۶۹۹مشاهدات
رمز الخبر: ۶۱۱۴۹
تأريخ النشر: 30 November 2021

تابناك_على سفح جبل مرتفع غرب مدينة حلب القديمة، يتموضع مسجدٌ أثري قديم يٌطلق عليه محلياً "مسجد ومقام المحسن"، تعكس تفاصيل المسجد المعمارية العمر الطويل لتشييده الذي يعود في التاريخ لأكثر من ألف عام مضى، وقوع ذلك البناء خارج أسوار المدينة القديمة لحلب التي كانت موطناً لسكانها في تلك الحقبة الزمنية يعكس أهمية الأحداث التاريخية الاستثنائية التي وقفت خلف تشييده.

*لمحة تاريخية :
ترتبط الرواية التاريخية لبناء المسجد بمعركة كربلاء"واقعة الطف" التي حدثت سنة 61 للهجرة، واستشهد فيها الإمام الحسين (ع) وثلة من أهل بيته وأصحابه، وعقب تلك الواقعة الشهيرة أسر جيش يزيد بن معاوية نساء أهل بيت رسول الله محمد (ص) وساقوهم سبايا تحت التعذيب إلى يزيد في الشام، وفي الطريق مر موكب السبايا بحلب، وعند وصوله وقف الجيش في جبل يطلق عليه جبل جوشن غرب حلب، وحينها أرهق الجهد والتعب النساء والأطفال ورفض الجنود إعطاء الخبز أو الماء لهم، فأجهضت زوجة الإمام الحسين (ع) ابنها المحسن التي كانت حاملاً به ودُفن في ذلك الجبل، ليتحوّل ذلك الضريح الى شاهدٍ على مدى الظلم والعذاب والقسوة التي مرت على نساء أهل بيت رسول (ص) بعد واقعة الطف.

*تشييده وتحوله لمقصد ديني :
وفي عام 351 للهجرة أمر سيف الدولة الحمداني بإعمار بناء في موقع الضريح إكراماً لأهل بيت رسول الله عليهم السلام، بعد أن رأى رؤية لثلاث أيام متتالية لنور يسطع من ذلك الموضع في جبل جوشن، وبعد أن وصل إليه وجد صخرة كتب عليها "هذا قبر المحسن بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب"، وتقول بعض روايات التاريخ الإسلامي أن سيف الدولة وبعد أن رأى القبر قال "هذا الموضع قد أذِنَ اللهَ لي بإعماره، فأنا أعمره على اسم أهل البيت عليهم السّلام" .

ومع مرور الزمن اتسع المقام وشُيّد فيه مسجد وغرف لاستضافة زوراه ورُفع طوق حول الضريح، ليتحوّل بعدها إلى مقصد للمسلمين والمؤمنين من مختلف بقاع الأرض، يقول السيد حبيب ملاحفجي، مدير المقام وإمام مسجده: كان الزوار يتوافدون إلى المقام من مختلف دول العالم, ليتقربوا لله ويطلبون منه استجابة الدعاء بكرامة المحسن السقط ابن الإمام الحسين(ع)" .

من جانبه، يوضح الحاج أحمد أبو مصطفى الذي يعمل خادماً للمقام منذ 40 عامًا، أن "قبل الحرب الأخيرة التي شهدتها مدينة حلب كان يصل عدد زوار المقام يومياً إلى 7 آلاف زائر تقريباً قادمين من العراق وإيران والبحرين والسعودية ولبنان وأمريكا وكثير من الدول الإسلامية والغربية".

ويملك المقام مكانةً خاصة لدى زائريه عموماً وسكان مدينة حلب خصوصاً يقول الحاج أحمد، ويضيف: "لم يقصد أحد هذا المكان للدعاء لله والتوسل إليه بكرامة من فيه من أهل بيت رسول الله عليهم السلام, إلا وعاد مقضي الحاجة حامداً ومستجاب الدعاء" .

*التخريب الذي طال المقام خلال حرب حلب (2012-2016) :
وخلال الحقبة الزمنية الطويلة الممتدة من عام 351ه حتى اليوم، رُمّم المسجد مرات عديدة آخرها كان عام 2009، ومع اندلاع الحرب في سوريا وسيطرة تنظيمات إرهابية على أجزاء من مدينة حلب عام 2012، لم يسلم "مقام ومسجد المحسن" للتخريب والتدمير.

وسيطر الإرهابيون على المنطقة المحيطة بالمقام ومنعوا القائمين عليه من البقاء فيه، ودمّروا أجزاءً واسعة منه ومن المسجد، وحفروا أنفاقًا في محيطه، وهدموا جزءاً من قببه، ونهبوا محتوياته وسرقوا القفص الذي كان يطوّق موقع الضريح، وعقب تحرير الجيش السوري وحلفائه لحلب في 2016، تمكن القائمون على المقام من الدخول إليه وبدؤوا مرحلة جديدة من ترميمه.

الى ذلك، يقول السيد ملاحفجي إن "بعد إجراء بعض عمليات الترميم بدأ الزوار يعودون إلى المقام تدريجياً، واستقبلنا زواراً غير محليين من عدد من الدول الإسلامية, ونسعى إلى أن نكمل عمليات الترميم ليعود هذا المكان المقدس بنائه التاريخي الجميل كما كان قبل الحرب".

 

         

رایکم