارًا تقاریر عن تهريب الأسلحة من المهرة، لإضفاء الشرعية على هذه الخطوة دولیا، وهو ما لم يكن مقبولًا من قبل السكان المحليين.

في حین علم المهور أن هدف السعوديين من هذه الخطوة كان شيئًا آخر، وعارضوا بشكل عام مشروع خط أنابيب النفط كسبب لانتهاك سيادتهم الوطنية، بينما رأت عمان أن المناورة العسكرية السعودية تعديًا على مجال نفوذها.

في مطلع عام 2011 کان هناك نقطة التحول الأهم ضد النفوذ السعودي في المهرة، وفي أوائل عام 2018 دخل مئات السلفيين المهجرین من مناطق أخری للیمن، مدینة "فشن" اليمنیة، واستقروا حول مسجد” الفرقان". هذا الغزو الذي تم بدعم السعودية، کان بمثابة تغيير ديموغرافي كبير في المنطقة، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 30 ألف نسمة. وفي المقابل كثفت سلطنة عمان جهودها المالية لمواجهة النفوذ السعودي، ومحاولة الحفاظ على نفوذها التقليدي عبر الحدود التي تربط المهرة بظفار العمانية.

ينقسم المهور الآن بين مؤيدي المملكة العربية السعودية، والمعسكر الموالي لسلطنة عمان ومن المرجح أن يستمر هذا التوازن الهش، إلا إذا لم يتم تحدي المصالح المحلية بشكل مباشر من قبل خطط الحكومات الأجنبية، مما سیثیر ردود فعل قوية ضد القوات الأجنبية. نتيجة لذلك، ونظراً للاحتجاجات المتزايدة للسكان المحليين ضد التواجد العسكري السعودي، ستضطر الرياض إلى مغادرة مسرح صنعاء، عاجلاً أم آجلاً کمغادرتها الأجزاء الأخرى من اليمن.

استان المهره یمن: از انزوا تا اوج رقابت‌های خارجی

رایکم